علاقات الرياض وعمان تستعيد «عافيتها» بالتدريج ومشاريع الأنبار ودرعا تواجه أبرز التحديات…

حجم الخط
3

بسام البدارين
عمان ـ «القدس العربي»: تنحصر مشكلة أي «ترتيب إقليمي» يمكن أن تتجه له الدولة الأردنية بالتوافق مع اللاعبين الأساسيين بصعوبة بل استحالة الحصول على «توافق شامل» وجماعي لجميع أركان الإقليم على أي «وضع نهائي» خصوصا في الأنبار العراقية ودرعا السورية.
ذلك قد يكون السبب الرئيسي، في رأي محللين بارزين، الكامن وراء «التردد» المرافق للهواجس الأردنية تحديدا عندما يتعلق الأمر بموقع الأولويات الأمنية الوطنية الأردنية على طاولة البحث المتواصل في مستقبل الصراع بمناطق التوتر شمال وشرق المملكة الأردنية الهاشمية.
بناء على ذلك تحصل بصفة يومية «مستجدات» تربك خطط الطوارئ التي يتم التوافق عليها في غرف العمليات المغلقة، خصوصا ان غالبية القوى الإقليمية موجودة على نحو أو آخر في غرفة عمليات التحالف الدولي المناهض لـ»تنظيم الدولة الإسلامية ـ داعش» والموجودة في عمان حسب أغلب تقارير وكالات الأنباء.
في الحسابات الأردنية المعمقة على الأقل تخفيف التركيز على عاصفة الحزم في اليمن قدم مؤخرا مساهمة فعالة في خفض مستوى التوتر الخلفي الباطني بين عمان والرياض، حتى أن العاصمة السعودية بدأت توفد مجددا ممثليها الأمنيين لاجتماعات تنسيقية في العاصمة الأردنية تتناول مرة ملف النظام السوري ومرة أخرى ملف تنشيط وإبقاء التحالف ضد «داعش».
الدوائر السعودية بدأت تظهر بشكل أكبر مؤخرا في المشاورات المكثفة المرتبطة بملفات إقليمية شائكة والتي تترتب في عمان تحديدا مما دفع مؤسسات القرار الأردنية مؤخرا لقدر من الاسترخاء وتحول إلى «نقاط إيجابية» بدلا من التركيز على الخلافات والسلبيات في العلاقات الثنائية الأردنية والسعودية.
سياسيا يتم تتويج مثل هذا «التقارب المحسوب» بعدة لغات، فنائب العاهل الأردني الأمير فيصل بن الحسين استقبل ظهر الخميس السفير السعودي في عمان ولأول مرة برسالة مباشرة من «شقيقه العاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين».
اللغة التي ترافقت مع استقبال الأمير للسفير وظهرت في بيان خبري رسمي توحي بأن العاصمتين تسعيان اليوم لتبديد الانطباع السطحي الساذج بأن العلاقات العميقة تنطوي على «مناكفات» مرة لها علاقة بخلافات حول «عاصفة الحزم» ومرة بتجاذبات لها علاقة بالرايات الهاشمية الجديدة التي ترفع في سماء عمان.
حصل ذلك بطبيعة الحال بعد استقبال السعودية بصورة دافئة للغاية لمبعوث ملكي أردني قبل خمسة أسابيع، وبالتزامن مع عودة اللجان الأمنية المشتركة المعنية بالوضع في سوريا للاجتماع والتلاقي وإلى حد ما التشاور.
في السياق يتردد أن السعودية تفاعلت مع تجاوب الأردن لملف تأمين وحماية الدروز وقدمت مبالغ مالية ضخمة لهذا الغرض وأن الرياض تقف عمليا خلف دعم وإسناد مقترحات يتم اختبارها بعنوان «توسيع نطاق الإدارة» الأردنية حتى تشمل مناطق سنية في أنبار العراق ودرعا سوريا.
الإنطباع الذي يقوله اليوم إعلام البلدين يوحي بأن العلاقات «تتحسن وتعود إلى طبيعتها تدريجيا»، وهو وضع يوحي بالتالي بأن الطرفين بصدد «مشروع سياسي جديد» على المستوى الإقليمي يمكنهما التوافق على أهدافه العميقة، خصوصا ان سياسات الأردن في الأغلب الأعم لا تختلف عن نظيرتها السعودية، على الأقل في القضايا الأساسية مثل النظام السوري وتنظيم «داعش» والوضع في الأنبار وحتى في الجزيرة العربية.
