أوبزيرفر: انعزالية أمريكا في المنطقة دفعت حلفاءها للتواصل مع عدوتها إيران ومنافستها روسيا

حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”:

نشرت صحيفة “أوبزيرفر” مقالا لمراسلها في الشرق الأوسط مارتن شولوف، ناقش فيه الوجهة الانعزالية للولايات المتحدة، قائلا إنها تضع الشرق الاوسط على الحافة مع بداية عقد جديد من القرن الحادي والعشرين.
وقال شولوف، إن قانونا ثابتا ظل يحكم الشرق الأوسط في تاريخه الحديث، وهو أن الولايات المتحدة تملك أوراق النفوذ من أجل الدفاع عن مصالح حلفائها. وظل القانون ثابتا مع ظهور ونهاية الإيديولوجيات وتبات ملكيات الخليج وإسرائيل والدولة الوطنية القمعية. ولكن القانون انتهى في عهد دونالد ترامب في عامه الثالث من الحكم، وفي وقت باتت فيه النزعة للعزلة واضحة من رئيس ينظر للمصالح الإقليمية عبر منظور ضيق.

وسيكون الأثر عميقا في عام 2020، حيث سيظل حلفاء الولايات المتحدة التقليديون يعيدون ترتيب مواقفهم بدون حليف قوي يدعمهم ويفهمون أجندته. واشترى حلفاء مثل السعودية والحلفاء الآخرين السلاح والرعاية من الولايات المتحدة والتي عولوا عليها عندما تحين ساعة الحاجة. وجاءت تلك الساعة عندما تعرضت السعودية في أيلول/ سبتمبر لهجوم اتهمت فيه إيران، إلا أن واشنطن لم ترد على الهجوم.

وظن السعوديون أن أمريكا قد تستند على المعاهدة الدفاعية غير الرسمية وترد نيابة عنهم، ولكن ترامب تردد، تاركا المملكة المحرجة معرضة لهجمات جديدة.

وجاء رد السعودية بعد أيام، حيث حاولت الرياض البحث عن تواصل مع إيران من خلال حليفها العراق. ويتقارب الطرفان اللذين فرق اليمن وسوريا بينهما بالإضافة لخلافات قديمة. وفي كل منطقة الشرق الأوسط، هناك حس بأن الحرس القديم قد تغير.

ونقل الكاتب عن مسؤول عراقي قوله: “لو أراد الأمريكيون تحويل الأمر إلى مسألة تعاقدية، فهذا جيد” و”سنشتري دماهم ونبيع مثلهم ولكننا لم نحبهم أبدا”. وبعد أقل من شهر للهجوم على السعودية قرر ترامب التخلي عن الأكراد الذين قاتلوا إلى جانب القوات الامريكية لمحاربة تنظيم “الدولة”. وجاء التحرك في وقت كانت فيه تركيا تخطط فيه لغزو المناطق الكردية، شمال سوريا.

وكان القرار السعودي البحث عن طرق للتواصل مع إيران مفاجئا لأصدقاء واشنطن، ولكن خيانة أمريكا للأكراد صدمتهم. وحتى إسرائيل، صديقة الأكراد والمستفيد الأكبر من ترامب في المنطقة شعرت بالخوف. فإذا كان الرئيس قادرا على عمل هذا بناء على نزوة من نزواته فهل يستطيع التخلي عن معالم السياسة الخارجية التي نفذها كل رئيس أمريكي قبله؟ والجواب لا؛ لأنه سيغضب قاعدته الانتخابية ويهدد فرصه بالفوز مرة ثانية.

إلا أن قرار عدم الرد على الهجمات ضد السعودية والتخلي عن الأكراد هز حلفاء أمريكا أكثر مما كانوا يتوقعون تحت رئيس تحدث في سنته الأولى عن قوة العلاقات الثنائية. وفي الوقت الذي يعيد فيه ترامب النظر في علاقة أمريكا بالمنطقة ويبتعد عنها، بعدما اقتنع ألا منفعة على المدى البعيد منها، وأن رؤية أسلافه من الرؤساء كانت غير صحيحة.

وترتفع الأعلام الروسية اليوم فوق القواعد الأمريكية التي تركها الجنود على عجل في شمال سوريا. واستقبلت الرياض فلاديمير بوتين رسميا، ويتحرك مسؤولوه في الرياض وبغداد وأربيل بعد تثبيت نفوذهم في دمشق. ونقل عن رجل أعمال سوري له علاقة قوية مع الكرملين عن التغير بالمزاج في الشرق الأوسط: “يقول لي كل أصدقائي السعوديين، كل الخطط والإتصالات التي تخبروننا عنهم منذ 16 عاما، نفذوها الآن فأنتم أيها الرجال (الروس) المستقبل، غادر الأمريكيون”.
ومع حالة الضعف التي أصابت الحلفاء والأصدقاء بسبب السياسة الأمريكية، فإن الدولة الوحيدة التي تريد الولايات إضعافها هي إيران، لكنها ظهرت قوية وجريئة. فأٌقصى عقوبات هو مصطلح استخدمته الولايات المتحدة لتقوية وإعادة فرض العقوبات على إيران لشل اقتصادها وإجبارها على التفاوض حول اتفاقية جديدة.

ونجحت الضغوطات ولكنها استطاعت وخز الدب الأمريكي الذي وجدته نائما، ولدى إيران اليوم مساحة للمناورة بالمنطقة. فالأثر الذي تركه تردد أمريكا لمعاقبة إيران يعني أن شن حرب على واحد من حلفائها مر بدون عقاب. وهو ما دفع دولة حليفة للحديث مع عدو تريد أمريكا تركيعه.

ومع ذلك تواجه إيران اليوم تهديدا من ثلاث شعوب ثائرة عليها. ففي الداخل يقوم المتظاهرون بمواجهة الحكومة، بالإضافة إلى لبنان والعراق. ومن هنا فمخاطر انهيار الأمن حقيقية، ولا يظهر إن كان ترامب جاهزا لتحمل نتائج أفعاله، وأن إدارته هي التي ساعدت في التحرك نحو هذا الوضع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية