إسرائيل تقصف بـ«الأحزمة النارية» وتوقع عشرات الشهداء… والدمار يخرج المشفى الأوروبي عن الخدمة

أشرف الهور
حجم الخط
0

غزة ـ «القدس العربي»: بصورة أخطر مما كانت عليه خلال الأيام الماضية، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي سلسلة هجمات دامية على قطاع غزة، أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا ما بين شهيد وجريح، بما يؤكد سياسة إسرائيل القائمة على التفاوض تحت الضغط العسكري العنيف، بهدف فرض شروطها في صفقة التبادل التي يجري التفاوض حولها في الدوحة.
ووصل إلى مشافي قطاع غزة خلال 24 ساعة ، 20 شهيد، و125 مصاباً، وهو عدد لا يشمل ضحايا مجازر فجر الأربعاء، لترتفع حسب ما أعلنت وزارة الصحة حصيلة الشهداء والإصابات منذ تجدد العدوان يوم 18 اذار /مارس الماضي إلى 2,799 شهيداً، 7,805 مصابين.
وأعلنت كذلك ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 52,928 شهيدا و119,846 مصاباً منذ السابع من تشرين أول /أكتوبر 2023، فيما لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

مجازر الأحزمة النارية

وفي التفاصيل، حولت كتل اللهب الناجمة عن انفجارات الصواريخ التي استهدفت عدة منازل في منطقتي مخيم جباليا وجباليا البلد، تلك المساكن إلى رماد بعد أن قتلت وأصابت من فيها، فيما أثارت أصوات الانفجارات الناجمة عنها ذعرا ورعبا في صفوف السكان والنازحين الذين يقيمون في تلك المناطق والمناطق القريبة، خاصة الأطفال والنساء.
وأعلن المستشفى الإندونيسي شمال القطاع، عن استشهاد 50 مواطنا بينهم 22 طفلاً و15 امرأة إثر قصف إسرائيلي على مناطق الشمال، وحسب مصادر محلية فإن معظم الضحايا هم من عائلات النجار، وسويلم، ومقبل، والقطناني وعودة وخليل والبسيوني والعجوري والعجرمي.
واستهدفت الغارات الجوية المتلاحقة وهي على شكل “أحزمة نارية”، عددا من المنازل الواقعة في محيط مدرسة أبو حسين ،غربي مخيم جباليا إلى جانب شقتين سكنيتين لعائلة عودة وخليل في شارع العجارمة بالمخيم، وفي محيط شارع العجارمة وسط المخيم، وفي منطقة جباليا – النزلة وفي منطقة بلدة جباليا.
وتحولت تلك الأماكن المستهدفة إلى ركام، وعلا الصراخ في تلك الأماكن بعد سكوت صوت الصواريخ، التي بددت سكون اليل، وبدأ جيران المناطق المستهدفة يتفقدون أُسرهم قبل التوجه لمعرفة مكان الاستهداف وانتشال الضحايا.
وقد واجهت طواقم الإنقاذ والاسعاف صعوبات كبيرة في تلبية نداءات الاستغاثة الكثيرة عندما وقعت الهجمات المتلاحقة فجر الأربعاء، خاصة في ظل نقص الإمكانيات المتوفرة لديها، بسبب تدمير جزء كبير منها، وبسبب نقص الوقود والمعدات الطبية اللازمة لعمليات الإنقاذ، والناجمة عن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.
واضطر المسعفون إلى وضع أكثر من مصاب في عربة الإسعاف الواحدة، إلى جانب وضع جثامين الضحايا فوق بعضها البعض في عربات الإسعاف، ولوحظ أن طواقم الإنقاذ اضطرت للاستمرار في عملها حتى ساعات الظهيرة، بحثا عن الضحايا الذين تهاوت عليهم طبقات المنازل الأسمنتية وعلقوا في أماكن صعبة.
وقامت الطواقم الطبية بنقل الضحايا إلى مشافي العودة والإندونيسي، التي أعلنت حالة الطوارئ، حيث اضطرت لتقديم العلاج للكثير من المصابين وهم يفترشون الأرض، لعدم وجود ما يكفي من أسّرة للعلاج.

لقطات من قبل المجازر

ووثقت لقطات مصورة طفلة رضيعة لا يتجاوز عمرها ستة أشهر، وهي داخل إحدى عربات الإسعاف عقب انتشالها مبتورة القدمين من تحت الركام، تتلقى علاجا أوليا من المسعفين.
وكان من بين الضحايا تسعة شهداء وعدد من المصابين في قصف استهدف منزل عائلة مقبل في منطقة الجرن في مخيم جباليا، وفي ذلك المكان لم يتمالك أقارب الضحايا أنفسهم وبكوا بحرقة.
وصبيحة أمس الأربعاء، وخلال تفقد الدمار الذي لحق بمساكن في منطقة شارع العجارمة بمخيم جباليا، غير البعيد عن مكان عائلة مقبل، كانت أحدى السيدات التي تقطن على مقربة من المكان تراقب من أمام منزلها المنازل المستهدفة، وقالت لـ “القدس العربي” : “شعرنا بزلزال قوي، البيت تحرك شمالا ويمينا من شدة القصف”. وتضيف السيدة “أم محمد” إلى أنه في هذا الوقت حملت الأسرة الأطفال النيام ونزلت بهم إلى الطابق السفلي في البناية، وأن الجميع وقتها كان يعتقد أن القصف سيتواصل وسيضرب كل بنايات المنطقة، وتحدثت عن لحظات الخوف الشديدة التي عاشتها الأسرة وخاصة الأطفال، وأضافت “مش بكفي الجوع والفقر ؟؟ كمان موت وقصف”، وكانت تشير إلى واقع سكان قطاع غزة الصعب الذي يعيشونه بسبب الحرب.
وبسبب كثرة عدد الضحايا وضعت جثامينهم في باحة ثلاجات الموتى، فيما وضعت جثامين ثلاثة أطفال بجوار بعضها البعض داخل أحدى فتحات لحفظ الجثامين حتى موعد الدفن، في مشهد يتكرر بعد كل مجزرة كبيرة، وانتظر الأهالي حتى الصباح، وعلى عَجَل قاموا بعد أداء صلاة الجنازة الجماعية على الضحايا في المشافي، بنقلهم إلى مقابر قريبة لمواراتهم في الثرى.
ولم تكتف قوات الاحتلال بهذه المجازر شمال قطاع غزة، حيث استشهد أربعة مواطنين وأصيب عدد آخر من السكان، جراء استهداف الاحتلال المدرسة الأيوبية وهي إحدى مراكز الإيواء في جباليا.
وعادت قوات الاحتلال وقصفت بالمدفعية عدة مناطق تقع على مقربة من الحدود الشمالية والشرقية للقطاع، كما أصيب عدد من المواطنين جراء قصف جرافة داخل المستشفى الإندونيسي.
وفي مدينة غزة، استشهد ثلاثة مواطنين جراء استهداف طائرات الاحتلال مجموعة منهم في محيط شارع أبو عصر في حي الشجاعية شرقا، وفي هجوم آخر سقط شهيد جراء قصف الاحتلال محيط مسجد بدر في الحي، فيما جرى انتشال جثمان شهيد، قضى في قصف سابق على منطقة اجديدة.
كذلك تواصلت الهجمات العنيفة على المناطق الحدودية أيضا القريبة من مناطق التوغل البري شرق وجنوب المدينة، واستهدفت قوات الاحتلال أطراف حيي الشجاعية والتفاح وكذلك حي الزيتون، وذكرت مصادر محلية أن الطائرات المسيرة من نوع “كواد كابتر” حلقت فوق تلك الأجواء، وهي طائرات تنفذ مهاما هجومية وعمليات إطلاق نار توقع ضحايا.
وفي وسط قطاع غزة، أعلنت مستشفى العودة في مخيم النصيرات، عن استقبال أربع إصابات جراء سقوط طائرات مُسيّرة إسرائيلية على تجمعات للمواطنين بالقرب من أبراج الأسرى شمال غرب المخيم.
وجاء ذلك في وقت قصفت فيه قوات الاحتلال بالمدفعية أطراف المخيم الشمالية القريبة من مناطق التوغل في “محور نتساريم”، من الجهة الجنوبية، كما استهدفت كالعادة الأطراف الحدودية الشرقية لوسط قطاع غزة، ضمن المحاولات الرامية لإفراغها كليا من السكان.
أما في مدينة خان يونس جنوبي القطاع، فقد اقترفت قوات الاحتلال سلسلة مجازر خطيرة، أسفرت عن سقوط عدد كبير من الضحايا، حيث استشهد 10 من أفراد عائلة أبو أمونة، من بينهم رجل وزوجته وخمسة من أبنائه، وثلاثة أطفال أشقاء من أقاربهم، في غارة جوية استهدفت منزلهم في بلدة الفخاري شرق المدينة..
وفي مجزرة أخرى سقط أربعة شهداء من عائلة الغانم، هم رجل وزوجته وابنتاه، جراء قصف استهدف خيمة نزوحهم في منطقة المواصي غربي المدينة، وهي منطقة يزعم جيش الاحتلال أنها منطقة عمليات إنسانية، غير أنه صعّد مؤخرا من عمليات استهدافها موقعا عشرات الضحايا، وقضى أيضا شهيدان وأصيب آخرون في غارة جوية إسرائيلية، استهدفت منزلا يقع غرب مستشفى غزة الأوروبي، كذلك استشهد ثلاثة مواطنين متأثرين بجروحهم في قصف استهدفهم الثلاثاء.
وتمكنت طواقم الإنقاذ من انتشال جثامين 4 شهداء ارتقوا في قصف إسرائيلي سابق على المدينة، وخرجت تباعا مواكب تشييع الشهداء من مشفى ناصر، بعد أداء صلاة الجنازة.
وعادت طائرات الاحتلال واستهدفت بست غارات جوية مناطق محيطة بالمشفى الأوروبي، لتستكمل القصف الجوي الذي شنته عصر الثلاثاء، وطال تلك المنطقة وأماكن أخرى داخل المشفى، ما أدى إلى استشهاد 16 مواطنا.
وأعلنت وزارة الصحة أنه بسبب الغارات الجوية، خرج مستشفى غزة الأوروبي عن الخدمة، نظرا للأضرار التي لحقت به.
كما أصيب عدد من المواطنين في قصف من مسيرة إسرائيلية على منزل في بلدة عبسان الكبيرة شرقي خان يونس، فيما استهدف القصف المدفعي العديد من المناطق القريبة من الحدود الشرقية والجنوبية للمدينة، كان من بينها صالة كندا شمال شرق المدينة.
وذكرت مصادر محلية أن الطيران المروحي الإسرائيلي، هاجم عدة مناطق تقع شمال غرب مدينة رفح التي تخضع لاحتلال كامل من جيش الاحتلال بعد تهجير سكانها مع بداية استئناف العدوان على غزة.
كما سمع دوي انفجارات ناجمة عن عمليات نسف بنايات وقصف مدفعي استهدف المناطق الشمالية الشرقية للمدينة، وقال شهود عيان إن دبابة إسرائيلية اعتقلت “تبة أبو عطايا” وأطلقت النار والقذائف الصوتية تجاه خيام النازحين في مواصي رفح.
وردا على الهجمات الإسرائيلية، بثت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة «حماس»، ضمن سلسلة عمليات “أبواب الجحيم” شرق مدينة رفح، لقطات تظهر استهداف مقاتليها جنودا إسرائيليين في محور التوغل في حي التنور شرق مدينة رفح.

ادانات

وقالت حركة «حماس» إن قصف المنازل المأهولة على رؤوس ساكنيها وارتكاب المجازر فيها، يعد “سلوكا وحشيا فاشيا لن يجلب لمجرم الحرب نتنياهو أيا من أشكال النصر”، وطالبت المجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية بـ “التحرّك الفوري والضغط بكل الوسائل للجم حكومة الاحتلال، ووقف حرب الإبادة المُستَعِرة ضد المدنيين في غزة”، وقالت إن ذلك يأتي في الوقت الذي يسعى فيه الوسطاء للوصول إلى وقفٍ لإطلاق النار وإنجاز صفقة تبادل.
كذلك قال رئيس المجلس الوطني روحي فتوح ، معلقا على هذه المجازر بأنها “تمثل تصعيدا خطيرا في سياسة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي تمارسها إسرائيل بحق شعبنا”، وأكد أن استهداف الأطفال والنساء بالطيران الحربي وقصف المستشفيات واستشهاد أكثر من 100 مواطن خلال 24 ساعة في ظل الحصار الخانق وغياب الرعاية الصحية “يعد جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية تستوجب موقفا دوليا وأمميا عمليا لوقف العدوان الوحشي على شعب أعزل، وتوفير الحماية الدولية من الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، واتخاذ إجراءات فورية وفعالة لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية