إسرائيل تواصل حربها على غزة وترتكب المزيد من المجازر والوسطاء يحذرون من انشطار الوضع

سليمان حاج إبراهيم
حجم الخط
0

الدوحة ـ «القدس العربي:» أدت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة إلى تجميد الجهود الدبلوماسية التي يبذلها الوسطاء المصريون والقطريون بدعم من الولايات المتحدة لوقف الحرب على غزة، تزامناً تبنى الكنيست قرارا ينص على رفض إقامة دولة فلسطينية وذلك للمرة الأولى في تاريخ المجلس. وجاءت التطورات لتعرقل جهود الواسطة التي تبذلها قطر والأطراف الدولية الأخرى، وترسل رسائل سلبية عن حقيقة دوافع تل أبيب من التوصل لحل ينهي الأزمة في القطاع المحاصر. وفي وقت أبدت فيه حماس انفتاحها على إجراء المزيد من المحادثات، تتحرك حكومة أركان حرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اتجاه توسيع الحرب واستهداف المزيد من المدنيين في القطاع. كما يعمل مقربون من حكومة تل أبيب على بعث رسائل تؤكد عزمهم الاستمرار في الحرب التي ترفع من فاتورة الضحايا. وسعت حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى إثبات حسن نواياها حيال الجهود التي يبذلها الوسطاء وتحديداً قطر، ومنحتهم دفعة أمل للمضي قدماً في المفاوضات الجارية. ومؤخراً أعلنت حماس أنها وافقت «أن تنطلق المفاوضات» حول المحتجزين الإسرائيليين «من دون وقف إطلاق نار» دائم في قطاع غزة. وكانت الحركة وضعت وقف إطلاق النار الدائم شرطاً أساسياً للمضي في تفاصيل الصفقة التي تطبخ على نار هادئة. ويأتي تصريح حماس وسط تجدد جهود الوساطة التي تبذلها الولايات المتحدة وقطر ومصر لحثّ إسرائيل والمقاومة الفلسطينية على خوض محادثات لوقف الحرب المستمرة منذ تسعة أشهر والتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين في غزة والأسرى المعتقلين لدى إسرائيل. وإلى وقت قريب تشددت حماس على موافقة إسرائيل على وقف كامل لإطلاق النار بشكل دائم لتخوض مفاوضات حول المحتجزين، وهو ما اصطدم بصلابة موقف تل أبيب. وحسب مصادر دبلوماسية متابعة للملف، يشهد مسار المفاوضات جموداً وغموضاً بعدما تراجعت تل أبيب عن التزاماتها، بالرغم من مرونة فصائل المقاومة الفلسطينية.

وتتحرك فصائل المقاومة الفلسطينية على ضوء تطورات القضية، وسعي حلفاء نتنياهو الدائم لتفجير الوضع، تحديداً مع إعلان الكنيست الإسرائيلي رفض إقامة دولة فلسطينية، وهو الإجراء الذي يسبق زيارة نتنياهو لواشنطن لإلقاء كلمة في جلسة مشتركة مع الكونغرس.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه مصمم على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، مؤكدا أن هناك فرصة «حاليا لإنهاء هذه الحرب». وترى فصائل فلسطينية أن قرار الكنيست من شأنه إدامة الصراع مع إسرائيل ويزيد من زعزعة الاستقرار. وشهدت العاصمة القطرية حراكاً مع زيارات قادة الفصائل الفلسطينية وعقد اجتماعات ثنائية وموسعة لتنسيق الموقف من التطورات قبيل اجتماع تستضيفه العاصمة الصينية بكين لمعظم الفصائل الفلسطينية. ومؤخراً اجتمعت قيادات حركتي المقاومة الفلسطينية حماس والجهاد الإسلامي في العاصمة القطرية الدوحة. وناقشت حماس والجهاد تطورات الوضع في غزة على ضوء الحرب الإسرائيلية على القطاع. وتوافقت الحركتان على أن الورقة الأخيرة التي قدمتها حماس تمثّل السقف والحد الذي يمكن أن يقدم في المسار التفاوضي، تحديداً مع تراجع حماس خطوة وإبداء المرونة في شرطها السابق بوقف الحرب قبل أي تبادل للمحتجزين والأسرى، وهو ما قوبل بتراجع بنيامين نتنياهو عن أي التزام بوقف الحرب التي يشنها جيش الاحتلال، الذي يواصل ارتكاب المجازر، على حد وصف مصادر متابعة. ودار في الاجتماع حديث عن ضرورة سحب منظمة التحرير الفلسطينية اعترافها بإسرائيل، وهي من النقاط التي تنوي قيادات الفصائل طرحها في اجتماع بكين. وتشهد الدوحة منذ أكتوبر الماضي حراكاً دبلوماسياً حيث تستضيف جولات المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل، بمشاركة الولايات المتحدة ومصر. وشهدت قطر اجتماعات للفصائل الفلسطينية، خصوصاً وأنها تستضيف قادة في حماس. وسبق أن زار وفد من حركة المبادرة الوطنية برئاسة مصطفى البرغوثي، والجبهة الديمقراطية، وتيار الإصلاح الديمقراطي المنشق عن فتح، والذي يتزعمه القيادي الفلسطيني محمد دحلان، إضافة إلى حركة الجهاد الإسلامي في مناسبات مختلفة. كما اجتمعت قيادات فلسطينية وزارت قطر لأول مرة ضمن المساعي لتبادل الآراء حول مستقبل فلسطين، على ضوء الحرب الإسرائيلية على غزة.

نتنياهو ودوامة الشروط

وينطلق قادة الفصائل الفلسطينية في تحركاتهم لترتيب البيت على ضوء الواقع الذي فرضه الاحتلال الإسرائيلي الماضي في حربه المستمرة على غزة، واستهداف الضفة والقدس المحتلتين.
وتدرك القيادات الفلسطينية حساسية الظرف، تحديداً مع توالي حدة تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي وتجديد شروطه لوقف الحرب على غزة، وإعلان تمسكه بمواصلة القتال حتى تحقيق ما يصفه بالقضاء على حركة حماس وإعادة المحتجزين إلى بيوتهم. ويعلن بنيامين نتنياهو صراحة أنه ملتزم بمقترح صفقة التبادل وفق الخطوط الحمراء التي وضعها مسبقا، وفي مقدمتها عدم وقف الحرب، واحتفاظ إسرائيل بالسيطرة على المنطقة الحدودية بين مصر وغزة وعلى «ممرّ فيلادلفيا ومعبر رفح». وعدّد نتنياهو الشروط الثلاثة الباقية التي وضعتها حكومته في المفاوضات غير المباشرة مع حماس التي تجري بوساطة مشتركة قطرية-مصرية-أمريكية، وقال إنّ أيّ اتّفاق «يجب أن يسمح لإسرائيل باستئناف القتال بعد انتهاء فترة الهدنة التي سينصّ عليها حتى تتحقق أهداف الحرب». ويضيف أنّ إسرائيل لن تسمح بعودة المسلّحين أو الأسلحة إلى شمال قطاع غزة، كما اشترط أن يتمّ في المرحلة الأولى من الاتفاق الجاري التفاوض على «الإفراج عن أكبر عدد ممكن من المحتجزين».

واشنطن تعتبر
المفاوضات معقدة

تجد الولايات المتحدة نفسها في زاوية ضيقة بسبب تعنت تل أبيب في الاستجابة للورقة التي أعلنها البيت الأبيض ووافقت عليها حماس. وكانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن المقبل على منافسة شرسة مع غريمه دونالد ترامب، تحاول جاهدة التوصل لاتفاق ينهي الحرب الإسرائيلية وتبادل المحتجزين والأسرى قبيل المعركة على البيت الأبيض. ومؤخراً أشار بايدن إلى أن حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وإسرائيل قبلتا بالإطار الذي طرحه لوقف إطلاق النار في غزة، لكنه أضاف أنه لا تزال هناك فجوات يتعين سدها، «ولذلك أرسلت فريقي إلى المنطقة لصياغة التفاصيل». ويكشف بايدن أن القضايا التي يتم التفاوض بشأنها في الدوحة من أجل وقف إطلاق النار في غزة «صعبة ومعقدة». وقبل فترة زار مدير المخابرات المركزية الأمريكية بيل بيرنز والمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط بريت ماكغورك الشرق الأوسط وعقدا اجتماعات مع مسؤولين في المنطقة لبحث التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار.

الأمم المتحدة تؤكد على إنهاء الحرب في غزة

دعا أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، مجدداً إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وحث كافة الأطراف على سرعة التوصل لاتفاق. وقال غوتيريش: «حان الوقت لإنهاء الحرب الفظيعة في قطاع غزة.. كما حان الوقت لكي تظهر الأطراف الشجاعة السياسية والإرادة السياسية للتوصل في النهاية إلى اتفاق».
وتأتي دعوة غوتيريش بالتزامن مع الرسالة التي بعث بها رياض منصور السفير الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، مطالباً فيها المجتمع الدولي والأمم المتحدة بوقف المذبحة الإسرائيلية للشعب الفلسطيني، وضمان حماية الفلسطينيين وفقا للقانون الدولي وأوامر التدابير المؤقتة الملزمة الصادرة عن محكمة العدل الدولية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية