لندن – “القدس العربي”:
تساءل المعلق سايمون تيسدال في صحيفة “الغارديان” عما سيحدث بعد وصول دونالد ترامب في 20 كانون الثاني/يناير إلى البيت الأبيض، وقال إن قادة العالم، أحبوا أم كرهوا مضطرون للتعامل معه ومع “السيرك” السياسي الذي سيرافقه.
وقال فيه: “لا يحتاج قرار ميشيل أوباما مقاطعة حفل التنصيب الرئاسي لدونالد ترامب يوم الإثنين إلى تفسير. فمن الواضح أن السيدة الأولى السابقة لا تتسامح مطلقا مع رجل يستمتع بالسلوك العنصري والجنسي، ولهذا فهي تحبه بدرجة أقل. وهناك الكثير من الناس الآخرين، وبخاصة حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، الذين يرغبون بمقاطعة حفل تنصيبه لو كان الأمر بيدهم. ولكن لا مفر أمامهم من أن يتعاملوا معه على مدى السنوات الأربع المقبلة”.
وأشار الكاتب إلى خلافات الرأي حول عودة ترامب بين دول العالم، فقد وجد استطلاع للرأي نشره الأسبوع الماضي المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن عدد الأشخاص الذين يرحبون بعودة ترامب في الصين والهند وروسيا والمملكة العربية السعودية وإندونيسيا وجنوب أفريقيا والبرازيل أكبر من عدد الأشخاص الذين لا يرحبون بعودته. وعلى النقيض من ذلك، يشعر الناس في بريطانيا وفرنسا وألمانيا ودول غرب أوروبا الأخرى بالفزع بصراحة إزاء هذا الاحتمال.
هناك الكثير من الناس، وبخاصة حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، الذين يرغبون بمقاطعة حفل تنصيبه لو كان الأمر بيدهم. ولكن لا مفر أمامهم من أن يتعاملوا معه
ولهذا فتمنع ميشيل أوباما هو رفاهية باهظة الثمن لمعظم الناس.
وعلى الرغم من تراجع القوة والنفوذ الأمريكي، فمن الناحية العلمية وما لا يمكن تطبيقه هو “إلغاء” رئيس أمريكي.
ومن الواضح أن العديد من الدول القائدة تعتقد أن ترامب رقم 2 قد يكون أمرا جيدا بالنسبة لها، لكن الأوروبيين هم الشاذون. فإذا رفضوا المشاركة في اللعبة، فإنهم يخاطرون بالتهميش وعدم الأهمية.
وتتناقض هذه النتائج مع مزاعم الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن الغريبة بأنه عمل على تعزيز الهيمنة العالمية الأمريكية، فالعالم يدير ظهره لما يراه كثيرون نظاما دوليا منافقا “يعتمد على القواعد” تحت إشراف الولايات المتحدة. وتعتقد القوى الناشئة أن نظرة ترامب غير الإيديولوجية وغير التدخلية والقومية والمعاملاتية والأنانية هي الأنسب للعصر.
والحقيقة أنها تعكس نهجها الخاص، فبالنسبة لهم، فهو وكيل ضروري للتغيير.
ويتساءل الكاتب إن كان هذا خطأ في التقدير قد يندمون عليه؟ إلا أن تشارلز كوبشان، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورجتاون، يرى أن السياسة الخارجية لترامب التي تفتقر إلى المبادئ والمعتقدات الراسخة قد تتأرجح في أي اتجاه، للأفضل أو الأسوأ أو من الأسوأ إلى الأفضل. ذلك أن اللعبة برمتها بالنسبة للسياسيين والدبلوماسيين وجماعات الضغط الأجنبية هي قيادته في اتجاهات مرغوبة، وإيجاد طرق للعمل معه أو حوله وكبح أسوأ غرائزه.
بالنسبة لبريطانيا فهناك تشابه مع رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر، التي هدمت الأشياء لكنها فشلت في إعادة بنائها
وبالنسبة لبريطانيا فهناك تشابه مع رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر، التي هدمت الأشياء لكنها فشلت في إعادة بنائها. ويحذر كوبشان قائلا إن “ترامب هو رجل هدم أكثر منه مهندسا. وبدلا من المساعدة في بناء نظام دولي جديد وأفضل، فقد يهدم النظام القديم ويترك الولايات المتحدة وبقية العالم واقفين ببساطة فوق الأنقاض”.
ويعلق تيسدال أن هذه ليست مجرد فرضية أكاديمية، فالحياة الحقيقية تعتمد على إعادة توجيه أو كبح جماح ترامب، كما هو الحال مع تجنب الصراع العالمي.
ويدور الكثير من الحديث في بروكسل حول ما يسمى “همسات ترامب”، أي الأشخاص الذين قد يستمع إليهم الرئيس. وفي هذا السياق، ذكرت جورجيا ميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا. وكذلك الحال مع فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر والأمين العام لحلف شمال الأطلنطي مارك روتي، مع أن أحدا منهم لا يتمتع بنفوذ حاسم عليه. وما يحتاجه العالم الآن هو “مروض ترامب”.
ويعتقد تيسدال أن حرب أوكرانيا هي اختبار جيد لنظرية “ترامب الجيد وترامب السيئ”، فهو من جهة ينتقد المساعدة العسكرية المكلفة لكييف. ويقول إنه يفهم سبب معارضة فلاديمير بوتين لانضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلنطي. ويزعم أنه يستطيع إنهاء الحرب بسرعة، ولكن على حساب، على ما يبدو، تنازل أوكرانيا عن أراض ذات سيادة ومكافأة العدوان الروسي. ومن ناحية أخرى، يعرف ترامب أنه لا يستطيع تحمل تبعات قرار كارثي كذلك الذي اتخذه بايدن بالتخلي عن أفغانستان في عام 2021. ولكن من الواضح أن ترامب لا يجرؤ على منح “محور الشر” الذي أعيد تشكيله، كما يصفه البعض، والذي يضم روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية، انتصارا استراتيجيا حاسما.
لكل هذا فالحديث يدور حول زيادة المساعدات الأمريكية، وليس تقليصها، في الأمد القريب، من أجل تعزيز موقف كييف التفاوضي في المحادثات المستقبلية.
ويتفق قادة أوروبا ورئيس أوكرانيا فولدومير زيلينسكي على فكرة “السلام عبر القوة”، ولو تصرفوا بناء على دعوات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك لزيادة الجهود الدفاعية للاتحاد الأوروبي والناتو وكذا النفقات، فهناك فرصة جيدة للحصول على دعم “ترامب الجيد” الذي يقاتل لصالحهم مع اقتراب نهاية اللعبة في أوكرانيا.
بالنسبة لترامب، يعتبر عقد الصفقات مع دول الخليج أهم من صنع السلام
وفي نفس المقام، فمواقف ترامب من إسرائيل- فلسطين تتراوح من كونها ضعيفة إلى رهيبة. فبالنسبة له يعتبر عقد الصفقات مع دول الخليج أهم من صنع السلام. وفي ولايته الأولى، تعامل مع الفلسطينيين بازدراء وقطع المساعدات عنهم ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس. ومع ذلك، يحسد باراك أوباما لأنه منح عام 2009 جائزة نوبل للسلام، ولكنه يتجاهل هذه المفارقة الساخرة ويصر على حصوله على الجائزة.
لقد وعد ذات يوم بتحقيق “صفقة القرن” في الشرق الأوسط. وربما يعتقد أنه لا يزال قادرًا على ذلك. وبالضرورة، لا يشتري ترامب أجندة إسرائيل الكبرى لليمين الإسرائيلي، ويرفض في الوقت نفسه توريط أمريكا في حروب لا نهاية لها. وخلافا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لا يريد ترامب محاربة إيران، بل هناك حديث عن فتح محادثات مع طهران. وهو يفضل بشدة التطبيع بين إسرائيل والسعودية. ويعول على الدبلوماسية الماهرة من النوع الذي أُرسل المبعوث البريطاني بيتر ماندلسون لممارستها في واشنطن، فمن الممكن أن يصبح ترامب، إذا تم التعامل معه بشكل صحيح، قوة من أجل الخير في الشرق الأوسط، والآن، لا يوجد أي احتمال.
فمن الذي سيتمكن من ترويض ترامب؟ الإجابة على هذا السؤال ملحة، لكن لا تسألوا ميشيل أوباما فلا علاقة لها بهذا.
ترامب هو من وقف حرب غزة و هو الدي ارسل بشار الاسد الى دولة الفودكا و ترامب هو الدي سوف يوقف حرب روسيا و أوكرانيا .تدكروا كلامي