غزة – «القدس العربي»: في اليوم الـ447 لحرب الإبادة على غزة، اقترفت قوات الاحتلال سلسلة مجازر دامية، استهدفت فيها عدة مناطق، كان أبرزها مجزرة راح ضحيتها خمسة صحافيين في النصيرات، وخمسة شهداء من الطاقم الطبي والفني في مستشفى كمال عدوان.
وحتى وقت كتابة هذا التقرير فاق عدد الشهداء الفلسطينيين جراء هجمات الاحتلال الـ44 منذ فجر الخميسحسب ما ذكرته شبكة «الجزيرة».
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة ارتفاع حصيلة حرب الإبادة الإسرائيلية إلى 45 ألفاً و399 قتيلاً و107 آلاف و940 مصاباً، منذ 7 تشرين الأول أكتوبر 2023.
وقالت الوزارة، في بيانها الإحصائي اليومي، إن الجيش الإسرائيلي «ارتكب 3 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها للمستشفيات 38 شهيداً و137 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية».
وأشارت إلى وجود عدد من الضحايا تحت ركام المنازل المدمّرة وفي الطرقات، لافتةً الانتباه إلى عجز طواقم الدفاع المدني والإسعاف عن الوصول إليهم بسبب الاستهداف الإسرائيلي المتكرر لهم.
ووسط حالةِ حزن شديدة، انهار خلالها الأهل والأصدقاء، شُيعت جثامين الصحافيين الخمسة، فيصل أبو القمصان وأيمن الجدي وإبراهيم الشيخ علي، وفادي حسونة ومحمد اللدعة، من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، ارتقوا شهداء فجر الخميس، عندما قصفت طائرة إسرائيلية بشكل متعمّد عربةً مخصصة للبث التلفزيوني، خلال وقوفها أمام مستشفى العودة في المخيم، وكان بداخلها الصحافيين الخمسة، وقد انتشلت طواقم الإنقاذ والاسعاف جثامينهم وهي مُقطعة ومتفحمة.
مجازر بحق العائلات… واستخدام لـ«الروبوتات» المتفجّرة
وتجمع حشد كبير من الصحافيين والأهالي حول جثامين الشهداء التي سُجيت في ساحة المشفى، وذرفت أمهاتهم الدموع، وسط صرخات ألم على فراقهم.، واحتضنت والدة أحد الشهداء جثمانه وهي تصرخ «يا روحي يا قلبي يا أمي سبتني (تركتني)».
ووُضعت على جثامين الشهداء الدرع الذي يحمل إشارة «صحافة»، والتي لم تقِ الزملاء الخمسة من الموت، بسبب شظايا القصف العنيف الذي تعرضوا له، وقد حملت جثامينهم بعد الوداع وأداة صلاة الجنازة إلى مقبرة المخيم، حيث ووريت الثرى.
وأكد شهود عيان من المكان لـ «القدس العربي»، أن الأوضاع كانت عادية في محيط المشفى، وأن الصحافيين كانوا يمارسون عملهم المعتاد في التغطية الإخبارية للأحداث الجارية، حين استهدف الاحتلال عربة الصحافة بصاروخ، نجم عنه دوي انفجار كبير في المنطقة.
عشاؤهم الأخير
وظهر الزملاء الخمسة، في فيديو قصير التقطه الزميل أيمن الجدي بهاتفه المحمول، وهم يتناولون طعام العشاء سوياً، قبل استهدافهم بوقتٍ قصير، وقد كان الزميل أيمن قد وصل إلى المستشفى، للاطمئنان على زوجته التي دخلته لتضع طفلاً.
وأدانت نقابة الصحافيين الفلسطينيين، المجزرة وقالت «إن هذه الجريمة تأتي في سياق سلسلة من الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة ضد الصحافيين الفلسطينيين، والتي تستهدف الإعلاميين في كل وقت ومكان، في محاولة لطمس الحقيقة وتضييق الخناق على حرية التعبير».
ولفتت الانتباه إلى أن هذا الاستهداف المتواصل يُعد «جريمة حرب وفقاً للمواثيق الدولية، ويشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان وحرية الصحافة»، وقالت إن أكثر من 190 صحافياً وعاملاً في مجال الإعلام قد ارتقوا منذ بداية العدوان على قطاع غزة، ما يعكس حجم الاستهداف الممنهج الذي يتعرض له الصحفيون الفلسطينيون.
وقال المجلس الوطني الفلسطيني، إن جريمة قتل الاحتلال الإسرائيلي خمسة صحافيين تعد «محاولة متعمدة لإسكات صوت الحقيقة وإخفاء الجرائم التي يرتكبها بحق شعبنا»، وأكد أن هذا «التجاوز الخطير بالقتل بهذا العدد من الصحافيين (..) دليل واضح أن هناك تواطؤاً دولياً، وأن جيش الاحتلال وحكومته المتطرفة يتمتعون بحصانة وحماية قوى عالمية تجاوزت القوانين والقرارات الأممية والدولية»، وطالب المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان والاتحاد الدولي للصحافيين والصحافة العالمية بالتحرك الفوري لفضح ممارسات الاحتلال لوقف هذه الجرائم ومحاسبة المسؤولين عنها. وميدانياً، استمرت التصعيد العسكري ضد مناطق وسط قطاع غزة.
واستشهد صياد فلسطيني برصاص الاحتلال غربي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
ونقلت وسائل إعلام فلسطينية عن أن الصياد استشهد جراء إطلاق قوات الاحتلال النار عليه أثناء عمله في مهنة الصيد في منطقة تبة النويري غربي مخيم النصيرات.
وهاجمت آليات الاحتلال المتوغلة في محيط «محور نتساريم» من الجهة الجنوبية، أطراف مخيم النصيرات الشمالية، وسقطت عدة قذائف على أحياء الدعوة والمفتي. كما تعرضت أطراف الحي الجديد لإطلاق نار كثيف من تلك الآليات، وأكد شهود عيان أن قصفاً مماثلاً طال أطراف مخيم البريج الشمالية والشرقية، فيما هاجمت أيضا قوات الاحتلال أطراف مخيم المغازي وبلدة المصدر الشرقية.
في الموازاة، قتلت قوات الاحتلال 5 فلسطينيين وأصيب آخرون، بينهم أطفال ونساء، الخميس، بقصف إسرائيلي استهدف منزلاً بحي الدرج بمدينة غزة.
وقال جهاز الدفاع المدني في غزة، في بيان: «استشهد 5 فلسطينيين وأصيب آخرون بقصف الجيش الإسرائيلي لمنزل يعود لعائلة علوان في منطقة يافا بحي الدرج في مدينة غزة».
في سياق متّصل، أفاد شهود عيان للأناضول أن طائرة حربية إسرائيلية قصفت المنزل، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى بينهم أطفال ونساء.
وأوضح الشهود أن طواقم الدفاع المدني لا تزال تواصل جهودها للبحث عن مفقودين تحت أنقاض المنزل الذي تعرض للقصف.
وارتكبت قوات الاحتلال مجزرةً أخرى، حين استهدفت فجراً منزلا لعائلة «الدهشان» في حي الصبرة جنوب مدينة غزة، أدت إلى ارتقاء ثمانية شهداء وإصابة عدد آخر بينهم إطفال.
وقبل ذلك استهدفت قوات الاحتلال في ساعة متأخرة من ليل الأربعاء منزلاً آخر لعائلة «دلول» في حي الزيتون جنوب شرق المدينة، وقالت مصادر طبية إن عدد شهداء الاستهداف ارتفع من خمسة مواطنين ليل الأربعاء إلى 13 ظهر الخميس، بعد ارتقاء عدد من المصابين بجراح خطيرة، وقد واجهت طواقم الإنقاذ صعوبة في انتشال الجثامين، جراء نقص الإمكانيات والدمار الكبير الذي خلفته الغارة الإسرائيلية.
ووقعت الغارات حين كان أصحاب المنزل نياماً، وخرجت جنازة التشييع من مشفى المعمداني وسط مدينة غزة، التي نقل إليها الضحايا.
وهاجمت قوات الاحتلال العديد من المناطق الحدودية لحيي الزيتون والصبرة المجاور، وقصفت قوات الاحتلال بالمدفعية أطراف هذه الأحياء، وقال شهود عيان، إن طائرة مروحية حربية، أطلقت النار على الحيين أكثر من مرة، بالتزامن مع القصف المدفعي، إلى جانب قيام طائرة مسيّرة من نوع «كواد كوبتر» بإطلاق النار على حي الزيتون، فيما استهدفت غارة جوية عنيفة منطقة تقع جنوب المدينة وقريبة من التوغل البري.
مجزرة في الشمال
وفي السياق، استمر الحصار الإسرائيلي على بلدات شمال قطاع غزة، والتي تتعرض هي الأخرى لهجمات دامية منذ بدء العملية العسكرية المتواصلة منذ 83 يوماً، واستشهد 5 من الكوادر الطبية والفنية في غارات إسرائيلية على محيط مستشفى كمال عدوان شمالي قطاع غزة.
كما استشهدت امرأة بنيران مسيّرة إسرائيلية خلال وجودها أمام المستشفى.
واستشهد أربعة مواطنين جراء استهداف قوات الاحتلال بغارة جوية عنيفة منزلاً لعائلة «رضوان» في منطقة جباليا البلد، كما استشهد مواطنان في غارات أخرى على مشروع بيت لاهيا. وترافق ذلك مع استهدافات عنيفة نفذتها قوات الاحتلال في مناطق التوغل، وذكر مستشفى العودة، أن قوات الاحتلال فجرت «روبوتاً مفخخاً» بجوار المستشفى الواقع في منطقة تل الزعتر.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي إن الجيش الإسرائيلي يرتكب «جرائم حرب مكتملة الأركان» عبر توظيف تقنيات عسكرية متطورة، من بينها روبوتات متفجّرة، لاستهداف المدنيين والمرافق الحيوية، ضمن عملياته المستمرة لإبادة قطاع غزة.
وأوضح في بيان، أنه منذ قرابة 15 شهراً من حربه ضد المدنيين والمرافق الحيوية في قطاع غزة، لم يدّخر الجيش الإسرائيلي «جهداً ولا آلية من آليات وطرق الفتك والقتل والتدمير في جرائم القتل الجماعي والتطهير العرقي إلا واستخدمها بكل إجرام ووحشية».
كما أكدت إدارة «مستشفى كمال عدوان»، أن قوات الاحتلال فجرت روبوتاً آخر على مقربة من المشفى، ما أدى إلى تطاير الشظايا إلى أقسام الجراحة ومبيت المرضى، كما تعرض محيط المستشفى إلى قصف مدفعي عنيف، وأدت إحدى الغارات إلى اشتعال النيران في أحد المنازل. وقد كانت قوات الاحتلال هددت المشفى قبل أيام وطالبت بإخلائه من الطواقم الطبية والمرضى والمصابين.
كذلك قامت قوات الاحتلال بتنفيذ عمليات نسف مبانٍ سكنية في بلدة بيت لاهيا، فيما تعرضت منطقة جباليا البلد إلى عدة غارات جوية هي ومناطق أخرى في المخيم.
أما في مدينة خان يونس جنوبي القطاع، فاستشهد ثلاثة مواطنين جراء قصف استهدف شقة سكنية في منطقة معن شرقي المدينة، فيما واصلت قوات الاحتلال قصفها العنيف بالمدفعية للمناطق الواقعة على مقربة من الحدود الشرقية، حيث سقط العديد من القذائف على بلدات عيسان والقرارة وبني سهيلا.
وذكرت مصادر طبية أن شهيدان سقطا جراء قصف إسرائيلي استهدف منطقة مصبح شمالي المدينة.
وترافق ذلك مع استمرار عمليات الهدم التي تنفذها قوات الاحتلال لحي الجنينة شرق المدينة، كما تعرضت العديد من الأحياء الشرقية لقصف جوي، حيث شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من تلك المناطق، وسمع أيضاً دوي انفجارات عالية في مناطق غرب المدينة، وتحديداً في حيي السعودي وتل السلطان، ناجمة عن عمليات قصف مدفعي وتدمير مباني جديدة.