الاسلاميون عائدون في مصر وسحر الانقلاب ينقلب فوضى

أساء الفريق الاول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة، ومعه جميع قادة جبهة الانقاذ المعارضة، تقدير قوة التيار الاسلامي بقيادة حركة الاخوان المسلمين، عندما اقدم على قيادة الانقلاب العسكري الذي اطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي، ووضعه رهن الاعتقال.
المشكلة ان مصر هي التي ستدفع ثمن سوء التقدير هذا من استقرارها ودماء ابنائها، ووحدتها الوطنية، وهذه كارثة بكل المقاييس.
الرئيس مرسي ارتكب اخطاء اثناء فترة حكمه القصيرة (عام واحد فقط)، ولكن هذه الاخطاء، مهما كبرت، كانت صغيرة، مقارنة مع أخطاء المؤسسة العسكرية وانقلابها الذي يمكن ان يقود البلاد الى حمام دم قد يحصد حياة المئات وربما الآلاف.
بالأمس نزل مئات الآلاف من انصار التيار الاسلامي الى الميادين في مختلف محافظات مصر مطالبين بعودة رئيسهم، والتهديد باللجوء الى العنف اذا لم يتحقق طلبهم هذا، وهم، او بعضهم، يقول ويفعل، وشاهدنا ذلك بوضوح في افغانستان والعراق وسورية وليبيا واليمن.
نعم قوات الجيش تملك الاسلحة والدبابات والطائرات العمودية، ولكن ماذا بإمكانها ان تفعل في مواجهة هذه الجموع الغاضبة، هل ستقتل مئة، مئتين، الفين، عشرة آلاف؟
‘ ‘ ‘
ولماذا، لأنهم يتظاهرون لاسترجاع سلطة وصلوا اليها عبر صناديق الاقتراع وفي انتخابات حرة نزيهة؟
هذا الغرب المنافق الذي ظل على مدى مئة عام يحاضر علينا حول الديمقراطية وقيمها، ويتغنى بالديمقراطية الاسرائيلية، لماذا يقف صامتا امام هذا الانقلاب على الديمقراطية وحكم صناديق الاقتراع؟
هل لان الفائز في هذه الديمقراطية هو من انصار التيار الاسلامي، وهل هم مع الديمقراطية في بلادنا التي تأتي بأحزاب وفق مقاساتهم، وتطبق سياساتهم ومشاريعهم في الهيمنة في المنطقة؟
امريكا سقطت.. الاتحاد الاوروبي سقط.. وكل المقولات الليبرالية التي تدعي التمسك بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة سقطت ايضا، وبات واضحا ان الليبرالي في مفهوم الغرب هو الذي يتخلى عن عقيدته وقيمه ومبادئه، ويتبنى المبادئ الغربية التي تضعها واشنطن ومحافظوها الجدد.
فوجئت بالدكتور محمد البرادعي احد منتوجات هذه الليبرالية الغربية ودعاتها يكشف في حديث لصحيفة ‘نيويورك تايمز’ انه اتصل بجون كيري وزير الخارجية الامريكي، وكاثرين اشتون مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي من اجل تأييد الانقلاب العسكري، الذي كان احد ابرز المتآمرين للاعداد له. وفوجئت اكثر ان هذا الليبرالي يؤيد اغلاق ست قنوات تلفزيونية متعاطفة مع التيار الاسلامي.
انصار ‘الديمقراطية’ وحكم صناديق الاقتراع، ولا نقول انصار التيار الاسلامي، يتدفقون بالآلاف الى ميادين المدن والقرى والنجوع لكي يطالبوا بعودة الرئيس المنتخب، ويعبروا عن استعدادهم للشهادة من اجل هذا الهدف.
كنا نتوقع ان يتدخل الجيش المصري لنصرة الشرعية الديمقراطية لا من اجل سحقها، واعتقال رموزها، والانحياز لصناديق الاقتراع، لا لدعم من يريدون اسقاط هذه الشرعية من خلال التظاهر وشاشات التلفزة.
الانقلاب العسكري سيؤدي حتما الى خدمة الجماعات المتطرفة داخل التيار الاسلامي وحركة الاخوان بالذات، وسيؤكد مقولة تنظيم ‘القاعدة’ والجماعات الاخرى التي ترفض الديمقراطية وتعتبرها ‘بدعة غربية’، وتطالب بالاحتكام الى السلاح وليس الى صناديق الاقتراع لإقامة دولة اسلامية تكون نواة لدولة الخلافة.
المعتدلون في التيار الاسلامي وحركة الاخوان المسلمين سيكونون هم الضحية، لان صوتهم لن يكون مسموعا في اوساط القواعد الشعبية، لان جنوحهم للاعتدال، وتبنيهم للخيار السلمي ونبذ العنف اثبت عدم جدواه بعد الانقلاب العسكري الحالي، الذي نرى ارهاصاته في تنصيب رئيس غير منتخب، وحل مجلس الشورى، واعلان الاحكام العرفية، وشنّ حملة اعتقالات دون اي مسوغات قانونية، وتحت اتهامات واهية.
ما هي التهمة التي سيحاكم على اساسها الرئيس محمد مرسي، وما هي الجريمة التي ارتكبها حتى يتم اعتقاله مثل اي مجرم؟ فالرجل لم يقتل بعوضة ولم يسرق جنيها واحدا، ولم يعين اقاربه في اي منصب، والغالبية العظمى من ضحايا الصدامات امام قصر الاتحادية وفي ميدان رابعة العدوية من انصاره.
شخصيا قابلت الرجل لأكثر من ثلاثة ارباع الساعة، ولم اسمع منه غير لغة التسامح مع الآخر، والحرص على حقن الدماء، والتركيز على كيفية اعادة الكرامة لمصر وشعبها، واحياء صناعتها الوطنية الثقيلة، وانعاش قطاعها الزراعي، بالانحياز الى الفلاحين البسطاء ملح الارض.
‘ ‘ ‘
من سيصدق الحكم العسكري الذي يدير شؤون مصر حاليا عندما يتحدث عن الديمقراطية والانتخابات الرئاسية والبرلمانية بعد ان اهانوا الرئيس المنتخب وحلوا مجلس الشورى المنتخب ايضا؟ ومن سيذهب الى صناديق الاقتراع بعد هذه الخطيئة الكبرى؟
نختلف مع حركة الاخوان في الكثير من طروحاتها، وكنا نتمنى لو انها انحازت الى قضية العرب المركزية، ودشنت عهدها في السلطة بطرد السفير الاسرائيلي واغلاق سفارته في القاهرة، ولكن هذا لا يمكن ان يدفعنا للوقوف ضدها، او التشكيك في شرعية رئيسها المنتخب، حيث قلنا وكررنا اكثر من مرة ان عليه ان يكمل مدة حكمه، وان على من يريد اسقاطه ان يذهب الى صناديق الاقتراع.
نخشى على مصر وشعبها الطيب من الحرب الاهلية، نخشى على الفقراء وهم الاغلبية الساحقة من الجوع والحرمان وعدم ايجاد لقمة العيش لاطعام اطفالهم، ولكننا على ثقة بأن هؤلاء لن يقبلوا مطلقا ليبرالية كاذبة مزورة مضللة تقود، بل تمهد الطريق، لانقلاب عسكري يؤدي الى تعميق الانقسام ودفع البلاد الى الحرب الاهلية حتى يصلوا الى الحكم على ظهور الدبابات، وليس من خلال صناديق الاقتراع.

Twitter:@abdelbariatwan

 

اترك رداً على [email protected] إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابًو شاكر:

    كان من الأرجح والديمقراطية الذي يدعونها ومن الضمير الحي ومن الابتعاد عن المصالح الشخصيه وعدة أسباب أخرى أن يمنحً محمد مرسي حقه في ويكمل المدة جرب الإسلام ولو مره وكما هو حاصل في الولايات المتحدة وأوروبا نحن العرب تتخبط وطريق مسدود

  2. يقول الجزائري:

    منذ قليل شاهدت ندوة في الجزيرة مباشر حول نتائج التحقيق في أحداث العنف في طرابلس وبنغازي الخيرة ويبدو أنّ
    للأمر علاقة بهذا

    أكيد هناك ضلع لسلط الانقلابين في الأحداث في ليبيا كذلك قضاء مصر الفاسد برّأ احد رموز القذافي
    لأنّ موجة الثورة المضادّة تبع من انقلابيي مصر وحلفائهم من العلمانيين والمسيحيين في مصر

    تونس صدّرت للعرب الثورة والحريّة والكرامة وانقلابيو مصر ومن والاهم يريدون تصدير الثورة المضادّ والانقلابات وعلى الليبين اخذ حذرهم لكي لا يعاد عصر القذافي لاكثر من ثلاثين سنة قادمة

  3. يقول عطوه بن عطيوي:

    عاش الرئيس محمد مرسيعاش الرئيس محمد مرسي
    عاش المصريين الاحرار
    عاش المصريين الاحرار

    اللهم عليك بالخونة والعملاء والمجرمين والمنافقين

  4. يقول ريناد العراق:

    سينتصر الحق على الباطل والبطل الصادق العالم مرسي على اللص الدجال المخادع الماسوني سيسي والله الناصر

  5. يقول alsayed abo ayya:

    بسم الله والصلاة والسلام على اشرف المرسلين
    القصه والحقيقه ليس القصه د/ مرسى او ا/السيسى انها حرب على الاسلام واضافه جسديا وفكريا حتى لا يواجه المسقبل المخيف على المسلمين وكلا زلك مخطط
    والحقيقه ظاهره فى عين العاقل والملتزم والغيور على دينه وشعبه والامه الاسلاميه اجمعين ؟؟؟؟

    الحق سياتى للاسلام لمواجه الطغيان من بنى صهيون

  6. يقول احمد:

    هل حقا استطاع مرسي أن يحكم ؟؟ أو بالمصري كده , هو مرسي لحق يحكم ؟؟ إذا كانت جميع الجهات السيادية من جيش و شرطة و مخابرات و إعلام كلهم لم يتجاوبوا مع رئيسهم المنتخب , لا بل ( و هذا أخطر ما في الأمر) كانوا يعرقلونه و يعيقون خطواته ليفشلوه و ليظهروه للمصريين في شكل رئيس فاشل. عمرك شفت رئيس منتخب تجيش المظاهرات و المسيرات ضده من أول يوم , يعني بمجرد إعلان فوزه في الانتخابات ؟ عمرك شفت رئيس لا يطاع و لا يسمع له حتى من حرسه( الحرس الجمهوري بقيادة محمد زكي) ؟ عمرك شفت رئيس يبخس حقه الدستوري و القانوني و الشرعي في تحصين المؤسسات الشرعية المنتخبة ؟؟ ولذلك نكرر السؤال الازلي هو مرسي لحق يحكم حتى ؟؟؟

1 23 24 25

اشترك في قائمتنا البريدية