مع اقتراب إعلان النتائج النهائية للانتخابات العراقية التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بعد أن أنهت المفوضية العليا للانتخابات عمليات إعادة العد والفرز اليدوي لآخر المراكز المطعون في نتائجها، يبدو أن الأزمة السياسية الراهنة في العراق، مفتوحة على عدة سيناريوهات، وسط سجالات حادة تتباين فيها المواقف والآراء، مع تمسك كل طرف من أطراف الخلاف بمواقفه، خصوصاً من قبل القوى والأحزاب المقربة من إيران، والمنضوية تحت ما يسمى «الإطار التنسيقي» التي ما زالت ترفض نتائج الانتخابات وتدعو إلى إلغاء الانتخابات بعد التشكيك في نزاهتها.
في ظل هذا المشهد العراقي المثقل بانعكاسات التشقق والشقاق، تبقى الرهانات للخروج من هذه الأزمة مفتوحة على عدد قليل من الطروحات المعقدة بحساباتها ونتائجها، بحيث يمكن الحديث عن مجموعة من الخيارات التي تتراوح بين ثلاثة حدود، وهي:
*الحد الأول، رضوخ القوى والأحزاب المنضوية تحت ما يسمى «الإطار التنسيقي» للأمر الواقع، وتسليمها بخسارة موقعها، بعد قبولها بالنتائج النهائية، وهذا الخيار مستبعد في الوقت الراهن في ظل تمسك هذه القوى والأحزاب بموقفها الرافض للنتائج، بحجة التزوير والأخطاء الكثيرة التي رافقت العملية الانتخابية، على اعتبار أن تسليمها هذا سوف يخرجها من المشهد السياسي الرسمي، وما قد ينتج عنه من مخاطر فقدان امتيازات السلطة من مناصب وموارد مالية تنعش خزائنها، ومخاطر المحاسبة والمساءلة عن الجرائم وقضايا الفساد، والانتهاكات والاغتيالات، التي ارتكبتها هذه القوى خلال السنوات الماضية. وضمن هذا الحد أيضاً يمكن استبعاد تشكيل «حكومة أغلبية وطنية» التي دعا لها مقتدى الصدر، بدلاً من حكومة «ائتلافية» أو «توافقية» ويعود السبب في ذلك أيضاً إلى رفض هذه القوى والأحزاب الخاسرة، خيار المعارضة السياسية، ورغبتها القوية في المشاركة في الحكومة المقبلة من خلال الترويج لـ»حكومة التوافق السياسي» بدلاً من «حكومة الأغلبية السياسية».
*الحد الثاني، التوصل إلى تسوية سياسية، من خلال إيجاد حلول أقل ما يمكن القول عنها إنها «خبيثة» في محاولة لإرضاء الطرف الخاسر في الانتخابات، وهنا يمكن الحديث عن ثلاثة طروحات، الأول رفع عدد أعضاء مجلس النواب من 329 عضوا إلى 400 عضو، بحيث تتم إضافة الزيادة في الأعضاء من ممثلي الأحزاب والقوى الشيعية الخاسرة في الانتخابات. الثاني إعادة تعويم اتفاقيات سابقة بين القوى السياسية في العراق، من خلال الدفع لقبول مبادرة عمار الحكيم زعيم تيار الحكمة (تحالف قوى الدولة) الخاسر في الانتخابات، والتي تنص على إعادة التوازن بين جميع الكتل والأحزاب العراقية خارج إطار نتائج الانتخابات الأخيرة، من خلال تقسيم الأدوار بين الحكومة والبرلمان، بحيث يحظى المتصدرون في الانتخابات بالحكومة، والخاسرون بالبرلمان، إلى جانب اختيار رئيس حكومة توافقي، وعدم المساس بالحشد الشعبي الذي خسر الانتخابات، مع التصويت على ورقة الاتفاق الوطني كأول قرار يتخذه البرلمان الجديد في جلسته الأولى، إلى جانب إلغاء قانون الانتخابات الحالي، وحل مفوضية الانتخابات، وإجراء انتخابات مبكرة بعد عامين. الثالث تشكيل حكومة تتمثل فيها كل الأحزاب والكتل البرلمانية الرابحة والخاسرة، على اعتبار أنه لا يمكن لأي طرف من الأطراف الفائزة في العراق الانفراد بتشكيل «حكومة أغلبية» حاكمة، وتجاهل بقية الأطراف، كون النظام السياسي العراقي يستند إلى مفهوم «التوافق والتمثيل النسبي».
وعلى الرغم من أن الطرح الأول، لا يمكن القبول به بأي شكل من الأشكال حتى لا يُشكل سابقة في الحياة السياسية العراقية قد تتكرر مع كل انتخابات، يبقى التفاعل مع الخيار الثاني بالحد الأدنى، خصوصاً من قبل الكرد والسنة، الذين لم يتفاعلوا مع مبادرة الحكيم الداعية إلى إعادة التوازن بين جميع الكتل والأحزاب خارج إطار نتائج الانتخابات، في حين يبقى الطرح الثالث الذي تدفع به القوى المنضوية تحت «الإطار التنسيقي» بالتنسيق مع إيران، التي تعتبر الفاعل الأساسي في العراق، ويرفضه الشارع العراقي والتيار الصدري المتصدر للانتخابات، هو الأقرب للتطبيق، على الرغم من أنه يجعل الحكومة المقبلة نموذجاً مقارباً للحكومات المشكلة بعد عام 2003، الأمر الذي قد يدفع الأوضاع السياسية والاجتماعية في العراق إلى التفجر من جديد، مثلما حدث في أكتوبر عام 2019.
يمكن القول إن نتائج الانتخابات، تضع العراق أمام مشهد سياسي يحمل خريطة لتوازنات سياسية وتحالفات قد تحتاج إلى جولات من المفاوضات طويلة
*الحد الثالث، فوضى الشارع الناتجة عن استمرار تحشيد وتصعيد القوى الخاسرة للانتخابات أنصارهم أمام المنطقة الخضراء، رفضاً لنتائج الانتخابات، الأمر الذي يفتح الباب أمام طروحات جديدة من خارج المعادلة القائمة، والتي يتقدمها الطرح المنادي بإلغاء نتائج الانتخابات الحالية وإعادة الانتخابات من جديد وفق قانون انتخابي جديد، وهذا الطرح تنادي به بعض الأحزاب والكتل الخاسرة، بحجج التزوير وعدم النزاهة والأخطاء الجسيمة التي واجهت عملية الانتخابات، الأمر الذي قد يأخذ البلاد نحو مزيد من التصعيد، ضمن سيناريوهات مرسومة ومعدة مسبقاً، قد يكون أحدها السيناريو الحوثي في اليمن، الذي قد يتحقق بعد اقتحام قوى «الحشد الشعبي» المنطقة الخضراء، وفرض الأمر الواقع حفاظاً على وجودهم وموقعهم في السلطة، الأمر الذي قد يأخذ البلاد إلى منعرجات أمنية خطيرة قد تصل إلى صدامات سياسية وربما عسكرية، وانقسامات حادة عقائدية وطائفية، لا يمكن التكهن بنهاياتها ونتائجها.
في المحصلة يمكن القول إن نتائج الانتخابات العراقية الأخيرة، تضع العراق أمام مشهد سياسي جديد يحمل خريطة لتوازنات سياسية جديدة وتحالفات قد تحتاج إلى جولات من المفاوضات طويلة، في ظل إصرار التيار الصدري على تشكيل «حكومة أغلبية وطنية» وفقاً لنتائج الانتخابات، مقابل محاولة القوى التابعة لإيران بالالتفاف على خسارتها في الانتخابات، الأمر الذي يجعل حسم موضوع تشكيل الحكومة واختيار رئيس الدولة ورئيس البرلمان أمراً غير سهل، على اعتبار أن مسار تشكيل الحكومة العراقية ما زال يشق طريقه في ظل استخدام مختلف القوى السياسية لوسائل الضغط التي تملكها، وهذا ما يُشير إلى إمكانية أن تحمل الأيام والأسابيع المقبلة العديد من المفاجآت السياسية غير المتوقعة.
كاتب سوري
الحل العملي والإجباري هو بالبيت الشيعي تحت الرعاية الإيرانية!
وسنسمع قريباً بزيارة مقتدى لقم لأجل الإعتكاف عند مرشده الإيراني الحائري!! ولا حول ولا قوة الا بالله
أليس الذين يعترضون على نتائج الانتخابات ينظرون إلى أنفسهم على أنهم مؤمنون ورعون حملة الدين حيث المناصب رجس والديمقراطيه نجاسه فعلام هذا التكالب اذن. ألا يوجد أحد يذكرهم بذلك.