كان عام 2018 لإيران عام التحدي النووي وتحويل التهديدات إلى فرص في بداية المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والسعودية وعموم ما أصبح يُعرف لدى الإيرانيين بالمحور الأمريكي الإسرائيلي السعودي.
قد يبدو عنوان الحرب الاقتصادية مناسباً لهذا العام بعد خروج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي في العاشر من أيار/مايو منه لتبدأ بعد ستة أشهر مرحلة جديدة من العقوبات الاقتصادية قال ترامب إنها ستكون الأقسى في التأريخ، لكن الإيرانيين وجمهورهم في الخارج يعتقدون أن وراء الأكمة ما وراءها ويقولون إن ترامب يريد من هذه العقوبات تحريك الشارع الإيراني بالمزيد من الضغوط عليه، ليقوم الإيرانيون بتغيير نظامهم وهذا هدف أمريكي غير معلن تماماً، أو يدفعوا قادة نظام الجمهورية الإسلامية إلى تغيير سلوكهم وهو الهدف المعلن في الوقت الحاضر.
وبالفعل نفذ ترامب وعده، إلا أن العقوبات التي فرضها على إيران وُصفت بالعرجاء وشملتها استثناءات كثيرة على قاعدة “مكره أخاك لا بطل” لأن الدول المستثناة عدا كوريا الجنوبية واليابان، قررت مواصلة التعامل التجاري مع إيران خاصة في مجال النفط.
وختمت إيران العام في كانون الأول/ديسمبر، بقمة تاريخية جمعت الرئيسين رجب طيب اردوغان وحسن روحاني، جاءت بعد إعلان ترامب سحب قواته من سوريا بما تعتبره إيران انتصارا لها، وأسفرت القمة عن تأكيد اردوغان رفضه الكامل للعقوبات الأمريكية على إيران وعدم الالتزام بها، وتأكيده على دور الدولتين في إرساء الأمن الإقليمي وهو ما اعتبره مراقبون تحولاً جذرياً في السياسة التركية.
وإذ لم يلتزم المجتمع الدولي بالعقوبات الأمريكية، نجحت إيران في تحسين أداء عملتها المحلية التي شهدت ارتفاعاً ملموساً خلال الأسابيع الثلاثة بعد تدشين المرحلة الثانية من العقوبات النفطية والمصرفية مطلع تشرين الثاني/نوفمبر.
اعتداء الأهواز
ومن وجهة نظر إيران فان السعودية نفذت هذا العام بشكل عملي مشروع ولي العهد محمد بن سلمان، الذي تقول إنه في سياق مخطط واشنطن وتل أبيب لتفجير إيران من الداخل. ويشير الإيرانيون إلى “حادث الأهواز الإرهابي” جنوب غرب البلاد ومهاجمة جنود مكلفين بالخدمة الإلزامية كانوا يحضرون احتفالاً يقام سنوياً في ذكرى الحرب التي شنها النظام العراقي السابق على إيران عام 1980.
وقال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في تغريدة له على تويتر في أعقاب الهجوم: “مجندون إرهابيون، دُربوا وسُلحوا ودُفع لهم من قبل نظام أجنبي، هاجموا الأهواز، أطفال ومجندون وإعلاميون بين الضحايا، إيران تحمل رعاة الإرهاب بالمنطقة وساداتهم الأمريكيين مسؤولية هذا الهجوم، إيران سترد بسرعة وحزم”.
قبل ذلك تعرضت القنصلية الإيرانية في البصرة إلى اعتداء إذ تم حرقها من قبل مجموعة توصف من قبل الإيرانيين وحلفائهم بأنها تعمل ضمن المحور الأمريكي السعودي الإسرائيلي في العراق، قامت بحرق القنصلية ومقرات الحشد الشعبي والأحزاب والفصائل المحسوبة على المحور الإيراني، فجاء الرد الإيراني على جانبين:
سياسياً تم التوصل مع بريطانيا ودول أخرى في الإقليم إلى تفاهم حول تشكيل الحكومة العراقية باستبعاد مرشح محور واشنطن.
وعسكرياً استهداف صواريخ إيرانية متوسطة المدى وطائرات مسيرة قاعدة عسكرية استخدمها الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في شن عمليات داخل الأراضي الإيرانية.
غسيل الأموال
سيطر النزاع الداخلي بين الحكومة وأنصارها الأصوليين المعتدلين والإصلاحيين وبين خصومهم من متشددي التيار المحافظ، على الكثير من مفاصل العام، وجرى تبادل اتهامات حول أهداف المتشددين الرافضين انضمام إيران إلى الاتفاقية الدولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، والتي صادق البرلمان على إحدى لوائحها الأربع ورفضها مجلس صيانة الدستور في يوم تدشين العقوبات النفطية والمصرفية.
وجاء رد الحكومة عبر وزير الخارجية ظريف الذي قال إن عمليات غسيل الأموال في إيران حقيقة واقعية قائمة، و”هناك الكثيرون الذين ينتفعون من وراء ذلك. لكنني أعتقد أن الأفراد الذين لهم مصالح في هذه القضية، هم وراء الايحاء بهذه التصورات (الهواجس)، المثارة ضد لائحة مشروع قانون الانضمام للاتفاقية الدولية لمكافحة غسيل الأموال”.
وأثارت تصريحات وزير الخارجية جدلاً واسعاً وانتقادات حادة من جانب وسائل الإعلام وشخصيات سياسية بارزة من التيار المتشدد، مما دفع المدعي العام في إيران محمد جعفر منتظري، إلى توجيه رسالة إلى طالباً منه ايضاحات حول تصريحاته بشأن غسيل الأموال.
وقد أطاح الجدل الداخلي حول تداعيات الاتفاق النووي والأداء الاقتصادي، بعدد من وزراء حكومة روحاني بعد استجوابات مثيرة هددت مستقبل الرئيس السياسي، وطرح عدد من النافذين كفاءة الرئيس على المحك وهددوا بإقالته لكنهم فشلوا بسبب تأييد المرشد له، وطبعاً لأن غالبية أعضاء البرلمان لا يريدون المجازفة في ضوء استمرار الاحتجاجات في الأهواز بشكل خاص، وفشل سياسة خصخصة مصانع ضخمة مثل الحديد والصلب وقصب السكر التي اتبعها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وانعكست على عجز القطاع الخاص في دفع رواتب العمال الذين يطالبون الحكومة بالتدخل، تماماً كما حصل مع المؤسسات المالية التي أعلنت إفلاسها العام الماضي.
راحلون
صباح يوم الجمعة 18 آب/أغسطس توفي الممثل الإيراني الكبير عزت الله انتظامي، عن عمر ناهز الـ 94 عاما. ويعرف انتظامي بأنه “سيد التمثيل” في إيران، مخلفاً تاريخاً كبيراً في السينما الإيرانية.
وحصد انتظامي جوائز دولية كثيرة وحصل على لقب الشخصية الفنية الخالدة سنة 2003 وشهادة تقدير من مهرجان فجر الـ25 عن فيلم “ميناء المدينة الصامتة” عام 2006.
فجع الشارع الرياضي الإيراني برحيل أول هداف إيراني في مونديال كأس العالم ايرج دانائي فرد، الذي توفي في طهران يوم 12 كانون الأول/ديسمبر بسبب إصابته بنزيف حاد في المعدة نقل على إثره إلى مستشفى رسالت طهران حيث وافاه الأجل.
كان فرد لاعب كرة قدم حصل على شعبية واسعة داخل إيران لأنه وبمهارة فردية رائعة استطاع أن يسجل أول أهداف إيران في كأس العالم عندما شارك مع المنتخب الوطني في مونديال الأرجنتين لعام 1978 ونجح في تسجيل هدف في مرمى المنتخب الأسكتلندي.
عاش في الولايات المتحدة وشاء القدر أن يموت أثناء زيارته الأخيرة لبلده.