أفلاطون شمولي!

ترجمة: ليلى عبدالله
حجم الخط
0

ألقى بعض الأكاديميين اللوم على النصوص القديمة؛ لإضفائها الشرعية على القوالب النمطية للعنصرية العبودية، والتمييز الجندري، وأصروا على دراستها، لكن مع أخذ مسافة نقدية أكبر.
أثار المُختص في التاريخ الروماني في جامعة برانستون في الولايات المتحدة دان باديلا بيرالتا، نقاشا اقترح فيه نزع القداسة عن كلاسيكيات العصور القديمة، لا هدمها مثلما جاء في مقال نُسب له من طرف بعض مُعارضيه.
ترسخت منذ آلاف السنين ثقافة غلب عليها العنف والتعصب واللامساواة، وكثيرا ما كانت تخدم تفوق العرق الأبيض والأبوي. في الحقيقة، ونحن بصدد قراءة مُجمل الحوارات الأفلاطونية، ودونما التقيد ببعض المقاطع المُخصصة لأسطورة الكهف مثلا: هناك شيء يجب إثارته؛ حيث يبدو أن هذا العمل، اليوم، يضفي شرعية على الديكتاتورية والرقابة، والصور النمطية العنصرية، أو حتى المُعادية للمرأة. مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وفي مُؤلفه: «المُجتمع المفتوح وأعداؤه» الصادر سنة 1945، استنكر الفيلسوف كارل بوبر أن يكون برنامج أفلاطون السياسي شموليا تماما. تاريخيا، وحتى يومنا هذا، أشادت الحركات الفاشية والنازية بالفلسفة القديمة، باعتبارها عصرا ذهبيا للفكر؛ فوجدوا بذلك شيئا واقعيا لترسيخ أيديولوجياتهم.

العبد أداة يجب العناية بها

من المُؤكد أنه، وبسبب بعض التحريفات، تمت لآلاف المرات ومُشاركة مقولة خاطئة لأرسطو تفيد: «لا تنجح العبودية إلا عندما يقتنع العبد بأنها لمصلحته» لكن بعدما تحققت وكالة «فرانس بريس»؛ ثبت أن هذه الجملة لا تظهر في أعمال الفيلسوف، بل هي تتعارض مع توجهه الفكري. في اليونان القديمة كانت العبودية وضعا اجتماعيا لا يسمح فيه للعبيد بالموافقة، أو عدم الموافقة على مصيرهم؛ لذلك ليست هناك حاجة لإقناعهم بأهمية الأمر. ومع ذلك، في نظر أرسطو، يظل العبد أداة يجب العناية بها، تحريرها مُمكن ومرغوب فيه، لكن من الواضح أنه ليس ضروريا. باختصار لا يوجد ما يكفي لجعل الفيلسوف نصيرا للمساواة والإنسانية. ويتيح السياق السياسي توضيح هذه المواقف أو تناسيها؛ لكنه يبين أيضا أن جميع النصوص لا تتقدم في السن، حتى تلك التي تم اختيارها لامتحان البكالوريا.

قراءات مُناضلة

تكرر النقاش مند الثمانينيات خاصة حول سؤال: «هل ينبغي إلغاء تدريس الكلاسيكيات، أو تعديلها على الأقل؟». وقد شككت أعمال شخصيات بارزة مثل مارتن بيرنال في مؤلفه «أثينا السوداء» سنة 1987، ومارثا نوسباوم في كتابها «زراعة الإنسانية» سنة 1997 على الأهمية المركزية للعهد اليوناني الروماني في العلوم الإنسانية، وكذلك في طريقة عرضها. بينما اتهمهم باحثون ومفكرون آخرون بأنهم هم أيضا من الناشطين الذين يروجون فقط للجوانب التي تتماشى مع القيم الحالية، وخطر الانزلاق في مُفارقات تاريخية، وإخفاء أجزاء مُهمة من تاريخ وثقافة الغربيين. وبعيدا عن الجدل، مكنت المُناقشات من فتح دراسة علم الآثار أمام المُساهمات غير الغربية، لاسيما الافريقية، وتحدي شبكات القراءة المستوحاة من المسيحية، وعلى الأخص تراث طوميست للفيلسوف توماس أكويناس، مُمثلة تمثيلا زائدا حتى الآن. وفي نهاية المطاف الفكرة ببساطة هي دراسة العصور القديمة بكثير من الشفافية، دون تقديس أو تشويه لصورتها.

المقال مترجم من مجلة العلوم الفرنسية. نوفمبر/ تشرين الثاني/ 2021

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية