أقدم حزب معارض في الجزائر يعلن ترشيح أمينه يوسف أوشيش للانتخابات الرئاسية

حجم الخط
3

الجزائر- “القدس العربي”:

 أعلنت جبهة القوى الاشتراكية في الجزائر عن اسم مرشحها للانتخابات الرئاسية المسبقة المقررة في 7 سبتمبر/ أيلول المقبل، والذي ليس سوى سكرتيرها (أمينها) الأول  يوسف أوشيش وفق ما كان متوقعا. وتعد هذه المشاركة الثانية في تاريخ الحزب المعارض بعد سنة 1999 والتي كان قد دخلها بزعيمه الراحل حسين آيت أحمد.

وجاء ترشيح أوشيش لهذه المهمة في مؤتمر استثنائي عقده الحزب لهذا الغرض وفق ما تشير إليه لوائحه. وحظي الشاب البالغ من العمر 43 سنة، بالأغلبية المطلقة من الأصوات، في مشهد بدا محسوما مسبقا بعد قرار الحزب الترشح للانتخابات في المجلس الوطني السابق الذي عقده.

وفي كلمته التي أعقبت التصويت، قال أوشيش إن “قرار المشاركة في الانتخابات الرئاسية القادمة لم يكن سهلًا على الإطلاق ولقد تم اتخاذه بعد نقاش طويل وتحليل موضوعي وواقعي للوضع”، مشيرا إلى أنه مثل الجميع كانت لديه مخاوف، ذكر أنها “سرعان ما تلاشت أمام الأهداف النبيلة المسطرة لمشاركتنا خلال هذا الموعد”.

وأوضح الأمين الأول للحزب أنه “إذ كان قرار مشاركتنا خيارا سياسيا واستراتيجيا تمليه ضرورات ومتطلبات تتعلق بالبلد، وحدته وتماسكه، فإنه كذلك ينطلق وبقناعة راسخة منا نحو استعادة الفضاءات الديمقراطية والتطلع القوي إلى إعادة الحزب إلى طليعة المشهد السياسي الوطني”.

وذكر أنه “يجب أن نضع مشاركتنا وحملتنا الانتخابية في سياق ومسار سياسي إستراتيجي شامل يهدف إلى إعادة بناء القاعدة الشعبية للحزب وتوسيعها ونسرع تفتحه على المجتمع وتعزيز قدراته التنظيمية داخليا ما يمكننا من خلق أطر وقنوات للحوار قوية داخل المجتمع”.

واعتبر أن “هذا المسار سيجعل من الحزب قوة سياسية ذات وزن من أجل التعبئة والتأثير في المسارات، المحطات والقرارات السياسية للبلاد في المستقبل القريب”. وتابع يقول: “أدرك جيدا حجم الصعوبات وأشعر بها وإني ألمس معكم مظاهر الارتباك في تسيير الشأن العام التي لا تخفى على أحد، فلا أحد يجهل حقيقة الوضع وتعقيدات المرحلة ولا ينبغي لأحد أن ينكرها”.

وأردف: “يتوجب علينا أن نتقوى وأن نصمد بالعودة المستمرة إلى قناعاتنا التي لم تتبدل يوما، تلك المتعلقة بالوطنية، الحرية والديمقراطية، وتلك التي يحملها اليسار التقدمي. هذا يغذي ويوجه على الدوام تطلعنا للتغيير ويمكن أن يصنع من ثنايا الإخفاقات المتعددة والمتلاحقة المفروضة على البلاد، أملًا وفرصة لإبراز بديل موثوق يتمثل في قطب وطني، ديمقراطي وتقدمي قوي”.

وعاد أوشيش إلى الحلم الذي رفعه الجزائريون خلال انتفاضة 22 فبراير 2019 بكل سلمية وحضارية بالحرية والكرامة والعدالة، مشيرا إلى أن الاستجابة المؤسساتية لم ترق إلى اليوم إلى تطلعاته ولم تعكس حجم الزخم الذي عشناه تلك الأيام.

وفي تبريره لقرار المشاركة التي ينتقدها جزء من المعارضة ويعتبرونها تكريسا للأمر الواقع، قال مرشح القوى الاشتراكية إن “الانتظام الحر للمجتمع والتعبئة الشعبية السلمية تجاه مشروع وطني جامع يبقى ضرورة حيوية للبلاد وصمام أمان له”. وأشار إلى أن “الانسحاب اليوم يعني التخلي عن النضال” وهو لا يمت بصلة للجزائريين الذين لا تسري في دمائهم إلا قيم التحدي والإقدام والانتصار، على حد قوله.

وأعطى أوشيش بعضا من ملامح برنامجه، مؤكدا أن “النهوض ببلادنا وتحصينها وتطويرها تعد طموحات وتطلعات كبيرة ومشروعة لن تتحقق إلا من خلال تغيير حقيقي مرادف لـ”مؤسسات شرعية وديمقراطية، فصل فعلي للسلطات، برلمان معزز ومحترم، قضاء وإعلام مستقلان، منظمات وسيطة معنية وبعملية التغيير وتشارك فيه، لامركزية فعلية وتنمية اقتصادية متناغمة بإعادة تأهيل قيمة العمل وحرية المبادرة”.

على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، قال المترشح إن حزبه “سيسعى إلى التوفيق بين النجاعة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، كما سوف يكون اهتمامنا منصبا نحو بناء صلب خلاق للثروة ومناصب الشغل الحقيقية، اقتصاد متحرر من منطق الريع القاتل ومن اقتصاد “البازار” الذي استنزف قدراتنا وطاقاتنا الوطنية. اقتصاد متكافئ بين كافة مناطق الوطن وعادل ومشجع للمبادرة أين سوف يكون للدولة لعب دور الضبط”.  ليختم بالشعار الذي سيتبناه على الأرجح في حملته الانتخابية “لنجرؤ على التغيير! ودعونا نبنيه معًا!”.

ويعد يوسف أوشيش من الوجوه الشابة في حزب جبهة القوى الاشتراكية، وقد عرف صعودا لافتا في السنتين الأخيرتين ليرتقي إلى سدة الحزب في المؤتمر الأخير قبل نحو سنة. وعرف هذا الشاب في البداية، كمسؤول للإعلام في فترة إطلاق الحزب مبادرة الإجماع الوطني بعد الانتخابات الرئاسية لسنة 2014.

ويشغل أوشيش حاليا منصب سيناتور في مجلس الأمة، وقبل ذلك كان رئيس المجلس الشعبي لولاية بجاية مسقط رأسه في منطقة القبائل. ويمتاز خطابه السياسي بلغة توازن بين معارضة السلطة وما يصفه بالخطاب العدمي في المعارضة على حد سواء، وهو توجه يلقى معارضة من قبل جناح في الحزب رفض هذا الخط الجديد ما أدى إلى خلافات كبيرة في السنوات الأخيرة.

وتعد مشاركة جبهة القوى الاشتراكية إيجابية جدا بالنسبة للسلطة، ليس من ناحية المنافسة التي تبدو في صالح الرئيس عبد المجيد تبون في حال قرر الترشح وهو المتوقع، بل لكون هذا الحزب لديه حاضنة في منطقة القبائل التي قاطعت بحدة جل الانتخابات التي جرت بعد الحراك الشعبي، وهو ما هو تتمنى السلطات أن يسمح بتفادي استمرار هذه الوضعية خلال انتخابات أيلول/سبتمبر المقبلة.

وتنتمي جبهة القوى الاشتراكية إلى التيار الديمقراطي العلماني المعتدل، وهي حزب منخرط في الأممية الاشتراكية التي تمثل أحزاب اليسار التقدمي. ويعرف هذا الحزب بمؤسسه الزعيم التاريخي حسين آيت احمد الذي كان أحد قادة الحركة الوطنية والثورة التحريرية ضد المستعمر، كما عرف بمواقفه الرافضة لنظام الحكم بعد الاستقلال ما دفعه لتأسيس جبهة القوى الاشتراكية سنة 1963 والتي دخلت لفترة في صدام مسلح مع السلطة القائمة آنذاك. كما امتاز آيت أحمد بمواقفه الرافضة لشكل الحكم بعد توقيف المسار الانتخابي سنة 1992 في أعقاب فوز حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ، حينها بعد تدخل الجيش واستقالة رئيس البلاد حينها الراحل الشاذلي بن جديد. وقد عرض وزير الدفاع آنذاك، الجنرال الراحل خالد نزار، الذي قاد وقف المسار الانتخابي، الرئاسة على الراحل آيت أحمد، لكنه رفض ذلك كما رفض وقف المسار الانتخابي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول جمال:

    لا دول عظيمة ولا اية دولة بمالها ولا احزاب سياسية داخلية او خارجية كانت ولا حتى عملاء الدول الحاقدة على الجزائر فلن يستطيعون قهر عزيمة الشعب الجزائري في اختيار السيد عبد المجيد تبون 🇩🇿 ✌️ كرئيس للجزائر 🇩🇿 لعهدة ثانية.

  2. يقول بابا الصحراء الغربية:

    من الأفضل أن يترك الرئيس تبون المشهد للجيل الثالث من دولة الاستقلال في الجزائر الجمهورية.منقط الاشياء يحكم بذلك.خصوصا في دولة تتيح فرص لكل العاملين في حقل السياسة في الظهور والتعبير عن توجهاتهم مع مراجعة توافقها مع بنود الدستور علي أن يكون ذلك في إطار الشفافية والنزاهة ومبدأ حياد الاداره المساواة والعدالة واستقلالية السلطات..
    وفق الله الشعب الجزائري لما فيه الخير والصلاح

  3. يقول طارق:

    الواضح ان الجزاءر. ستتلاشى في السنوات المقبلة فموردها الوحيد والقليل هو الغاز وقليل من النفط سيتم تعويضه بالطاقة الشمسية والهدروجين الاخضر في اوروبا اي الجزاءر ستصبع فقيرة جدا وحليفتها روسيا في حرب استنزاف اتوقع حرب اهلية جديدة في الجزاءر

اشترك في قائمتنا البريدية