أبو الغيط يكتفي بمواساة الشعب الفلسطيني: تحمل ظروفا قاسية تتجاوز طاقة تحمل البشر… بيد مصر الكثير لتجبر إثيوبيا على التخلي عن عنجهيتها

حسام عبد البصير
حجم الخط
2

القاهرة ـ «القدس العربي»: انتابت مشاعر متباينة المواطنين وهم يتابعون طائرات عسكرية مصرية تحلق في سماء القاهرة، واستبشر كثير من المتفائلين بالخبر الذي بثه الناطق بلسان الجيش، حيث نشرت الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري العقيد أركان حرب غريب محمد غريب، فيديو لتفقد رئيس أركان حرب القوات المسلحة إجراءات التأمين على الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي. وقال المتحدث العسكري، إن الفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة، يقوم بزيارة مفاجئة لتفقد الأوضاع الأمنية وإجراءات تأمين الحدود مع غزة. بدأت الجولة بالمرور على القوات المكلفة بتأمين معبر رفح البري. وأكد الفريق أحمد خليفة، أن المهمة الرئيسية للقوات المسلحة هي الحفاظ على حدود الدولة على الاتجاهات الاستراتيجية كافة، وأن رجال القوات المسلحة قادرون على الدفاع عن حدود الوطن جيلا بعد جيل، مؤكدا أهمية التحلي بالعلم والإرادة والحفاظ على اللياقة البدنية العالية لضمان تنفيذ المهام باحترافية عالية.
أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية واسى الشعب الفلسطيني قائلا، «الفترة الماضية كانت عصيبة على الشعب الفلسطيني، الذي عاش هذه المأساة وتعايش على قدر ما يستطيع مع أثقالها، وتحمل ظروفا قاسية تتجاوز بكثير طاقة تحمل البشر، صابرا محتسبا، كريما مرفوع الرأس، لا يتزعزع إيمانه قيد أنملة بعدالة القضية التي يقف مدافعا عنها في مواجهة قنابل العدو ومسيراته وصواريخه، وحدث هذا كله في ظل عجز دولي عن إيقاف المعتدي، بل منحه مظلة أمان للمضي قدما في ممارسة الفظائع بغير عقاب أو حساب» وتابع «نقترب اليوم من مرور عام على بداية الاعتداء الإسرائيلي الغاشم على فلسطين، هذا الاعتداء لم يكن الأول من نوعه لكنه بالتأكيد الأعنف والأكثر همجية والأشد انسلاخا من القانون والأخلاق والإنسانية». وشدد على أن جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين لن تتقادم أو تمحى من الذاكرة الإنسانية. جاء ذلك خلال أعمال الدورة العادية 114 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري، وأوضح الأمين العام أن تقرير هذا العام يبرز بالأرقام الخسائر البشرية والمادية الهائلة التي تكبدها الشعب الفلسطيني، جراء العدوان الإسرائيلي الوحشي عليه منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في ظل ما يلحقه هذا العدوان من تدمير شامل ومتعمد لوسائل الحياة بجميع قطاعاتها في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأكد أبو الغيط أن تلك الأرقام والإحصائيات تؤكد أن حجم القنابل والمتفجرات التي ألقيت على قطاع غزة يفوق بمراحل قوة القنبلة النووية التي ألقيت على مدينتي هيروشيما ونجازاكي خلال الحرب العالمية الثانية. وأشار لمئات القنابل التي لم تنفجر ومعرضة للانفجار في أي لحظة، ما يُضيف كارثة أخرى إلى مجمل المآسي التي لحقت بالقطاع، وأن هذه الجريمة التي تنفذها إسرائيل بلا هوادة لن تسقط بالتقادم وستبقى المشاهد القاسية للقتل والتعذيب والتشريد والتجويع، ماثلة أمام العيون ولن تمحى من الذاكرة الفلسطينية والعربية والإنسانية.
ومن أخبار المحاكم، قررت محكمة جنايات القاهرة إحالة أوراق المتهم بقتل الطفلة السودانية «جانيت» في مدينة نصر إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي في إعدامه. وكانت النيابة العامة قد أمرت بإحالة المتهم للمحكمة، لمعاقبته فيما نُسب إليه من ارتكاب جرائم خطف المجني عليها البالغة عشرة أشهر وهتك عرضها وقتلها عمدا، والمعاقب عليها بالإعدام. وأصدر عبد الحليم علام، نقيب المحامين قرارا بإحالة المحامي هاني سامح، إلى التحقيق، مع إيقافه عن ممارسة المحاماة لحين الانتهاء من التحقيقات. وأكد نقيب المحامين، أن قرار الإحالة إلى التحقيق جاء بناء على التصريحات المتعلقة بـ«المساكنة» التي أدلى بها المحامي خلال استضافته في أحد البرامج التلفزيونية، مشيرا إلى أن ما قاله غير مقبول نهائيا، وأن التصريحات التي أدلى بها المحامي تعبر عن نفسه ولا تمثل جموع المحامين، مشددا على أن نقابة المحامين لن تقف مكتوفة الأيدي أمام من يسيء لها أمام المجتمع، ويثير البلبة بتصريحات غير مسؤولة.

مع أهدافهم

يفكرون ويكتبون عن اليوم التالي للحرب ضد الفلسطينيين. ونحن من هؤلاء. كما يصف جميل مطر في «الشروق» الحال البائس الذي وصلنا إليه: آخرون خططوا ونفذوا، أو مستمرون في تنفيذ الخطط، ليأتي اليوم التالي متوافقا مع أهدافهم وأطماعهم، وربما أيضا مع أساطيرهم. عادة في مثل هذه الحروب يلعب العالم من حولها دوره في إحباط هذه الخطط، أو في تسهيل تنفيذها وتحقيق أهدافها. الحرب الراهنة ضد أهل فلسطين ليست استثناء فللعالم دور فيها. أزعم أن دوره كان حاسما. بصمات هذا الدور سوف نراها فوق مختلف مشاهد هذا اليوم التالي، الذي يجري الآن تصميمه وإعداد تفاصيله. جدير بنا أولا التمهيد للموضوع برسم صورة ذهنية لما أسفرت عنه حتى الآن الحرب، التي شنها اليمين الإسرائيلي المزود حديثا بطاقة أشد تطرفا شكلت جميعها حكومة يرأسها بنيامين نتنياهو. أسفرت الحرب حتى ساعة كتابة هذه السطور عن آثار غير قليلة أعرض لها في العناوين التالية: أولا: صارت قضية فلسطين تحظى باهتمام في الرأي العام العالمي، لم تحظَ به قضية أخرى من قضايا عالم الجنوب. ثانيا: مقابل هذا الاهتمام غير المسبوق في السنوات الأخيرة وقع انشقاق، بل عدد من الانشقاقات، داخل إسرائيل. الأدهى وللمرة الأولى ترددت أنباء عن انشقاق أهم وأخطر داخل اليهودية العالمية، تناقلته بحذر شديد أجهزة الإعلام الدولية الكبرى. ثالثا: تعرض للانكشاف المدى الذي وصل إليه النفوذ الصهيوني في عدد من قلاعه في دول الغرب، بلغ الانكشاف أقصاه عندما صار الكونغرس الأمريكي موضوع سخرية، بسبب احتفاله الصاخب والمسرحي باستقبال رئيس وزراء إسرائيل المشتبه فيه عالميا، في ارتكاب جرائم إبادة بشرية في غزة الفلسطينية. كما راح المدى بعيدا بسبب الغموض الذي اكتست به السياسة الألمانية المؤيدة لإسرائيل تحت كل الظروف وغير عابئة بأي مبالغات في الجرائم المرتكبة ضد شعب فلسطين. الغموض الذي ولد في أعقاب الحرب العالمية الثانية وتضخم عبر السنوات ليصير أحد أهم ألغاز السياسة في أوروبا المعاصرة ليطرح في النهاية السؤال: من الذي يحكم في ألمانيا؟

آثارها لا تحصى

مضى جميل مطر معددا آثار الحرب.. رابعا: تأثرت هيبة الولايات المتحدة باعتبارها القطب الأقوى في النظام الدولي الراهن للأسباب التالية. (1) الدعم الدائم والثابت لإسرائيل خلال تنفيذها الإبادة وتعمدها قتل الصحافيين ورجال الإغاثة الدوليين والمحليين والأطفال. (2) السماح لإسرائيل باستخدام قنابل التدمير الشامل الأمريكية الصنع في قصف الأحياء السكنية. (3) شل دور ونشاط الأمم المتحدة، خاصة مجلس الأمن لحرمان فلسطين من قرارات تكفل وقف القتال في غزة، والسماح لمسؤولين ومشرعين أمريكيين بتهديد قضاة محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية لمنع إصدار قرارات تدين رئيس وزراء إسرائيل وبعض مساعديه. (4) الطريقة التي أدارت أمريكا بها كل منظمات الغرب لكي تعمل جميعها في صالح إسرائيل وضد سلامة المدنيين الفلسطينيين. (5) استخدام أقصى أساليب إرهاب الدولة عندما جيشت واشنطن وأرسلت إلى الشرق الأوسط أرمادا بحرية من حاملات طائرات وبوارج ومسيرات، لبث الرعب في عواصم العرب وإيران وتركيا، ومنع أي منها من التحرك لمساعدة المقاومة الفلسطينية. خامسا: بعد عقود من التزام، ولو شكلي، من جانب النخب الحاكمة العربية بعقيدة العروبة لاكتساب شرعية مضافة، أو لاقتناع وإيمان حقيقيين، وقع ما يمكن تسميته بعودة الشك أو الظن في جدواها، مفهوما كان أم عقيدة. أزعم أنه حتى هذه اللحظة وعلى امتداد ما يزيد على 330 يوما من عمليات الإبادة في غزة وامتدادها إلى الضفة الغربية، لم تمتد يد أو لسان مسؤول إلى «العروبة» كشعار ولا أقول عقيدة يستعين به ضد ضغوط إسرائيل وأمريكا وأوروبا، وبعضها، وللحق، ضغوط آمرة وقاصمة، حسبما أسر به مسؤولون لأفراد مقربين. تلك كانت بعض الآثار التي نتجت عن حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل بدعم كامل معلن من القطب الأمريكي ضد الشعب الفلسطيني، أو تفاقمت بسببها. لكن لتكتمل الصورة قد يفيد عرض بعض التفاصيل المهمة عن أحوال أهم اللاعبين في النظام الدولي والقوى الفاعلة فيه، خلال اللحظات الحاسمة التي ستشهد بزوغ اليوم التالي لهذه الحرب.

يوم جديد

فصل جديد في العلاقات المصرية – التركية، تذكر تفاصيله أحمد رفعت في «الوطن»: اليوم الرئيس عبدالفتاح السيسي في زيارة لتركيا، تلبية لدعوة رسمية لزيارتها بعد زيارة للرئيس أردوغان لمصر، كنا ننفعل فيها ونطالب القيادة السياسية باتخاذ قرارات حادة تمس العلاقات بين البلدين، بينما كان غيرنا يخلط السياسي بالاقتصادي، في حين كانت القيادة السياسية قوية صلبة هادئة، لا ولم تعرف الانفعال، ترى المشهد أفضل من الجميع.. آمنت بثوابت في السياسة المصرية الخارجية تقوم على عدة مبادئ، أولها حسن الجوار، وثانيها احترام سيادة الدول الأخرى وعدم التدخل في شؤونها، بالطبع هناك مبادئ أخرى، لكن كان الثبات الانفعالي حال قيادة مصر، فلم يصدر أي قرار في أي اتجاه، إلا وفق رؤية شاملة تعتمد على المصالح العليا للبلاد.. كذلك أدركت أن العلاقات التجارية والاقتصادية تقوم عليها مصالح عشرات الألوف من الأسر في كلا البلدين، لا يصح إفساده أو التدخل السلبي فيه، فربما يجيء اليوم الذي يزيد فيه التعاون بين البلدين، ونبني على ما بُني من تعاون السنوات السابقة. وبالفعل.. نعترف بأن وجهة النظر هذه كانت صحيحة، واليوم يصل التبادل التجاري بين مصر وتركيا إلى ما يتجاوز الـ3 مليارات دولار، يبدو الأمل في أفق قيادة البلدين بالوصول بها إلى 8 مليارات دولار العام المقبل 2025، بينما يبدو الأمل في المستقبل القريب بالوصول بها إلى 15 مليار دولار، لتعادل وحدها نصف حجم التبادل التجاري مع دول الاتحاد الأوروبي كله، وهذا لا يتم إلا إذا كانت العلاقات ممهدة، لذلك لعب فيها الاقتصاد والتبادل التجاري والاستثمار في كلا البلدين والعلاقات بين القطاع الخاص هنا وهناك الدور الأساسي والأكبر.

الخير التركي

في تقرير سابق لمركز إعلام مجلس الوزراء صدر في أغسطس/آب من العام الماضي، ذكر أن عدد الشركات التركية المستثمرة في مصر تجاوز 790 شركة، مشيرا وفقا لأحمد رفعت، إلى أن حجم الاستثمارات التركية في مصر يقدر بنحو 2.5 مليار دولار، بالإضافة إلى الاستثمارات التي تم ضخها عام 2020 بقيمة 400 مليون دولار.. التقرير صدر بعد أشهر من اجتماع ضم الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، وعددا من الشركات التركية العاملة في مصر بلغت 15 شركة، أشار ممثلو الشركات التركية إلى خططهم الخاصة، بتوسيع حجم أعمالهم في مصر خلال المرحلة المقبلة، وتقترب هذه التوسعات والاستثمارات الجديدة، كما قالوا في الاجتماع، من 500 مليون دولار اللافت للنظر ويدعونا للفخر، إن الاجتماع شهد اعترافا من رؤساء الشركات التركية بأنهم وطوال السنوات السابقة وبعضهم بلغ الـ15عاما لم يعانوا من أي تمييز أو أي مشاكل من أي نوع، ليس الاقتصاد وحده الذي يحدد شكل العلاقات المصرية التركية.. بل السياسة التي سترسم شكلها الفترة المقبلة.. أمام البلدين فرصة للتعاون في مجالات عديدة، حتى العسكري منها، صناعات ومناورات التعاون في البحر المتوسط وفق الرؤية المصرية التي تؤمن في إمكانية تحويل أي أزمة إلى تعاون، وهو ما سعت مصر إلى تطبيقه على أكثر من صعيد، وبالتالي يمكن جدا التعاون في استكشاف الطاقة والاستفادة منها، يمكن أيضا التعاون في البحر المتوسط في تسهيل حركة سلاسل الإمداد، التي تأثرت، ولا تزال، بالحرب الروسية الأوكرانية، ويمكن أن ترتبك في أي لحظة.. وكذلك عدة قضايا يمكن التقدم فيها بتفاهمات كبيرة، خاصة الأزمة في ليبيا، والرؤية المشتركة من الأزمة السودانية، وكذلك اللبنانية.. وكلها قضايا ومشكلات توجد فيها تركيا بدرجة أو بأخرى، وهنا تتبقى قضيتان مهمتان، الأولى القضية الفلسطينية والموقف من العدوان على غزة، حيث سبقت زيارة الرئيس السيسي اتصالات بين كل من مصر وتركيا والسعودية للتنسيق لمواقف مشتركة من العدوان على الأشقاء، الذي دخل بالعدوان على الضفة الغربية مرحلة جديدة يتوسع فيها القتال، وبالتالي الضحايا أكثر فأكثر.. وبالتالي يحق أن يكون للدول العربية والإسلامية الكبرى موقف مشترك.

المستقبل مبشر

لأن مصر وتركيا كما شبههما عبد المحسن سلامة في «الأهرام» عمودان أساسيان من أعمدة منطقة الشرق الأوسط، فإن مؤشر التقارب فيما بينهما يعني الكثير من الدلالات داخل وخارج منطقة الشرق الأوسط. التقارب المصري ــ التركي له الكثير من الأبعاد السياسية والاقتصادية والاستراتيجية والعسكرية على مستقبل منطقة الشرق الأوسط، وهي علاقات غير موجهة ضد أحد، لكنها تخص مصلحة الشعبين الشقيقين، والعلاقات في ما بينهما، تسعى إلى إرساء قواعد الأمن والاستقرار والسلام في إقليم الشرق الأوسط، والبحر المتوسط. زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي تأتي ردا على الزيارة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى القاهرة في فبراير/شباط الماضي، وهي الزيارة الأولى للرئيس عبدالفتاح السيسي إلى تركيا بما يعكس الإرادة المشتركة لبدء مرحلة جديدة من التعاون والصداقة بين الدولتين والشعبين في المرحلة المقبلة. حفاوة الاستقبال الرسمي للرئيس في تركيا عكست الاهتمام التركي بهذه الزيارة التاريخية التي شهدت محادثات رفيعة المستوى على جميع الأصعدة، خاصة في ما يتعلق بالأوضاع في غزة، والرؤية المصرية ـ التركية لإنهاء تلك المأساة الإنسانية، وتنشيط العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية بين الدولتين. من المتوقع حدوث قفزة في التبادل التجاري بين الدولتين، خلال المرحلة المقبلة، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري بين مصر وتركيا خلال أول 5 أشهر من هذا العام 2.6 مليار دولار بما يعني أنها يمكن أن تصل إلى ما يقرب من 7 مليارات دولار في نهاية العام. الأهم أيضا العلاقات في المجال السياحي، حيث بلغ عدد السائحين الأتراك إلى مصر خلال الأشهر الأربعة من العام الحالي نحو 80 ألف سائح بزيادة نحو 40% عن العام السابق، وبما يبشر بزيادة كبيرة في أعداد السائحين الأتراك إلى مصر خلال المرحلة المقبلة، كما أن تركيا تمتلك عددا كبيرا ومهما من الوكالات السياحية التي تعد أحد الروافد المهمة لتصدير السياحة إلى مصر من جميع دول العالم. ولأن مصر تتجه بقوة الآن إلى توطين عدد كبير من الصناعات في مصر، فمن المتوقع أن يشهد هذا الملف تطورا كبيرا لجذب الاستثمارات التركية إلى المجال الصناعي.

بلد الأعاجيب

أصبحت مصر بلد العجائب واللا معقول، فكل ما هو مجافي للمنطق والحقيقة أصبح مألوفا لدينا. يوجد قانون نعم.. يوجد قضاء منصف نعم.. لكن أحكامه لا تنفذ، ومن يفعل ذلك لا تُطاله يد العدالة وإليك بعض الأمثلة والتي أخرها كان يوم 3/ 9/ 2024 ويروي تفاصيلها سعيد صابر في «المشهد»: أثناء مروري في شارع نادي الصيد قبالة وزارة الزراعة، وجدت وقفة لبعض المحتجين يرفعون لافتة استغاثة بالرئيس، وللحقيقة كانت وقفتهم محترمة وحضارية.. ولما سألت عرفت أنهم ممن يعملون في وزارة الزراعة عمالة مؤقتة، وقد حصلوا على حكم قضائي بأحقيتهم في التعيين منذ ثلاث سنوات ولم ينفذ الحكم.. والأنكى أن أجورهم مجمدة أيضا فهل هذا معقول؟ وهل هذا بلد محترم؟ وأين وزير الزراعة من كل هذا؟ ولماذا لم تنفذ الوزارة أحكام القضاء؟ ويعاقب كل من يماطل في تنفيذها.. المهم انتهت الوقفة وقام الأمن بالقبض على خمسة من أصحاب الحكم القضائي، وهنا أم العجائب، من المفترض من يودع السجون أصحاب الحقوق أم المسوفون في أدائها.. ناهيك عما وصلني من مخالفات جسيمة في إدارة التشجير في الوزارة، حيث يقوم المدير المالي والإداري في الإدارة بشغل هذا المنصب دون قرار رسمي بذلك وهي سيدة.. حيث تعمل ما يحلو لها، دون اعتبار أو رادع، ناهيك عن المخالفات المالية العديدة التي ترتكب ليل نهار دون وازع من ضمير، كبيع الأشجار الخشبية وتكية البدلات والحوافز للمحاسيب وأعوان الفساد. أنا لا أحمل الوزير الحالي كل هذه التركة العفنة وما خفي أعظم وعندي الكثير، لكن يجب على الوزير التحرك السريع لتنفيذ أحكام القضاء، وكذا القضاء على جيوب الفساد المنتشرة والمتجذرة في كل قطاعات الوزارة. ثاني أم العجائب هي سرقة التيار الكهربائي، التي يروجون لها هذه الأيام، هي في الحقيقة أكذوبة أطلقتها الحكومة وصدقتها فـ99% من المواطنين أبرياء من هذا الاتهام، وانا أحدهم فأنا أتعامل بنظام الممارسة وأدفع قيمة ما أستهلك ويزيد وفق نظام معمول به رسميا وماليا فأين السرقة هنا؟ وهل هناك سارق يتفق مع المسروق ومن يسرق من الحكومة أم المواطن؟ الشرفاء يتهمون بينما اللصوص يعيثون في الأرض فسادا إنها مصر يا سادة.

العار الإثيوبي

من المهم وفقا لعماد الدين حسين في «الشروق» ألا نترك إثيوبيا في حالها، ما دام أنها قررت الاستمرار في رفض التوصل إلى اتفاق قانوني وملزم لإدارة سد النهضة، بعد أن أعلنت أنها أكملت ملء السد قبل أسابيع.‎ حصة وحق مصر من مياه النيل أمر لا نقاش فيه، ويفترض أن يصل هذا الأمر الواضح والقاطع، إلى كل من يهمه الأمر في المنطقة، خصوصا دول حوض النيل. ‎مياه النيل المفترض أنها تحتل مرتبة متقدمة جدا في أولويات الأمن القومي المصري، إن لم تكن تحتل المرتبة الأولى إلى جانب التهديد الإسرائيلي الوجودي، حتى مع وجود اتفاق للسلام معها منذ عام 1979. ‎وفي هذا الإطار ينبغي أن نشيد بالخطاب الذي وجهه وزير الخارجية بدر عبدالعاطي، الأحد الماضي، إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ردا على تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بشأن المرحلة الخامسة من ملء سد النهضة، وحجز كمية من مياه النيل الأزرق هذا العام، واستكمال بناء الهيكل الخرساني للسد، وكلها أمور ترفضها مصر جملة وتفصيلا.‎ خطاب الخارجية المصرية يؤكد رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة للقانون الدولي، كما أنها خرق صريح لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر وإثيوبيا والسودان في مارس/آذار 2015، والبيان الرئاسي لمجلس الأمن في 15 سبتمبر/أيلول 2021. ‎الخطاب يكشف عن أن انتهاء مسار المفاوضات بشأن السد بعد 13 عاما من التفاوض، بعد أن اكتشف الجميع، أن أديس أبابا تريد وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور لتكريس الأمر الواقع. الخطاب يقول إن السياسات الإثيوبية غير القانونية ستكون لها آثارها السلبية الخطيرة على مصر والسودان.

بحسن نية

‎من يتابع أزمة سد النهضة سيكتشف ما انتهى عنده عماد الدين حسين: مصر تعاملت بحسن نية شديد جدا وبأخوة منذ تفجر الأزمة في أبريل/نيسان 2011، بعد شهرين فقط من ثورة 25 يناير/كانون الثاني، ومن الواضح أن هذا المنهج والمنطق لم تفهمه إثيوبيا بالصورة الصحيحة، وبحسن النية المصري والرغبة العارمة لدينا للتوصل إلى اتفاق يحفظ حقوق الجميع، حق إثيوبيا في التنمية وحق مصر في الوجود، وهو المعنى الذي قاله الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال تحدثه للبرلمان الإثيوبي في 25 مارس/آذار 2015، مؤكدا أن النيل هو مصدر الحياة لـ90 مليون مصري، وأنا بينكم الآن لنكسب معا ونصنع مستقبلا مزدهرا للجميع ومصر تقف بكل عزم على جانب الأشقاء في إثيوبيا، انطلاقا مما أكده الزعيم جمال عبدالناصر، «وإن مصر الزاخرة بالموارد والطاقات على استعداد لاستثمار كل طاقتها مع الاشقاء في إثيوبيا». ‎الآن عدد سكان مصر يزيد على 106 ملايين نسمة، ومواقف مصر ظلت سلمية وتعاونية، لكن الذي اتضح للجميع هو أن إثيوبيا ضربت بكل ذلك عرض الحائط، ومارست سياسة الخداع والتسويف والمراوغة والكذب حتى اكتمل بناء السد، وبعدها أعلنت بكل صلف وتبجح أن النيل الأزرق صار بحيرة إثيوبية، ولم يعد نهرا دوليا للجميع. وبالتالي يحق لمصر أن تفعل كل ما في وسعها لضمان حقوقها طبقا للقانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة. ‎لا ندعو إلى الحرب أو الدمار، كما يعتقد بعض العامة، لكن في جعبة مصر الكثير كي تؤكد لإثيوبيا أنها ستدفع ثمنا باهظا، بسبب إصرارها على الاستمرار في سياسة العنجهية والإضرار بحقوق مصر المائية.‎ من المهم إظهار العين الحمراء لإثيوبيا بكل الصور المتاحة حتى لا تبدأ في بناء مزيد من السدود على النيل الأزرق. ‎بيت إثيوبيا من زجاج هش وقد سبق تهشيمه أكثر من مرة على يد دول كثيرة في المنطقة. وأحد أكبر أخطاء قادة إثيوبيا الآن أنهم لم يقرأوا التاريخ جيدا بما فيه التاريخ الحديث. تعتقد إثيوبيا أنها صارت قوة إقليمية مهيمنة، وأن على الجميع أن يخضعوا لها، وعلى القوى الكبرى خصوصا أمريكا أن تتعامل معها باعتبارها شرطي المنطقة، لكنها تنسى أن الذي بيته من زجاج ينبغي عليه ألا يرمى الآخرين خصوصا الجيران بالحجارة، لأنه أول من سوف يتهشم بها.

