أوبزيرفر: ماكرون وضع أوروبا في صدام مع الإسلام.. أغضب المعتدلين وأفرح المتشددين

إبراهيم درويش
حجم الخط
4

لندن- “القدس العربي”:

ربما كان يعرف ما يقوم به، ربما كان جاهلا، وفي كلتا الحالتين وضع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بلاده وأوروبا في صدام جديد مع العالم الإسلامي، الشهر الماضي، وباسم الحرية كما يقول سايمون تيسدال في صحيفة “أوبزيرفر”.

 وما حدث في الأسبوع الماضي من هجمات تعطي فكرة أن الرئيس الفرنسي بدأ أمرا لا يستطيع التخلص منه.

وجاءت الأزمة الحالية في ظل دفاع ماكرون في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر عن قيم العلمانية الفرنسية وتعهده بقلع شأفة التشدد أو الانعزالية. ونظر لتصريحاته في وقتها على أنها خطاب يهم السياسة المحلية ورفع مستوى التحدي ضد اليمين المتشدد وتحضيرا لانتخابات 2022.

ولكن قادة الدول الإسلامية أعربوا عن غضبهم من الطريقة الفوقية التي اقترح فيها ماكرون أن الإسلام “يعاني من أزمة في العالم” ولهذا اختطفه المتشددون بشكل فعلي. وبعد أسبوعين زاد ماكرون من جرعة النقد، ففي تحيته لمدرس التاريخ صمويل باتي الذي قتله شاب شيشاني بعدما عرض صورا كاريكاتيرية ساخرة عن الرسول لتلامذته، دافع عن الصور سيئة السمعة التي نشرتها مجلة “شارلي إيبدو” من جديد وتسخر من الرسول، وقاد حملة قمع ضد المساجد والأئمة والجماعات الإسلامية بشكل زاد من نار المواجهة.

وأعلن ماكرون يوم الخميس أن فرنسا “تتعرض لهجوم”. واتهمه القادة الدينيون في بنغلاديش والأردن بأنه يقوم بعمل الشيطان، مع أن الكثير مما قاله لم يفهم أو قصد عدم فهمه، وكانت الحقيقة هي الضحية في الحالتين. ويرى تيسدال أن دفاع ماكرون عن قيم فرنسا وبقوة أدى به لإغضاب التيار العام من المسلمين ونفخ الروح في المتشددين.

وكانت الحقيقة القاتمة واضحة للعيان من خلال هجوم في نيس وأفيغون والسعودية. وتكافح فرنسا لاحتواء انتشار فيروس كورونا وهي الآن في حالة تأهب من الإرهاب حيث تم وضع المدارس والكنائس تحت الحراسة. ولا يمكن انتقاد ماكرون لأنه دافع عن فرنسا في مرحلة ما بعد التنوير ومثالها عن المجتمع العلماني المتساوي والمندمج. ولكنه يواجه وقادة دول أوروبا موجة من معاداة المسلمين وردة فعل إسلامية مضادة قد تقود إلى سفك الدماء.

ويؤثر اندلاع العنف من جديد والاتهامات على الجميع. وهناك مخاطر من انجرار كل الدول الأوروبية إلى استقطاب عميق بشكل يترك آثاره على الأمن والسلام وتماسك المجتمع.

ومثل حزب التجمع الوطني في فرنسا، أو الجبهة الوطنية سابقا، فأحزاب اليمين المتطرف في إيطاليا وألمانيا المعادية للإسلام والمهاجرين تشعر بالسرور، وانتهز قادة مثل رئيس وزراء باكستان عمران خان الفرصة لحرف الانتباه عن فشلهم. وسيقول نقاد ماكرون إن هذا ما يحدث عندما يكون لديك رئيس متغطرس ومتعجل للسيطرة على القيادة في أوروبا.

ويريد ماكرون تحويل الاتحاد الأوروبي إلى كتلة مستقلة تستطيع الوقوف على رجليها لمواجهة الولايات المتحدة والصين والإسلام. لكن ثمن هذه النظرة الديغولية الجديدة يرتفع بشكل مستمر. وانتهز معارضو أوروبا المصممون الفرصة، ومن أبرزهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي اقترح أن ماكرون مختل عقليا. ورد ماكرون في تغريدة: “تاريخنا هو معركة ضد الطغيان والتشدد”.

ويقول الكاتب إن أردوغان شخصية غير محبوبة وقومي إسلامي لكنه يشبه ماكرون. فأردوغان يقدم نفسه على أنه زعيم للعالم السني. وبدت طموحاته من خلال تغيير وضعية آية صوفيا من متحف إلى مسجد. وبعيدا عن الجولة الجارية بين ترامب ضد بايدن، فملاكمة الوزن الحقيقية هي بين ماكرون وأردوغان، حيث خاضا هذا العام عدة جولات حول احتياط الغاز المتنازع عليه في شرق المتوسط وفي ليبيا وسوريا وناغورو قرة باغ.

