إثيوبيا تتصرف باعتبارها دولة عظمى… والنفوذ المصري في افريقيا يزعجها

حسام عبد البصير
حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي»: مع كل مذبحة جديدة تقع لأهالي قطاع غزة وإخوانهم في النضال في الضفة الغربية، يتضح لأحرار المعمورة أن العالم فقد ما تبقى من شهامة ومروءة ليصرخ في وجه عاصمة الشر في الولايات المتحدة، التي تمنح القتلة في الكيان صك الهروب دون حساب ولا عقاب، بينما تلازم آفة الصمت كذلك أشقاء الضحايا الذين يمارسون حياتهم بأريحية متناهية شجعت القتلة وشركاءهم للمضي قدما في مزيد من المذابح. وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن الاعتداء الإسرائيلي الغاشم على فلسطين، الذي اقترب من عام على بدايته، لم يكن الأول من نوعه، لكنه بالتأكيد الأعنف والأكثر همجية ويعد تحديا للقوانين والأعراف الدولية كافة. وأضاف خلال كلمته أمام مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري المنعقد أمس الثلاثاء في مقر الأمانة العامة، أن الاحتلال لديه أجندة واضحة، وهي التطهير والتهجير. ونوايا التهجير مؤكدة وسنستمر في إحباطها ونعمل بشكل متواصل لدعم الفلسطينيين. وأكد أن وقف إطلاق النار لم يعد مطلبا عربيا فقط، بل عالميا لتجنيب المنطقة شرور حرب شرارتها تلوح في الأفق.
أما السودان فلا يزال يعيش أزمة صعبة وجاءت كارثة الفيضانات والسيول لتضيف المزيد من المعاناة على كاهل شعبها، فالنظام الصحي على وشك الانهيار، والأمر يحتاج للتكاتف العاجل لتجاوز هذه المحنة، فالبلاد تعاني أزمة غذائية هي الأسوأ على مستوى العالم.
وانطلقت في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أعمال الدورة الـ162 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، برئاسة اليمن التي تتولى الرئاسة خلفا لموريتانيا. وقال جوزيب بوريل الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، إن العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي تشهد نموا حتى وصلت إلى الشراكة الاستراتيجية، معربا عن تقديره للعلاقات الثنائية بين مصر والاتحاد الأوروبي. وأضاف خلال مؤتمر صحافي مع بدر عبدالعاطي وزير الخارجية المصري، «زرت منطقة رفح وتأثرت بالوضع هناك، المساعدات الإنسانية هائلة والمعاناة في قطاع غزة متواصلة، وأرفع صوتي ضد الاعتداءات الإسرائيلية في قطاع غزة التي يسقط عنها عشرات الضحايا، وعلينا أن نطلق مسارا للعمل مع كل الراغبين في إيجاد حل للأزمة في غزة». وقال بدر عبدالعاطي، إنه بحث مع بوريل مجموعة من القضايا الإقليمية منها، الأزمة في غزة والضفة الغربية التي استحوذت على الجانب الأكبر من النقاش، مؤكدا الثوابت المتعلقة بالأهمية القصوى لوقف العدوان، وعقد صفقة تضمن إطلاق سراح الرهائن والأسرى الفلسطينيين، والنفاذ الكامل وغير المشروط للمساعدات الإنسانية والطبية إلى قطاع غزة، إلى جانب وقف التصعيد في لبنان والضفة والمنطقة بأسرها لعدم الانزلاق لحرب إقليمية. وأضاف: «تحدثنا عن الأهمية البالغة لتنفيذ حل الدولتين وإقامتها في أسرع ممكن على حدود الرابع من يونيو/حزيران 67 وعاصمتها القدس الشرقية».
هتلرياهو

