نقل السفارة الأمريكية بين المسيحيين الصهاينة والعرب المهرولة

حجم الخط
37

بعد 23 سنة على تشريع الكونغرس الأمريكي الذي قضى بنقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس المحتلة، وبعد أقل من ستة أشهر على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوضع التشريع موضع التنفيذ، اتفقت دولة الاحتلال الإسرائيلي مع البيت الأبيض على أن يتصادف حدث النقل الرسمي للسفارة مع تاريخ رمزي خاص هو الذكرى السبعون لإقامة الكيان الصهيوني، وتكريس اقتلاع مئات آلاف الفلسطينيين من أراضيهم وتدمير عشرات القرى والبلدات.
الوفد الأمريكي إلى الاحتفال ضمّ 250 شخصية، تتصدرهم ابنة الرئيس الأمريكي وزوجها، فضلاً عن وزير الخزانة، ونائب وزير الخارجية، ومبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، وعدد من أعضاء الكونغرس. وإذا كان الرئيس الأمريكي قد غاب بشخصه، فإنه قد حضر من خلال تغريداته ورسالته المصورة التي اعتبرت الحدث «يوماً تاريخياً لإسرائيل». وفي هذا السياق أيضاً يتوجب على الشعوب المحبة للسلام كافة، أن تحفظ في الذاكرة ذلك الموقف المشين للدول التي شذّت عن الإجماع العالمي وأرسلت سفراءها إلى الحفل، خاصة هنغاريا والتشيك ورومانيا التي كانت قد أحبطت مشروع بيان للاتحاد الأوروبي حول نقل السفارة.
حقائق أخرى يتوجب استذكارها في هذه المناسبة:
الحقيقة الأولى: أن الكونغرس الأمريكي، الذي تُلقى على عاتقه مهمة سنّ القوانين الصالحة والسهر على حسن تطبيقها، كان أسبق من البيت الأبيض إلى انتهاك القانون الدولي وإصدار تشريع نقل السفارة في سنة 1995، ثم التأكيد عليه مجدداً بإجماع مجلس الشيوخ السنة الماضية. ولم يكن تهرّب ثلاثة رؤساء أمريكيين من تنفيذ القرار إلا الدليل على تقدير حجم الأذى الذي يمكن أن يُلحقه تنفيذ التشريع بمكانة الولايات المتحدة ودورها كوسيط في عملية السلام.
الحقيقة الثانية: أن دوافع ترامب وراء تفعيل التشريع لم تنحصر في مغازلة مجموعات الضغط اليهودية، إذ أشارت الإحصائيات إلى أن نسبة 20٪ فقط من يهود أمريكا صوتوا له خلال الانتخابات الرئاسية، وأن 80٪ منهم لا يؤيدون نقل السفارة إلى القدس. إنها في الواقع تتوخى خطب ود اليمين الديني المتشدد، وخاصة مجموعات المسيحيين الصهاينة، وهؤلاء كانوا ويظلون رصيد ترامب الشعبي الأهم، بدليل أن مستشاره الروحي المتعصب القس روبرت جيفرس هو الذي تولى مباركة الاحتفال، الأمر الذي اثار حفيظة بعض كبار الساسة الأمريكيين أنفسهم.
الحقيقة الثالثة: أن الأوضاع المتردية التي تعيشها غالبية الأنظمة العربية، والهرولة خلف استرضاء واشنطن عبر عقود السلاح الفلكية، وممارسة أشد الضغوط لتمرير «صفقة القرن» ابتداء من رفع القدس عن طاولة المفاوضات، والانتقال بالانفتاح على إسرائيل إلى مستويات علنية، كل هذه السياقات منحت الرئيس الأمريكي مناخاً أفضل لتنفيذ التشريع. وليس غريباً بالتالي أن يتغنى الإسرائيليون بمواقف السعودية والإمارات والبحرين، وأن يلمحوا إلى أن ما خفي منها كان أعظم!
وتبقى الحقيقة الرابعة والأهم، وهي روح الرفض العارم لدى أبناء الشعب الفلسطيني كما تتمثل اليوم في «مسيرة العودة الكبرى»، وتفرض على القيادة الفلسطينية الارتقاء إلى مستوى الحدث الجلل، سواء عبر تمكين المقاومة الشعبية، أو تعزيز الوحدة الوطنية، أو تقديم إجابات سياسية وعملية مشرفة تليق بدماء الشهداء.

نقل السفارة الأمريكية بين المسيحيين الصهاينة والعرب المهرولة

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول رؤوف بدران-فلسطين:

    سنعيدها ونكرر ..ونكرر ونعيد !!! انه لا يحرث الارض الا عجولها ؟ اذا كان في ظن احد اننا نحن( الفلسطينيون) ننتظر من( رعيان الابل) نجدتنا في ساعة ضيقنا ومحنتنا , فهو واهم !! لان النجدة لا يستجيب لها الا الشجعان النشامى, وليس المقعدين البليدين المتخمين بالعار… ,ومحبة الدولار؟!
    ان كل نقطة دمٍ تسال على سياج غزة هاشم تساوي في قيمتها وغلاوتها كل براميل الزيت المعكور !!وكل اتفاق منكور.
    يجب ان نقولها بكل صراحة وبدون مواربة ان املنا نحن الفلسطينيون هو في وقفة العز الايرانية معنا وليس في تصرف الذل والمهانة والاذلال والتطبيع المنكر , من قِبَلْ الجبناء المحبطين ؟!
    القدس وما فيها من مساجد وكنائس وخصوصًا الاقصى الشريف هو ليس للفلسطينيين وحدهم ..ولكن هذا الشعب الجبار سيعيد بهاء القدس والاقصى !! ليعاد لكم يا عرب بعَضٌ من كرامة افتقدتوها من عقود وبمواثيقٌ وشهود .
    عاش شعبنا وعاشت قدسنا والنصر اخيرًا لغزة وفلسطين ..وليموتوا المبغضين بغيظهم والسلام.

  2. يقول حي يقظان:

    على ذكر «المسيحيين الصهاينة» بوصفهم الرصيدَ الشعبيَّ الأهمَّ لدى ترامݒ،
    وكما قلت ردًّا على مقال صبحي حديدي السابق «النكبة والجذور الفاشية للمشروع الصهيوني»،
    في هذه المناسبة بالذات، مناسبة الذكرى السبعين لنكبة فلسطين (ولإقامة الكيان الصهيوني، استطرادًا)، لا بد من التذكير بالحقائق التاريخية الأكثر قدامةً، والأكثر أهميةً من ذلك كله، تلك الحقائق التي تشير إلى أن التراث الفاشي للصهيونية المتعارَف عليه الآن إنما تتجذَّر جذوره في الديانة المسيحية التي كانت منتشرة في بريطانيا بصيغتها التطرُّفية، بدءًا من بدايات النصف الثاني من القرن التاسع عشر، على وجه التحديد. إذ كانت حركة «الصهيونية المسيحية» من أقوى وأنشط الحركات الدينية المتطرفة بين أوساط النخبة في بريطانيا أيامئذٍ، حتى أقوى وأنشط وأقدم بكثير من حركة «الصهيونية اليهودية» عينها، وعلى الأخص من حيث اعتمادُها على الأخذ بالنص التوارتي فيما يتعلق بـ«شعب الله المختار» وبـ«أرض الميعاد» بحرفيته تمامًا، مما أدى إلى جعل هذا التأويل الحرفي جزءًا لا يتجزَّأ من النص الأصلي لوعد بلفور في حد ذاته. وقد انعكس هذا الشعور الديني التطرفي على ما يقابله بين أوساط النخبة في أمريكا كذلك، وإلى حد أن هذه الأوساط إبان رئاسة روزفلت، ومن تبعه كذلك، اعتبرت عودة اليهود إلى «وطنهم» في فلسطين/إسرائيل بمثابة «أعظم حدث تاريخي في التاريخ البشري برمته».
    وفي هذا السياق «التاريخي»، علاوةً على ذلك، فإن احتلال فلسطين بالذات ليس له سوى أن يمثل الطور «الأخير»، وليس الطور «الآخر»، من أطوار الاستعمار الغربي لدول ما يسميه هذا الغرب بـ«العالم الثالث». حتى أن الدول الثلاث الأكثر حماسًا وتحمُّسًا في تأييدها لإقامة إسرائيل (بعد تأييد بريطانيا نفسِها، بطبيعة الحال) إنما هي: أمريكا وأستراليا وكندا، تحديدًا. ومن منا لا يعرف الآن أن هذه الدول الثلاث، رغم كل ما تبديه بعض شعوبها من تعاطف إنساني تجاه الشعب الفلسطيني ذاته، لا تعدو أن تكون من الوليدات «المدلَّلات» التي أنجبتها أرحامُ الإمبراطورية البريطانية ذاتها؟!
    لكن، في حال مشينة كهذه، ما على الشعوب العربية المقهورة والمضطهدة، أصلاً، من لدن أنظمتها الطغيانية المأجورة، إلاَّ النهوض والوقوف قلبًا واحدًا وجسدًا واحدًا إلى جانب الشعب الفلسطيني في وجه هكذا «حدث تاريخي»، على حد تعبير ترامݒ المشين.

