أوبزيرفر: سذاجة بايدن في السياسة الخارجية جعلته أحمق وورطت أمريكا بإبادة جماعية في غزة

إبراهيم درويش
حجم الخط
4

لندن- “القدس العربي”:

نشرت صحيفة “أوبزيرفر” مقال رأي للمعلق سايمون تيسدال، قال فيه إن إنجازات الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن داخل أمريكا كانت مهمة، إلا أن تعامله مع السياسة الخارجية جعلته في نظر العالم  أحمقا. وفي عصر آخر، ربما كان بايدن زعيما عظيما في الحرب الباردة، لكن ولايته اتسمت بالأخطاء والحذر المفرط.

وفي أسبوع ودعت فيه الولايات المتحدة بحزن الرئيس جيمي كارتر، جرى الحديث عن إرث الرؤساء والتدقيق في إنجازاتهم، لكن قلة من الرؤساء الأمريكيين يتم تذكرهم أبعد من حياتهم وبأنهم قادة تاريخيون. وفي القرن العشرين، تم تذكر بحق وودرو ويلسون وفرانكلين دي روزفلت وجون أف كيندي وريتشارد نيكسون، كقائمة مهمة، أما البقية فمجرد أسماء يتم ذكرهم في التواريخ والكتب المدرسية.

وفي الوقت الذي يحضّر فيه بايدن لمغادرة منصب الرئيس في 20 كانون الثاني/ يناير يتم تقييمه ضمن القائمة غير الجذابة من الرؤساء.  ومثل أسلافه الـ44 السابقين، قيل إن بايدن قلق على مكانته في التاريخ، وهو ليس وحده في هذا القلق، فالجميع يفعل هذا، وهو تعبير عن الغطرسة، حيث يقدمون محاضرات وداعية ويتبرعون لمؤسسات وقفية وينشئون مكتبات بأسمائهم ويكتبون مذكراتهم، وهم في هذا يخلطون ما بين الشهرة والأهمية التاريخية.

وتساءل تيسدال عما حققه بايدن في الحقيقة، وماذا سيبقى منه بعد رحيله؟ ويجيب أن نجاحات الرئيس على الصعيد المحلي مثيرة للإعجاب، فقد أنعش اقتصادا مريضا، ووفّر 16 مليون وظيفة، وزاد من الرواتب، وأنفق على الأعمال الجديدة وبناء البنى التحتية، وخفّض من معدلات الجريمة وحدّ من الهجرة غير الشرعية.

وأدى قانون خفض التخضم إلى تقليل النفقات الصحية، بما في ذلك 400 مليار دولار لمعالجة أزمة التغير المناخي. وفي الوقت نفسه ازدهرت الأسواق المالية. كل هذه الإنجازات لا تعطي صورة عن “كارثة” وطنية كما يزعم خلفه دونالد ترامب.

ومع ذلك، فقد كان بايدن أسوأ عدو لنفسه، ذلك أنه قلل من أهمية التضخم المرتفع على الناخبين. وفي إنكاره لتراجع صحته وقدراته العقلية، حاول أن يترشح لولاية ثانية، بعدما ألمح عام 2020 أنه لن يفعل. وأصر بأنه قادر على هزيمة ترامب، رغم أرقام الاستطلاعات الفظيعة، ثم قبل على مضض ترشح كامالا هاريس. والآن خرج بايدن من الرئاسة، وبدأ  فترة راحة في عهد ترامب. وربما يبدد الرئيس المقبل كل المكاسب الاقتصادية التي تحققت خلال السنوات الأربع الماضية.

وفي السياسة الخارجية أيضا، قد يجعل ترامب العديد من المشاكل أسوأ. ولكن الفارق بينهما هو أن إرث بايدن في الشؤون الدولية يقترب من الحضيض. وهذا لرجل طالما وصف نفسه بالخبير في السياسة الخارجية، حيث كانت حصيلة إنجازاته في السياسة الخارجية مثيرة للإحباط.

وبدأت مشاكل بايدن في أفغانستان عام 2021، حيث سرّع كما يقول تيسدال، من الانسحاب المخزي الذي بدأه ترامب. وكانت النتيجة خيانة للشعب الأفغاني وللجنود الأمريكيين والبريطانيين وجنود الناتو الذي دفعوا حياتهم ثمنا خلال عشرين عاما، بحسب ما يقول الكاتب. وتجاهل بايدن بغباء فكرة عودة طالبان إلى السلطة، وهو ما قاد إلى تراجع شعبيته بين الأمريكيين ولم تتعاف أبدا.

واستمر تخبط بايدن في أوكرانيا، فقد توقّعت المخابرات الأمريكية بدقة، غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوكرانيا، لكنها قللت من قدرات الروس. فلو حذر بايدن بوتين في كانون الثاني/ يناير 2022، بأن الناتو سيتعامل مع أي هجوم باعتباره تهديدا للأمن الجماعي لأوروبا، وأن الناتو سيدافع في مثل هذه الظروف عن أوكرانيا، فهل كان هناك من يعتقد بمضي بوتين حقا في الغزو؟

ومع ذلك، منح بايدن وزنا غير حقيقي لتهديدات بوتين النووية مع استمرار الغزو، ثم بدأ في تقديم مساعدات عسكرية متأخرة جدا. وبعد ما يقرب من ثلاث سنوات، ومع مقتل وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين، وتدمير بلد بالكامل، وإنفاق مئات المليارات من الدولارات من المساعدات الأمريكية والأوروبية، تواصل روسيا السيطرة على الأراضي في وقت تنزف فيه أوكرانيا ببطء حتى الموت.

ثم اجتمعت سذاجة بايدن وحذره المفرط في تضخيم وخلق مصيبة بعد هجمات حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وقد تحايل عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -بانعدام ضمير- أكثر من مرة. ومستغلا دعم بايدن القوي لإسرائيل، مضى نتنياهو فيما تخشى الأمم المتحدة والمحاكم الدولية ومنظمات حقوق الإنسان أن تكون حملة متعمدة لإبادة جماعية للفلسطينيين في غزة.

لقد تجاهل نتنياهو مرارا وتكرارا الخطوط الحمراء التي وضعها بايدن، كما في رفح مثلا، والمساعدات الإنسانية، بينما استفاد نتنياهو في الوقت نفسه من عمليات تسليم قياسية للأسلحة الأمريكية. ووسّع الحرب بتحد إلى لبنان وسوريا، وجرّ القوات الأمريكية إلى مواجهة مباشرة مع إيران.

ويظل نتنياهو وحلفاؤه من اليمين المتطرف أكبر عقبة أمام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وعائلات الأسرى الذي يعمل البيت الأبيض جاهدا لتحقيقه قبل نهاية فترة الإدارة الحالية. وقد اعتبر بايدن أحمقا. والأسوأ من ذلك، أنه جعل الولايات المتحدة طرفا في الإبادة الجماعية.

وتعهد بايدن بإحياء الاتفاقية النووية التي وقّعتها إيران مع دول عالمية، لكنه لم ينجز أي شيء. وشيطن ولي العهد السعودي بسبب مقتل الصحافي جمال خاشقجي ثم صافحه وطلب منه المساعدة على زيادة ضخ النفط.

لقد استند نهج بايدن الأيديولوجي إلى ثلاثة ركائز وكلها متداعية. الأولى، شعار حملته الانتخابية لعام 2020 بأن السياسة الخارجية يجب أن تخدم “الطبقة المتوسطة” في أمريكا، حيث كانت هذه محاولة غير متماسكة لإقناع الناخبين بأن المشاركة العالمية للولايات المتحدة، على عكس عزلة ترامب الشعبوية، كانت في مصلحتهم، ولم يصدقه معظمهم.

أما الركيزة الثانية، فهي الادعاء المثير للجدل بأن الهيمنة العالمية للولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية لم تنته، على الرغم من أنها كانت كذلك بوضوح. وأعلن بايدن: “أمريكا عادت!”. إلا أنه بعد أربع سنوات، وعلى الرغم مما أشاد به وزير الخارجية أنتوني بلينكن باعتباره “تجديدا إستراتيجيا”، فإن الهيمنة الأمريكية ليست كذلك.

