إسرائيل في أزمة عميقة

حجم الخط
4

تتعمق الأزمة الداخلية الإسرائيلية يومياً، وتتوسع دائرة الاحتجاجات الداخلية التي تلاحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بسبب تزايد القناعة في الأوساط الإسرائيلية بأن هذه الحرب الدموية العمياء، التي تستهدف قطاع غزة ليس لها أي فائدة ولا تُحقق أياً من أهدافها، وتُكلف الدولة الإسرائيلية أكثر بكثير من الفوائد التي تجنيها.
قبل 18 شهراً أعلن نتنياهو أنه ذاهب إلى غزة في حربٍ شاملة لتحقيق ثلاثة أهداف: استعادة الأسرى الإسرائيليين، القضاء التام على حركة حماس، وتأمين المناطق الجنوبية، بما فيها مستوطنات غلاف غزة التي هي منذ سنوات وهي تحت مرمى الصواريخ الفلسطينية، ويضطر سكانها بين الحين والآخر للنزول إلى الملاجئ.
واقع الحال أن نتنياهو لم يُحقق حتى الآن أياً من أهدافه، التي وضعها لنفسه؛ فلا استعاد أياً من الأسرى بالقوة العسكرية، أو بواسطة الحرب، ولا تمكن حتى اللحظة من القضاء على حركة حماس، ولا هو تمكن من تأمين المستوطنات في الجنوب، بل إن اللافت هو أنه بعد أقل من 48 ساعة على استئناف الحرب بعد الهدنة، أي يوم العشرين من آذار/مارس 2024 تعرضت مدينة تل أبيب لوابل من الصواريخ القادمة من غزة، ولم تتمكن القوات الإسرائيلية، التي تنتشر على كامل أراضي القطاع من تحديد مصدر تلك الصواريخ، ولا مكان تخزينها، وهي رسالة بالغة الأهمية تلقاها نتنياهو كالصفعة على وجهه.

الإسرائيليون أنفسهم يعترفون بأن هذه الحرب لم يعد لها بوصلة، ولم تتمكن من تحقيق أي من أهدافها، وأنها أداة للقتل الأعمى فقط، وأن نتنياهو يستخدم هذه الحرب من أجل الهروب إلى الأمام

أصبح واضحاً أن حرب نتنياهو على غزة ليس لها أي أفق، ويتضح من القصف الأعمى الذي يستهدف المدنيين والمستشفيات وخيام النازحين ومقرات الأونروا والمنظمات الدولية والجمعيات الخيرية، أن إسرائيل لم تعد لديها أية أهداف في غزة، وأنها تلجأ إلى القتل الأعمى فقط، فمنذ استئناف الحرب بعد الهدنة يوم 18 مارس الماضي، لم تتمكن القوات الإسرائيلية من اصطياد أي من الأهداف التابعة لحركة حماس، باستثناء ما تمكنت منه في اليوم الأول لاستئناف الحرب، عندما اغتالت عدداً من قادة الجناح السياسي، وهم شخصيات معروفة في الشارع، ولم تكن تتخفى وأغلب الظن أنها غير مرتبطة بالعمل العسكري. هذه المعطيات هي التي تؤدي إلى توسع الغضب داخل إسرائيل من هذه الحرب وتؤدي إلى مفاقمة أزمة نتنياهو الداخلية، وهذا ما تجلى خلال الأيام القليلة الماضية بالتوقيعات المتزايدة على عرائض غاضبة تُطالب بوقف الحرب، والتوصل إلى صفقة من أجل استعادة من تبقى من الأسرى الإسرائيليين. اللافت في العرائض الإسرائيلية التي تطالب نتنياهو بإنهاء هذه الحرب العبثية، هي أنها توسعت لتصل إلى كبار النخبة في الدولة العبرية، بمن فيهم حلفاء وأصدقاء لنتنياهو ذاته، مثل الرئيس السابق للموساد داني ياتوم، الذي سبق أن خطط ودبر لمحاولة اغتيال خالد مشعل في العاصمة الأردنية سنة 1997، وكان نتنياهو في ذلك الحين هو رئيس الوزراء، بينما يعمل ياتوم تحت إمرته رئيساً لجهاز الموساد. كما وقّع أكثر من 250 عضواً سابقاً في الموساد على رسالة دعم لمبادرة الطيارين الرافضين للخدمة العسكرية والرافضين للحرب على غزة، داعين الحكومة الإسرائيلية للتحرك فوراً من أجل التوصل إلى اتفاق لإعادة جميع الأسرى الـ59 الذين ما زالوا في غزة، ومن بين الموقعين على هذه الدعوة ثلاثة من رؤساء الموساد السابقين هم، داني ياتوم، وإفرايم هاليفي، وتامير باردو.
ووقع أكثر من 200 طبيب من قوات الاحتياط الإسرائيلية في مختلف وحدات الجيش الإسرائيلي على رسالة مماثلة بعثوا بها إلى نتنياهو ووزير حربه، يطالبونهما فيها بوقف الحرب والتوصل إلى اتفاق يُعيد الإسرائيليين إلى ديارهم، وقالوا في رسالتهم: «بعد أكثر من 550 يوماً من القتال الذي ألحق بالفعل خسائر فادحة بدولة إسرائيل، نشعر بالألم، لأن القتال المستمر في غزة يهدف في المقام الأول إلى خدمة مصالح سياسية وشخصية دون أي غرض أمني». وأضافوا: «استمرار القتال لا يساهم في تحقيق أهداف الحرب المعلنة منذ البداية، ويعرض للخطر جنود جيش الدفاع الإسرائيلي وحياة مواطنينا المختطفين»، حسبما نقلت جريدة «إسرائيل اليوم» عن هذه الرسالة.
والخلاصة هي، أن الإسرائيليين أنفسهم يعترفون أكثر فأكثر بأن هذه الحرب لم يعد لها بوصلة، ولم تتمكن من تحقيق أي من أهدافها، وأنها أداة للقتل الأعمى فقط، وأن نتنياهو يستخدم هذه الحرب من أجل الهروب إلى الأمام ولإشعار الإسرائيليين بأن الخطر يحيط بهم وعليهم التمسك به والالتفاف حوله، ذلك أن خضوع نتنياهو إلى المساءلة والحساب سوف يعني بالضرورة أنه سيخسر مستقبله السياسي بشكل كامل وربما ينتهي به الأمر إلى السجن.
كاتب فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عبده بغيل:

    تمرد داخل جيش العدو الإسرائيلي : ازمة ثقة غير مسبوقة تهدد كيان الإحتلال

    كتب عبده بغيل

    تصاعد غير مسبوق في الاعتراضات داخل جيش كيان العدو الصهيوني يهدد بتصدع بنيته الداخلية، وسط اتهامات متبادلة بين القيادة السياسية والعسكرية. ففي الوقت الذي يصف فيه المجرم نتنياهو المعترضين بـ”الغوغائيين الذين يخدمون أعداء إسرائيل”، تكشف تقارير إعلامية عن أزمة ثقة غير مسبوقة، حيث يرفض الآلاف من جنود الاحتياط الاستجابة لنداءات التجنيد،

    أكثر من 100 ألف جندي احتياطي عن الاستجابة لنداءات التجنيد بينما يرفض عدد متزايد منهم المشاركة في الحرب على غزة لأسباب عدة مايعد ضربة قوية لقدرة الجيش العدو الإسرائيلي في الحفاظ على قوته.

    من جهة اخرى يشهد الشارع داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة موجة احتجاجات عارمة مطالبة
    بإعادة الأسرى، وإسقاط رأس الإجرام نتنياهو.
    خاصة بعد فشل الجيش العدو الإسرائيلي في استعادتهم بالقوة،

    هذه التطورات تشير إلى أن الكيان المؤقت يواجه كثير من الانقسامات على المستوى داخلي وخارجي بشكل كبير، وأن استمرار الحرب على غزة يزيد من حدة هذه الانقسامات

  2. يقول هدهد سليمان:

    نمبر ون

    لا يجب المراهنة على حدوث حرب اهلية بين اليهود داخل اسراءيل لشدة الاختلافات المزعومة بينهم إلى درجة تصل فيها هذه الاختلافات إلى تهديد وجودي يهدد الكيان من الداخل بحرب أهلية طاحنة تودي إلى انتهاءه.
    هذا لن يحصل اسراءيليا أبدا مهما بلغت ذروة هذه الخلافات.
    لا اقول ان مايحصل هو توزيع ادوار، حيث ان توزيع الأدوار ممكن حصوله في راس مؤسسة الحكم الرسمية او بين رءوس الحكم والمعارضة نعم.
    ولكن لا توزيع ادوار في المواجهات بين منتسبي الكيان من العبرانيين العامة في الشارع.
    اليهود يعلمون ان لا مجال أبدا لهم في البقاء والعيش إذا بلغت بهم الأمور حد الاقتتال الداخلي بالسلاح.
    للأسف هذه امنيات الضعفاء الذين لايملكون تغيير من الخارج ولا نقول الفلسطيني منهم فنحن لسنا بضعفاء ونحارب باظافرنا وأسناننا ولكن هنالك من غير الفلسطينيين من يروج للفكرة وهي في الحقيقة مجرد سراب ووهم وضغث حلم يقظة.
    اما بالنسبة لنتانياهو فبالرغم من انه لص ومرتشي وكاذب ومجرم فإنه الكنج المدلل عند بني اسراءيل وهو ترمب الأصغر عندهم وأكبر شنب معارض او حليق يلتف حوله عند اشتداد الأزمات واذا حلت مسالة الاسرى الصهاينة وتم إطلاق سراحهم فلن يختلف اثنين على نتانياهو.

  3. يقول هدهد سليمان:

    نمبر تو.
    الكاذبون هم باراك واولمرت وجميع قادة الجيش ورؤساء أركانه السابقين والمعارضين السابقين واللاحقين، فالذي رأيناه من هولاء المحرمين القتلة الذين يدعون الإنسانية بعد ترك مناصبهم هو قمة النفاق والكذب والحقارة والحرص على الوجود الإعلامي مش اقل.
    هل تصدق المحرم يهود باراك قاتل دلال المغربي عندما يخرج بلباس الواعظين الداعي إلى السلام مع فريد زكريا في السي ان ان؟ هل هو افضل من نتانياهو؟
    وهل تصدق اللص المجرم السجين أولمرت في حديثه الكاذب المزعوم عن السلام،
    كلهم اوسخ من بعض وكلهم قاريين عند خخام واحد.

  4. يقول سلام عادل _المانيا:

    لالاسف أصبحت حماس في مأزق فهي بلا خيارات وتناول من أجل البقاء في غزة ولو بالاسم فقط فعلينا قول الحقيقة ولو كانت مرة

اشترك في قائمتنا البريدية