نهاية صمتنا

تواصل الدبلوماسية المصرية جهودها المتصلة للتصدي للاستفزازات الإثيوبية بشأن حقوق مصر التاريخية في مياه النيل. وكان من اللافت قبل أيام حسب الدكتور هاني سري الدين في «الوفد» تقدم وزارة الخارجية المصرية بخطاب رسمي إلى مجلس الأمن، ردا على تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي بشأن تنفيذ المرحلة الخامسة من ملء سد النهضة. لقد أكد خطاب السفير بدر عبدالعاطي وزير الخارجية، رفض مصر القاطع للتصريحات الإثيوبية واعتبارها خرقا صريحا وواضحا لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015 والبيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر/أيلول 2021. وذكر الخطاب أن تأكيد رئيس الوزراء الإثيوبي حجز كمية من مياه النيل الأزرق هذا العام واستكمال بناء الهيكل الخرساني للسد الإثيوبي، هو أمر غير مقبول جملة وتفصيلا، بالنسبة للدولة المصرية، وأن ذلك يمثل استمرارا للنهج الإثيوبي المثير للقلاقل والمهدد لاستقرار الإقليم الذي تطمح أغلب دوله في تعزيز التعاون والتكامل في ما بينها، بدلا من زرع بذور الفتن والاختلافات بين شعوب تربطها وشائج الأخوة. لقد كان واضحا على مدى السنوات الماضية أن أديس أبابا تصر على تمديد آجال التفاوض دون سعي حقيقي للتوصل لحل لأزمة بناء سد على مجرى النهر، يضر بمصالح مصر والسودان. وربما ساهم ارتفاع مستوى فيضان النيل في السنوات الأخيرة في تقليل الآثار السلبية للمراحل السابقة لملء السد، لكن خطاب الخارجية المصرية الأخير كان واضحا وصريحا، وهو يشدد على متابعة التطورات عن كثب، والاستعداد لاتخاذ التدابير اللازمة لحماية مصالح مصر وشعبها. وهذه الإشارة تحديدا تؤكد بوضوح أن ملف المياه كان وما زال على أولويات الأمن القومي المصري، ولا حدود أمام مصر لمواجهة أي خطر يهدد أمنها القومي، ولا قيود على الخيارات المتاحة لها.

لا تهريج في حقوقنا

انتهى الدكتور هاني سري الدين عند حقيقة لا خلاف عليها: لا شك في أن الماء هو أساس الحياة، وهو نبع الخير، وغذاء الحضارة عبر العصور، ولا شك أيضا في أن تهديد وصوله أو انتقاصه يعد ضربة قاسية للاقتصاد، والعمران، والتطور في مصر. إن اتفاقية الأمم المتحدة لسنة 1997 بشأن المجارى المائية غير الملاحية، تؤكد ضرورة الاستخدام المعقول والمنصف، دون الإضرار بالأطراف الأخرى، كمبدأ وشرط أساسي في استخدام المجاري المائية الدولية غير الملاحية، وهو ما ينطبق تماما على نهر النيل. لقد تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي قبل سنوات أمام الأمم المتحدة موضحا موقف مصر في هذا الشأن بكل شفافية، ومقررا أنها لا تقبل منع التنمية عن أي بلد، لكنها لن تقبل في الوقت ذاته أي مساس بحقوق أبنائها، وقال نصا «إن مياه النيل بالنسبة لمصر هي مسألة حياة أو موت». إن مصر كانت وما زالت بلد سلام، ومركز إشعاع حضاري تسعى للتعايش والتعاون مع جيرانها، ولها مساهمات تاريخية في مجالات التنمية المختلفة في قارة افريقيا، وهي دولة متمرسة في مجال الدبلوماسية والخطاب الوسطي العقلاني، لكن كل ذلك لا يعني أنها ستقف مكتوفة الأيدي أمام اعتداءات محتملة للغير على حقوقها السيادية. إن دور الدبلوماسية المتدرج في التعامل مع القضية يؤكد ثقتنا في القيادة السياسية وإدارتها الاحترافية لهذا الملف الشائك، ونعلم يقينا أن الخيارات متاحة، وأن الفيصل في النهاية سيكون مدى تضرر مصر وأهلها بالسد. ولكل فعل رد فعل..

«آخرتها سودا»