أما الركيزة الثالثة التي يتبناها بايدن، تتلخص في “نحن وهم” ، أي أن الولايات المتحدة تقود صراعا وجوديا عالميا بين الديمقراطية والاستبداد. وقد عملت عن غير قصد على توسيع هذا الصدع نفسه. فالصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية ودول مجموعة البريكس و”الجنوب العالمي” تتحد بشكل متزايد لتحدي النظام القائم على القواعد الذي يهيمن عليه الغرب.

وربما حقق بايدن بعض الأمور الصحيحة على الصعيد العالمي، مثل إعادة العلاقات بين طرفي الأطلنطي وتعبئته للناتو من أجل الرد على الغزو الروسي، وتقويته للتحالفات في منطقة آسيا والباسيفيك في محاولة لاحتواء التوسع الصيني، ومصادقته الهند، كما دعم التحركات لمواجهة التغيرات المناخية.

ومأساة بايدن أنه أصبح رئيسا في شتاء عمره. فلو كان رئيسا في زمن الحرب الباردة لأنجز  الكثير. وعندما وصل إلى البيت الأبيض أخيرا، وجد سناتور ولاية ديلاوار الذي انتخب لها أول مرة عام 1972، العالم وقد تغير بطريقة لم يعد يتعرف عليه.

واعتقد بايدن صادقا بأن طالبان ستلتزم بوعودها وكان خائفا من الحرب النووية، لكن بوتين الخائن لعب بقواعد أخرى، بحسب الكاتب. واعتقد أن نتيناهو يريد السلام. ولن يتم نسيان سذاجة كهذه. ولقد وثق “جون الصادق” بالناس، لكن إرثه في عصر ما بعد جيمي كارتر هو أنه لا يمكن الثقة بالساسة أبدا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول قلم حر في زمن مر:

    بايدن ليس ساذجا أبدا أبدا بل هو متصهين حتى النخاع لقد صرح بذلك في أول زيارة له لعصابة تل أبيب يا حبيب فور فوزه بانتخابات2020 وقال بالحرف الواحد : نحن الذين خلقنا عصابة تل أبيب يا حبيب على أرض فلسطين للسيطرة على قلب الشرق الأوسط التعيس يا بئيس، إنه استعمار مقنع تقوده عصابة الحلف الصهيو صليبي يا حبيبي حقيقة مكشوفة ومفضوحة منذ 1948 بدعم أمريكي بريطاني وغربي غادر حاقد جبان سارق لأرض فلسطين ✌️🇵🇸😎☝️

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    هذا شخص صهيوني مهوس للنخاع !
    ولهذا خسر حزبه الإنتخابات !!
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول تصحيح:

    سذاجة بايدن؟؟ قصدكم إجرام بايدن الإرهابي.

  4. يقول باسو المغربي بوسطن:

    في عهد بايدن، الرجل نجح في أضعاف روسيا تماما و قص مخالب بوتن الذي ينتظر بفارغ الصبر لقاء الرئيس الأميركي الجديد ليتم إيقاف العقوبات و انتهى حلم بوتن في نظام متعدد الاقطاب و حلم الصين بضم تايوان بسرعة، و نجح بايدن في احياء النيتو كتحالف له قيمة ووسعه، اما اوكرانيا وان فقدت بعض الاراضي فذلك له مكاسب كبيرة على المدى الطويل فامريكا اقتصاديا استفادت بقطع الطريق بين موسكو وبروكسيل اقتصاديا وبيع الاسلحة الامريكية للحلفاء في اوروبا و دفعهم لزيادة الانفاق العسكري، في الشرق الأوسط استعادت إسرائيل الردع و انهار الاسد وتم تقزيم دور الحزب الشيعي في لبنان، اما غزة فمعاناتها على رقبة الذين خرقوا الهدنة دون مبرر بايدن وقف مع حليف استراتيجي و كذلك فعل كل الرؤساء في امريكا من كارتر لترامب لغيرهم، اما مع الصين فقد نجح بايدن في تسليح تايوان، و ابعاد الصين عن دعم بوتن عسكريا و استعد بحلف مع حلفاء امريكا في اسيا لاي تحرك من شي اتجاه تايوان، كما سن قوانين لتفكيك سيطرة الصين على سلاسل الامداد

اشترك في قائمتنا البريدية