تستقبل إيران العام الجديد بمزيد من التوتر مع إسرائيل الطامحة إلى ضرب المنشآت النووية، لكن القيادة الإيرانية العليا ما زالت تتحدث أن إسرائيل ستتلقى ضربات قوية من المقاومة.
لندن ـ «القدس العربي»: شهدت إيران خلال العام 2024 أحداثا سياسية وأمنية ساخنة لم تقتصر ساحتها على جغرافيتها بل تعدتها إلى ساحة نفوذها في الشرق الأوسط.
فلأول مرة تحول الصراع بين إيران وإسرائيل إلى صراع مباشر في العلن، وذلك في سياق تداعيات المشهد العسكري الذي انطلق من قطاع غزة إثر عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس ضد الجيش الإسرائيلي في مستوطنات غلاف غزة، ثم تبعها مباشرة قيام الجيش الإسرائيلي ببدء حرب شرسة اسماها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حربا وجودية، وتوعد فيها بتغيير وجه الشرق الأوسط وضرب الحلف الذي تقوده إيران.
وتبادل الطرفان ضربات عسكرية مباشرة داخل إسرائيل وإيران، ولكن البداية كانت من الجانب الإسرائيلي الذي هاجم بصواريخ الطائرات مقر القنصلية الإيرانية في دمشق بتاريخ الأول من نيسان /إبريل 2024 ما أدى مقتل 16 شخصا، من بينهم الجنرال محمد رضا زاهدي، القائد الإيراني الكبير في فيلق القدس.
واعتبر القادة الإيرانيون ذلك استهدافا لقادتهم وسيادتهم باعتبار مبنى القنصلية لأي بلد يدخل ضمن سيادته مباشرة، وحينها توعد المرشد الأعلى في إيران علي الخامنئي بالرد على إسرائيل قائلًا: «النظام الشرير سيُعاقب على أيدي رجالنا الشجعان، وسنجعلهم يندمون على هذه الجريمة وغيرها من الجرائم الأخرى».
وفي ليل 13 نيسان/ابريل تم تنفيذ التهديد، حيث شنت إيران هجوما على إسرائيل، بالمسيرات والصواريخ ليعتبر أول رد عسكري مباشر ينطلق مباشرة من الأراضي الإيرانية واستهدف قواعد عسكرية، ثم ردت إسرائيل بهجوم محدود على إيران فجر 19 نيسان/أبريل 2024 عبر مسيرات صغيرة، استهدفت قاعدة جوية عسكرية في مدينة أصفهان.
الهجوم الإيراني الثاني اسمته طهران عملية الوعد الصادق 2 هو هجوم صاروخي أطلقته إيران في الأول من تشرين الأول/اكتوبر عام 2024 بأكثر من 250 صاروخا تجاه إسرائيل، وقالت إيران إنَّ الهجوم كان ردًّا على اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله وقادة كبار آخرين بينهم الجنرال الإيراني نيلفروشان في غارة جوية دمرت مقارهم تحت الأرض في بيروت بتاريخ 27 أيلول/سبتمبر 2024، واغتيال إسماعيل هنية قبل ذلك في طهران في 31 تموز/يوليو 2024، في مقر إقامته في العاصمة الإيرانية بعدما كان في زيارةٍ لها للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.
واستخدمت إيران صواريخ بالستية وفرط صوتية خلال هجومها، وبسبب هذا عبرت الصواريخ المسافة بين إيران وإسرائيل خلال أقل من ربع ساعة، وتخطت الغالبية العظمى من الصواريخ دفاعات إسرائيل وحلفاءها وخاصة الدفاعات الامريكية. ثم قامت إسرائيل بعد ذلك بالهجوم بطائرات حربية على أهداف إيرانية في العاصمة طهران وعدد من المدن، ولاحقت وعيدا بالرد المقابل يكون أشد وأقوى.
وسجل العام 2024 مقتل الرئيس الإيراني سيد إبراهيم رئيسي، ووزير الخارجية أمير حسين عبد اللهيان، فضلا عن إمام الجمعة في مدينة تبريز، علي آل هاشم، ومحافظ أذربيجان الشرقية، مالك رحمتي، بسبب سقوط مروحية في منطقة وعرة قرب الحدود مع جمهورية أذربيجان، في محافظة أذربيجان الشرقية شمال غربي إيران، وقيل رسميا إن السبب هو سوء الأحوال الجوية والضباب الكثيف.
وبعد فراغ سدة الرئاسة جرت الانتخابات الرئاسية التي حملت الإصلاحيين مجددا إلى الحكم بعد عزلة طويلة لسنوات، حيث تم في 5 تموز/يوليو 2024 انتخاب مسعود بزشكيان المرشح الإصلاحي الذي يدعو للانفتاح على الغرب، في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية أمام المرشح المحافظ سعيد جليلي المفاوض السابق في الملف النووي.
وفي أول تصريح له منذ إعلان فوزه، قال بزكشيان في للتلفزيون الرسمي «سنمد يد الصداقة للجميع، نحن جميعنا شعب هذا البلد. علينا الاستعانة بالجميع من أجل تقدّم البلد». وفي المقابل تم إعلان قبول الخسارة من المحافظين حيث قال سعيد جليلي إن «المنافسة تستمر حتى يوم الانتخابات لكن على الجميع احترام نتيجة تصويت الشعب».
وأعلن بزشكيان سياسة الانفتاح على العالم ما عدا إسرائيل، بينما وعد بمزيد من الحريات في الداخل، والعمل على إصلاح الوضع الاقتصادي المتأزم.
سقوط حليف طهران
لكن العام 2024 شهد في نهايته سقوط أبرز حليف لإيران في الشرق الأوسط وهو النظام الحاكم في سوريا برئاسة بشار الأسد بتاريخ 8 كانون الأول/ديسمبر، لكن طهران أعلنت أنها ستتعاون مع الحكم الجديد.
وتستقبل إيران العام الجديد بمزيد من التوتر مع إسرائيل الطامحة إلى ضرب أهداف استراتيجية بما فيها المنشآت النووية، لكن القيادة الإيرانية العليا ممثلة بالمرشد خامنئي ما زالت تتحدث أن إسرائيل ستتلقى ضربات قوية من قوى المقاومة في المنطقة رغم كل ما حصل.