ألبانيزي والصحّة الصهيونية: مبضع الاستئصال أوّلاً

حجم الخط
1

دولة الاحتلال الإسرائيلي على مستوى السلطة والمعارضة معاً، وتسعة أعشار الصهاينة أينما أقاموا، وغالبية ساحقة من أنصار حرب الإبادة الراهنة ضدّ قطاع غزّة وامتداداتها إلى الضفة الغربية وجنوب لبنان وسوريا واليمن؛ لديهم في الدفاع عن سياسات الاحتلال أجندات يومية لا تكفّ عن التزايد والتنوّع والامتلاء، في مواضيع شتى، بصدد أشخاص وهيئات شتى، طبقاً لتكتيكات استهداف وستراتيجيات تشويه شتى بدورها.
حملاتهم الأبرز هذه الأيام تدور حول تدمير شخص، وشخصية، فرنشيسكا ألبانيزي المقررة الأممية الخاصة بالوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967؛ على خلفية أولى مركزية مفادها أنها، هي وليس دولة الاحتلال، تعرّض للخطر حياة المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزّة. نعم، هكذا بالضبط، إذْ ليس من سقوف لقلّة الحياء لدى منظّمي الهجمات المتعاقبة ضدّ ألبانيزي، وليس من رادع منطقي بسيط يحول دون استغفالهم العقول والأبصار والأسماع.
وليس الأمر أنّ هذه السيدة، الباحثة المرموقة في ملفات حقوق الإنسان والهجرة، ولكن الموظفة الأممية في نهاية المطاف؛ لم تصبح الشغل الشاغل للحملات الصهيونية منذ الساعات الأولى التي أعقبت تسلّمها المسؤولية، وأنّ أوار الهجمات المنظمة لم يستعر أكثر فأكثر بعد تصريحها الشهير بأنّ ما يجري في القطاع ليس حرباً فقط بل إبادة جماعية. جديد المعارك، في المقابل، أنها اليوم تدعو إلى مقاطعة المؤسسات الصحية الإسرائيلية لأنها شريك مباشر في الفظائع ضدّ مشافي غزّة وما تبقى من منظومات طبية فلسطينية ودولية على امتداد القطاع.
«آثام» ألبانيزي الأخرى، في ناظر مهاجميها الصهاينة وأنصارهم هنا وهناك في مختلف المواقع السياسية والإعلامية الغربية، أنها أيضاً تستقطب جهات أخرى أممية على صلة بالملفات الإنسانية والإغاثية؛ كما في البيان المشترك الذي وقّعته ألبانيزي مؤخراً مع تلالينغ موفوكينغ المقررة المعنية بالحقّ في الصحّة الجسدية والعقلية. إحدى فقرات النصّ تسير هكذا، على سبيل المثال: «بعد مرور أكثر من عام على بدء الإبادة الجماعية، يصل اعتداء إسرائيل الصارخ على الحق في الصحّة في غزة وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى مستويات جديدة من الإفلات من العقاب». والبيان يشدد أيضاً على «الصدمة والقلق إزاء التقارير الواردة من شمال قطاع غزة، وخصوصاً الهجوم على العاملين في مجال الصحة، بما في ذلك آخر المستشفيات الـ22 التي تم تدميرها: مستشفى كمال عدوان».
وكان سفير الاحتلال لدى الأمم المتحدة قد ابتدأ حملته الشعواء الشخصية، ولكن ليس الفردية والمنفردة في الواقع، بدعوة مجلس الأمن إلى إقالة ألبانيزي، لأنّ المنظمة الدولية تمدّ «السجادة الحمراء لواحدة من أكثر الشخصيات معاداة للسامية في التاريخ الحديث، وتمنحها منصة لنشر الدعاية والأكاذيب التي لا أساس لها». إذْ كيف لأية حملة عمادها تحطيم الشخصية ألا تُدرج أسطوانة عتيقة مشروخة مثل العداء للسامية، وكيف تعفّ عن إجراءات استئصالية لا تتضمن الإقالة!
أمّا كاثرين بيريز ــ شاكدام، المديرة التنفيذية لـ»منتدى العلاقات العامة»، فإنها تعتبر دعوة ألبانيزي إلى فكّ العلاقة مع المؤسسات الصحية الصهيونية بمثابة هجوم على الطبّ عموماً، وليس على دولة الاحتلال وحدها؛ لأنّ منطلق المقررة الأممية ليس الصحّة أساساً، في ناظر المناصرة الصهيونية العتيدة، بل «الانحيازات الإيديولوجية» و»النأي عن النزاهة والتوازن والاحترام»؛ نعم… إذْ، مجدداً، لا حدود للتعمية الصارخة على العقول.
مهاجمو ألبانيزي لا يتوقفون، البتة، عند مسرد أسبابها خلف الدعوة إلى مقاطعة الهيئات الصحية الإسرائيلية، ويتعمدون إغفال ما تلقاه دعوتها من استجابات عالية لدى المنظمات الحقوقية والإنسانية والطبية العالمية، فهذه بدورها لا تفلت من تهمة العداء للسامية أصلاً. والمبضع هو الأداة الأولى لمواجهة ألبانيزي وأضرابها، بهدف الاستئصال الأقصى والأعمى والعشوائي، وصولاً إلى تدمير الشخص والشخصية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أسامة كلّيَّة سوريا/ألمانيا:

    شكراً أخي صبحي حديدي. البانيز هي “إمرأة بألف زلمي”! ونقلاً عن الويكيبيديا في تعريفها بألبانيز جاء مايلي؛
    في ديسمبر 2022، صرح 65 باحثًا من معاداة السامية، والمحرقة، والدراسات اليهودية : “من الواضح أن الحملة ضد [ألبانيز] لا تتعلق بمكافحة معاداة السامية اليوم. يتعلق الأمر بشكل أساسي بالجهود المبذولة لإسكاتها وتقويض تفويضها كمسؤول كبير في الأمم المتحدة يقدم تقارير عن انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان والقانون الدولي”.

اشترك في قائمتنا البريدية