غزة – «القدس العربي» : هيكل خرساني بلا حوائط، جثث مغبرة تحت الركام، أطفال بلا رؤوس، مصاحف محترقة، نسوة يصرخن، ورجال ينبشون التراب، هذا هو المشهد باختصار داخل جامع شهداء الأقصى، الذي يؤوي مئات النازحين من مدينة غزة، بعد غارة جوية شنتها المقاتلات الحربية الاسرائيلية على الجامع المسمى على اسم المشفى الوحيد في مدينة دير البلح، وسط القطاع.
المجزرة وقعت، بينما كان النازحون نائمين، إذ إن المقاتلة الحربية الإسرائيلية قصفتهم بقنابل أمريكية الصنع.
عشرات الجرحى بالإضافة إلى واحد وعشرين شخصا ارتقوا شهداء في “مجزرة المسجد”، وفقا لخادم الجامع الموازي لمستشفى شهداء الأقصى، الذي يؤكد وقوع القصف دون سابق إنذار في تمام الساعة الثانية والنصف بعد منتصف ليل السبت – الأحد.
الشيخ الذي فضل مناداته بـ”أبو محمد” خوفا من تعرضه للملاحقة من قبل جيش الاحتلال، يشير إلى أن جميع المواطنين المقيمين في المسجد مسالمين، نزحوا من مدينة غزة خلال الأيام الأولى لحرب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
ويقول لـ”القدس العربي”: “ناس نازحة كانت نائمة. بقى لهم سنة من النزوح. كل ما يهمهم في ظل العدوان الحصول على الأكل والشرب، لا ضربوا صواريخ ولا أي حاجة”.
ويلوم الشيخ الستيني العالم على صمته تجاه ما يحدث للمدنيين في قطاع غزة من قتل علني، يطالهم حتى لو احتموا بالمساجد ودور العبادة: “أين كلمة لا إله إلا الله التي تؤمنون بها؟ أين إسلامكم؟ أين دينكم؟ تشاهدوننا نُقطع وتصمتون كالحملان الوديعة. خيبكم الله”.
وانتهى “أبو محمد من رسالته المحملة بالقسوة والمرارة، جراء العدوان الإسرائيلي، الذي وصفه بـ”المجرم”، قبل أن يستكمل نبش الركام بحثا عن مفقودين، بعدما أوصل بمساعدة الأهالي “الجثث المقطعة والتي عليها غبار إلى مستشفى شهداء الأقصى، مشيرا إلى أن عدد الشهداء مرشح للزيادة، بسبب الفقد وخطورة جراح بعض المصابين.
المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى، خليل الدقران، أكد رواية “أبو محمد” عن المجزرة، التي وصفها بـ”البشعة”، موضحا أن معظم الشهداء وصلوا المشفى جثثا وأشلاءً مقطعة وثمة عدد كبير من الإصابات بينهم أطفال أصيبوا بجراح خطرة. وتحاول الطواقم الطبية في مستشفى شهداء الأقصى المفاضلة بين الجرحى، الذين تنوعت إصاباتهم بين خطيرة وشديدة الخطورة، نظرا لقلة الكوادر الصحية وعدم كفاية الأسرة والعلاجات، فيما لم يتمالك البعض منع دموعه، التي انهمرت، بعد رؤية جثث أطفال مقطوعة الرأس.
وفي أثناء انتشال الشهداء والمصابين، تسمر صبحي أبو منسي، (38 عاما)، في مكانه، مشدوها، لا يقوى على الحركة، ورفع جثة شاب مغبرة، تحت غطاء من حصى، عيناها مخضوضة مفتوحتان على مصرعيهما، تحدق في الموت النازل من سقف المسجد في هلع شديد، وكأنها توقفت عند مشهد سقوط القنبلة.
وفجأة بدأ المواطن الثلاثيني في النواح على الشاب النازح من حي الصبرة، بعدما عرفه من لحيته الكثيفة ووجه الأبيض كالقمر.
“كان نائما واستيقظ على القنبلة تسقط بثقلها على قلب المسجد”، يقول صبحي لـ”القدس العربي”: “يبدو أن كل هذا حدث في لحظة، لدرجة أن صديقي محمد أبو سمعان لم يستطع القيام من فرشته والفرار بحياته”.
هرب الشاب المتدين رفيع الخلق من دمار واسع في غزة، ليلقى حتفه داخل مسجد في دير البلح، يُفترض أنه آمن بموجب القوانين الدولية والإنسانية، يضيف المواطن الفلسطيني الشهير بـ “أبو أحمد فطاير”، قبل أن يتساءل: “ما الذي كان يتوجب على محمد فعله لينجو من آلة القتل الصهيونية؟”
ويعقب أبو أحمد: “ترك بيته ولجأ إلى بيت الله، لم يكن أمامه سوى المسجد أو النوم في الشارع، حتى لو نام العراء أو في خيمة كان سيقتل بتلك الطريقة الوحشية، فهذا الاحتلال لا يُفرق بين عسكري ومدني، لا تأمن غدره كل حبة تراب في قطاع غزة”.
تلك المجزرة زرعت في قلب أبو أحمد شعورا بالخوف من الصلاة في المساجد، قبل أن يتذكر أن كل الجوامع في قطاع غزة، باستثناء جامع أو اثنين أو ثلاثة على أقصى تقدير، تمت تسويتها بالأرض: “لا توجد فيه مساجد، والمسجدان الباقيان بدهم كمان يلاحقوننا فيهما؟! لا سنصلي ونهزم خوفنا، كما سندحر الاحتلال”، يقول. ويوجه أبو أحمد رسالة يدعو فيها أحرار العالم للخروج في مظاهرات حاشدة في شتى العواصم، تطالب بإنهاء العدوان الصهيوني على قطاع غزة.
ويقول: “يا أحرار العالم! اخرجوا في مسيرات ضخمة بأعداد كبيرة، قولوا بيكفي حرب، كل فلسطين انتهكت”.
ويضيف، في رسالته: “الشيوخ والأطفال يموتون في كل ساعة دون أن ينتفض أحد من مكانه لينفض الحزن عن نفسه، عائلات كاملة محيت من السجل المدني لقطاع غزة، ولم تعد هناك عائلة في غزة لم تفقد من فردا إلى خمسة أفراد. أغيثونا”
وأمام ثلاجة الموتى في ساحة مستشفى شهداء الأقصى، وقفت نسوة متشحات بالسواد، أعينهن محمرة من البكاء، على من فقدوا في “مجزرة المسجد”، وسط صمت رهيب، واختفاء للكلمات التي تعبر عما يجيش في صدورهن من حزن.
رفضن الحديث في البداية، قبل أن تقول إحداهن، لتصرفنا عن المكان: “تحدثنا كثيرا، عام كامل من الأحاديث عن المآسي في بلدنا مع مختلف وسائل الإعلام دون جدوى، لم يتحرك أحد لنجدتنا، يدعموننا بالكلام، بماذا أفادتنا الإدانة؟ لا شيء. اتركونا نُقتل ونبكي على شهدائنا في صمت؟”.
انفتح قلب الشابة العشرينية للكلام، لتزيح حجر الفقد عن صدرها المكلوم خلال حديثها لـ”القدس العربي”: “في غمضة راح أخي وابني الصغير. وروني ابني مقطوع نصفين. الرأس في ناحية وباقي الجسد في ناحية تانية. أهٍ يا قلبي المحترق! لو طالت نيرانه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لقتلته”.
هوءلاء المرابطون الحق في ارض الرباط المدافعون عن الأقصى والمسرى بارواحهم وبدمائهم وبأطفالهن وباطرافهم وبكل ما يملكون.
خط الدفاع الأول والأخير عن العروبة والإسلام (عروبة محمد ص)
ولا يزال الشعب الفلسطيني المعجزة العظيم صامدا يقاوم بعد عام كامل من غزوة السابع من اكتوبر المجيد عيد الأحرار وشرف وسيد أيامهم.
لا تشبيه ولا مثيل لتلك التضحيات إلا في زمن الرسول ص والصحابة رضوان الله عليهم.
فلا يجروءن احد ان يقترب بتشبيه.
هذا هو الجهاد الحق ولا جهاد غيره.
فلا يحسبن كل من ركض إلى ال keyboard وذكر كلمة فلسطين او علق مدافعا مع او ضد انه اصبح على شيء او انه ادى واحد على المليون من واجبه او انه اصبح وطنيا وأنه يجب ان يحمل على الاكتاف.
نحن هنا نثرثر مش أكثر إلا إذا أصبحت الثرثرة في هذا الزمان العربي الرديء جهادا في سبيل الله.
لا نستبعد ان تكون تلك الفتوى القادمة،