غزة- “القدس العربي”: لم تقم سلطات الاحتلال الإسرائيلية بترحيل المحامي الحقوقي صلاح الحموري، المعتقل إداريا منذ عدة أشهر، إلى فرنسا، التي يحمل جنسيتها، وقررت أن تعقد وزارة الداخلية جلسة استماع الثلاثاء القادم لطاقم محاميه، فيما أجلت محكمة إسرائيلية، الاستئناف الخاص بالأسرى الستة، الذين نفذوا عملية الفرار الشهيرة قبل أكثر من عام، إلى الشهر المقبل.
وكان من المقرر أن تتم الأحد عملية “الترحيل القسري” للأسير الإداري الحموري، إلى فرنسا، بعد سحب سلطات الاحتلال بطاقة هويته المقدسية، وإلغاء إقامته في المدينة المحتلة، بناء على قرارات عسكرية مخالفة للقانون، حيث يعيد قرار الترحيل القسري هذا بحق المحامي الحموري، إلى الأذهان، تلك السياسة التي كانت تستخدمها دولة الاحتلال بحق الكثير من الأسرى في ثمانينيات القرن الماضي.
وجاء قرار الإبعاد، بدلا من تجديد أمر الاعتقال الإداري، حيث انتهت مدة محكوميته الأخيرة إداريا، يوم الجمعة، وهو ما يدلل على أن الاستجابة لطلبات إطلاق سراحه من قبل دولة الاحتلال، تمت بعد انتهاء المحكومية، فيما يتردد أن هناك تدخل فرنسي، نشط بعد صدور قرار الترحيل، بهدف إنهاء اعتقاله.
وبالعادة تقوم سلطات الاحتلال بتجديد أوامر الاعتقال الإداري للأسرى أكثر من مرة، وقد قضى بعض الأسرى سنوات عدة في هذا الاعتقال، الذي يتم بدون توجيه أي تهمة، بزعم أن تهم الأسرى “سرية”، لا يطلع عليها الأسير أو محاميه.
وتقرر أن تعقد وزارة الداخلية الإسرائيلية، يوم الثلاثاء المقبل، جلسة استماع لطاقم الدفاع عن الناشط الحقوقي الحموري، ضد قرار إبعاده إلى فرنسا.
وتأتي هذه الجلسة والمتوقع ألا تفضي لأي شيء، بعد أن اتخذت وزيرة الداخلية الإسرائيلية أييليت شاكيد، قرارات، بشطب إقامة الحموري في القدس وإبعاده إلى فرنسا، ومن المحتمل أن يكون إرجاء قرار الترحيل، وعقد الجلسة الصورية، بهدف تهدئة الانتقاد الدولي والفرنسي لما سيجري.
وكانت فرنسا عبرت عن عدم رضاها على قرار إسرائيل ترحيل الحموري، وطالب بأن يتسنى له أن “يعيش حياة طبيعية في القدس”.
والجدير ذكره أن سلطات الاحتلال أبلغت المحامي الحموري يوم الأربعاء القادم، بقرار إبعاده القسري إلى فرنسا، وكان من المفترض أن يمثل يوم الخميس أمام القضاء العسكري الإسرائيلي، لكنه رفض الأمر، كما رفض الحموري التوقيع على أي إجراء بغياب طاقم المحامين.
وفي حال قامت وزارة الداخلية بإصدار أمر إبعاد جديد للحموري، يعتزم طاقم الدفاع عنه، تقديم الملف التماس جديد إلى المحكمة المركزية، ثم إلى المحكمة العليا، رغم أن عائلته لا تحمل الكثير من الأمل في إلغاء الاحتلال هذا القرار.
وسيبقى الحموري الذي انتهت مدة محكوميته الادارية دون تجديد، معتقل في سجن تابع لسلطة الإسكان التابعة لوزارة الداخلية، حال قرر الاستئناف على قرار سحب إقامته وإبعاده إلى فرنسا.
وكانت سلطات الاحتلال في وقت سابق أجبرت زوجة الحموري، الفرنسية، على مغادرة القدس مع أبنائه إثر رفض طلب لم شملها بزوجها، والحموري (37 عاما)، محامي فلسطيني ولد في القدس الشرقية، وسبق وأن اعتقل عدة مرات، آخرها في مارس الماضي، بموجب أمر اعتقال إداري لمدة ثلاثة أشهر، وقد جرى تمديد الاعتقال في يونيو الماضي، ثم في شهر سبتمبر.
وكان هذا المحامي، يعمل مع مؤسسة “الضمير” لرعاية الأسرى وحقوق الإنسان، وهي أحد المؤسسات المجتمعية والحقوقية الستة التي حظرتها إسرائيل في وقت سابق، بتهمة “الإرهاب” دون أن تقدم دليلا على ذلك.