أكد محمد عبد الحافظ في “الوطن”، أنه أول من وصف نتنياهو بهتلر القرن الـ21، وأطلق عليه لقب “هتلرياهو”، لأنه كان وقتها – من 10 أشهر- يتقمص شخصية هتلر في حرب الإبادة، ومع تصاعد الحرب أخذ يطبق سياسة هتلر بكل أبعادها، ومنها نظرية “الدعاية من الباب للباب” التي ابتدعها وزير إعلامه غوبلز، ولكنه أدخل عليها تعديلات تتوافق مع شخصيته وهي “الكذب من الباب للباب”. أول كذبة اختلقها كانت ادعاء أن المقاومة الفلسطينية ذبحت الأطفال وحرقت النساء والحيوانات، أثناء هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.. وثارت أمريكا وأوروبا على هذا العمل البربري الذي قامت به المقاومة، واتخذت إجراءات عسكرية فورية لحماية إسرائيل من بطش المقاومة.. وحركت أمريكا قطعها البحرية وحاملات طائراتها لترابض في المتوسط أمام سواحل إسرائيل، وأمد حلف الناتو قوات الاحتلال بالسلاح والعتاد.. وبعد أيام تبين كذب نتنياهو، وأنه أرسل فيديوهات وصورا مفبركة لأمريكا وأوروبا، لكن بعد فوات الأوان، بعد أن ارتكب مجزرة مستشفى المعمدانى التي قتلت فيها قوات الاحتلال 400 من الأطفال والنساء والمرضى في المستشفى. ثاني كذبة لنتنياهو عندما ادعى أن “حماس” تتحصن بين المدنيين في المستشفيات والأماكن السكنية ومراكز الإيواء (مدارس ومخيمات) فأغار على المساكن والمستشفيات والمخيمات فقضى على 150 ألف فلسطينى ما بين شهيد وجريح ومفقود تحت الأنقاض أغلبهم نساء ورُضع وأطفال وعجائز، ليس من بينهم أحد من رجال المقاومة. ثالث كذبة للسفاح عندما اتهم “الأونروا” – منظمة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل الفلسطينيين – بالضلوع في تمرير المساعدات إلى المقاومة الفلسطينية، فأوقفت الدول الأوروبية تمويلها لهذه المنظمة التي تساعد الشعب الفلسطيني على الحياة.. وبعدها تبين كذب ادعاء نتنياهو، فعاد تشغيل الأونروا بعد توقف شهرين كاملين كانت تساعد فيهما المنظمة الدولية أكثر من مليوني مواطن فلسطيني.

مصنع أكاذيب

رابع كذبة أحصاها محمد عبد الحافظ ادعاء إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، أن مصر هي التي تعرقل إدخال المساعدات الإنسانية والطبية إلى غزة عبر معبر رفح، بعد إغلاقها المعبر من الناحية المصرية، في محاولة صهيونية للإفلات من اتهام المحكمة لقوات الاحتلال بعرقلة دخول المساعدات لأهل فلسطين الذين يعانون من الجوع والعطش والمرض.. فتقدمت مصر على الفور بمذكرة وافية للمحكمة فنَّدت فيها ادعاءات إسرائيل، وكذَّبت فيها إغلاق المعبر من جهة مصر، وأكدت أن المعبر لم يُغلق مطلقا منذ اليوم الأول لحرب الإبادة الإسرائيلية التي قامت بها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.. وكان من بين الأسانيد المصرية عدم تمكن أمين عام الأمم المتحدة من الدخول لرفح الفلسطينية بسبب رفض إسرائيل، مما اضطره إلى عقد مؤتمر صحافي عالمي على بوابة رفح المصرية ليعلن ذلك على الهواء لكل العالم، وشاهد العالم آلاف الأطنان المحملة على الناقلات أمام معبر رفح وتمنع إسرائيل دخولها. خامس كذبة ادعاء نتنياهو تمسكه باحتلال محور فيلادلفيا، ليمنع تهريب السلاح من مصر لحماس عبر الأنفاق، ولأنه كذاب أشر، فقد اختار أن يعلن ذلك بعد 9 أشهر من بدء الحرب، وأثناء المراحل النهائية لمرحلة التفاوض على تبادل الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بالرهائن المحتجزين لدى «حماس»، طبقا لمبادرة الوساطة المصرية – القطرية – الأمريكية، التي من شأنها وقف الحرب وبدء التهدئة في غزة.. ولكن الحقيقة أن مصر قد أغلقت جميع الأنفاق، إذن فنحن أمام شخص يدمن الكذب، ويكذب وكأنه يتنفس. ما يحدث الآن في فلسطين المحتلة سيئ، ولكن المقبل أسوأ مع وصول ترامب للبيت الأبيض.

سلام على عائشة

لا يميل سليمان جودة في “المصري اليوم” إلى استعمال كلمات بالإنكليزية فيما يكتب، ولكن الكاريكاتير المنشور في صحيفة “القدس العربي” شجعه على أن يكون العنوان بغير العربية، لا لشيء، إلا لأنه يعبر عن المعنى المراد بأقوى ما يكون. الكاريكاتير عن الناشطة الأمريكية عائشة نور، التي لقيت مصرعها في الضفة الغربية برصاصة جندي إسرائيلي.. وكانت قد ذهبت إلى الضفة تضامنا مع الفلسطينيين، الذين تطاردهم إسرائيل وتقتلهم وتنسف بيوتهم. وعندما طارت إلى هناك كانت تتصور أنها ستكون بمأمن مما ينال الفلسطينيين في كل يوم من قتل، ونسف، وتدمير، فإذا بها تصبح هدفا لرصاصات الإسرائيليين، وإذا بها لوحة تنشين لحكومة التطرف الإسرائيلية، التي أعماها تطرفها، فلم تعد تفرق بين الفلسطيني وغير الفلسطيني، والتي بلغ بها الجنون إلى حد قتل كل كائن حي تجده أمامها. في الكاريكاتير تقف نور مُتلفعة بالكوفية الفلسطينية وهي تقول بالإنكليزية: أنا أمريكية. وقد قالت هذه العبارة متصورة أن كونها أمريكية سيبعد عنها رصاصات جنود الاحتلال، ولكن تقديرها لم يكن في محله لأنها وهي تقول ذلك جاءتها رصاصة تحمل العبارة المذكورة في عنوان المقال، ومعناها: أنا أمريكية أيضا. والمفارقة التي يلخصها الكاريكاتير المنشور أن الولايات المتحدة الأمريكية، وهي ترسل السلاح إلى إسرائيل على مدى ما يقرب من السنة منذ بدء الحرب على غزة، كانت ترسله لقتل الفلسطينيين وحدهم، ولم تكن تتخيل ولا للحظة واحدة أن رصاصة من سلاحها المرسل سوف تقتل أمريكية في الضفة. فقبل أسابيع، كانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد مرّرت صفقة من السلاح إلى الدولة العبرية قيمتها 20 مليار دولار، وكان من بين الصفقة كمية كبيرة الذخيرة، وليس من المستبعد أن تكون واحدة من هذه الذخيرة هي التي أسقطت نور صريعة في مكانها. عائشة درست علم النفس وثقافات الشرق الأوسط في سياتل الأمريكية، حيث كانت تعيش، وهي من أصول تركية، وفي السادسة والعشرين من عمرها، ولم تكن تعرف أنها ستفقد حياتها برصاصة مرسلة من بلادها إلى إسرائيل.. وإذا كان بايدن قد دعا إلى فتح تحقيق مستقل في مصرعها، فهذا كلام سوف يكون بلا عائد ولا فائدة لأنه لمجرد رفع الحرج عن البيت الأبيض.. أما المعنى الباقي فهو، أن أمريكا قد ذاقت بعض ما قدمت لإسرائيل. صحيح أن ما ذاقته لا يكاد يُذكر، ولكنها ذاقت على كل حال.

بطة خرقاء

التقدم في العمر أمر طبيعي في الكائنات الحية كلها. جزء من سُنة الله في خلقه كما أخبرنا الدكتور وحيد عبد المجيد في “الأهرام”: ويتفاوت كبار السن من حيث اللياقة الذهنية والقدرات البدنية والأحوال الصحية. والرئيس الأمريكي جو بايدن ليس أول من تضعف لياقته الذهنية بسبب التقدم في العمر، ولا هو آخرهم. ولكن هذا كان سببا كافيا لأن يرغمه قادة حزبه وأنصاره على الانسحاب من الانتخابات الرئاسية. غير أن أيا من هؤلاء ليس مُطالبا بترك موقعه، رغم أنه يشارك بايدن حالة أخطر من ضعف اللياقة الذهنية، وهي نقص الشعور والإحساس وربما انعدامهما. ليس الشعور بالمسؤولية فقط هو ما يفتقرون إليه في مواقفهم تجاه العدوان على قطاع غزة، بل الإحساس بالكرامة أيضا. لا كرامة شخصية أو وطنية لديهم مثل رئيسهم، كما هو واضح في تلقيهم إهانات صريحة وضمنية من نتنياهو وبعض أعضاء حكومته ببساطة شديدة، وابتلاعها في هدوء، وكأن شيئا لم يحدث. عاد توماس فريدمان مرة ثانية فأثار هذا الموضوع في عموده المنشور في 4 سبتمبر/أيلول في «نيويورك تايمز»، إذ ألمح إلى أن نتنياهو يتعامل مع بايدن «باعتباره رجلا «غبيا». لم يوفق فريدمان هذه المرة في تشخيص الحالة. المسألة ليست غباء، بل هي ضعف في الشعور بالكرامة نتيجة الإمعان في التصهين، أو قل إنها حالة تشبه البلاّدة. ظل بايدن يكذب منذ شهور سعيا لتغطية رفض نتنياهو عقد صفقة تبادل ووقف إطلاق النار. وعندما نطق جزءا من الحقيقة ورد بالنفي على سؤال صحافي، عما إذا كان نتنياهو بذل جهدا كافيا بشأن الصفقة، تلقى صفعة جديدة. فقد تحدث نتنياهو في اليوم التالي فتحداه بشكلٍ غير مباشر، وأعاد تأكيد موقفه الذي أفشل جهودا سابقة لعقد الصفقة. فماذا فعل بايدن؟ بدأ في محاولة طرح مشروع يتواءم مع موقف نتنياهو، وطالب المقاومة مقدما بأن تقبله، ولهذا قد لا يصلح تعبير «البطة العرجاء»، الذي يُستخدم عادة للدلالة على أن الإدارات الأمريكية تكون مكتوفة في عامها الأخير. فليس عَرَجا ما تعاني منه هذه الإدارة، بل هو بلادة وانقياد وخضوع. ربما تكون بطة خرقاء وليست عرجاء.

إثيوبيا تتوحش

يبدو أن إثيوبيا لا تعتبر نفسها دولة كبيرة وحسب، بل تعتبر نفسها دولة إقليمية مهيمنة قادرة على فرض رؤيتها ومخططاتها على الجميع، ويبدو ذلك، حسب الدكتور أيمن النحراوي في “الشروق”، مستمدا من نظرة استعلائية فوقية تنظر إلى ما غيرها من دول وشعوب شرق افريقيا، على أنهم أقل منها شأنا ومكانة، لذلك فإن علاقات إثيوبيا مع دول جوارها لم تخل أبدا من الصراع والنزاع طوال الأعوام والعقود السابقة، حيث خاضت إثيوبيا العديد من النزاعات المسلحة والحروب مع دول الجوار؛ الصومال وإريتريا والسودان. التغول الإثيوبي تجاه الصومال ممتد ومستمر منذ تم تكريسه بفعل الاستعمار الأوروبي، الذي منح لإثيوبيا قبل رحيله منطقة الهود ومنطقة جالبيد وإقليم أوجادين الصومالي، ورسم الحدود بين البلدين لصالح إثيوبيا، فسعى الصومال لاستعادة أراضيه عدة مرات كان أهمها الحرب في السبعينيات التي تمكن الصومال خلالها من تحرير معظم إقليم أوجادين، إلا أن القوى الشيوعية، وفي مقدمتها الاتحاد السوفييتي سارعت إلى إمداد إثيوبيا بالسلاح، وحولت ميزان الحرب لصالحها. بعد انهيار حكومة محمد سياد بري، صارت حدود الصومال مستباحة للقوات الإثيوبية التي باتت تجتاحها وتتغول فيها منذ ثلاثة عقود، وبعد استقلال إريتريا عن إثيوبيا، باتت الأخيرة دولة حبيسة لا سواحل لها، وهو ما لا يتفق مع رؤيتها لنفسها كقطب إقليمي مهيمن في شرق افريقيا، لذا لجأت إثيوبيا اليوم لحل هذه المعضلة على حساب الصومال وسيادته وسلامة أراضيه، فأبرمت مذكرة تفاهم مع كيان يسمي نفسه جمهورية أرض الصومال وهو كيان لا وجود له، ولا تعترف به أي دولة، ومؤخرا قامت إثيوبيا بخطوة خطيرة بإعلانها تعيين ممثل لها بدرجة سفير لدى كيان جمهورية أرض الصومال المزعومة، ما يدل على إصرار إثيوبيا على سياستها العدوانية تجاه الصومال وسيادته ووحدته وسلامة أراضيه، بعقدها اتفاقا غير مشروع مع كيان انفصالي، يبيح لنفسه التفريط في الأراضي الصومالية لإثيوبيا، التي تدفعها طموحاتها ومخططاتها لذلك.

وحدته لصالحنا

إمعانا في تحدي الدولة الصومالية والحكومة الشرعية في مقديشيو، حسب الدكتور أيمن النحراوي، عقد رئيس كيان أرض الصومال المزعوم، اجتماعا مع السفير الإثيوبي لمناقشة سبل تعزيز العلاقات والتعاون المستقبلي والقضايا الأمنية، وعقب اللقاء أصدر كيان أرض الصومال بيانا صعد فيه ضد مصر، وانتقد التعاون المصري مع الحكومة الشرعية في مقديشيو، معترضا على بروتوكولات التعاون والدعم المصري للصومال. من أجل ذلك كله كان تحرك الصومال نحو مصر «مستنجدا بها وطالبا معاونتها»، فتم توقيع بروتوكول للتعاون العسكري بين الصومال ومصر، التي تتسق مع اتفاقية الدفاع العربي المشترك، والتي تتضمن الصومال كدولة عضو في الاتفاقية وعضو في جامعة الدول العربية. ليست العلاقات المصرية الصومالية جديدة، فمصر لها دور ممتد طوال الأعوام السابقة في عملية إعادة بناء الجيش الصومالي وتدريب الكوادر الصومالية وتقديم المساعدات والخدمات الطبية والإنسانية للشعب الصومالي، خلال موجات الجفاف وأزمات المجاعات، كما سعت مصر على الدوام للحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي الصومالية، وشاركت في عدد كبير من مؤتمرات المصالحة الصومالية. التوجهات والجهود الإيجابية المصرية نحو الصومال ليست وليدة اليوم، بل تمتد العلاقات المصرية الصومالية في عمق التاريخ إلى أربعة آلاف عام، حيث درج ملوك مصر على إرسال السفن المصرية في بعثات بحرية كبرى للتبادل التجاري مع الصومال المعروف آنذاك باسم بلاد بونت، وهي الرحلات المسجلة والمثبتة تاريخيا على جدران معبد الملكة حتشبسوت. إذن فالفرق شاسع بين السياسة الإثيوبية التي طالما انتهجت توجهات وسياسات لا تتفق مع الصومال ووحدته وسلامة أراضيه، والتي وصلت ذروتها بتوقيع الاتفاق المشبوه مع كيان غير مشروع وغير معترف به يقوم على تفتيت الصومال والتضحية بمصالحه المستقبلية الاستراتيجية، وبين السياسة المصرية التي تنتهج الدعم والمساندة والتعاون من أجل تعزيز وحدة الصومال وسيادته وحكومته الشرعية.

حتى تثبت إدانته

ستصوت اللجنة التشريعية في مجلس النواب على مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، بعد التعديلات التي أدخلت عليه من جانب نقابتي المحامين والصحافيين، والتي نأمل أن تأخذ هذه التعديلات طريقها لنصوص القانون بالموافقة، قبل إقراره من اللجنة تمهيدا لطرحه أمام البرلمان. وإذا كان من أبرز إيجابيات الحوار داخل اللجنة التشريعية، على حد رأي عبد العظيم الباسل في “الوفد” الأخذ بتعديلات نقابة المحامين لعدد كبير من المواد، فيما ارجأت المادة الخاصة بحظر نشر وقائع الجلسات تضامنا مع نقابة الصحافيين، لتكون محل نقاش قبل إقرار القانون من جانب اللجنة. من الإنصاف أن نقول إن مشروع القانون شمل ضمانات أساسية ضد الحبس الاحتياطي، بالنص على تعديل مدته في الجنح والجنايات والمؤبد، وكذلك تضييق استخدامه مع تطبيق بدائله وتعويض المحبوسين احتياطيا، عند حفظ القضايا أو إثبات براءتهم. هذه التعديلات التي تم إقرارها تعد ضمانة مهمة لحماية حقوق المحبوسين، لترسيخ القاعدة القانونية (المتهم بريء حتى تثبت إدانته)، كذلك المادة الخاصة بإقرار التعويض عن الحبس فهي تتواءم مع نص الدستور، وتستجيب لمطالب الحوار الوطني في مجال حقوق الإنسان، كنقلة كبيرة لها مردود مهم على المستوى الدولي. ويأتي التعديل الأهم في اعتقادنا الخاص بتهمة (تشابه الأسماء)، الذي كان خطأ شائعا في القانون الحالى، ويمثل صداعا مزمنا للقائمين على تنفيذ الأحكام. عندما يتم القبض على مواطن بريء لمجرد تشابه اسمه مع اسم المتهم المطلوب في الدعوة، وهنا يكون على المقبوض عليه أن يثبت براءته من خلال محاميه، أو بواسطة الرجوع إلى اسم الأم أحيانا، الأمر الذي فرض في التعديل الجديد ضرورة إلزام مسؤول الضبط القائم بتنفيذ الأحكام، بتدوين البيانات الكاملة الخاصة بالمتهم موضوع الدعوة، بدلا من الاكتفاء بذكر اسمه فقط، على أن تشمل تلك البيانات كتابة الاسم رباعيا، والرقم القومي، وعنوانه كاملا، حتى يتم تفادي تهمة (تشابه الأسماء). كما تضمن مشروع القانون الجديد مواد إضافية أخرى من أهمها حماية الشهود عند الإدلاء بشهاداتهم في بعض الجرائم بدلا من ترددهم وخشيتهم من الدخول في المساءلة، مع تقنين وضع أموال المتهم حال التحفظ عليه. الضمانات في القانون الجديد تمثل نقلة حقيقية وضمانة مهمة في حفظ حقوق المتهمين، ويأمل الكاتب أن تستكمل بالموافقة النهائية من جانب مجلس النواب.

المساكنة وتوابعها

منذ سنوات، والكلام لمحمود زاهر في “الوفد” نعيش في مستنقع البهتان والضلال، ومتاهة الأفكار الشاذة، والفتاوى العجيبة، والأفكار المنحرفة، عن طريق “الهَبْد”، لـ”كل من هبّ ودبّ”، حتى أصبح الأمر صادما وفوضويا وعبثيا، لا تحكمه أي ضوابط أو معايير أخلاقية. في زمن “ركوب الترند”، بلا وعي أو إدراك، لم يعد بالإمكان السيطرة على جموح هؤلاء الطامحين في الشُّهْرة، أو أولئك الذين انزَوَت عنهم الأضواء، فتبدَّلت الأدوار، ولم تعد الفتاوى قاصرة على رجال الدين وحدهم، بل أصبحت “ساحة اجتهاد” لمشاهير الفن ما بين تداول مقطع فيديو قديم لإحدى الفنانات، تتحدث فيه عن الصلاة وقت العمل، وما قاله «أحد مشايخ وزارة الأوقاف»، في المقطع الذي تم حذفه لاحقا، أن “القطط مكانها في الشارع وليس المنزل”، يبقى موضوع «المساكنة» الأكثر إشغالا للناس. قبل أيام انتشر أحد المقاطع للمخرجة السينمائية إيناس الدغيدي، تتفاخر بخوضها تجربة “المساكنة” لمدة 9 سنوات، ليؤيدها “أحد المحامين بالنقض”، في تصريحات تلفزيونية “أنه لا يمانع أن تخوض ابنته هذه التجربة، لكونها حرية شخصية”. اللافت أن المحامي صاحب دعوة «المساكنة قبل الزواج»، أكد أنه سيستمر في دعوته، رغم تحرك نقابة المحامين ضده، لأن قرار إحالته للتحقيق من قبل النقابة «باطل قانونا»، باعتبارها «ليست جهة اختصاص».

ضد الفطرة

استشهد محمود زاهر بما قاله الأزهر الشريف، بأن الدعوة البائسة لما يسمى بـ«المساكنة» هي تَنَكُّرٌ للدين والفطرة، وتزييفٌ للحقائق، ومسخٌ للهوية، وتسمية للأشياء بغير مسمياتها، كما أنها دعوة صريحة إلى سلوكيات مشبوهة ومحرَّمة. وبما أننا لسنا من علماء الدين أو المتخصصين، فلن نخوض في حكم «المساكنة»، التي تدخل ضمن العلاقات المحرَّمة في الإسلام، وسائر الرسالات والكتب السماوية، لكن النقاش حول قبول تلك العلاقة، على مرأى ومسمعٍ من الناس، ليس سوى طرح عبثي خطير، يستخفُّ بقِيم المجتمع وثقافته وهويته، ولا يمتُّ للحرية من قريب أو بعيد، إلا حرية الانسلاخ من قيم الفطرة السَّويَّة، ودفع المجتمع نحو ممارسات منحرفة، وعرض المحظور في صورة المقبول، وتحطيم حصون الفضيلة في نفوس النشء والشباب، والاجتراء على حدود الله ومحارمه، نتصور أن الوقاحة في طرح تلك «الجرائم اللاأخلاقية»، والسعي الممنهَج لتطبيع هذا النوع من العلاقات الشاذة والمحرَّمة، يعصف بقيم المنظومة الأخلاقية، ومَسْخ الهوية، والعبث بأمن المجتمع واستقراره، وترويج للفواحش المنكَرة، واستيراد للأفكار الغربية الهدَّامة. لقد أصبحنا في زمن العجائب، الذي نتوقع فيه كل شيء وأي شيء، وما قضية «المساكنة» المثارة مؤخرا، إلا مولود مشوَّه من «نُطْفَة سِفَاح»، عمره ثلاثة أعوام، وامتداد لفكرة «زواج التجربة» المشروط، التي لا نعلم إن كانت «جريمة مستترة»، أم وسيلة «شيطانية» للتحايل على العلاقة المقدسة. فصل الخطاب: يقول المفكر الجزائري «مالك بن نبي»: «لا يمكننا أن نصنع التاريخ بتقليد خُطا الآخرين في سائر الدروب التي طرقوها».

بين الإمام والوزير

التقى وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري مع رؤساء تحرير ورؤساء مجالس إدارات الصحف المصرية. سؤال مهم جدا على حد رأي عماد الدين حسين رئيس تحرير “الشروق”، طرحه ماجد منير رئيس تحرير “الأهرام” عن العلاقة بين شيخ الأزهر ووزير الأوقاف. وقد يستغرب البعض من طرح هذا السؤال، فالمفترض أن العلاقة بين الإمام الأكبر ووزير الأوقاف تكون طيبة وطبيعية طوال الوقت. لكن المتابعين يعرفون أن هذه العلاقة بين الإمام الأكبر أحمد الطيب ووزير الأوقاف السابق الدكتور محمد مختار جمعة، لم تكن ـ لبعض الوقت ـ في أحسن أحوالها. وعلى الرغم من أن سؤال ماجد منير كان آخر سؤال بين الحاضرين، لكن الوزير قال إنه سوف يجيب عنه أولا، هو قال إن الوجدان المصري يهفو ويطمئن حينما يرى أن المؤسسة الدينية كلها منسجمة، وعلى قلب رجل واحد. ونعرف أن أسامة الأزهري كان أول أنشطته بعد توليه الوزارة أنه ذهب لزيارة الإمام الأكبر في مشيخة الأزهر، وهو يقول إن الصورة تكون معبرة دائما أكثر من الكلمات، وإن زيارته للإمام الأكبر لم تكن شكلية أو بروتوكولية، بل كانت مبدئية وتعكس إرادة صادقة لمحبة شيخ الأزهر. الأزهري قال إنه يؤمن بأن المؤسسة الدينية يقف فوق رأسها شيخ الأزهر وبعد ذلك تأتي بقية المؤسسات، سواء كانت وزارة الأوقاف أو دار الإفتاء أو الطرق الصوفية. الأزهري حكى عن مواقف كثيرة تدل على تقديره واحترامه لشيخ الأزهر، ومنها أنه زاره هو ووزير الري الدكتور هاني سويلم مؤخرا لمناقشة إطلاق حملة ترشيد استخدام المياه، وأنه اقترح أن تكون كلمة شيخ الأزهر هي مقدمة الكتاب، الذي سوف يصدر عن هذه الحملة وأن الإمام الأكبر رحب بذلك فورا.

مهمة صعبة

وزير الأوقاف أسامة الأزهري يعتقد أن الاصطفاف خلف شيخ الأزهر يبعث برسالة طمأنة للشعب المصري، بل إن صدى زيارته للمشيخة وصل إلى الخارج، حيث إن وزيرا في دولة عربية بعث إليه برسالة يقول له فيها، إن أسهمك قد ارتفعت عندنا بعد هذه الزيارة. ونقل عماد الدين حسين عن الأزهري قوله، “إنه يعرف مقام الأزهر جيدا فهو قضى ست سنوات كاملة يبحث في دار الكتب عن سير علماء وأعلام الأزهر، وبالتالي فهو يؤمن بضرورة وجود علاقة طيبة دائما بين الأزهر والأوقاف.. ويحسب للأزهري خلال حديثه مع الصحافيين أنه تحدث بصورة إيجابية جدا عن سلفه الدكتور محمد مختار جمعة، وقال إنه جاء في فترة مهمة وصعبة، وقدم إسهامات كثيرة، وإنه سوف يواصل البناء على ما أنجزه الوزير السابق. انتهى كلام الأزهري عن شيخ الأزهر، الذي يرى عماد الدين حسين، أنه بداية مهمة جدا، لأنه لا يمكن الحديث عن خطاب ديني حقيقي ومؤثر، في حين يوجد خلاف ـ حتى لو كان شكليا وبسيطا – بين الأزهر ووزارة الأوقاف، خصوصا أن القضايا والتحديات التي تواجه مصر والأمة الإسلامية في موضوع الدين والتدين كثيرة ومتشعبة، سواء بسبب تهديدات المتطرفين من جهة، أو القوى الأجنبية المتربصة بهذه الأمة من جهة أخرى، بل ربما تكون هذه القوى الأجنبية هي التي تدعم وتوجه وتدير المتطرفين، حتى لو كان معظمهم لا يدرك أنه أداة في يد هذه القوى.

إجازة صيف

كان على عبد الغني عجاج في “المشهد” الاختيار بين إجازة خاطفة يقضيها في الساحل الشمالي، أو يقضيها على شاطئ البحر الأحمر في رأس سدر.. استقر رأي العائلة على البحر الأحمر الذي يمتاز بوداعته ومده وجزره، ما يوفر أقصى درجات الأمان للأطفال، ولمن هم مثل الكاتب لا يجيدون السباحة وأجسامهم غير قابلة للطفو. في طريق القاهرة السويس قابلتنا بوابة الرسوم الأولى على مشارف مدينتي (10 جنيهات) ثم قابلتنا بوابة الرسوم الثانية قبل أن ندخل نفق الشهيد أحمد حمدي (10 جنيهات) ومررنا على مزار عيون موسى الذي يبقى شاهدا على عظمة قواتنا المسلحة وتحطيمها وإسقاطها لنقاط خط بارليف الحصينة في أكتوبر/تشرين الأول 1973، وقابلتنا بوابة الرسوم الثالثة في عيون موسى (25 جنيها) ثم أخذنا الطريق الجديد لرأس سدر التي شهدت تطورا كبيرا في بنيتها التحتية وطرقها الداخلية، لفت نظري ازدياد أعداد المصطافين القادمين من كل أنحاء مصر لرأس سدر والبحر الأحمر، ربما هربا من الأسعار الرائجة في الساحل الشمالي، وخاصة الذي اصطلح على تسميته بـ(الشرير) ولفتت نظري المصطلحات التي يستخدمها الشباب على الشاطئ ومعظمها مصطلحات غريبة دخيلة على أخلاقنا مثل (ما ليش فيه) و(في الشارع اللي وراك) و(ابن فاجرة) و(أم البحر وأم الفريسكا وأم الناس). رأيت مجموعة شباب في غاية الأناقة يرتدون أغلى الثياب وأغلى الأحذية الرياضية وأغلى النظارات ويتبادلون شتائم وألفاظ غاية في الرخص والانحطاط، غير عابئين بوجود أسر وعائلات وسيدات وبنات.. والغريب أنهم يتبادلون أفظع الشتائم وهم يتضاحكون وفي قمة السعادة وقمة غياب العقل. تساءلت بيني وبين نفسي، إذا كان هذا هو حال عينة شبابية جاءت تستمتع بإجازة على البحر الأحمر، فما بال شبابنا في ما يعرف بالساحل الشمالي الشرير وبعضهم لا يتكلم إلا بالدولار واليورو والاسترليني والبورش واللامبورغيني والحفلات ذات الأسعار الخيالية. أحسب أننا يجب أن نهتم أكثر بالتغيرات التي تحدث في المجتمع، خاصة على صعيد الأخلاق، مع ما نراه من سعى سيدات وبنات للإثراء السريع، من خلال فيديوهات تبث يتنازلن فيها عن عفتهن وشرفهن.. ولنتذكر جميعا قول الشاعر الإنسان: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا.. اللهم احفظ شبابنا وبناتنا ونساءنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

وصفة سم للحبيبة

تقدمت زوجة في منتصف العقد الرابع بدعوى قضائية أمام محكمة الأسرة في الجيزة، تطلب فيها الطلاق للضرر من زوجها الصيدلي، وأكدت أمام خبراء مكتب تسوية النزاعات الأسرية في محكمة الأسرة، أنها حررت ضده محضرا في قسم الشرطة، تتهمه بالتعدي عليها بالضرب وتهديدها بالقتل. أغرب “حكاية خيانة” ترويها زوجة في دعوى خلع أمام محكمة الأسرة، ونقلتها شيماء القرنشاوي في “المصري اليوم” عن صاحبة الدعوى: الخلافات بيننا أصبحت لا تنتهي وتحولت حياتنا إلى جحيم، على الرغم من أن زواجنا كان عن حب واتزوجنا بعد خطوبة لم تكمل عاما واحدا، لكن المشاكل والخلافات عرفت طريقها لنا بسرعة وتزيد كل يوم عن سابقه. أصبحت أكره زوجي في كل تصرفاته، خاصة بعدما أخبرني هو الآخر أنه لا يطيق الحياة معي ومع «مشاكلي» التي يرى أنا سببها الأول والوحيد. وأكملت صاحبة الدعوى: «زوجي قال لي أنا مستحمل العيشة معاكي بس عشان ولادنا، غير كده أنا مش طايق أقعد معاكي في بيت واحد»، وحكت المدعية أمام محكمة الأسرة، وقالت: «أنجبت منه طفلين أكبرهما 9 سنوات والثاني 7 سنوات، تحملت لأجلهما سوء معاملة زوجي، على الرغم من أن كل أسرتي كانت تدعمني في قرار الطلاق وإنهاء تلك الحياة، التي لم تعد السعادة تعرف طريقا لها»، هكذا قالت الزوجة في دعواها. وأضافت أمام خبراء محكمة الأسرة: «فاض بي الكيل وأصبحت أخشى على نفسي من العيش معه يوما واحدا، عندما اشتد بيننا الخلاف في إحدى المرات، وقال لي بالحرف «أنا ساعات بفكر أموتك وأخلص منك خالص وارتاح، ومحدش هيعرف إني موتك أصلا، عشان هعملك تركيبة سم كده زي بتاعة فيلم غرام الأفاعي تخلص عليكي بالبطيء».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول alaa:

    ليس العيب في اثيوبيا ولكن في الذي وقع علي بناء السد وهو السيسي

اشترك في قائمتنا البريدية