أرصفة للموت: من محمد بهنس إلى محمد عبد الله نصر

حجم الخط
0

رأيتهما في التحرير. في وسط البلد. ما بين الميدان .ومحمود بسيوني وهدى شعراوي. رحل بهنس السوداني المصري على ارصفة الموت تاركا ذلك الصراع السلطوي المتدني على الأرصفة الحجرية، كي تدوس نعال التاريخ أولئك المتشحين بالتعالي والدونية والكذب باسم الوطن. رحل بهنس الذي كنت أظنه أحد مجاذيب السيدة زينب، بملابسه المهملة وتوحده المتفرد. لم يكن ذنبي الا أعيره إهتماما يليق بإنسان وفنان وشاعر. فكلنا مهمل مثل بهنس وكلنا ينتظر نفس المصير الذي لاقاه من قبل نجيب سرور. ذات المصير الذي ينتظر مولانا محمد عبد الله نصر. ذلك المحب المتشح بسراويل الصوفية المصرية. خطيب وإمام التحرير. الشيخ الثائر. صديق الجميع. تلك المسميات التي أطلقها البسطاء على واحد منهم. ذلك الذي التقيته بالتحرير في أوج الثورات المصرية. رافعا شعار الوسطية والتعايش. ثم رأيته مطاردا من قوات أمن الإخوان فترة حكمهم الزائل. كان إزعاج محمد عبد الله نصر لذلك الفصيل، كفيلا بأن يطلقوا لجانهم الالكترونية كي يشوهوا صورة الشيخ الثائر. حتى وصل الأمر لاقتحام داره وضرب أمه المسنة وإهانتها. كنت أتخيل أنه أحد أثرياء الفضائيات المصرية، حتى رأيته يستعير هواتفنا النقالة لإستخدامها لانه لا يملك رصيدا كافيا إلا حب الوطن والمشروع الإسلامي كما يراه ‘ميزو’ ذلك اللقب الذي أطلـــقته عليه لـــجان الإخوان، فكان شرفا له.
في زاوية مهملة من قاعة خالد محي الدين بحزب التجمع، رأيت نجم الفضائيات في ذلك التاريخ، ينزوي جانبا ويخرج من جلبابه بعض قطع ‘البسكويت’ راح يقضمها على عجل كوجبة أساسية، علمت أنها وجبته المفضلة فقرا وجوعا ونضالا، بعيدا عن أولئك المناضلين تحت رايات التمويلات الأجنبية. الآن ينتظر محمد عبد الله نصر، نفس المصير المقيت لبهنس وسرور وكل من أحب هذه الأرض وأخلص لها. أصيب شيخ الميدان بفيروس الكبد ‘س’ وتليف في كبده المحترق عشقا لوطنه، وهو رجل لا يجد سوى الكفاف والحب والحرب من أجل مصر جديدة. لا يملك محمد عبد الله نصر ثمن حبة العلاج. لا يملك إلا دموع الخوف على أولاده الصغار إذا ما طرحته الأرصفة الحجرية أرضا. أليس الاجدى بالفريق السيسي والمستشار منصور، أن يقدما لشيخ الميدان شهادة تقدير حبا وكرامة لمحب وعاشق للوطن؟ محمد عبد الله نصر بحاجة سريعة إلى العلاج على نفقة الدولة، وإلا فلسنا نور عين أحد ولن نرفع رؤوسنا فوق ولن ولن ولن… مادام الشرفاء يستجدون الحياة في وطن مستباح.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية