بُحَيرةِ العُزْلَة
إبراهيم الكراوي٭
أعْشَاشُ نُجُومٍ بَريَّةٍ
بِقليل
منَ الحِبرِ الأزرَقِ
تَحْيا الكلماتُ
مثلَ نجُوم بَريَّة،
في أعْشاشِ السَّماء..
2- مثل جَمالٍ مُتَفحِّمٍ
ثمة
فِي البعيدِ
أشجار ثِمارها مِن دَمعٍ أَزرق،
تَسقطُ على رَصيفِ الأبديةِ
أَوراقٌ مُتيبِّسة من القُشَعْريرَة
فِي هَذا الفَضاءِ المنذورِ للنسيانِ
حَيثُ يَتحَلل لَيل، قُرب البئرِ
ويَتفحَّم جمالٌ أبيضُ
3 ـ شِتاء
تَقطُر الكَلماتُ
من شُقوقِ الزُّرْقةِ
هنا، في هَذه الغرفةِ
حيث يَنكسرُ زجاجُ الوقتِ
ويتفحَّم الأبيضُ، في الزَّوايا
خِلال هذا اللَّيل…
ليلٌ
يَرشُ أعمَاقنَا بِسُكونِ الذَّهبِ
ويَخْتفِي مثل مَلاكٍ.
4 ــ رَبِيعٌ
إلى محمد بنيس
يَعْصُر الصَّمْتَ
فِي القَصيدةِ
فَيزْهِرُ ألَمًا،
في القصيدة، مُخْتبرُ الألَمِ
وأَشْغالُ البُسْتاَني.
بُسْتانِي يُشذِّبُ عُشبَ الأعْماقِ..
ثُم يَتركُ كُلَّ شَيءٍ،
فَوضَى البَيتِ
في القَصيدَةِ، الكلمات المريضة
ضمادات نحوية، والأفق
الأفق الذي ينبجس من دلالة الدلالة
مِثل آخْضرَار مُرتَفعَاتٍ لا نهائية
تُعيدُ الحَياةَ بعد المَوتَ،
في هَذا البَيتِ الشِّعرِي المتناسل
من سيكولوجية منازل الذاكرة
قَبلَ أَنْ يَظْهَر،
مِن شُرفاتِ الهَواء المَريضِ اللانهائية،
سُكونُ الكَواكبِ
وحَركَاتِ صَمْتِ عَابرِي الصَّحْراءِ
فِي القُرونِ الخَاليةِ،
بيوت ترشح من قرى معلقة إلى خيال..
لاَ أحدَ، لاَ ضُيوف َ
سِوى نسيم
يُحَرِّكُ مِياهًا في الهَواءِ
وصَمتُ الفُصولِ
واحْتضَار الأيَّامِ
وهُدوءِ الأزْرقِ بَعدَ العاصِفة ِ
يُرَمِّمُ شُرُوخًا عميقة في أعْمَاقِنا،
حُروبُ مِياه، لَكنْ
حَيثُ يَطفُو الأزْرقُ
مِثل حياةٍ جَديدةٍ بَعد مَوتِ الأشْجارِ.
5 ـ فَصْلٌ فِي مَنَازلِ
النُّجُومِ ولَيلة واحِدة…
أَهبِطُ
إلى سَراديبِ الورقةِ
دُون حاجة إلى فانوسٍ،
بعد أن احترق القمرُ
وأُطفئت أضْواءُ منازل النجومِ
وازهرتِ الكَلِماتُ .
لا أَحَد هُنَا
سوى أوراقِ الشَّجر
تَرتَجِفُ كأنَّها فَراشاتُ
وأجْنحَةُ قلبٍ تَنبُضُ
باسمكُم ، باسمكُم جميعًا
يا رُمَاةَ الغَابَاتِ والطَّيرِ
بِنِبالِ الحُبِّ السَّكرَانةِ.
6 ـ فصْلٌ قُربَ حريرِ الأَزْرَقِ
هَبطَ
منْ قِمَّةِ الجَبلِ
حيثُ اسْتوتُ سَفينَةُ الشَّمْسِ
وشَرَعَ فَصْلُ هِجرَةِ الَبحْرِ
مُوزِّعًا «جُسُومَه فِي جُسُومٍ كَثِيرَةٍ»
بَينَ الجِهاتِ الأَربَعِ،
يَرمِينَا بِحريرِ زُرقَةٍ كَطُوفَانِ الجَمالِ.
كطُوفَانِ الجَمالِ يَجْرفُ صُخورَ الأَلمِ؛
تَتَقاذَفُنا أَمواجُ الفُصُولِ
هَادِئة قُلُوبُنا مِثلَ سُكونِ الكَواكِب..
كَمْ كان فَرَحُنَا قَانيًا
قُربَ سَاحلٍ
وهَواءٍ تُطَارِدُه
غِربَانُ الرِّيحِ
٭ شاعر من المغرب