وكونه ناشطا في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وينتقد الاعتداءات الإسرائيلية، ظل الحموري هدفًا للمضايقات، والاعتقال، وقد أصدرت السلطات الإسرائيلية قرارا بإلغاء إقامته في القدس، قبل عدة أشهر، وقررت تنفيذه بعد انتهاء مدة اعتقاله الحالية، وينفي هذا المحامي ادعاءات الاحتلال بعمله في تنظيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي تعتبرها سلطات الاحتلال الإسرائيلي “منظمة إرهابية”.
هذا وقد حذرت خبيرتان أمميتان من أن قرار إسرائيل بترحيل المحامي المدافع عن حقوق الإنسان صلاح حموري إلى فرنسا رغما عنه، قد يشكل “جريمة حرب” بموجب اتفاقية جنيف.
وقالت الخبيرتان فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967؛ وفيونوالا ني أولين، المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب في بيان مشترك “إن مثل هذه الإجراءات التعسفية أحادية الجانب التي اتخذتها السلطات الإسرائيلية انتقاما من السيد حموري كمدافع عن حقوق الإنسان، تنتهك كل مبدأ وروح القانون الدولي”.
وأكدتا أن ترحيل الأشخاص المحميين من أرضٍ محتلة محظور بموجب المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، ولفتتا إلى أن هذه الإجراءات تشكل “سابقة خطيرة للغاية لجميع الفلسطينيين في القدس”، مشددتين على أنه “لا ينبغي على المجتمع الدولي أن يظل صامتا ويتفرجَ بهدوء على هذا الانتهاك الألف”.
وقالت الخبيرتين “لقد حان الوقت للتحقيق الكامل مع إسرائيل ومساءلتها عن جرائم الحرب المزعومة التي ارتكبت في الأرض الفلسطينية المحتلة”.
وأكدتا أن الترحيل القسري للأشخاص المحميين من أرض محتلة وإجبارهم على الولاء لقوة الاحتلال، يشكل انتهاكا جسيمة للقانون الإنساني الدولي، وطالبتا إسرائيل على التراجع عن إلغاء الإقامة الدائمة للحموري وإطلاق سراحه على الفور، مشيرتين إلى جهود الحكومة الفرنسية لتأمين الإفراج عن حموري، لكنهما شددتا على ضرورة اتخاذ المزيد من الإجراءات الملموسة من قبل فرنسا والمجتمع الدولي لمنع ترحيله قسرا.
وكانت الخبيرتان قد أثارتا مرارا وتكرارا مخاوف بشأن الإجراءات التي اتخذتها السلطات الإسرائيلية ضد الحموري في 2020 و2021 و2022.
إلى ذلك فقد أجلت محكمة الاحتلال، الاستئناف الخاصة بالأسرى الستة، الذين نفذوا عملية الفرار الشهيرة في شهر سبتمبر الماضي من سجن “جلبوع”، إلى العاشر من يناير المقبل.
وقال الناطق باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين حسن عبد ربه، إن محكمة الاحتلال الإسرائيلي أجلت جلسة المحكمة التي كان من المقرر أن تعقد في محكمة الناصرة المركزية، بتاريخ السادس من الشهر الجاري.
إرجاء جلسة استئناف أسرى نفق “جلبوع” ومحكمة الأسير خليل عواودة
وكانت سلطات الاحتلال أصدرت أحكاما إضافية ضد هؤلاء الأسرى بعد أن أعادت اعتقالهم، كما فرضت عليهم إجراءات اعتقال صارمة، تمثلت في زجهم في زنازين العزل، وحرمانهم من العديد من المستلزمات الأساسية وزيارة الأهل ما دفهم للاستئناف على هذه الأحكام الجائرة.
كما أجلت محكمة الاحتلال الإسرائيلي، جلسة النظر في لائحة “الاتهام” المقدمة ضد الأسير خليل عواودة (40 عامًا) والذي كان من المفترض أن يُفرج عنه في الثاني من أكتوبر الماضي، بعد أن خاض إضرابا عن الطعام استمر لمدة 172 يومًا ضد اعتقاله الإداري، إلا أنّ سلطات الاحتلال، وقبل الإفراج عنه بفترة وجيزة، وجهت له “تهمة” محاولة تهريب هاتف أثناء نقله من مستشفى “أساف هروفيه” الإسرائيليّ إلى “الرملة”، وأبقت على اعتقاله حتّى اليوم.
ولا يزال هذا الأسير يعاني من آثار الإضراب الطويل الذي خاضه، ورغم ذلك لم يسمح لأسرته بزيارته، بعد أن فرضت إدارة السّجون عليه “عقوبة” حرمان من الزيارة لمدة شهرين.