لأنه، خلال خطبة الجمعة من المسجد الأقصى، نعى رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، الذي اغتالته دولة الاحتلال الإسرائيلي في قلب طهران؛ سارعت شرطة الاحتلال الإسرائيلي إلى مداهمة بيت الشيخ عكرمة صبري (85 سنة)، خطيب المسجد ورئيس الهيئة الإسلامية في القدس. الإجراء الفوري التالي كان إبعاد الشيخ عن الأقصى 3 أيام، قابلة للتمديد 6 أشهر، والنظر في سحب الإقامة المقدسية؛ فضلاً، بالطبع، عن إمكانية الإحالة إلى القضاء بتهمة إلقاء «خطبة تحريضية» حسب النيابة العامة الإسرائيلية، ولأنّ «السياسة التي حددتها للشرطة واضحة: عدم التسامح إطلاقاً مع أي مظهر من مظاهر التحريض».
لا طارئ في إجراءات كهذه، أقرب إلى الاهتياج الانتقامي منها إلى أيّ إنفاذ لقوانين الاحتلال الفاشية الجائرة ذاتها؛ لولا أنّ طائفة من تصريحات كبار المسؤولين في دولة الاحتلال أفضت إلى ما هو أبعد من السعار والعربدة، وتوجّب أن تستأنف الطراز الأشدّ عنصرية في إعلان الحقد على كلّ وأيّ مظهر إنساني فلسطيني في حدوده الاجتماعية الدنيا؛ الذي لا يتجاوز، في هذه الحالة، الترحم على شهيد، وأداء صلاة الغائب على روحه.
ليس الأقبح بينها، وإنْ كان يستحقّ السبق من حيث طرافة الابتذال، ما كتبه إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال وزعيم حزب «القوّة اليهودية»: «آمل أنّ النائب العامّ للدولة، الذي يسعى للتحقيق معي بتهمة التحريض على سكان غزّة، أن يتصرف بالتصميم ذاته مع شيخ يحرّض على قتل اليهود في جبل الهيكل»؛ متغافلاً، عن سابق عمد وتصميم بالطبع، أنه مدانٌ أيضاً بالتحريض على العنصرية، وليس متهماً بها فقط. زميله وزير الداخلية موشيه أربيل كتب إلى النائبة العامة، داعياً إلى سحب إقامة الشيخ صبري في سائر أرجاء الكيان الصهيوني، «لأنه لم يتوقف عن التحريض ضدّ الدولة، وترويج العداء للسامية والإرهاب، وارتكاب جرائم أمنية خطيرة».
طراز آخر من السعار الحاقد بادر إليه وزير خارجية الاحتلال يسرائيل كاتس، الذي أغضبه أن تنفذ السفارة التركية في تل أبيب قراراً رئاسياً تركياً قضى بتنكيس الأعلام حداداً على الشهيد هنية؛ فصرّح بأنّ دولة الاحتلال «لن تقبل بتعبيرات المشاركة في الحداد على قاتل»، واستدعى نائب السفير التركي كي يبلغه توبيخ الحكومة الإسرائيلية. ثمّ أضاف، تأكيداً على أنه في عداد أغبى مَن تولى هذا الموقع في تاريخ الكيان الصهيوني: «إذا شاء ممثلو السفارة الحداد، فليذهبوا إلى تركيا ويحزنوا هناك مع سيدهم أردوغان».
أفيغدور ليبرمان، وزير الخارجية الأسبق ونائب رئيس الحكومة وزعيم حزب «إسرائيل بيتنا»، لم يتأخر عن الركب فاعتبر أنّ تنكيس العلم التركي «وصمة عار كبرى»، و«من غير المقبول أن تكون هناك سفارة في قلب تل أبيب لدولة اتخذت صفّ منظمات الإرهاب منذ بدء الحرب، وهددت هذا الأسبوع تحديداً بغزو دولة إسرائيل».
