«وثيقة» تكشف خطة الرئاسة التونسية لتمرير قانون المصالحة تثير جدلاً كبيراً في البلاد

حجم الخط
0

تونس – «القدس العربي»: أثارت «وثيقة» سرّبتها إحدى وسائل الإعلام وتكشف خطة الرئاسة التونسية لتمرير مشروع قانون «المصالحة»، جدلاً كبيراً داخل الطبقة السياسية في تونس، حيث اعتبر الرئيس السابق منصف المرزوقي أن منظومة الحكم الحالية «تحفر قبرها بيدها» فيما حذّر سياسيون آخرون من انهيار مسار العدالة الانتقالية في البلاد.
ونشر موقع «نواة» وثيقة أكد أنها صادرة عن الرئاسة التونسية وتهدف لوضع خطة عمل لتمرير نسخة جديدة من قانون «المصالحة الاقتصادية» الذي اقترحه الرئيس الباجي قائد السبسي في وقت سابق وأثار جدلاً كبيراً في البلاد.
وتنص الوثيقة، التي تم إعدادها خلال اجتماع الديوان الرئاسي في 29 آذار/مارس الماضي، على وضع خطة متكاملة للدفع مجدداً بقانون المصالحة، عبر برنامج تكفل به عشرة من أعضاء الديوان الرئاسي، تتوزع مهامهم بين عقد لقاءات مع شخصيات حزبية وأخرى ناشطة في المجتمع المدني، إضافة إلى الاتصال بعدد من خبراء القانون والاقتصاد، كما تشير الوثيقة إلى وجود خطة إعلامية للدعاية لقانون المصالحة في صيغته الجديدة، يجري خلالها عقد لقاءات مع عدد من مالكي وسائل الاعلام وبعض الشخصيات الإعلامية المؤثرة في الرأي العام.
ويتزامن نشر الوثيقة الجديدة، التي أكد الموقع أنه تأكد من صحة المعلومات الواردة فيها، مع عودة مناقشة مشروع قانون «المصالحة الاقتصادية» في البرلمان التونسي بعد إضافة تعديلات عدة عليه، حيث تشير بعض المعلومات إلى أن الرئاسة التونسية اتصلت ببعض خبراء القانون لإطلاعهم على النسخة الجديدة المعدّلة، فضلاً عن مناقشة هذا الأمر مع بعض الكتل النيابية لإيجاد صيغة للتوافق حول مشروع القانون قبل عرضه، الأربعاء، على لجنة «التشريع العام» في البرلمان.
وعلّق الرئيس السابق منصف المرزوقي على النسخة المسربة بقوله: «تبرز قضية التسريبات الأخيرة لموقع نواة حول المنهجية التي اعتمدتها رئاسة الجمهورية لتمرير قانون تبييض الفساد حقائق مهمة، منها حجم التجنّد غير المسبوق للرئاسة واستعمالها كل الوسائل لتمرير قانون نعرف كله أنه لإتمام وعد وثمن مقايضة سابقة وتبادل خدمات منها المنتظرة في مستقبل ما، ومنها الدور المتعاظم للتسريبات اليوم في الحرب ضدّ غرف العمليات المغلقة التي تتآمر على القيم والقانون والمصلحة العليا، ومنها درجة التفكّك والتعفن داخل غرف العمليات هذه وكل التسريبات من داخلها. سبحان الله ، من لا يزال يراهن على منظومة تحفر قبرها بلسانها قبل أظافرها؟». وأضاف عبر صفحته على موقع «فيسبوك»: «لكن ما أضحكني طريقة تسويق قانون يواجه برفض عارم من المجتمع وفق تقنية لا تتغير وحسب مقولة كل إناء بما فيه يرشح. فالعملية مثل تقسيم بضاعة فاسدة ووضعها في سلتين مختلفتين وتغطيتها بالألوان الزاهية لبيعها على أنها بضاعة جديدة لا علاقة لها بالتي لا يريدها المستهلكون. وثمة من بين العباقرة الذين خططوا للأمر من يعتقد أن الحيلة ستنطلي مرة أخرى».وكتب القيادي في حزب «التيار الديمقراطي» هشام العجبوني «نحن نتّجه شيئا فشيئا نحو دولة الطرابلسيّة الجدد (في إشارة إلى عائلة زوجة الرئيس السابق) وإذا أصرّوا على تمرير قانون المصالحة بالقوّة فسيكون ذلك دقّ آخر مسمار في نعش مساري العدالة الانتقالية والانتقال الديمقراطي وفي دولة القانون والمؤسسات!».
فيما دعا الناشط ياسين العيّاري كلاً من الهايكا ونقابة الصحافيين والبرلمان إلى اتخاذ قرارات تأديبية صارمة ضد كل من ورد إسمه في التسريب وسحب بطاقاتهم المهنية، مشيراً إلى أن هذا الأمر «يعطي رسالة واضحة للرئاسة أن زمن التدجين والتعليمات انتهى».
وأضاف: «نتذكر وقت الترويكا، نجحت اضرابات وشعارات «لن نركع» وغيرها. الموقف من التسريب وممن وردت أسماؤهم هو الفرز الحقيقي، بين الصحافي الحقيقي وغيره. ولا توجد منطقة وسطى! اللاموقف هو موقف».
من جانب آخر، أصدر حراك «مانيش مسامح» (لن أسامح) بياناً جدّد فيه «رفضه القطعي لقانون المصالحة لما يمثله من خرق للدستور وقانون العدالة الانتقالية ومنظومة كشف الحقيقة التي تقتضي فضح منظومة الفساد والاستبداد والتفريط في مصالح البلاد، وكشف خيوطها كاملة ومحاسبة المتورطين فيها بهدف منع تكرارها ومنع أي محاولة للإفلات من العقاب وتأسيسا للمنظومة الديمقراطية المنشودة التي تقتضي المحاسبة والاعتذار قبل المصالحة والتجاوز. واستعداده للنضال من أجل إسقاط هذا القانون في صيغته الجديدة»، داعياً «الشعب التونسي أن يكون يقظاً وينخرط في معركة إسقاط القانون دفاعا عن ثورته ودستوره وحاضره ومستقبله».
يُذكر أن الرئاسة التونسية اقترحت مشروع قانون «المصالحة الاقتصادية» الذي يهدف، أساسا، إلى التصالح مع رجال الأعمال المحسوبين على النظام السابق المتهمين بقضايا فساد، وهو ما تسبب بجدل سياسي كبير وموجة احتجاج كبيرة أدت إلى تأجيل مناقشة المشروع إلى وقت لاحق.

 

«وثيقة» تكشف خطة الرئاسة التونسية لتمرير قانون المصالحة تثير جدلاً كبيراً في البلاد

حسن سلمان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية