كثيراً ما تتردد عبارة إسلاموفوبيا في الأوساط الإعلامية والاجتماعية الغربية، وغالباً ما يصاحبها تصور لأناس بلحى طويلة ووجوه كالحة ترتدي ملابس تحاكي القرن الأول الهجري، حتى أصبحت العمامة واللحية تشكل هاجساً ومدعاة للخوف وعنواناً للموت والوحشية لدى تلك المجتمعات التي تعايشت لقرون طويلة مع الإسلام المعتدل من دون وجود لمثل هذا الخوف الذي أنتجه الإسلام السلفي الجهادي المتطرف.
وأول من استخدم هذا المصطلح هو الكاتب الفرنسي ماليه أميل في مقالة نشرها في جريدة «الليموند» الفرنسية عام 1994 بعنوان (ثقافة وحشية) وحذّر فيها من الإسلاموفوبيا الزاحفة إلى الغرب المسيحي، وقد تبنى هذا المفهوم الكاتب البريطاني رونيميد تروست في تقرير نشره عام 1997 وعرفه على انه هو… «الخوف الذي قد تخلفه الكراهية اتجاه كل أو معظم المسلمين بسبب موقف الإسلام من الأديان الأخرى نتيجة كونه كتلة وحدانية معزولة وغير قابلة للتغيير ولا يتأثر بالثقافات الأخرى ويسعى إلى التأثير عليها وأنه ينظر إلى نفسه باعتباره أدنى شأناً من الغرب ويستخدم الإيديولوجية السياسية والعسكرية للوصول إلى أهدافه».
كل هذه الأسباب دعت رونيميد تروست لوسم الإسلام بعبارة الخوف الغير محدد، حسب وجهة نظره هو، متناسياً أن مثل هذا الفكر العدائي اتجاه الآخرين قد نشأ وترعرع بمباركة غربية أمريكية، وأعد بمطابخ صناعة القرار الأمريكية بامتياز ورأى النور في مغارات تورا بورا المظلمة ومعسكرات كويتا الباكستانية ومدارس المجاهدين العرب الذين كانت ترسلهم دولهم وجمعياتها الخيرية كما تدعي لقتال السوفييت في فترة احتلالهم لأفغانستان عام 1978ميلادي، حيث كانت المخابرات الأمريكية تشرف على تدريبهم وتسليحهم ليكونوا خط الدفاع الأول عن النظام الرأسمالي الغربي بوجه المد الشيوعي في المنطقة، وفرصة لكي تتخلص بلدانهم من التخمة التي تعانيها من المتطرفين والعاطلين عن العمل.
شعارات زائفة
وقد روّجوا لهذا الجهاد المزعوم من خلال الشـعارات الزائفة التي كان يطبل لها الإعلام العربي والإسـلامي لخـداع الشـباب العـرب والمسـلمين والتـغرير بهم للـذهاب والجهـاد هنـاك باسم الـدين والعقـيدة والدفـاع عن بيـضة الإسـلام وغيـرها من الشعارات التي استدرجت آلاف الشـباب المـسلمين المحبطين من الحياة، بسـبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يعيشونها في أوطانهم، فذهبوا يقاتلون هناك من دون أن يعوا ويدركوا خطورة اللعـبة التي زجوا بإرادتهم فيها.
وقد حققت أمريكا ما كانت تصبو إليه فانسحب السوفييت من أفغانستان عام 1989 بعد مخاض طويل من الصراع المسلح مع هذه الجماعات أدى إلى استنزاف مواردها العسكرية والاقتصادية، ليتحول هذا البلد الآسيوي إلى إمارة إسلامية بعدما كان نواة لمشروع نهضوي تقدمي كان ممكن أن يؤثر على المحيط الجغرافي الذي حوّله بصورة ايجابية، ليجد المتطرفون من كل بقاع الأرض لهم ملاذاً آمناً ويمارسوا ظلاميتهم وساديتهم هناك على سكانه ذوي الطوائف والقوميات المتعددة، فبدأ هذا الفكر المريض بالتفريخ والتكاثر في هذه البيئة الخصبة للتطرف حتى أخاف أمريكا والغرب أنفسهم وقد اتخذوا من هؤلاء المتطرفين ذريعة لتشويه صورة الإسلام وجعله العدو الأول للغرب المسيحي بعد سقوط المعسكر الاشتراكي الشرقي في أوروبا عام 1990 وانتهاء الحرب الباردة، بأطروحة آخر رؤساء الاتحاد السوفييتي السابق غورباتشوف (البيروسترويكا) أو إعادة البناء.. لتكون رصاصة الرحمة على إمبراطورية دامت لثمانين عاماً وخلقت نوعاً من التوازن السياسي والعسكري والاقتصادي في العالم كبح فيه جماح أمريكا لزمن طويل من التفرد بالقرار الدولي والتحكم بمصائر الشعوب ليحل الإسلام محل الشيوعية في صورة الصراع الجديد، الذي أطلق عليه الكاتب الأمريكي صاموئيل هنتجتون.. (صدام الحضارات) في مقال نشره في مجلة «فورين أفيرز» عام 1993بعنوان (صراع الحضارات) وأشار فيه إلى أن عالم ما بعد الحرب الباردة سيشهد صراعاً بين الغرب وأمريكا من جهة والإسلام والصين واليابان والهند من جهة أخرى، وأن ما سيحكم العلاقة بين هذه الحضارات هو الصدام على أساس الثقافة والهوية… بقوله: «إن الثقافة والهوية الثقافية التي على المستوى العام هي التي تشكل أنماط التمسك والتفسخ والصراع في عالم ما بعد الحرب الباردة».
وبقي العالم يترقب خط الشروع لتطبيق هذه النظرية على أرض الواقع فكان انهيار أبراج التجارة العالمية في نيويورك عام 2001 الشرارة التي اتخذتها أمريكا والغرب ذريعة لتحرق المنطقة بحروب، الهدف المعلن لها هو تخليص العالم من التطرف الإسلامي الذي هو من صناعتها وتعيد رسم الخارطة السياسية للمنطقة من جديد بعد أن جعلت الغرب والعالم المسيحي ينظر إلى الإسلام على أنه العدو الأول والحقيقي له.
التطرف الإسلامي
ولكن ما هي الأسباب الحقيقية لنشوء التطرف الإسلامي الذي استغله الغرب وأمريكا ووظفه للإساءة إلى الإسلام وتشويه صورته… وهنا اعتقد إن الأسباب ذاتية نابعة من رحم المجتمعات الإسلامية التي تحتضن بيئات التطرف (فالفقر والبطالة وغياب التعليم والإحباط والكبت الجنسي والنفسي ومصادرة الحريات من قبل الحكومات الدكتاتورية لتلك الدول) كل هذه الأسباب إضافة إلى وجود أسباب أخرى قد تختلف من بلد إلى آخر كانت وراء نشوء غربة الذات وهي العنصر الأساسي لنشوء التطرف، فيفقد الشاب المسلم الأمل بكل شيء في الحياة ويلجأ إلى طلب الآخرة بأقصر الطرق وهو الموت بطريقة يكون فيها باعتقاده شهيداً ليعوض كل الحرمان الذي عاشه في وطنه في جنات مليئة بأنهار الخمر والعسل والغلمان والحور العين، منساقين وراء فتاوى بعض رجال الدين الأشباه متعلمين الذين يعانون عقدة التطور والحضارة ويسعون إلى إعادة العالم إلى ما قبل اكتشاف العجلة.
ومما زاد الأمر سوءاً أن العالم يهتم ويدرس ويحلل فقط في كيفية محاربة الإرهاب والقضاء عليه بالطرق الأمنية والعسكرية ويتناسى إيجاد الحلول للمشاكل التي تساهم في ولادته ونشوئه، فلو خصصت الأمم المتحدة والدول الغنية في العالم صندوقاً تنموياً للدول الإسلامية الفقيرة يساعدها في حل مشاكلها الاقتصادية، وتوفير فرص العمل والتعليم المجاني والزواج وزيادة الوعي الحضاري والفكري لأبنائها، إضافة إلى إصدار قوانين صارمة وملزمة للدول تمنع فيها تدريس الفكر المتطرف، ومنع إشاعة ثقافة الكراهية بين الأديان والمذاهب وتكفير الآخر من خلال لجم أفواه أبواق الفتنة، من شيوخ القتل والتخلف وإغلاق القنوات الفضائية المحرضة على الفتنة والعنف… كل هذه الإجراءات إذا ما طبقت فإنها سوف تحد وتخفف بشكل كبير من حدة التطرف الإسلامي الذي نشهده اليوم والذي أصبح ظاهرة عالمية يشار لها بالبنان حتى وسم الإسلام بالخوف.
كاتب عراقي
لا حول ولا قوة الا بالله
عجيب!!!!!!! !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
وماذا عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟
لولا الرأي الآخر لأصبحت جريدة القدس العربي كسائر الجرائد.