  3. يقول عبد المعم:

    تبا لنا والف تب القدس تستباح
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول ناصر الدين جعفر- المغرب:

    لقد تم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في تحد واضح ومساس بمشاعر 1.7 مليار مسلم في العالم، لما يحتله القدس من مكانة لدى المسلمين وما تحتفظ به الذاكرة الجماعية لهم بهذا المكان الطاهر المبارك، و الذي من أجله سالت دماء كثيرة عبر التاريخ، والذي من أجله حفظ التلاميذ في المدرسة شخصية صلاح الدين الأيوبي، قاهر الصليبيين، و الذي ارتبط اسمه بمكانة القدس لدى المسلمين، أولى القبلتين وثاني الحرمين.
    مشروع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ليس وليد اليوم، لكن اليوم يختلف عن أي زمان أخر، لما وصل إليه الصراع الطائفي السني-الشيعي من فتور وصراع حول النفوذ في منطقة الشرق الأوسط وقتال وصواريخ وطائرات حربية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان… بين قوتين إقليميتين: إيران والسعودية، حتى أصبحت القضية الفلسطينية في طي النسيان، ولم تعد القدس قضية مركزية، ولماذا ترامب أو غير ترامب لا يستغل الوضع والفوضى القائمة في اليمن وسوريا والعراق …وسفك دماء المسلمين بعضهم ضد بعض وكأننا في القرون الوسطى حيث كان الاقتتال بين البروتستانت والكاثوليك في أوروبا؟ وكأن الفكر العربي والمسلم لم ينفض الغبار بعد، لماذا تصبح القضايا الهامشية جوهرية والقضايا الجوهرية هي الهامشية؟
    لا أحد ينكر أن بيع القدس قد حصل من تحت الطاولة من دول عربية عديدة من أجل مصالحها الضيقة: منها مصر التي تمر بوضع أمني صعب ومعقد، منها السعودية التي تريد أن تبيع كل شيء وتقتل كل كائن حي من أصل صد “المشروع الإيراني” في المنطقة، هذه الدولة التي اختارت القوة العسكرية في اليمن وفي سوريا عبر تسليح “الثوار”، منها الأردن…الخ، لقد سلم قادة أل سعود، وهم رأس الحربة في منطقة الشرق الأوسط، القدس لإسرائيل، فلماذا لا يبتسم نتنياهو ويعتبر اليوم أعظم يوم في تاريخ إسرائيل؟ بينما يذبح الفلسطينيون في قطاع غزة والضفة.

  5. يقول مغربي لاجئ في المغرب:

    احدهم اعطى ايفانكا 100 مليون دولار نعم 100مليون يامؤمن وهي ترد الجميل ثم يطمع ان يدخل الجنة مع الانبياء و الصديقين و الشهداء و حسن اولائك رفيقا

    ليس عندي مفاتيح الجنة لكن على يقين ان صاحب هذا القرار لن يفلح ابدا حتى يلج الجمل من سم الخياط

1 2 3 4

اشترك في قائمتنا البريدية