إسرائيل: الاغتيالات وخدعة ربح الوقت

لم تكن السرديات الصهيونية الواهية حول بحثها عن السلام عن طريق الوساطات والمفاوضات إلا حيلاً متراكمة لربح الوقت.
إسرائيل بصورتها الحالية لم تعد تستطيع العيش بخيبات طوفان الأقصى لذلك كان كل اهتمامها حول الخروج بانتصارات رمزية، فهل نجحت في ذلك؟

مقتل الرئيس الإيراني

شكّل حادث سقوط طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي صدمة قوية لكل المتابعين في مرحلة دقيقة من تاريخ الأمة، ففي الوقت الذي تقود فيه إيران حرب الحدائق الخلفية على إسرائيل تتوقّف الديناميكية السياسية الحاكمة عند مقتل الرئيس ومستقبل البلد.
غير أن مأسسة الحياة السياسية في إيران ومركزة القرار والموقف بيد المرشد الأعلى جعل من حادثة مقتل الرئيس بدون تأثير مبالغ في الصراع مع إسرائيل.
وبالرغم من أنه لم يصدر ما يشير إلى أي مسؤولية لإسرائيل في المسألة فإن التوقيت والملابسات وبحث إسرائيل عن كسر حصار الهزيمة قد يجعلها ضالعة بأي شكل في المسألة باعتبار العداوة التاريخية بين السلطة الإيرانية برؤوسها المتعدّدة وإسرائيل.

اغتيال إسماعيل هنية

كان لاغتيال إسماعيل هنية وقعاً غير مسبوق باعتبار تفاصيل الحادثة التي ضربت الجناح السياسي الخارجي لحركة حماس كما ضربت السيادة الإيرانية من خلال التعدّي على شخصية بوزن إسماعيل هنية على أراضيها.
إسرائيل رحّبت بالمسألة وجعلت منها هي أيضاً انتصاراً معنوياً على قيادي عنيد أرهقتها مطاردته وحركة مهيكلة أرهقها انضباطها التنظيمي وبالتالي اعتبرت أنها نجحت في تفكيك أحد أهم أذرع الحركة الوازنة والناجحة في تحصيل الدعم والتحشيد وقناة الربط بين أقطاب محور المقاومة.
لكن الغاية الحقيقية من اغتيال إسماعيل هنيّة كانت إظهار الطفرة المخابراتية التي تنطوي عليها الأجهزة الإسرائيلية لتنجح في اغتيال هنية في طهران بالذات في مرحلة حرجة من الصراع.

اغتيال حسن نصر الله

شكّلت الهجمات المتتالية على لبنان وخاصة مقاتلي حزب الله سؤالاً محيراً حول تعاظم الاختراق للمنظومة اللوجستية لمحيط الشهيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، ليستفيق العالم على اغتيال حسن نصر الله نفسه بذات ظروف اغتيال إسماعيل هنيّة مع تحمّل إسرائيل المسؤولية وتعبيرها عن ترحيبها بنجاح عملية الاغتيال الدقيقة وتسويقها لأحد أكبر نجاحاتها في تفاصيل الصراع منذ أن اتخذت سياسة الاغتيالات كبديل عن قواعد الاشتباك التي طالما كانت غير متكافئة.
إسرائيل اعتبرت حسن نصر الله عدواً مهماً وصفته بقاتل الكثير من الإسرائيليين وهي لا تعلم بأنها منحته من حيث لا تعلم أحد أوسمة أبطال الصراع.

خدعة الحرب وربح الوقت

لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعتبر أن إسرائيل كانت جدية في مفاوضات وقف إطلاق النار في الوقت الذي كانت تحترق من جبهة الشمال اللبنانية، نتنياهو أجهض فكرة التقدّم في المباحثات من الأساس على قاعدة تمسكه بمحور فيلادلفيا وهو يعلم يقيناً أنه لا يمكن الحديث عن سلام مؤقت أو مستدام بحكم عامل الجغرافيا على الأقل، بل أنه يعلم أن جغرافيا محور فيلادلفيا هي الضامن الوحيد للفتك بحماس داخل غزة وخنق المساعدات الإنسانية من جهة معبر رفح إن مرّت.

أطروحة السلام

الثابت إذن أن إسرائيل كانت تخدع المداومين على أطروحة السلام معها وتستعملها فقط كخدعة حرب لمزيد ربح الوقت، حتى تتمكن من تنفيذ مخطط الاغتيالات وتمرّ بسرعة قصوى نحو فتح جبهة لبنان بهذه الوحشية التي نراها معتقدة أن غياب ثالوث المقاومة قد يعبّد الطريق لبطولاتها الواهية أو قد يخمد مقاومات انطلقت فعلاً.

كاتب تونسي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية