أي نتنياهو أسخف… الابن أم أبوه؟

حجم الخط
0

بن – درور يميني

نشر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مبادرة جديدة يوشك أن يعرضها مع السعودية، وتشمل إعلاناً عن الاعتراف بدولة فلسطينية، بدون حماس، مع الحفاظ على أمن إسرائيل. يدور الحديث عن السيدة إياها، دون تغيير حقيقي في التسريحة، التي عرضت مراراً في العقود الأخيرة. نتنياهو نفسه وافق في 2014 على دولة فلسطينية على أكثر من 90 في المئة من أراضي “يهودا والسامرة”. ومرة أخرى في 2020، عندما تحمس لـ “صفقة القرن”، التي تضمنت دولة فلسطينية على 70 في المئة من “يهودا والسامرة”، مع إضافات من داخل إسرائيل.

يمكن تأييد اقتراح ماكرون ويمكن معارضته؛ سنأتي لاحقاً على ذلك. العراف السخيف من ميامي قفز إلى المقدمة بالطريقة الأكثر فظاظة. “اذهب إلى الجحيم!”، رد على ماكرون. هذا هو الرجل، هذا هو الأسلوب. الأب يعرف كيف يتنكر. المشكلة أنه سارع للتماثل هذه المرة، ليس مع الأسلوب بل مع المضمون: “لن نقبل مزايدات أخلاقية لإقامة دولة فلسطينية تعرض وجود إسرائيل للخطر، ممن يعارض إعطاء استقلال لكورسيكا، وكلدونيا الجديدة، وغينيا الفرنسية، وأقاليم أخرى”. يقرأ المرء ويفرك عينيه. دعك من الابن، يئير نتنياهو، فهو سخيف متجذر. لكن الأب؟ ففي كل الأقاليم التي ذكرت – للسكان فيها حق تصويت، فهم مواطنون فرنسيون. أهذا رئيس وزراء إسرائيل؟ أهو جدي؟

إذا تبنينا “المبادئ” من منشورات تعيسة من النتنياهو الأول والثاني، فعلى إسرائيل أن تمنح المواطنة لملايين الفلسطينيين. هذه هي الرؤية (من النهر حتى البحر) التي تطلقها جوقة كارهي إسرائيل. عرفنا دوماً أن الأطراف تلتقي. يمين متطرف. يسار متطرف. من المقلق بعض الشيء أن رئيس وزراء إسرائيل، بنفسه وبجلالة قدره ينضم إلى الجوقة.

هذا لا يعني أن ماكرون محق. فقد عُرضت على الفلسطينيين دولة مرة تلو أخرى. لندع جانباً مشاريع التقسيم في 1937 و1947 ولندع لاءات الخرطوم الثلاثة في 1967. في العصر الحالي أيضاً، عقب مسيرة أوسلو، رفض الفلسطينيون عرض إيهود باراك لدولة فلسطينية، ورفضوا عرض كلينتون، وعرض أولمرت، وعرض كيري وأوباما، وبالطبع، رفضوا عرض ترامب. وحتى المبادرة السعودية نجحوا في إزالتها عن الطاولة في 2002 لجعلها مبادرة السلام العربية. ليس دولتان لشعبين، بل دولتان؛ واحدة فلسطينية، وأخرى لن تكون وطناً قومياً لليهود بأي شكل من الأشكال، بل دولة يعود إليها ملايين أنسال اللاجئين كي تصبح دولة عربية.

 إذا كان ماكرون يخرج بمبادرة جديدة، فعليه أن يبين اختلاف ما يعرضه عن العروض السابقة. لا تفسير. كيف يقترح منع سيطرة الإسلام الراديكالي على الدولة الفلسطينية عندما يؤيد جزء كبير من السكان، وعلى ما يبدو الأغلبية، حماس وإيران؟ لا تفسير. وهل كان سيوافق على مثل هذه الدولة، لنفترض، في الإلزاس واللورين؟ لا جواب. كل من يريد أن يكون الحال للفلسطينيين أفضل، عليه البحث عن تسوية واقعية أكثر بقليل، لا تجعل حياة الفلسطينيين أسوأ بكثير.  ومع كل الاحترام لنية ماكرون الإعلان عن الاعتراف بدولة فلسطينية، فهل يملك شجاعة ليقول إنه لا احتمال للتقدم بميلمتر واحد ما دام الفلسطينيون مصرين على “حق العودة”؛ أي تصفية إسرائيل.

وبالعموم، يجدر بماكرون أن يفحص مع زعماء الدول المجاورة ما إذا كانوا يطالبون بدولة فلسطينية أم مجرد الإعلان عن دولة فلسطينية فقط؟ لأن الأمر الأخير الذي تحتاجه مصر والسعودية والأردن هو دولة سرعان ما تصبح فرعاً إيرانياً. لديهم وجع رأس من حزب الله ومن الحوثيين. الأمر الأخير الذي يحتاجونه هو كيان آخر لفرع إيراني.

وإسرائيل أيضاً لم تعد تتصرف بحكمة؛ لأن ما يريده كارهو إسرائيل في الجامعات، وما يريده اليمين المناهض للصهيونية هنا أي، دولة واحدة، تنفذه حكومات إسرائيل على أجيالها، والحكومة الحالية تفوقها جميعاً؛ فهي تخلق دولة واحدة هنا، ومزيد من البناء خارج الكتل، ومزيد من البؤر الاستيطانية. حكومة إسرائيل بتصريحاتها، وأساساً بأفعالها، تهدم الرؤية الصهيونية في دولة يهودية وديمقراطية.

لا حاجة لمبادرات خارجية. ثمة حاجة لمبادرة إسرائيلية، تقوم على أساس فصل ديمغرافي، في ظل سيطرة أمنية حتى النهر. هذا يمكن وينبغي أن يكون تسوية انتقالية حتى نشوء ظروف لتسوية دائمة.  قد يحصل، ربما، عندما ينزل نظام آية الله عن المسرح، وعندما تكف قطر عن تمويل التحريض. وإذا لم يحدث هكذا، فإن التسوية الوحيدة التي نقاد إليها هي كابوس يؤيده اليسار المناهض للصهيونية، والمهاجر إلى ميامي، واليمين المناهض للصهيونية وكارهو إسرائيل من جامعة كولومبيا. رغم النوايا المختلفة، فهم يسعون إلى الاتجاه إياه لدولة واحدة. والمشكلة الأخطر ليست في سخيف ميامي، بل في سخيف القدس.

 يديعوت أحرونوت 15/4/2025

*     *   *

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية