إيداع الكاتب بوعلام صنصال السجن المؤقت في الجزائر.. وشخصيات تصفه بـ”الجاهل بالتاريخ بعد تصريحاته المشككة في حدود الجزائر”

حجم الخط
56

الجزائر- “القدس العربي”:

 بعد أسبوع من الجدل، تأكد رسميا خبر إيداع الكاتب الفرنسي ـ الجزائري بوعلام صنصال الحبس المؤقت في الجزائر ومتابعته بجناية المساس بأمن الدولة، وفق مادة قانونية تضع مثل الأفعال في خانة الإرهاب. ويسود إجماع في الجزائر على إدانة تصريحات صنصال المشككة في الحدود الجزائرية، مع اختلاف فيما إذا كان الواجب سجنه أو التعامل معه بطريقة أخرى.

 وفي بيان له، ذكر محامي فرانسوا زيميراي أن موكله مثل الثلاثاء أمام قسم مكافحة الإرهاب بالنيابة العامة في الجزائر العاصمة وتم وضعه رهن الحبس الاحتياطي. وأكد أن صنصال سيتابع بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري، والتي تعاقب على “الأفعال التي تهدد أمن الدولة” وتعتبرها “أعمالا إرهابية”.

ووصف المحامي قرار حبس الكاتب بـ”العمل الخطير”، معتبر أن “سلب الحرية من كاتب بسبب كتاباته يمثل انتهاكًا بالغًا”، لأن “الحرية يجب أن تكون مكفولة، خاصة للكتاب الذين يعبرون عن أفكارهم بحرية”، وفق ما قال.

والمعروف أن المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري بعد التعديلات التي أدخلت عليها عام 2021، باتت تدرج الأفعال التي تشكل “تهديدًا لأمن الدولة” بمثابة أفعال إرهابية، ويشمل ذلك “كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي”.

وتسود في الأوساط الفرنسية على مختلف المستويات، حالة من القلق على مصير الكاتب الذي يعتبرونه من الشخصيات التنويرية التي تحارب الإسلاماوية وتتخذ مواقف مدافعة عن إسرائيل، وهو ما جعله “أحد مراجع اليمين المتطرف في دعم أطروحاته العنصرية والكارهة للأجانب والمسلمين خصوصا”.

وفي السياق، تقدم نواب عن “حزب التجمع الوطني” اليميني المتطرف في فرنسا الذي يقوده جوردان بارديلا ومارين لوبان، بسؤال برلماني للحكومة بلغة حادة ضد الجزائر، حول الإجراءات التي ستقوم الحكومة الفرنسية بها للحصول على حرية صنصال. وفي تصريح له، قال وزير الداخلية الفرنسي اليميني برونو روتايو، في تصريح له على قناة “فرانس إنفو”، إنه يثق في أن رئيس الجمهورية (ماكرون) سيبذل كل الجهود الممكنة والمعروفة عنه من أجل تحقيق الإفراج الفوري عن بوعلام صنصال. وأوضح أن الفعالية تقتضي التحلي بالسرية في مثل هذه القضايا، مشيرًا إلى أن اعتقال صنصال يأتي في سياق دبلوماسي متوتر للغاية بين باريس والجزائر.

وفي الجزائر تختلف المقاربة تماما، فالغالبية الساحقة من الفاعلين السياسيين وللمتابعين أدانوا تصريحات بوعلام صنصال التي أدلى بها لقناة الكترونية محسوبة على اليمين المتطرف في فرنسا والتي زعم فيها أن كل الغرب الجزائري يعود تاريخيا للمغرب، وهو ما اعتبر جهلا فادحا بالتاريخ الجزائري الذي كانت فيه هذه المنطقة في بداية الغزو الفرنسي في طليعة المقاومة، من خلال الأمير عبد القادر الجزائري (وهو من منطقة معسكر)، المعروف بأنه مؤسس الدولة الجزائرية في شكلها الحديث، ومصالي الحاج (أب الحركة الوطنية الجزائرية من مواليد تلمسان). وتم الاستشهاد هنا بما قاله المؤرخ الفرنسي (اليهودي المولود في الجزائر) بنجامين ستورا في قناة فرنسية.

وفي تعليق له على منصة إكس، قال الدبلوماسي السابق عبد العزيز رحابي إن بوعلام صنصال بكلامه يعيد إحياء السردية الاستعمارية وما تحمله من مغالطات تاريخية، مشيرًا إلى أنه (صنصال) لا يدرك مدى عدم احترامه للمشاعر الوطنية الجزائرية. وأوضح السفير الجزائري السابق في إسبانيا، في المقابل، أن صنصال يعلم جيدًا أن اعتقاله سيخدمه شخصيًا، في الوقت الذي سيسيء فيه إلى صورة الجزائر على الساحة الدولية.

من جانبه، قال الكاتب الصحفي عابد شارف بنبرة ساخرة إن بوعلام صنصال أعاد، في وقت متأخر، اكتشاف أصوله، حين صرّح بأنه بربري ريفي، أي مغربي، ثم زعم أن المدن والمناطق التي أنجبت الأمير عبد القادر ومصالي الحاج (أب الحركة الوطنية الجزائرية من مواليد تلمسان) كانت تنتمي إلى المغرب.

وأضاف أن هذا الموضوع لا يستحق التوقف عنده، مشيرًا إلى أن صنصال ليس مؤرخًا، وأن من حقه أن يقول ما يشاء من “هراء”.

وأكد الكاتب في منشور على فيسبوك، أن صنصال أصبح دعاية مزدوجة التأثير؛ فمن جهة، هو دعاية إسرائيلية-مغربية، حيث يسافر إلى إسرائيل ويشارك في وسائل الإعلام الإسرائيلية، ومن جهة أخرى، يتبنى خطاب اليمين المتطرف الفرنسي العنصري والمعادي للأجانب، وهو خطاب يستهدف المسلمين والمهاجرين والعرب.

لكن بحسب شارف، فإن وضع كاتب أو صحفي في السجن يُعتبر دائمًا إخفاقًا، سواء للكاتب نفسه أو للمجتمع أو للبلد ككل، معتبرًا أن ذلك يدل على وجود خلل خطير في المنظومة.

وأوضح عابد شارف أن ما يثير القلق ليس ما يُقال أو يُكتب في الخارج، مشيرًا إلى أنه يمكن حتى احتقار أولئك الذين يشنّون حملات ضد الجزائر. واستدل بأن أكثر من مائة صحفي قُتلوا في فلسطين دون أن يُحرك هؤلاء المنتقدون ساكنًا، ولم يبدوا أي اهتمام أو استنكار لهذه الجرائم. لذلك، فالمشكلة الحقيقية، حسبه، تكمن في طريقة عمل المؤسسات الجزائرية، وعدم احترام القواعد، وما يشكله ذلك من مخاطر على الحريات في البلاد.

عكس ذلك، دافع الباحث في علم الاجتماع نوري دريس عن إخضاع بوعلام صنصال للعدالة والسجن إن كان يستحق ذلك. وقال إن هناك من يتساءل عن المكسب الذي ستحققه الجزائر من سجن صنصال، معتبرين أن صنصال سيكون الرابح في هذه الحالة لأنه سيتحول إلى “نجم”. وأضاف دريس متسائلًا: «لكن، منذ متى كانت الدولة تسجن المخالفين والخونة لتحقيق مكاسب؟ السجن وُجد لمعاقبة المجرمين والخونة، ووجودهم خارج السجن هو الخسارة الحقيقية للدولة».

وأشار إلى أن “النجومية التي يتحدث عنها البعض ليست جديدة، فصنصال نجم في الإعلام اليميني منذ سنوات، وهذه النجومية حازها من خلال شتم بلده وخيانته”. وأكد دريس أن الواجب اليوم يقتضي معاقبة صنصال وإلقاءه في السجن، موضحًا أن سجن صنصال سيجعل نجمه “يلمع” من داخل الزنزانة، وهو أمر أفضل من أن يواصل ظهوره على القنوات المختلفة ليصف أبطال الثورة الجزائرية بالإرهابيين. وأضاف: «من لم يحرره الطوفان العظيم من الانبهار بالغرب، فعليه أن يراجع إنسانيته». وختم دريس بقوله إن الإعلام الغربي اليميني لم يهتم يومًا بمصلحة الجزائر، متسائلًا: «منذ متى أصبح هذا الإعلام حريصًا على الجزائر؟»، مؤكدًا أن صورة الجزائر في نظر هؤلاء لن تتغير مهما فعلت.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول رضوان:

    تعجب لهؤلاء المرقة ..يأكلون الغلة و يسبون الملة. علمته الجزائر ليسبها ! علمته ليخدم بعلمه اعداءها. ..لا بد من وقفة مع هؤلاء تعيد للوطنية وزنها و قيمتها.

  2. يقول اركون:

    من المهم تجنب الابتزاز السياسي أو إثارة النعرات العرقية والقومية، فهذه التصرفات تؤدي إلى تصعيد التوترات والانقسامات، وقد تواجه رفضًا وسخطًا شعبيًا، حيث تسعى المجتمعات بطبيعتها إلى الاستقرار والتعايش السلمي.

    التاريخ يثبت أن إثارة الخلافات حول الانتماءات والهويات تؤدي غالبًا إلى نتائج كارثية على الأفراد والمجتمعات والدول. لذا، تقع المسؤولية على الجميع لنبذ هذه الأساليب، والعمل على تعزيز قيم الاحترام المتبادل والتعاون بدلًا من استغلال القضايا الحساسة لتحقيق مكاسب قصيرة المدى.

    فيما يخص النزاعات حول الانتماءات، يظهر لنا التاريخ أن الأمم والدول كانت دائمًا في حالة تغير. على سبيل المثال، كانت شمال إفريقيا موحدة تحت حكم الموحدين، الذين شكلوا كيانًا سياسيًا واحدًا. مع الوقت، انقسمت هذه الوحدة، واستمرت حدود الدول في التغير حتى الماضي القريب.

    جزر الكناري مثال آخر؛ فقد سكنها الأمازيغ القادمون من شمال الجزائر والجنوب الشرقي للمغرب. حاليًا، هي تحت السيطرة الإسبانية، وما سيحدث لها مستقبلاً يبقى غير معلوم.

    هذا يوضح أن الدول تتشكل وتزول، وأن الحدود والهويات ليست ثابتة عبر الزمن. إدراك هذه الديناميكيات يساعدنا في تقليل التوترات الحالية وفهم الهويات كجزء من مسار متغير ومتطور.

  3. يقول حمودي:

    السؤال الذي يحيرني هو:هل اساء صنصال إلى الجزائر حتى عام 2024؟

  4. يقول salem elkotamy:

    أحقر وأخس وأرخص أنواع المخلوقات من يتقرب للغرب رياءا بلعن جذوره أو التبرؤ من دينه أو المبالغة في تمجيد الأعداء التاريخيين أو المحتلين السابقين أو إدعاء الإضطهاد بسبب عرقه أو جنسه أوهويته الجندريه

  5. يقول SaRaH:

    من لم يحرره الطوفان العظيم من انبهاره بالغرب
    عليه أن يراجع انسانيته

  6. يقول أبو أحمد:

    على العكس, الرجل من أكبر الكتاب و المثقفين و العارفين بخبايا الشخصية الجزاءرية، و كدلك ليس هو الوحيد الدي تكلم عن تناقض الشخصية الحزاءرية و عن الحدود التي وهبتها فرنسا للجزاءر.

  7. يقول سلام:

    المؤسف المؤلم أن هناك حقائق بديهية وتاريخية، تقول انه :”لو خرجت من جلدك ما عرفتك”.ولكن يسر البعض على المرور بجانبها أو ضدها.

  8. يقول كلمة حق:

    الذين يعبؤون بنظرة الغرب للجزائر، و صورة البلد في الخارج، فهم أشخاص يعيشون حاليا خارج التاريخ و الواقع. أي غرب و أي خارج و أي حرية تعبير و أي إنسانية!؟ بعد الذي حدث و يحدث في غزة و كذا السودان و الكثير من الدول ، على العرب و المسلمين أن يعيدوا تنظيم و ترتيب أولياتهم و حتى أفكارهم كلها..

  9. يقول عبد الرزاق:

    بوعلام صنصال وبدون تفكير ولا تحليل لنتائج ما قاله عن الجزائر تأكدت اليوم ان هذا الكاتب نفع السلطة الجزائرية وشعبها أكثر من ضرها لان الشارع الجزائري اليوم اصبح اكثر تلاحم وانساجم مع سلطته وجيشه و ما كان عليه ان يتطرق الى مسألة الحدود الغربية والدين الاسلامي لو أكتفى بالتصريح عن أمور سياسية تتعلق بالنظام الجزائري لا ما وجد اليوم في هذا المأزق وبذلك سلم رقبته النظام والشعب الجزائري بكل سهولة وبدون معاناة.

  10. يقول للأسف هذا هو حال الدول العربية 🙊:

    المثقف في الدول العربية يجب عليه أن يمدح قائد البلاد وقائد الجيش🙊 وعندها سيحصل على منصب رفيع في مؤسسة تابعة للحكومة🙊
    المثقف الذي يريد أن يعيش غنيا 🙊يجب عليه أولا أن يكون منافقا🙊 هذا هو حال المثقفين في الدول “النامية”

1 2 3 4 5

اشترك في قائمتنا البريدية