إسطنبول: عند أدنى مستوى في تاريخها، أعلنت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، الجمعة، عن خفض تصنيف إسرائيل درجتين دفعة واحدة، في صدمة أصابت صناع السياسات الاقتصادية هناك.
وتراجع تصنيف إسرائيل الائتماني من A2 إلى Baa1، فيما أبقت موديز على توقعاتها للتصنيف عند “سلبي” وسط تفاقم الصراع في المنطقة بين تل أبيب و”حزب الله” اللبناني.
وفي وقت كان الاقتصاد الإسرائيلي ينتظر موعدا لنهاية الحرب على قطاع غزة، توسع الصراع ليشمل لبنان، في ضربة أذكت المخاوف من غياب أي أفق لإعادة الزخم لاقتصاد تل أبيب، الذي كانت عليها حتى منتصف 2023.
التصنيف الائتماني الجديد الذي قدمته “موديز” لإسرائيل يعني جدارة ائتمانية ضعيفة، ومخاطر عالية تحيط بالاقتصاد والمالية العامة، وهي رسالة للمستثمرين داخل إسرائيل وخارجها.
بعبارة أخرى، فإن أية أدوات دين جديدة ستصدرها الدولة لن تكون جاذبة للمستثمرين من الدول والشركات، وهذا سيدفع إلى أمرين اثنين، بحسب التجارب السابقة للدول الحاصلة على هذا التصنيف مثل كازاخستان.
الأمر الأول، مرتبط بضعف جاذبية أية سندات أو أذونات ستصدرها إسرائيل، لتوفير السيولة النقدية اللازمة للنفقات العامة، وخاصة النفقات العسكرية القائمة حاليا والمتزايدة.
في 2024، تتوقع وزارة المالية الإسرائيلية أن يبلغ عجز الميزانية نحو 6.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي أكثر من 34 مليار دولار أمريكي، وهو عجز تتم تغطيته عبر الاقتراض وإصدار السندات والأذونات.
في الشهور الاثني عشر الماضية المنتهية في يوليو/تموز الماضي، بلغ عجز الميزانية الإسرائيلية نحو 8.1 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتعادل هذه النسبة ما قيمته 155.2 مليار شيكل (47.1 مليار دولار)، وفق أحدث تقارير المحاسبة العامة لوزارة المالية الإسرائيلية يالي روتنبرغ، في بيان صادر عن الوزارة الشهر الماضي.
كان العجز المالي في الشهور المنتهية خلال يونيو/ حزيران الماضي، نحو 7.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما تتوقع وزارة المالية أن يبلغ العجز 6.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، أو قرابة 34 مليار دولار.
الأمر الثاني، هو أن شريحة من المستثمرين تفضل الاستثمار في أدوات الدين الإسرائيلية، عند هذا المستوى المرتفع من المخاطر، والسبب يتمثل في تحقيق عوائد مالية أعلى لهم.
ويكون ذلك من خلال فرض أسعار فائدة مرتفعة يضعها المستثمرون -الدائنون- مقابل شراء أدوات الدين الإسرائيلية، وهذا يعني كلفة أعلى على الأخيرة.
وهنا، ستكون إسرائيل أمام رحلة أخرى للبحث عن تعظيم الإيرادات المالية، لمواجهة كلفة الديون المرتفعة المستحقة عليها، ورفع الضرائب هو أحد أدوات زيادة هذه الإيرادات.
وبحسب تقديرات وكالة موديز، الجمعة، فإن إسرائيل تتجه لزيادة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي إلى 70 بالمئة بحلول 2025، في وقت كانت توقعات الوكالة منتصف 2023، تشير إلى خفض النسبة إلى 50 بالمئة.
وتعادل نسبة الدين الإسرائيلي البالغة 70 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، ما قيمته 370 مليار دولار، وهو رقم يفوق احتياطات إسرائيل من النقد الأجنبي، البالغة قرابة 200 مليار دولار، بحسب بيانات “بنك إسرائيل”.
كما تتجه وكالة فيتش للتصنيف الائتماني إلى إجراء تقييمات جديدة حول الاقتصاد الإسرائيلي خلال الربع الأخير من العام الجاري، وسط توقعات بخفض التصنيفات لإسرائيل.
وبينما تمنح موديز أدنى تصنيف لإسرائيل، وهو ما يعادل BBB لدى الوكالات الأخرى، فإن وكالة “فيتش” تمنح إسرائيل درجة أعلى عند A، كما تمنحها وكالة ستاندرد آند بورز ذات درجة “فيتش”.
نظرة سلبية
في أغسطس/ آب الماضي، أورد تقرير لصحيفة فايننشال تايمز، أن بنك باركليز البريطاني تخلى عن تسويق السندات الإسرائيلية.
والبنك البريطاني، هو أحد سبعة مقرضين أجانب يساعدون الحكومة الإسرائيلية على بيع ديون جديدة، واستعد للتوقف عن إصدار الديون في جزء من محاولة لتهدئة الانتقادات بشأن علاقاته مع إسرائيل خلال الحرب على غزة.
في سياق متصل، وبينما كانت إسرائيل تحظى بسمعة ”أرض الشركات الناشئة“، فإن الحرب على غزة دفعت نحو أزمة هجرة الطبقة الأكاديمية، وفق تقرير نشرته شركة “ستارت أب نيشن” في تل أبيب، وهو تقرير يعرف اختصاراً بـ”أس أن بي”، ويتناول وضع الشركات الناشئة بالتركيز على قطاع التقنية.
ووفق التقرير، أبلغت 49 بالمئة من شركات التكنولوجيا الإسرائيلية عن إلغاء استثماراتها بسبب الحرب، وأعربت 31 بالمئة منها فقط عن ثقتها في أنها ستكون قادرة على جمع الأموال في العام المقبل.
(الأناضول)