غني عن البيان الدور التاريخي الذي لعبته مصر في محيطها الإقليمي والدولي على مدار تاريخها القديم والحديث.. وإذا كانت الجغرافيا السياسية كما أخبرنا عبد العزيز النحاس في «الوفد» قد فرضت على مصر أن تجابه أطماع القوى الاستعمارية وتحديات كبيرة كونها دولة محورية في قلب العالم والشرق الأوسط على مدار عصور وعقود طويلة، فإن الواقع والحاضر أيضا يؤكدان أن مصر ما زالت لديها القدرة على الدفاع عن مصالحها وقضايا أمتها العربية ومحيطها الافريقي، الذي يشكل أمنها القومي، وهو ما يفسر لنا أسباب توقيع بروتوكول تعاون عسكري مع الصومال في هذا التوقيت، واتخاذ خطوات فاعلة، سواء بإرسال قوات مصرية لتدريب وتأهيل عناصر الجيش الصومالي، ورفع كفاءتها في مواجهة الجماعات الإرهابية والحركات الانفصالية، وغيرها من المخاطر التي تواجه الصومال. كما قامت مصر بإعادة افتتاح سفارتها في مقديشو، وتسيير خط طيران مباشر لشركة مصر للطيران بين القاهرة والعاصمة الصومالية، في إشارة واضحة لعودة مصر وبقوة إلى منطقة القرن الافريقي التي تشكل أهمية استراتيجية لمصر وأمنها القومي في البحر الأحمر وتأمين الملاحة العالمية لقناة السويس، وهو ما دفع مصر سابقا لتعزيز التعاون مع جيبوتي وإريتريا، وأخيرا الصومال التي تشكل الضلع الثالث في مثلث القرن الافريقي. لا شك في أن السياسية الخارجية المصرية، تتسم بالحكمة والحنكة، وتحترم معايير الشرعية الدولية، وتتوافق مع قدرات ومعايير القوة الشاملة للدولة، وتمتاز الدبلوماسية المصرية العريقة بسياسة النفس الطويل في مواجهة التحديات والأزمات.

هيستريا إثيوبية

عندما قررت مصر ترفيع وتعميق العلاقات مع الصومال، تم الأمر طبقا للأعراف والمواثيق الدولية ومع السلطة الشرعية في الصومال، لكن الغريب من وجهة نظر عبد العزيز النحاس هو رد الفعل الإثيوبي الهيستيري والمتناقض مع الواقع والقانون الدولي، وادعاء وزير خارجية إثيوبيا للصومال بالتواطؤ مع جهات خارجية – مصر- لزعزعة استقرار إثيوبيا، في سقطة جديدة للنظام الإثيوبي، الذي بات يشكل المفهوم الصارخ للبلطجة السياسية، فلم تكتف إثيوبيا باحتلال ميناء بربرة الصومالي بالاتفاق مع الانفصاليين في شمال الصومال، وهو أمر نددت به ورفضته الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والجامعة العربية، لكن إمعانا في البلطجة السياسية قامت قبل أيام بالإعلان عن تعيين سفير لها لدى الانفصاليين في شمال الصومال، ضاربة بكل القوانين والأعراف الدولية عرض الحائط، وتناست أن الصومال دولة عربية، ذات سيادة، ومن حق مصر والدول العربية الدفاع عن سيادتها واستقرارها. الحقيقة أن مصر تحملت المراوغة والصلف الإثيوبي، وانتهاج السياسة الأحادية المخالفة لكل قواعد ومبادئ القانون الدولي في قضية سد النهضة لمدة 13 عاما، دون التوصل لأي حلول.. ويبدو أن إثيوبيا اعتقدت واهمة أنها فرضت على مصر سياسة الأمر الواقع من خلال المراوغة والمماطلة والتهرب طوال هذه السنوات، لعدم التوصل إلى اتفاق ملزم وقانوني مع مصر والسودان، واعتقدت واهمة أيضا أنها يمكن أن تخالف وتتجاوز القانون الدولي المنظم للأنهار في مواجهة مصر، وهي لا تدري أن الصبر المصري مدروس بعناية ولأسباب كثيرة منها، توريط إثيوبيا في كل المخالفات الدولية وكشف سوء نواياها تجاه مصر.. والأهم من كل هذا أن مصر تمتلك قرارها، وسوف ينفد صبرها لحظة حدوث بوادر أزمة في مياه النيل باعتبارها قضية حياة لكل المصريين.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول alaa:

    ندين موقف المنقلب وجنرالاته الذين رضوا بالرشاوي والقصور مقابل تخليهم عن الدفاع عن بلدهم التي تسرق اراضيها امام اعينهم وخانوا عهدهم مع الله وشعبهم ولا حول ولا قوة الا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل

    1. يقول العقل حكمة:

      ولكن وقت المحن يجب ان يكون المصريين خلف قيادتهم اى كانت هذه القيادة. الصهاينة المختلفين والكرهين لبعضهم شكلوا مجلس موحد مصغر بعد 7اكتوبر المجيد. أولى بالمصريين الاتحاد. العالم الخارجي غدار وظالم والبديل داخل الاوطان أضعف من الحالى. العقل ثم العقل

اشترك في قائمتنا البريدية