أردوغان يتجه لتعيين فريق اقتصادي جديد وسط تحديات “كبيرة” تلوح في الأفق 

محمود علوش
حجم الخط
0

إسطنبول- “القدس العربي”:

تعقد الحكومة التركية الأربعاء، آخر اجتماع لها برئاسة رجب طيب أردوغان الذي يستعد عقب أداء اليمين الدستورية في اليومين المقبلين، للإعلان عن الحكومة الجديدة التي ستُدير البلاد في ولايته الرئاسية الثالثة.

وذكرت صحيفة محلية الأربعاء، أن الحكومة الجديدة ستشمل تغييرات واسعة، لا سيما في الحقائب المتعلقة بإدارة الاقتصاد. سيكون التحدي الأكبر الذي ينتظر أردوغان في السنوات الخمس الجديدة من حكمه، معالجة التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد من خلال تعيين طاقم اقتصادي قادر على التعامل بفعالية مع التضخم المرتفع وانخفاض قيمة الليرة وجذب الاستثمارات الأجنبية من جديد، وقيادة عملية إعادة إعمار المناطق المنكوبة التي دمّرها زلزال فبراير.

وواصلت الليرة الأربعاء تراجعها لليوم الثالث على التوالي بعد فوز أردوغان في انتخابات الإعادة الرئاسية، وسجّلت الأربعاء 20.7 للدولار الواحد بحلول الساعة 12:30 بالتوقيت المحلي (09:30 غرينتش).

مع ترقب الطاقم الاقتصادي الجديد، يتركز الضوء على محمد شيمشيك وزير المالية السابق، الذي يبدو أنّ أردوغان يُريد ضمّه لقيادة فريقه الاقتصادي بالنظر إلى السمعة الطيبة التي يحظى بها في الأسواق العالمية. وقالت صحيفة “صباح” المقربة من الحكومة الأربعاء، إن شيمشك قد يتولى منصب نائب الرئيس لشؤون الاقتصاد، وكشفت عن شخصيات اقتصادية بارزة ستكون أيضاً ضمن الطاقم الاقتصادي من بينها جودت يلماز ومصطفى إلياس وفيدات دميروز، فضلاً عن وزير المالية والخزانة السابق لطفي إلوان.

وقد يُساعد جلب وجوه تحظى بثقة في الخارج، في تهدئة مخاوف الأسواق العالمية من النهج الاقتصادي الجديد لأردوغان، الذي يُعرف بمعاداته الشديدة لرفع أسعار الفائدة، ويتبنى نظرية اقتصادية غير تقليدية تتمثل في أن خفض أسعار الفائدة يؤدي إلى خفض التضخم وليس العكس.

التقى أردوغان بشيمشيك الثلاثاء، لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الأخير يرغب بتولي دور اقتصادي في المرحلة الجديدة. وقال المتحدث باسم حزب “العدالة والتنمية” الحاكم عمر تشيليك، إن شيمشيك يُريد المساهمة في السياسة الاقتصادية الجديدة. وأضاف: “محمد صديق مقرب لنا ويريد المساهمة في هذه العملية. موضوع مجلس الوزراء هو حسب تقدير رئيسنا. أثناء لقائنا مع رئيسنا، أردنا المساهمة في العمليات. إنهم يجتمعون”. 

أكثر ما يُميز عقدين من حكم الرئيس رجب طيب أردوغان، هو النهضة الاقتصادية الكبيرة التي حققها للبلاد. وقد أضحت تركيا من بين أكبر عشرين اقتصاداً في العالم، ويتجاوز حجم اقتصادها حالياً 800 مليار دولار أمريكي، كما وسّع حدود الطبقة المتوسطة التي أصبحت تُمثل قاعدة التأييد الشعبي الرئيسية له. لكن في السنوات الأخيرة، بدأت البلاد تواجه المزيد من المتاعب الاقتصادية، وانخفاضاً متزايداً في قيمة الليرة. كما أجرى أردوغان تغييرات كثيرة على محافظي البنك المركزي.

أظهرت بيانات اقتصادية رسمية الأربعاء نمو الاقتصاد التركي بنسبة 4% في الربع الأول من العام الجاري، وهو نمو تواصل تركيا تسجيله ما عزّز ثقة المسؤولين في السياسات الاقتصادية المتبعة. وقال وزير الخزانة والمالية نور الدين النباتي: “في الفترة المقبلة، عندما تختفي حالة عدم اليقين بشأن الانتخابات، سنواصل دفع مستوى رفاهية مواطنينا بعزم”.

وما فاقم من الصعوبات الاقتصادية، هو الزلزال المدمر الذي ضرب ولايات جنوب تركيا في السادس من فبراير/ شباط الماضي، وأسفر عن مقتل أكثر من خمسين ألف شخص، ودمار واسع في نحو عشرة ولايات قدّرت الحكومة تكلفة إعادة إعمارها بنحو مئة مليار دولار أمريكي.

وقال نباتي: “نحن نمر بفترة تستمر فيها الظروف المالية العالمية المتشددة وتضعف التجارة العالمية. في هذه الفترة التي عانينا فيها من كارثة الزلزال وكذلك الظروف الخارجية الصعبة، لم نساوم أبدًا على الاستثمار والإنتاج والتوظيف. وبفضل المساحة المالية التي حققناها من خلال الانضباط المالي، فإننا نعوض الجراح التي ألحقها الزلزال باقتصادنا يوما بعد يوم”.

في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة، التي فاز بها أردوغان وتحالفه الحاكم بأكثرية مقاعد البرلمان الجديد، بدا أن الرئيس التركي استطاع بالفعل الحد من تداعيات التضخم والزلزال على قاعدة الدعم له. لكنّه مع ذلك، يجد نفسه بعد الفوز بحاجة إلى التركيز بشكل أكبر على الاقتصاد والعمل على خفض التضخم الذي يتجاوز حالياً حدود 40%.

ويقول مراد يتكين، وهو صحافي معارض لأردوغان، إن الرئيس سيواجه صعوبة في الموازنة بين اتخاذ إجراءات صعبة لمواجهة التحديات الاقتصادية، وبين الحفاظ على الدعم الشعبي له؛ لأنّ انتخابات أخرى ستُجرى أيضاً في البلاد بعد نحو عشرة أشهر وهي الانتخابات المحلية.

ويسعى أردوغان إلى استعادة السيطرة على البلديات الكبرى التي خسرها حزب “العدالة والتنمية” الحاكم في عام 2019. ويُجمع معظم المحللين الأتراك على أهمية التحدي الاقتصادي. وكتب دنيز سباهي في صحيفة “حرييت” الأربعاء، أن “فترة صعبة” تنتظر تركيا بفعل التحدي الاقتصادي الذي يلوح في الأفق. وقال إن ما تحتاجه البلاد في الفترة المقبلة هو التركيز على معالجة الأوضاع الاقتصادية بشكل أكبر.

وأضاف سباهي: “كانت أهم رسالة من تركيا تتعلق بالاقتصاد.. لا تزال المشاكل الهيكلية قائمة.. يجب أن نتحدث عن اقتصادنا ومشاكل أخرى أكثر من السياسة.. فترة صعبة تنتظرنا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية