إجراءات عزل ترامب عرقلت لقاءه بروحاني

نجاح محمد علي
حجم الخط
1

كل شيء كان جاهزاً لعقد لقاء بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والإيراني حسن روحاني على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

فقد وعد ترامب نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في قمة  بياريتز الفرنسية للدول الصناعية السبع في تموز/يوليو الماضي برفع العقوبات والسماح بفتح قناة مالية بين أوروبا وإيران مقابل عقد لقاء في نيويورك، لكن التطور الكبير الذي ظهر فجأة أثناء تواجد الرئيسين ترامب وروحاني في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإعلان خصوم ترامب الديمقراطيين في توقيت مدروس، البدء بإجراءات عزله، عرقل أو أخّر اللقاء وبدا الرئيس الأمريكي عاجزاً – في هذه الفترة على الأقل ريثما تنجلي الغبرة- عن تنفيذ وعده بالرغم من كل التسريبات الإيجابية التي كانت تتحدث عن إمكانية عقد اللقاء.

لم يلتزم ترامب بما وعد به ولَم يرفع العقوبات وفشلت معه الضغوط الأوروبية على الرئيس الإيراني لحمله على الاجتماع بترامب ولو في اجتماع 5+1 الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا بالإضافة إلى مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني، لكنْ روحاني وبعد عودته إلى طهران وجه رسالة لها مغزى إلى شركاء إيران في الاتفاق النووي ولم يغلق الباب نهائياً لتحقيق ذلك في المستقل مكرراً الموقف الذي أعلنه مراراً أن لا مفاوضات مع الولايات المتحدة قبل رفع العقوبات والعودة إلى الاتفاق النووي. ‏

ويبدو أن روحاني كان يريد تلطيف الأجواء مع الرئيس الفرنسي ماكرون الذي قال في نيويورك “عدم مقابلتك لترامب ستكون فرصة ضائعة لأنك لن ترجع هنا قريباً” وهذا ما أيده على الفور رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بقوله أثناء لقاء جمعهم “نعم نعم هذا صحيح”.

الوساطة الباكستانية

وبينما تعثرت أو تعرقلت المبادرة الفرنسية لحماية الاتفاق النووي من الانهيار تبرز إلى السطح الوساطة الباكستانية المستمرة منذ تموز/يوليو والتي لم يعلن عنها رئيس وزراء باكستان عمران خان بشكل رسمي إلا في نيويورك، وهي وساطة مزدوجة بين إيران والولايات المتحدة وبين إيران والسعودية.

وكما قال روحاني عندما رفض اللقاء الثنائي لالتقاط الصور مع ترامب، فإن عمران خان يفضل العمل بصمت لإنضاج مشروع يوافق عليه الجميع للتوصل إلى حل شامل للأزمة النووية الإيرانية وتداعياتها على باقي الملفات العالقة بين إيران والغرب.

ولقد وافقت إيران على استمرار الوساطة الباكستانية إلى جانب وساطة مماثلة يقوم بها رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي لجمع مسؤولين سعوديين وإيرانيين في بغداد والحديث هنا عن قمة تضم ولي العهد السعودي والرئيس الإيراني، في وقت عرض الرئيس العراقي برهم صالح أن تستضيف بغداد مسؤولين أمريكيين وإيرانيين، فيما يذلل الرئيس عمران خان الصعوبات بطريقته الخاصة بتوظيف مكانته الشخصية وعلاقاته المتميزة الإيجابية بأطراف الأزمة الثلاثة.

هجمات أرامكو

كان واضحاً لدى الإيرانيين أن السعودية ومن خلفها الولايات المتحدة، فشلت في تحشيد الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ضد إيران لتوجيه الإدانة لها رسمياً بالوقوف خلف الهجمات على أرامكو بحجة أن تلك الهجمات موجهة بالأساس إلى العالم كله. ولم يدفع الخطاب المتشدد لوزير الخارجية السعودي في الامم المتحدة إلا لمزيد من إظهار المجتمع الدولي الرغبة بخفض التصعيد في المنطقة ولَم يصدر بيان من الأمم المتحدة يدين إيران أو يحملها مسؤولية الهجمات على مصفاتي بقيق وخريص، وعلى العكس رحبت الأمم المتحدة رسمياً بمبادرة أنصار الله وقف إطلاق الطائرات المسيرة والصواريخ المسيرة على السعودية (وبقاء تعليق استهداف الإمارات) مقابل وقف الغارات على المدنيين وباقي الأهداف في الضفة الأخرى.

وكان لافتاً أيضاً أن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية فقط هما من وجه الاتهام رسمياً وبشكل مباشر إلى إيران في تلك الهجمات، بينما المجتمع الدولي ودول فاعلة فيه دعت إلى تجنب إطلاق اتهامات من دون دليل وحثت السعودية على التفكير بجدية بالمبادرة اليمنية لوقف الحرب.

الوساطة العراقية

بالنسبة للعراق وبُعيد اندلاع أزمة الناقلات بين بريطانيا وإيران، زار عادل عبد المهدي العاصمة الإيرانية بطلب من الحكومة البريطانية (في اتصال أجرته معه وزيرة الدفاع آنذاك بيني موردونت).

كانت زيارة عبد المهدي إلى طهران هي الثانية من نوعها لرئيس الوزراء منذ تسلمه منصبه العام الماضي، وجاءت وسط تصاعد التوترات على خلفية احتجاز طهران ناقلة نفط بريطانية بعد احتجاز بريطانيا ناقلة نفط إيرانية في جبل طارق. وتزامنت تلك الزيارة مع عودة اليابان وسلطنة عمان، إلى واجهة الوساطة من جديد في محاولة لخفض التوتر بين واشنطن وطهران وسط دعوات أمريكية لإنشاء تحالف دولي لحراسة الملاحة في مضيق هرمز ترفضها إيران.

وقد نجح عبد المهدي بالفعل في إنهاء أزمة الناقلات ووافقت طهران على حل بموجبه أفرجت سلطات جبل طارق عن الناقلة الإيرانية بدون أي ضمانات حول وجهتها، وأفرجت طهران بعد أسبوعين عن الناقلة البريطانية.

 كذلك بحث عادل عبد المهدي مع المسؤولين الإيرانيين التوتر بين إيران والولايات المتحدة وقدم مقترحاً ينص على عودة الرئيس الأمريكي إلى الاتفاق النووي ويرفع العقوبات جزئيا أو كلياً لتبدأ بين الأطراف المعنية محادثات جديدة حول البرنامج النووي الإيراني وتضاف النتائج في ملحق بجري ضمه إلى الاتفاق النووي.

وقد زار رئيس الوزراء العراقي السعودية مستثمراً علاقة العراق الإيجابية مع إيران والسعودية وحاجة العراق والسعودية إلى حفظ أمنهما في ضوء الاتهامات من هنا وهناك بشأن ربط الهجمات على أرامكو بالحشد الشعبي في العراق.

‏ويسعى العراق إلى اقناع السعودية بإيقاف حربها على اليمن وتخفيف حدة التوتر مع إيران والذهاب إلى طاولة حوار حقيقية لحل مشاكل المنطقة، وهذا بالطبع لا يريح بعض الأطراف في العراق بل تسعى إلى تفريغ الوساطة العراقية من محتواها ليبقى العراق ساحة لتصفية الحسابات وتحقيق مكاسب ومغانم غير مشروعة في العملية السياسية التي تشهد هذه الأيام تجاذباً خطيراً بعد تصريحات رسمية أطلقها السفير الإيراني لدى العراق، إيرج مسجدي، الخميس، بقوله إن بلاده ستقصف التواجد الأمريكي حتى في العراق مثل أي مكان آخر، في حال استهدفت عسكرياً من الولايات المتحدة، وهذا ما يفسر اهتمام الرئاسات الثلاث بالدور الذي يجب أن يلعبه العراق لتجنيب المنطقة الانزلاق في حرب سيكون العراق طرفاً فيها مهما فعل لينأى بنفسه عنه.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ألف ليلة وليلة:

    هذه نكتة مضحكة يانجاح..يعني احترموا عقل القاريء فيما تكتبون.ترامب لن يعزل وسيضرب ايران قبل نهاية هذا العام بالمؤكّد.

اشترك في قائمتنا البريدية