الشيخ صبري والعلم التركي المنكّس أعلى سفارة أنقرة في تل أبيب هما، يصحّ الافتراض، أحدث كوابيس كيان صهيوني قام على الإرهاب واغتصاب الأرض واعتماد الترانسفير والتطهير الديمغرافي وارتكاب المجازر والإبادة الجماعية وشتى جرائم الحرب. وخطبة جمعة في مسجد، مثل علم يرفرف على نصف سارية، مصدران لاستنهاض الأحقاد الأبشع من ساسة كيان ارتكب لتوّه جريمة اغتيال موصوفة، في قلب عاصمة تبعد آلاف الأميال عن مكامن الذعر الصهيوني؛ ويواصل حرب إبادة جماعية أراقت دماء آلاف الفلسطينيين، أطفالاً ونساءً وشيوخاً أوّلاً، وتمّت إدانتها في مراكز القانون الدولي والهيئات الحقوقية كافة.
ذلك لأنّ هذا الذعر الكابوسي هو بعض مظاهر اعتلال الطور «ما بعد الصهيون»، حيث لا تتفسخ الركائز التأسيسية فقط؛ بل تُراجَع وتُصهر ويُعاد إنتاجها كي ترث أسوأ ما خلّفته منظومة الأبارتيد من شنائع وقبائح.
مقال جدا ممتاز أستاذ صبحي حديدي كالعادة نورتنا تحليلاتك الدقيقة ✌️🇵🇸😃👋
لا أدري لماذا كل هذا الاهتمام بتنكيس تركيا لعلمها فوق سفارتها في تل أبيب أليس هذا تناقض صارخ للسياسة التركية واللعب على ذقون البسطاء…فوجود السفارة وحدها في قلب إسرائيل تبطل كل ما تدعي بها تركيا تجاه الشعب الفلسطيني ..ومن يرفض سياسات إسرائيل ويعتبرها عدائية ومحتلة وغاصبه لارض والعرض وقاتلة للاطفال والنساء وحارقة الأخضر واليابس لن تعترف بوجودها ولن تفتح فيها سفارة. فوجود السفارة وحدها اعتراف كامل وباعلى المستويات ..
باسرائيل …ومن الواضح للجميع أن أقوال أردوغان وأفعاله ومنذ تسلمه رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية في العقدين الماضين متناقضان تماما و مبنيان على أسس المصالح الحزبية والشخصية واحتكار السلطة …نتذكر جميعنا احداث السفينة مرمرة وفي وقت الذي وعد أردوغان الشعب الفلسطيني واهل غزة بالذات بوعود وهمية بكسر الحصار الإسرائيلي عليهم وبناء ميناء كانت العلاقات الاستراتيجية مع إسرائيل على اشدها وعلى جميع الاصعدة وخاصة العسكرية والاستخبارية…ولا ننسى بأن تركيا اول دولة في المنطقة وفي العالم الإسلامي تعترف باسرائيل…
هناك اخوان للشيخ عكرمة صبري في الجهر بالحق يقبعون في سجون العرب منذ سنوات و أعوام .. و منهم من أحيل الى التحقيق و تعرض بعضهم للفصل و من تبقى يعلك عباراته قبل أن يتجرأ بعبارة تنتصر لفلسطين من منبر .. فلا غرابة ان حرم قاتل طفل و أمه شيخا من مسجده .. المستغرب ان يتوظف له الخدم عندنا و يحرمون له من شاء من مسجده.
استاذ صبحي: اسرائيل هي كما تصفها «دولة احتلال» و لا تمانع حكومتها تقديم اي حجة واهية لتبرر إجرامها.
و يبدو أنها فات وزراء خارجيتها، الحالي و السابق، أن سفارة تركيا في تل أبيب هي أرض تركية. و يحق لتركيا رفع أو تنكيس علمها كما تريد لأنه لا يوجد عرف ديپلوماسي يحدد رفع او تنكيس العلم في السفارات.
من سنتين، استضاف تلفزيون سوريا في إسطنبول إمام الأقصى؛ عكرمة صبري، الذي وعد قبل اللقاء بأن يدين إجرام بشار الأسد. و خلال اللقاء سؤل «الإمام» ٣ مرات إذا كان عنده أي انتقاء لإجرام النظام السوري بحق السوريين و رفض الإجابة. فكيف يستقيم «للإمام» نعي هنية و تجنب أي انتقاد خجول لإجرام النظام؟ الإمام هو مثل غالبية الفلسطينيين الذين لا يمانعون ان يموت كل العرب، المهم فلسطين.
أخي سامي، أغلب الظن أن ذلك بسبب تعليمات من عباس! أما كلامك عن غالبية الفلسطينيين فلا أعتقد أنه صحيح!