درجة التحسن بين عمان والرياض في العلاقات بطيئة ولا يمكن تسريعها إلا عبر مشروع سياسي بأبعاد إقليمية تقره السعودية، وهو ما يحصل خلف الستارة كما تفيد مصادر «القدس العربي».
يمكن في الأثناء ملاحظة ان عمان لم تعترض على مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المعنية بعمل مشترك ضد «الإرهاب» يشمل الدولة السورية وتركيا والسعودية والأردن، وهي بكل الأحوال مبادرة يعرف الأردنيون انها اعقبت زيارة الرجل الثالث في السعودية الأمير محمد بن سلمان لموسكو.
لكن استعادة أعلى مستويات التنسيق بين العاصمتين الأردنية والسعودية لا يعني حصول «توافقات إقليمية» شاملة على المشاريع المتوقعة فالحكومة البريطانية معترضة بشدة على أي دور للأردن في الأنبار ودرعا مستقبلا والولايات المتحدة استعدت لدعم مشروع أردني يطالب بإقامة «منطقة آمنة» في درعا بحجة إعادة توطين اللاجئين، الأمر الذي أخرج فجأة علبة الاتهامات التي روجها بكثافة وعلى مدار ثلاثة أسابيع النظام السوري ضد الأردن تحديدا.
حصول تفويض لمنطقة آمنة في درعا ستستغله تركيا من جانبها ويحتاج حتى لا يصاب «بالعرج السياسي» موافقة موسكو التي أصبحت، خصوصا بعد الاتصالات «الاستراتيجية» بينها وبين السعودية ومصر والإمارات، «طرفا أساسيا» لا بد من التنسيق معه أو حتى الحصول على موافقته في بعض الأحيان، عندما يتعلق الأمر بوضع استراتيجيات جديدة في المنطقة.
السعودية ودول الخليج تتقارب مع موسكو ردا فيما يبدو على مخاوف المستقبل بعد الاتفاق النووي الأمريكي- الإيراني.
وإيران لا يمكن تمرير أي مسائل حيوية في العراق بدونها، وهو الأمر الذي يشكل قناعة لدى الأردنيين وهم يحاولون تسويق مؤشرات الانفتاح المحدودة التي مارسوها مع طهران.
عمان تقول انها تحتاج موافقة حكومة بغداد ودعم طهران لمشروعها المتعلق بتسليح العشائر السنية في الأنبار، والرياض تحذر القاهرة وعمان معا من الاسترسال في اي علاقات او اتصالات إستراتيجية مع إيران، وأنقرة تترقب الجميع وقد تفاجئهم بأوراقها الميدانية في شمال العراق.
محصلة لعبة الكلمات المتقاطعة بعد «تحسن ملحوظ» على العلاقات الأردنية السعودية تشير إلى أن الطبخات التي تطهى على نار هادئة وتتعلق بالأنبار ودرعا تحديدا تواجه اليوم، واستنادا إلى ما يرشح من الدولة العميقة في السعودية والأردن، تحديا مركزيا قوامه صعوبة الوصول إلى «توافق إقليمي» شامل وجماعي ومدعوم من القوى الكبرى الدولية على أي مشروع.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    ترمومتر العلاقات الأردنية السعودية هم الاخوان
    فمتى تزداد حرارة العلاقات الاخوانية الأردنية
    تنخفض حرارة العلاقات السعودية الأردنية
    وطبعا العكس صحيح وواقعي ملموس!

    ما سر تلك الكراهية ضد الاخوان المسلمين ؟
    هل هو كرسي الحكم ؟ أم أمريكا ؟
    أم هو أمن اسرائيل ؟

    ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول حسام محمد الاردن:

      سر كراهية الاخوان، من قبلي على الأقل، هو فكرهم ونهجهم الفاشي.

  2. يقول د. ع.ابوشعيرة:

    هي لعبة الامم وصراعها على النفوذ في منطقتنا.. الكل يريد نهش حصته من كبش الفداء (كرامتنا وثرواتنا)،والتاريخ يعيد نفسه.. وفي فترة زمنية قصيرة لا تتعدى القرن.. وها نحن في سبات عميق.. لأجل غير مسمى ..!؟

اشترك في قائمتنا البريدية