علَى مفترقِ طريقٍ
تودعُ نظراتنا بعضهَا
كما تودعُ مصابيحُ الشارعِ
خيالَ مُتشردٍ
يَلتحفُ الإسفلتَ
كل صباحٍ،
لا شيءَ يُوقفُ غرورنَا
غيرَ السماء
تختنقُ أنفاسنَا المتقطعةُ
على أكتافِ الصمتِ
وكأنهَا ترددُ آيةً من قصيدةِ
الوداعِ الأخيرِ،
وترحلينَ فجاةً كالصدى
ينقشُ جُرحاً عميقاً في قلبي
ترحلينَ
فأصيرُ حجراً
مُكتظاً بذكرياتٍ مُظلمةٍ
طيفا مسافرا
يحمل في يديهِ نَدما
لنْ يصلحَ ما أفسدهُ الفراغ
٭٭٭
احملنِي إليكَ
أيها الحلمُ المقدسُ
فأنا لا أطيقُ غربةَ المسافاتِ
التي تفصلنِي عنكَ
مُكْتَظٌ أنَا
بكَ،
وبكل القَناديلِ
التي تضيءُ سماءَ عينيكَ،
بالليلِ المتناثر على ضَفيرَتك،
بأربعةِ فصولٍ
تُداعبُ بَراعمَ نَهْدَيكَ،
بظلِ القصيدةِ العاريةِ
وأغنياتِ الحبِ التي تمطرُ من شفتيكَ،
بضحكةِ الصباحِ المبتل بلعابكَ.
احملنِي إليكَ
أيها الحلمُ المقدسُ
وانتشلنِي من عدميةِ الحياةِ
قبلَ أن يغتالَ الفراغُ
ربيعكَ الأخيرَ بداخلي
٭٭٭
هذا المساءُ
يُذكرنِي بكلِ اللحظاتِ العالقةِ
بِشَامَةِ وَجْهِكَ،
بالطيُورِ التي تَنْقُشُ أمَانِيهَا
عَلى جَسَدِكَ النقِيِ
بماءِ اللازَوَرْدْ،
بِظِلِّكَ النَّرْجِسِيِّ
الشَّارِدِ في المِرآةِ،
بِاللَّيلِ الذِّي يَحْتَرِقُ فِي عَيْنَيْكَ
بِرَائِحَةِ الفَجْرِ العُذْرِيِّ
التِي تَفُوحُ مِنْ أَنْفَاسِكَ،
بِصَوْتِكَ الطفُوليِّ
الهَارِبِ مِنْ لعنةِ الصَّدَى
هذَا المَسَاءُ
يُذَكِّرُنِي بِسَرِيرِي الفَارغِ
بوَجْهِيَ المُعَلَّقِ خَلْفَ جِدَارِ الذَّاكِرةِ
بكُلِّ الطُّرُقَاتِ التي تَنْتَهِي
قَبلَ أن تَصِلَ اليكَ،
بِفَرَاغٍ شَبِيهٍ بالمَوْتِ
يَحْفِرُ لِي قَبْراً عَلَى هَوَامِشِ القصيدةِ.
٭٭٭
لِذتُ في القَصيدةِ
غَيرَ مُبالٍ بتِلكَ الشمُوسِ
التي تَحْرِقُ مَزَارعَ القَمحِ في عينيكَ،
ولاَ بِظِلالِ الوَحدةِ
التي تَخْنُقُ أنفَاسي،
ولا بِاللَّيْلِ الذي يَتكئُ عَلَى جُرْحِي
غيرَ مبالٍ هو الآخر
وكَأنَّهُ سَئِمَ وُقُوفَهُ الطَّوِيلَ
على حافةِ رُمُوشِكَ،
كُلُّ ما أعرفهُ أَنَّ القصيدةَ
من وَحْيِ أَنَامِلِكَ،
وأَنَّ ذاكرتِي المكتظةُ
بنَحيبِ المدنِ المهجورةِ
لا تغادرُ رصيفَكَ،
لاَ تغادرنِي أيهَا الحلمُ المقدسُ
فقلبي يتسعُ لكَ،
ولكلِّ المُشَرَّدِينَ
الذينَ ابتلعهم دخانُ السجائرِ
في لحظةِ سهوٍ عابرةْ..
شاعر مغربي
ٱيات من وحي الفراغ .. لعثمان بوطسان
نص من وحي شغف الذات بأناتها الوجدانية في لحظة تأمل عميقة للٱخر .. الٱخر / المكان والزمان .. المتجلي بحضوره المتوهج .. بغيابه الثقيل على العين .. انه حقا تصادم لمشاعر مشتعلة امام حلم مقدس كبير، يتمثل اللغة بناء لقصيدة عارية .. عارية من هوس الدوران، بعيدا عن مركز الذات ..
اقرأ نصوصا كثيرة ..
ووحدها تلك المغموسة بحس الابداع والرؤية الجمالية .. توقفني لأستطلع الوانها المائية الزاهية .. فكل التوفيق لحرفك المبدع