وسيناقش الاتحاد الأوروبي وبناء على طلب من ماكرون فرض عقوبات على تركيا الشهر المقبل، إلا أن النزاع بين الرجلين لا يفسر غضب العالم الإسلامي، وهذا نابع من فزع غالبية لا تحرض على العنف من العداء الأوروبي المتأصل للإسلام والتمييز العنصري وعدم احترام الثقافة وسياسات الهجرة القاسية.

وبعيدا عن هذا هناك الاستعمار الفرنسي الجديد في منطقة الساحل والصحراء وعدم اهتمام الغرب بمعاناة السوريين واليمنيين وأفغانستان والروهينغا ووضع المسلمين في إقليم تشنجيانغ.

وبالنسبة للكثير من المسلمين فعرض الصور المسيئة للرسول على عدد من البنايات العامة بعد مقتل باتي أمر لم يكن محتملا. وكذا كان اعتداء الكنيسة يعبر عن قلة احترام للأماكن الدينية.

ويرى الكاتب أن ماكرون استغل غضب الناس وعدم ارتياحهم من انتشار وباء كورونا الذي زاد من الضغط بين الحكومات ومواطنيها، وزاد من سوء الفهم لا تخفيضه وفي وقت من الضغط الكبير.

وكشف استطلاع لمركز بيو العام الماضي أن غالبية قوية في بريطانيا وفرنسا وهولندا وألمانيا حملت مواقف إيجابية عن المسلمين في بلادها. وفي إيطاليا وجنوب أوروبا وشرقها هناك مواقف سلبية.

ورغم مواصلة الأحزاب الشعبوية استغلال المشاعر المعادية للمسلمين خاصة بين غير المتعلمين والكبار، ورغم تصاعد حالات العداء للإسلام إلا أنها أقل عما كانت عليه قبل خمسة أعوام. كما أن فكرة الإندماج في المجتمع الفرنسي التي هي على نقيض التعددية الثقافية في بريطانيا جامدة جدا وعلى ماكرون التفكير مرة ثانية حول كيفية تطبيقها.

ولا تزال علاقة المسلمين وغير المسلمين في أوروبا هشة، ولكن دفاع ماكرون المفهوم ولكن المشوش عن القيم الفرنسية وفكرة تعرض الإسلام للهجوم تعني أن هناك مواجهة جديدة، وعلينا الصلاة ألا تحدث.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الشعب:

    يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة. من ثمارهم تعرفونهم هل يجتنون من الشوك عنبا أو من الحسك تينا. هكذا كل شجرة جيدة تصنع أثمارًا جيدة وأما الشجرة الردية فتصنع أثمارًا رديئة

    1. يقول من الرومان لعملاقة الآن:

      صدق المسيح عليه السلام. فحربين عالميتين أوديتا بأكثر من 40 مليون قتيل عدا الدمار والخسائر المادية وهيروشيما وناغازاكي وبعدها الحرب الكورية وفيتنام ….الخ ثمار الترسانة التي تتطور هائلة. قال السيد المسيح أيضا: “لماذا تنظر إلى القشة في عين أخيك، ولا تبالي بالخشبة في عينك؟”

  2. يقول خالد:

    يعيش المسحيين في بلاد المسلمين بامان تام ويعيش الملمين في اوروبا تحت التهديد ويخرج علينا اناس من بيننا ويقولون اننا ارهابيين اي ارهابيين يا رجل كم قتل الذين تقولون عنهم ارهابيين من البشر الف الفيين امريكا قتلت من العراقيين ملايين ومن الافغان ملايين باسم مكافحة الارهاب والفرنسيين قتلوا من المغرب العربي عشرات الملايين لا اعرف من الارهابي الذي يسرق قوت الشعوب الافريقية ويتركها تتضور جوعا ام من يقتل فردا اؤ فردين اذا كان هذا ارهابي فماذا يسمى من قتل الملايين ماذا

  3. يقول الحياد والموضوعية:

    التحيز للغرب عامة ولماكرون خاصة في هذا المقال لا نستنتجه من بين السطور أو من صريح العبارات فحسب، ولكن للمقال دخان ولهب هجومي على أردوغان. النظرة الاستعلائية والوصائية على المسلمين ليست حكرا على الساسة الغربيين ولكن صحفييهم وإعلامييهم أيضا. فهم لا يكفون عن التشكيك بنوايا وأهداف كل من لديه الأصلاح والنهضة بهذه الأمة كما يوحون بأنهم يتعاطفون مع الشعوب التي تسير وراء الوعود.

اشترك في قائمتنا البريدية