إسرائيل في مأزق… كيف يمكن للعرب أن يستغلوا اللحظة؟

حجم الخط
8

تعاني «إسرائيل»، شعباً وجيشاً وحاكمين ومعارضين، أزمةً عميقة، منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 ولمّا تستفيق بعد من صدمتها الشديدة. الأزمةُ مستمرة ومتفاقمة، وقد شملت ميادين عدّة : الاقتصاد، وحملة اجتذاب يهود العالم إلى كيان الاحتلال للتوطّن فيه، إذ تحوّلت هجرةً معاكسة إلى خارجه، وعجْز الجيش الإسرائيلي عن تحقيق أهداف حرب الإبادة، التي شنّتها حكومة بنيامين نتنياهو على قطاع غزة منذ نحو 19 شهراً، واضطرارها في مطلع كانون الثاني/يناير الماضي إلى توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار بمراحل ثلاث، ما لبثت أن توقْفت عن تنفيذه مع حلول انتهاء مرحلته الأولى، واستئنافها الحرب بوحشية غير مسبوقة، ما أدى إلى استشهاد ما يزيد عن خمسين ألفاً وجرح أكثر من مئة ألف من الفلسطينيين سكان القطاع.
لعل أخطر تداعيات هذه الأزمة حدثان: الأول، تصاعد الأصوات المطالبة بوقف الحرب حتى لو كان الثمن إنهاء القتال فوراً لضمان الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، إذ إن آلاف الجنود النظاميين والاحتياطيين، إلى جانب المئات من المسؤولين في الأجهزة الأمنية كالموساد والشاباك وغيرهما، والطيارين وجنود البحرية طالبوا بوجوب وقف الحرب وتبادل الأسرى، ما أدى إلى رفع عدد موقعي رسائل وعرائض الاحتجاج على استمرار الحرب إلى خمسة آلاف (حسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» في 2025/4/1) ناهيك عن عشرات آلاف المتظاهرين كل يوم سبت المطالبين بوقف القتال لضمان الإفراج عن الأسرى، عن طريق التفاوض مع حركة «حماس».

تفجّرُ انقسام سياسي حادّ في كيان الاحتلال بين معارضي نتنياهو ومؤيدي حكومته اليمينية المتطرفة، والمصمّمة على متابعة حرب الإبادة وعلى مجابهة معارضيها من أحزابٍ سياسية وضباط كبار متقاعدين

الحدثُ الثاني، تفجّرُ انقسام سياسي حادّ في كيان الاحتلال بين معارضي نتنياهو ومؤيدي حكومته اليمينية المتطرفة، والمصمّمة على متابعة حرب الإبادة وعلى مجابهة معارضيها من أحزابٍ سياسية وضباط كبار متقاعدين أبرزهم اللواء يتسحاق بريك المسؤول السابق عن الكليات العسكرية، الذي جزم في رسالةٍ مفتوحة إلى رئيس هيئة الأركان الجديد للجيش الإسرائيلي اللواء إيال زامير، بأن استمرار القتال سيؤدي إلى موت من تبقّى من الأسرى الأحياء، والى استنزاف الاقتصاد و»تحويلنا إلى منبوذين في نظر العالم، وإلى عدم حسم المعركة ضد «حماس»، وعدم إقامة حكم عسكري إسرائيلي في قطاع غزة» (صحيفة «معاريف» في 2025/4/14).
إلى ذلك، يعاني كيان الاحتلال موجةَ نفورٍ وإدانة وتنديد في شتى أنحاء العالم لقيامه بمنع وصول المساعدات الغذائية والإنسانية والمستلزمات الطبية والوقود إلى المحتاجين والمواطنين في القطاع، وتعاظم عمليات القتل والتدمير بحق السكان المدنيين، الأمر الذي حمل منظمة الصحة العالمية على وصف غزة بأنها أقرب ما تكون إلى «مقبرة جماعية». «إسرائيل» إذن في أزمة… كيف يمكن اغتنامها من جانب العرب، حكوماتٍ وقوى شعبية حيّة، من أجل دعم صمود الشعب الفلسطيني في كل أراضيه المحتلة، وكسر الحملة الصهيونية الممنهجة لتجويعه وتهجيره؟
طُرح هذا السؤال في اجتماعٍ للجنة المتابعة في المؤتمر العربي العام قبل أيام، فقلت للأعضاء المشاركين، إن القوى الحيّة في شعوب الأمة والقلّة التي تحاكيها في بعض الحكومات العربية، تستطيع القيام أو المساعدة على الأقل في النهوض بالمهام الآتية:
أولاً، إدانة وتعطيل الحملة الصهيوأمريكية ضد حركات المقاومة في فلسطين المحتلة ودول الجوار المحيطة بها، كما في الأقطار التي انتفضت شعوبها تأييداً للمقاومة الفلسطينية، كاليمن والعراق والأردن ومصر، بكل الوسائل الشعبية السلمية المتاحة، والحرص على عدم الانزلاق إلى مهاوي حربٍ أهلية مع أنصار الحكومات المطبّعة مع العدو الصهيوني.
ثانياً، تنظيم حملات سياسية شعبية واسعة في كل أنحاء العالم، خصوصاً في عالم العرب والإسلام، من أجل حمل الدول العربية والإسلامية والحكومات المؤيدة لحق الشعب الفلسطيني بالتحرير والعودة إلى اتخاذ قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة في إطار «مبادرة الاتحاد من اجل الحرية والسلام» يقضي بإدانة الدول والأطراف التي تشارك في عملية محاصرة الشعب الفلسطيني، والحؤول دون وصول المساعدات المتعلّقة بالأغذية والأدوية والمستلزمات الطبية والوقود إلى مؤسساته الرسمية والأهلية وإلى فروع المنظمات الأممية ذات الصلة، وإنشاء قوة طوارئ دولية مهمتها حماية وتسهيل مسيرة قوافل ومواكب نقل الأغذية والأدوية والمستلزمات الطبية والوقود المنطلقة من كل انحاء العالم، ولاسيما من مصر والأردن، والمتجهة إلى فلسطين المحتلة، وخصوصاً إلى قطاع غزة، وردع أي محاولات لاعتراضها أو الحؤول دون وصولها إلى المناطق المتوخاة في فلسطين المحتلة، وقطاع غزة خاصةً. وفي حال قيام أيّ دولة أو طرف رسمي أو أهلي باعتراضها أو الحؤول دون قيامها بمهامها، يُصار إلى إحالة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المشار إليه آنفاً والمتخذ في إطار «مبادرة الاتحاد من أجل الحرية والسلام» إلى مجلس الأمن الدولي بغية أخذ العلم به وتكريسه، واتخاذ قرارٍ تكميلي معجل التنفيذ، بإعلان قطاع غزة منطقة منكوبة وفق أحكام المادتين 42 و43 من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، يقضي بإنشاء قوة عسكرية برية وجوّية وبحرية لحماية وتسهيل وصول قوافل ومواكب نقل الأغذية والأدوية والمستلزمات الطبية والوقود إلى كل أنحاء قطاع غزة من جميع الجهات والمناطق البرية والبحرية المتاحة في الدول المحيطة بالقطاع وقبول مشاركة كل دولة أو طرف رسمي أو أهلي في منظومة الوسائل والآليات المختصة بنقل مواد الأغذية والأدوية والمستلزمات الطبية والوقود موضوع القرار المذكور آنفاً إلى مواقع تسليمها المحددة سلفاً.
ثالثاً، دعوة جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والوكالات والمنظمات المنبثقة منها والتابعة لها، إلى تنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن الدولي المشار إليهما آنفاً، وفق أحكام المواد 48 و49 و50 من ميثاق الأمم المتحدة.
الخلاصة: لا غلوّ في القول إن من أُوائل واجبات الدول والشعوب المحبة للحرية والسلام والملتزمة أحكام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولاسيما الدول العربية والإسلامية، تبنّي الدعوة والقرارات والإجراءات المشار إليها آنفاً ودعمها في الأمم المتحدة وخارجها والمبادرة إلى إقرارها وتنفيذها بلا إبطاء.
كاتب لبناني
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فصل الخطاب:

    لولا عصابة البيت الأسود الصهيوني الأمريكي يا انريكي التي تحمي وتغذي هذه العصابة القذرة التي جلبوها من شوارع أروربا القذرة قذارة النازية ليسرقوا بها أرض فلسطين من الفلسطينيين أبناء الأرض الشرعيين و الحقيقيين لما كان هناك شيء اسمه عزرائيل الذي يبيد البشر والحجر في فلسطين منذ 1948 ✌️🇵🇸😎☝️🔥🐒🚀

  2. يقول Mahmoud:

    يعني نحن لسنا بأفضل حال. بسبب الفرقة بين البلدان العربية. وخصوعها اساسا للحلف الصهيوني الأميركي. للاسف دورنا ضعيف

  3. يقول عزالدين مصطفى جلولي:

    الدول الإسلامية لديها ما تجتمع عليه وهو كثير نافع، خاصة بين تركيا وإيران كقاطرتين للعالم الإسلامي يحسن الظن بهما في مساندة المقاومة، أما الشعوب فبإمكانها الدعم المالي عبر الجمعيات الخيرية الناشطة في الإغاثة. يبقى التصور خصيبا في ما لو تلاشت ورقة الأسرى التي بيد المفاومة بصورة أو بأخرى من دون أن تحصل حماس على ما تريد. إن واجب التحرير بأي ثمن كان هو الذي يبنى عليه الفعل المقاوم، والكيان الظالم لا بقاء له مطلقا على أرضنا طال عمر المحدود أم قصر.

  4. يقول عبد الله سحنون:

    كل محاولة لدعم الأشقاء الفلسطينيين تصطدم بحرص السيسي على وأد المقاومة والتخلص منها والحيلولة دون انتصارها

  5. يقول محي الدين احمد علي رزق:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إسرائيل في مأزق… كيف يمكن للعرب أن يستغلوا اللحظة؟
    إسرائيل اليوم في مأزق حقيقي، رغم الدعم الأمريكي والغربي اللعين الذي لا ينقطع، والذي هو سبب بقاء هذا الكيان حتى الآن.
    لكن الواقع بدأ يتغير. نعم، الاحتلال ما زال مدعومًا، لكنه مقبل على مرحلة أشد ظلمة من ظلام الليل، طالما بقي الغبي نتنياهو واليمين المتطرف يحكمون هذا الكيان المجرم.
    لو نظرنا لما هو قادم، سنرى صورة مختلفة.
    بعض تصريحات ترامب الأخيرة بشأن الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو كانت كافية لفضح هشاشة هذا التحالف، وعرّت أوروبا من ورق التوت.
    أوروبا اليوم تدفع ثمن صمتها وتواطئها، وتعيش نتائج أعمالها.
    الوضع الاقتصادي يتدهور بسرعة مذهلة.
    في اليونان، لم يتمكنوا حتى من صرف “عيدية” كانت تُدفع للعاملين في الدولة، ولأصحاب المعاشات، ولمن يعيشون تحت خط الفقر.
    في ألمانيا، حماة ابني الصغير تفكر بالعودة، بسبب سوء الحالة الاقتصادية. من كان يصدق أن ألمانيا نفسها ستصل إلى هذا المستوى من القلق والمعاناة؟ ( 1 )

  6. يقول محي الدين احمد علي رزق:

    لقد دعموا الاحتلال في القتل والتدمير، والآن يرتجفون من روسيا.
    هناك حديث عن اللجوء إلى الصين، لكن هذا التوجه اصطدم بتراجع ترامب المفاجئ عن تصريحاته بخصوص الجمارك، فوقفوا حائرين، خائفين من اتخاذ أي خطوة. باختصار، النفخ في الزبادي… هكذا أصبحت سياستهم.
    لم يعودوا يملكون الجرأة على دعم الاحتلال كما فعلوا من قبل، وسينشغلون الآن في بناء قوتهم الذاتية بأي ثمن.
    إسرائيل ستبقى مكشوفة، أضعف مما تتصورون،
    لكن السؤال الجوهري هو: هل يستغل العرب هذه اللحظة؟
    إن لم نفعل الآن، فمتى؟
    الاحتلال لا يعيش بقوته… بل يعيش على غفلتنا وضعفنا وتشتتنا. ( 2 )

  7. يقول ابوعمر:

    والله رب يهديك ويصلح حالك….
    ماذا يجيد هؤلاء العرب…غير العمالة والخيانة .وتسخير (مقدراتهم)المادية والمعنوية و كل مايرضي الصهاينة .لخدمة الدولة العميقة في امريكا والكيان الصهيوني

  8. يقول مراقب صريح صريخ:

    أحلام يقظه ؟ كانت سابقا تغير معادلة الردع بين حزب الله واسرائيل ، الإشادة تلو الإشادة بقدرات حزب الله وتهديداته التي طالت عنان السماء على الردع. ولجم إسرائيل ، وخيرا لهم ان يشدوا الرحال ويهاجروا ؟؟ وإلا فالويل لهم إن آثروا. البقاء ؟ لكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن ، معادلة الردع كانت. من احلام. اليقظه ؟

اشترك في قائمتنا البريدية