عمان ـ ‘القدس العربي’: إحتلت الإنتخابات البلدية التي شهدها الأردن أمس الثلاثاء ذيل قائمة الإهتمام الشعبي ليس فقط بسبب إنشغال الرأي العام بتطورات الجبهة السورية وما يحصل عليها، ولكن أيضا بسبب ضعف مشاركة تيارات المعارضة والأحزاب الحقيقية وإحجام المواطنين عموما عن الإهتمام بهذا الملف.
مشاركة أكثر من 1500 مرشحا لهذه الإنتخابات لم تساهم في تنشيط الإقبال الجماهيري بعد إنخفاض ملموس كان متوقعا أصلا في نسبة الإقتراع وفي الكثير من الحالات رفضت الجبهات الإجتماعية خصوصا في المدن الرئيسية مثل إربد والزرقاء وعمان الذهاب مع المرشحين لصناديق الإقتراع.
قبل يوم الإقتراع إعتبرت السلطات أن جميع المواطنين الأردنيين مسجلون
لأغراض هذه الإنتخابات.
وفي بعض الدوائر الإنتخابية في العاصمة عمان والزرقاء حسمت الإنتخابات مسبقا وقبل ان تحصل فعلا لصالح بعض المرشحين.
ولوحظ بأن بعض دوائر العاصمة عمان ومنطقة عجلون شمالي البلاد لم تشهد أي تنافس وفي بعض المناطق لا يوجد مرشحين أصلا، فيما تراوحت نسبة الإقبال في المدن الرئيسية حتى ساعات العصر ما بين 7- 10 بالمئة وفي محافظات الثقل العشائري إقتربت بصعوبة من نسبة الـ 50 بالمئة .
وحضرت الإنتخابات عموما بشكل باهت وتم تخصيص أكثر من 40 ألف رجل أمن لحمايتها وإدارتها لكن الأجواء الأمنية كانت مواتية تماما بسبب ضعف الإقبال بشكل عام رغم أن السلطات حاولت إستدراج أغلبية شعبية عريضة عندما أعلنت بأن من يحمل رقما وطنيا أصبح تلقائيا في سجلات الناخبين.
رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري صرح مسبقا بأن هذه الإنتخابات ليست مخصصة للبرامج السياسية بل للخدماتية ومسؤولون بالبرلمان بينهم محمد حجوج لاحظوا بأن الإقبال عموما بمستويات ضعيفة بسبب حالة الإرهاق النفسية والإقتصادية التي يشعر بها المواطن الأردني .
وبدا واضحا أن خلو قائمة المرشحين من الرموز السياسية في أول إنتخابات بلدية تجري بعد الربيع العربي إنعكس سلبا على مستوى الطرح الإنتخابي حيث غابت تماما الشعارات السياسية وغلب الطابع العشائري والمناطقي على التحالفات القليلة التي شهدتها العملية الإنتخابية .
وفي وقت مبكر قررت الحركة الإسلامية مقاطعة هذه الإنتخابات.
وقال الرجل الثاني في تنظيم الأخوان المسلمين الشيخ زكي بني إرشيد بأن هذه الإنتخابات وفي ظل غياب الإصلاح الحقيقي أقرب إلى تمثيلية في الوقت الذي اظهرت فيه المؤسسات العامة ميلا للإقرار مسبقا بأن الإنتخابات البلدية ستشهد إقبالا ضعيفا.
بالعادة يشارك الإسلاميون بالإنتخابات البلدية ويحظون بمواقع متقدمة فيها في مناطق مثل الكرك ومعان والزرقاء وإربد حيث سبق لشخصيات إسلامية بارزة أن تسلمت إدارة بلديات كبرى عبر الإنتخابات .
لكن غياب الإسلاميين وجبهات المعارضة عموما عن المشاركة في هذه الإنتخابات ساهم في غياب الشعار السياسي وفي غياب الزخم التصويتي حيث تلمح مصادر داخلية رسمية تحدثت للقدس العربي إلى أن نسبة الإقتراع في التقدير الرسمي وقبل الإقتراع بيومين قد لا تزيد في أحسن الأحوال عن10 بالمئة من الناخبين المسجلين وهم الشعب الأردني برمته.
عمليا تستطيع السلطات بطرق متعددة رفع نسبة المشاركة لكن ليس بصورة كبيرة جدا بسبب وجود قرار مركزي بتجنب التلاعب بالنتائج وبسبب عدم وجود مبررات للتلاعب عمليا لأن جميع المرشحين من النادي العشائري والمناطقي .
وبالعادة تثير إنتخابات البلديات شهية المشاركة لاحقا في الإنتخابات البرلمانية حيث يمكن تقديم خدمات كبيرة وواسعة عبر المجالس البلدية للهيئات الناخبة.
وبعد خمس ساعات من سير العملية الإنتخابية أصدرت مؤسسات حقوقية ورقابية
محلية إنطباعات أولية عن حصول مخالفات مسّت بنزاهة هذه الإنتخابات فقد إنتقد المركز الوطني لحقوق الإنسان وجود عدد من أعضاء البرلمان داخل غرف الإقتراع مما يوحي بتدخلهم لصالح مرشحين دون أخرين.
وعرض تحالف راصد المدني ملاحظاته الأولية متحدثا عن عمليات تصويت علنية خلافا للقانون وعن تقارير لم يتم التدقق منها حول حصول عمليات شراء أصوات .
على الأرجح تكمل إنتخابات البلديات في الأردن برنامج حكومة الرئيس عبدلله النسور دون ان تساهم في الإستقطاب السياسي لصالح إتجاهات الإصلاح البرامجية.
في غضون ذلك تتجه الحكومة لخطوة لافتة وهي تستعد للإستعانة بالوزير الأسبق عقل بلتاجي لتسليمه موقع رئيس بلدية العاصمة عمان .
وبلتاجي احد الشخصيات البارزة في الأردن وسبق له أن تقلد عدة مناصب رفيعة أبرزها في إدارة مشروع مدينة العقبة الخاصة.
عمدة عمان الجديد معروف بإتجاهاته الليبرالية ومقرب من مؤسسة القصر ويعتبر من الشخصيات التي تستطيع إضفاء طابع سياسي على الموقع.