حدثت وقائع في هذا الشهر هزت البلاد هزا وغيرت مجراها السياسي بشكل ملحوظ وأخص بالذكر هنا القرن العشرين.
ففي الليلة الفاصلة بين فاتح أكتوبر/ تشرين الأول والثاني منه سنة 1955 شن جيش التحرير المغربي أول هجوماته العسكرية ضد الاستعمار الفرنسي. وكان ذلك بمنطقة الشمال وخصوصا بمحلات «بورد وأكنول» و«تيزي أوسلي» بنواحي تازة، وهي منطقة صالحة لحرب الأغوار أي طكطيك، «اضرب بقوة واختفي بسرعة» التي أشاعها الزعيم الصيني ماو تسي تونغ والتي ألهمت الثوار عبر أجيال متتالية ضد القهر الاستعماري والاستبدادات المحلية.
كانت المقاومة المسلحة الحضرية الحديثة قد بدأت بالمغرب منذ سنة 1952 ثم ازدادت قوة وضراوة مع إقدام السلطات الاستعمارية على نفي السلطان الوطني محمد الخامس سنة 1953 وكان من أبطالها الشهيد محمد الزرقطوني وبوراس الفكيكي ومحمد الفقيه البصري الذي ذاع صيته بكل العالم العربي خلال الستينيات والسبعينيات لمحاولاته المتتالية الإطاحة بنظام الحسن الثاني عبر حرب الأغوار أو التنسيق مع عسكريين لقلب النظام الملكي وإقامة جمهورية شعبية مكانه…
بعد انطلاق عمليات جيش التحرير تخوفت باريس أيما تخوف من التنسيق الناشئ بين الجيشين الشعبيين الجزائري والمغربي، خصوصا وأن بعض أهم مناطق عملياتهما متقاربة جغرافيا وصالحة لحرب الأغوار. بادرت الحكومة الفرنسية إذن إلى إرجاع محمد الخامس من منفاه السحيق بجزيرة مدغشقر إلى فرنسا وكان ذلك في شهر أكتوبر أيضا. هكذا وبقدرة قادر تحول الرجل من «السلطان الكريه» كما كانت تسميه الصحافة الاستعمارية إلى ضيف مكرم ومحتفى به من لدن حكومة إيدغار فور.
سيعترف هذا الأخير ثلث قرن بعد الأحداث أي سنة1987 أن مبادرته لتحرير الملك الأسير كانت بهدف «وقف الجهاد» بمنطقة شمال إفريقيا أو على الأقل لعزل الثورة الجزائرية عن شقيقتها المغربية. وذلك لأن الجزائر كانت أكثر أهمية ترابيا وقانونيا وأبلغ وحساسية على المستوى الشعبي الفرنسي، ففيها يعيش مليون أوروبي كما أنها دوليا أرض فرنسية خالصة إذ هي مستعمرة وليس حماية كالمغرب وتونس. وحتى نبقى في أكتوبر وفي موضوع الصراع المغربي الفرنسي إبان هذه السنوات لابد من التذكير باختطاف الطائرة المغربية من لدن السلطات الفرنسية سنة 1956.
يقول المؤرخون إن ذلك الحدث يمثل أول عملية قرصنة لطائرة مدنية في التاريخ. ومن قام به ؟ دولة فرنسا الفخيمة كما كانت تسمي نفسها في المغرب.
كانت المقاومة المسلحة الحضرية الحديثة قد بدأت بالمغرب منذ سنة 1952 ثم ازدادت قوة وضراوة مع إقدام السلطات الاستعمارية على نفي السلطان الوطني محمد الخامس سنة 1953 وكان من أبطالها الشهيد محمد الزرقطوني وبوراس الفكيكي ومحمد الفقيه البصري
كان يوجد على متن الطائرة التي تحمل الألوان المغربية والمتوجهة من المغرب إلى تونس زعماء الثورة الجزائرية ومنهم أحمد بن بلا وحسين آيت أحمد ومحمد بوضياف. كان الهدف هو عقد لقاء قمة مغاربية على أعلى مستوى بتونس العاصمة يشارك فيه الحبيب بورقيبة والملك محمد الخامس بالإضافة إلى زعماء جبهة التحرير الجزائرية وذلك للتنسيق بين البلدان الثلاثة لمواجهة الحرب الفرنسية على المغرب الأوسط.
أحس محمد الخامس بالإهانة وعبر عنها بغضب وشعر المغاربة بما شعر به الملك فهاجم الناس ضيعات ومساكن الفرنسيين بمدينة مكناس وأرباضها وكانت الحصيلة الدموية بضعة عشرات من القتلى. اقترح محمد الخامس على باريس، في مبادرة عاطفية، فداء الزعماء الجزائريين بالأمير الحسن الذي اقترحه كرهينة لدى الفرنسيين.
فرنسا المنتشية بفعلتها بدأت ترى جوانبها السلبية الوخيمة بل إن بعض الصحف الباريسية بدأت تتكلم عن خطأ فظيع إن لم يكن عن جريمة.
في شهر أكتوبر كذلك من العام 1965 اُختطف الزعيم اليساري المغربي والعالم ـ ثالثي المهدي بن بركة. نصب له عملاء الحسن الثاني كمينا بالعاصمة الفرنسية على أساس لقاء مع مهنيين لإنتاج فيلم وثائقي عنوانه بالإسبانية «باسطا» أي كفى. وكما نعلم فإن بن بركة كان يترأس اللجنة التحضيرية لمؤتمر القارات الثلاث المزمع عقدها تحت رئاسة الزعيم الكوبي فيديل كاسترو بهافانا في يناير 1966. كان ذلك أول لقاء يجمع الدول المناهضة للاستعمار الجديد بأمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا.
كان بن بركة يعتزم عرض الفيلم في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر. قُتل بن بركة، على ما يبدو، تحت التعذيب من لدن مسؤولين مغاربة أرسلهم الحسن الثاني لاختطافه. شارك في الاختطاف أمنيون فرنسيون كما شارك في التعذيب مجرمون فرنسيون عملاء للمغرب سيلجأون لهذا البلد الأخير هروبا من العدالة الفرنسية، إلا أن أغلبهم سيصفى بالمغرب خلال السنوات التالية حتى لا يبقى شاهد على أكبر جريمة سياسية مغربية في القرن العشرين.
كاتب مغربي
الشيء الكثير يجهله الجزائريون عن جيش التحرير المغربي و ما آل إليه هذا الجيش بعد التضحيات التي قدّمها في حربه ضد الإستعمار الفرنسي ،و الملاحظ أن هناك حلقة تاريخية مشتركة بين الجزائر و المغرب في خضم الأحداث الواقعة سنة 1955 تمثل نقطة تحّول فاصلة في مستقبل البلدين ،هذا ما يثبت إنتهاج فرنسا نفس الأسلوب في التعامل مع شعوب شمال إفريقيا ، فإذا نجحت فرنسا في تفكيك أفراد جيش التحرير المغربي ووقف عملياته الفدائية بواسطة فرض واقع آخر بعد إعادة الملك محمد الخامس من منفاه إلى المغرب – كما جاء في هذا المقال الفاضل – ؛و تجسيد سياسة “فرّق تسد” لإنقاذ الموقف ،،
ففي الجزائر سنة 1954 إندلعت الثورة ،، وقامت فرنسا بحملة إعتقالات واسعة ضد مناضلي حركة إنتصار الحريات المصاليين و أعضاء اللجنة المركزية … لكن من سخرية القدر إكتشفت فرنسا متأخرة بعد سنة كاملة في 1955 أن المناضلين الذين إعتقلتهم لا علاقة لهم بتفجير الثورة ..! لأن الذين فجروا الثورة هم مجموعة أخرى ، من المنظمة الخاصة و من اللجنة المركزية و من اللجنة الثورية للوحدة و العمل ..! وقامت فرنسا بإطلاق سراح كل المعتقلين لأنها كانت تعلم بوجود خلاف حاد بينهم و بين مفجري الثورة ( مجموعة 22) على أمل القضاء عليهم ،، لكنها فشلت في ذلك إلى أبعد الحدود .
هوشي منه هو الذي تعلم من عبدالكريم الخطابي وليس العكس…المخططات كانت تأتي من مصر حيث كان محمد بن عبد الكريم الخطابي
للتوضيح نذكر أن سلطات الحماية الفرنسية تقدمت على نفي السلطات محمد الخامس لما رفض وضع الخاتم ( التوقيع ) على مشروع قانون ( فرنسي ) يبيح ترويج وبيع الخمور في المملكة.
على إثر النفي، اندلعت ثورة شعبية امتدت شرارتها خارج البلد.
حاولت فرنسا الالتفاف على عودة السلطان فوجهت دعوة لرموز المعارضة قصد مباشرة مفاوضات.
قبل المعارضون الدعوة بشرطين: أن يكون الموضوع هو الاستقلال ولا شيء غيره وان يتم ذلك بحضور السلطان كرئيس للوفد المفاوض.
تفاجا الفرنسيون وسالوا: ولكنكم على خلاف مع القصر؟
أجاب المعارضون: ذلك شأن مغربي لا دخل لفرنسا فيه.
وقد ذكر كاتب المقال أن رموز الثورة الجزائرية كانوا في المغرب رغم أن ذلك يغضب فرنسا ويجر الويلات على المملكة.
فلما تعرضت طايرتهم ( المغربية) للقرصنة، عرض السلطان ابنه وولي عهده كرهينة لدى الفرنسيين لإخلاء سبيل إخواننا الجزائريين.
Qui dit mieux
المقاومة المسلحة… بدأت في المغرب في مرحلة مبكرة جداً…بعدما اخذ الإستعمار يتمدد من الجزائر المجاورة..وبعد قيام الشيخ المجاهد ماء العينين ممثل سلطان المغرب بمهاجمة الجيش الإسباني في الساقية الحمراء…ولذلك قامت فرنسا بارتكاب مجزرة شنيعة…بعد قصفها للدار البيضاء بالبوارج الحربية سنة 1907 اي خمس سنوات قبل بداية الاحتلال….؛ وعندما ذخلت الجيوش الفرنسية والاسبانية إلى المغرب سنة 1912 …ووجهت بمقاومة شديدة غير مسبوقة… ومنها معارك جبالة في شمال المغرب…ومعارك الريف التي سقط فيها صفوة ضباط إسبانيا …واستعملت فيه هذه الأخيرة الأسلحة الكيماوية.. ومعارك الأطلس…ثم المقاومة الفذائية في المدن…التي كان من رموزها السعيد الزرقطوني….؛ وبعد الاستقلال مباشرة هاجم جيش التحرير منطقة طرفاية وايفني…والساقية الحمراء…وذاقت إسبانيا خسائر كبيرة…مما اضطر فرنكو إلى القيام بزيارة للمنطقة….مع طلب دعم القوات الفرنسية في تندوف….وهناك أشرطة موثقة على اليوتوب لهذه المرحلة….ويمكن مشاهدتها من خلال كتابة عنوان …حرب سيدي إيفني…1957..
تصحيح…الشهيد محمد الزرقطوني…وليس السعيد…وهو في كل الاحوال من اسعد السعداء..بعدما شكل رمزا للشجاعة والتضحية والشهادة..رحمه الله رحمة واسعة .