غزة ـ «القدس العربي»: من المفترض أن تبدأ الأحد المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد 16 شهرا على «حرب الإبادة الجماعية» التي شنتها دولة الاحتلال الإسرائيلي بكامل عتادها العسكري على قطاع ساحلي ضيق، يقطنه مليونا مواطن، أسفرت عن استشهاد أكثر من 45 ألف مواطن، هم من سجلوا فقط في سجلات وزارة الصحة، بخلاف أعداد كبيرة من المفقودين، وأكثر من 110 آلاف جريح، الكثير منهم أصيب بعاهات دائمة، وسط تخوف من أن تمارس إسرائيل، ذات الخروقات التي تنفذها بين الحين والآخر في لبنان، بعد إبرامها اتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله.
ووسط آمال كبيرة يعقدها سكان قطاع غزة، سواء في مناطق الشمال أو الجنوب على التهدئة، التي ستنهي أصوات الحرب والصواريخ والقتل والمجازر اليومية، وتوقف آلة الإبادة الجماعية الإسرائيلية، إلا أن هناك مخاوف كبيرة من لجوء دولة الاحتلال على غرار مرات سابقة كثيرة، بنكث العديد من بنود الاتفاق، تحت حجج واهية.
وهناك خشية فلسطينية من تكرار إسرائيل تجربة لبنان، بعد توقيع الاتفاق مع حزب الله، حيث لا تزال قوات الاحتلال موجودة في العديد من مناطق جنوب لبنان، وبين الحين والآخر تقوم بعمليات قصف وتدمير لمواقع وأماكن ينجم عنها سقوط لبنانيين، بزعم أنها تضرب أهدافا لحزب الله.
وبالعودة إلى نقاط اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، فإنه حتى اللحظة يعد اتفاقا أوليا، ويشمل مراحل عدة، على غرار اتفاق لبنان، وقد جرى الاتفاق فقط على المرحلة الأولى، وسيجري الاتفاق على المرحلتين الثانية والثالثة الأكثر تعقيدا في وقت لاحق.
ففي لبنان جرى الاتفاق على مرحلة أولى تدوم 60 يوما، دون انسحاب كامل لقوات الاحتلال من جنوب لبنان، فيما جرى الاتفاق على أن تكون المرحلة الأولى لاتفاق غزة لمدة 42 يوما، وقد سجل حتى منتصف الأسبوع الماضي، 520 خرقا إسرائيليا في لبنان، أدت إلى سقوط عشرات الضحايا، رغم وجود لجنة خماسية تشرف على تنفيذ الاتفاق تضم أمريكا وفرنسا و«اليونيفيل» ولبنان وإسرائيل، وهو أمر يخشى حدوثه في قطاع غزة، حيث ستستمر قوات الاحتلال في البقاء في عدة محاور رئيسية في القطاع، خاصة تلك المنطقة الفاصلة ما بين شماله وجنوبه، وفي منطقة الحدود الفاصلة عن مصر، وعلى طول الحدود الشمالية والشرقية لقطاع غزة.
ويؤكد ذلك أيضا، الخروقات التي كانت إسرائيل تتعمد ارتكابها ضد قطاع غزة بعد الحروب التي كانت تخوضها ضد القطاع، حيث كانت تستمر في تشديد الحصار أو في عمليات قصف أو استهدافات يروح ضحيتها المدنيون.
وقد ألمح لذلك حزب الصهيونية الدينية برئاسة المتطرف بتسلئيل سموترتش، الذي قال إن رئيسه أبلغ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بضمان عودة إسرائيل إلى الحرب لتدمير حماس وإعادة جميع الأسرى وتغيير مفهوم الحسم والنصر فور انتهاء المرحلة الأولى من الصفقة، وذلك كشرط لبقاء الحزب في الحكومة والائتلاف
دعوة للحذر
وفي دلالة على هذا الأمر، فقد حذر مصدر في أحد فصائل المقاومة في تصريحات لـ القدس العربي من «غدر» الاحتلال، وأنه جرى نقل محاذير كثيرة لقيادة فصائل المقاومة ونشطائها وقيادتها في غزة، شددت خلالها على أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر في هذه الأوقات، والمحافظة على الشكل الأمني المتبع خلال فترة الحرب السابقة، والاستمرار في ذلك بعد دخول التهدئة حيز التنفيذ، بسبب التخوف من تنفيذ عمليات اغتيال تطال قيادة المقاومة.
وحتى قبل الإعلان عن قرار وقف إطلاق النار، حذر المكتب الإعلامي الحكومي، من «مخاطر الغدر» الذي يقوم به الاحتلال، والذي قال إنه «يتبع أسلوباً مبيتاً للإيقاع بالمزيد من المجازر والجرائم والأذى والضرر بحق المدنيين الأبرياء وبحق القطاعات المختلفة».
ودعا المواطنين للحذر أثناء التنقّل بين المناطق والمحافظات وأماكن النزوح وأخذ المعلومات والإعلانات ومواعيدها من مصادرها الفلسطينية الرسمية، وأن تتجنبوا التحرك في المناطق المدمرة أو التي تشهد قصفاً مكثفاً، خاصة في الساعات التي تلي الإعلان عن وقف إطلاق النار، حيث قد يكون الاحتلال قد نصب كمائن أو تفخيخ بعض الممتلكات لإيقاع المزيد من الجرائم ولزيادة الأضرار، كما حذر من الاقتراب من المنازل المقصوفة والمهدمة، وكذلك الحذر من بقايا الأسلحة التي لم تنفجر، ودعاهم للابتعاد عن التجمعات التي قد تكون هدفاً للاحتلال، وعن الأماكن التي تشهد تحركات غير اعتيادية، والالتزام بتوجيهات السلامة.
وفي التفاصيل الفنية الخاصة بالاتفاق، فقد جرى الإعلان الرسمي عن الاتفاق في مؤتمر صحافي لرئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مساء يوم الأربعاء الماضي، والذي أعلن الاتفاق بوساطة بلاده إلى جانب كل من مصر والولايات المتحدة.
بنود الاتفاق
وأعلن أن تنفيذ الاتفاق سيبدأ الأحد الموافق 19 كانون الثاني/يناير، بحيث تشمل المرحلة الأولى إطلاق سراح 33 أسيرا وأسيرة إسرائيلية، مقابل إطلاق أسرى فلسطينيين، على أن تستمر المرحلة الأولى لمدة 42 يوما.
وجاء اتفاق المرحلة الأولى للتهدئة في صفحتين، بعنوان «إجراءات وآليات عملية لتنفيذ تبادل الرهائن الاسرائيليين والأسرى الفلسطينيين والعودة للهدوء المستدام بما يحقق وقفا دائما لإطلاق النار بين الطرفين»، وقد حمل البند الأول اسم «الاستعدادات للمرحلة الثانية»، وجاء فيه «ان هدف الطرفين والوسطاء هو للوصول إلى توافق نهائي لتنفيذ اتفاق 27 أيار/مايو 2024 لتبادل الرهائن والمسجونين والعودة للهدوء المستدام، بما يحقق وقفا دائما لإطلاق النار بين الطرفين، وأن جميع الإجراءات في المرحلة الأولى ستستمر في المرحلة الثانية، ما دامت المفاوضات بشأن شروط تنفيذ المرحلة الثانية مستمرة، والضامنون لهذا الاتفاق سيعملون على ضمان استمرار المفاوضات حتى الوصول إلى اتفاق».
أما البند الثاني، فاشتمل على نص حول «انسحاب القوات الإسرائيلية»، وتضمن على «انسحاب القوات الإسرائيلية شرقاً من المناطق المكتظة بالسكان على طول حدود قطاع غزة، بما يشمل وادي غزة (محور نتساريم ودوار الكويت)» بحيث ستعيد القوات الإسرائيلية انتشارها في محيط 700 متر باستثناء 5 نقاط محددة والتي ستزيد بما لا يزيد عن 400 متر إضافية والتي سيحددها الجانب الإسرائيلي، جنوب وغرب الحدود ويكون ذلك على أساس الخرائط المتفق عليها بين الجانبين والتي سترفق بالاتفاق.
أما بخصوص بند تبادل الأسرى، والذي جاء في البند الثالث، فاشتمل على أن الرهائن الإسرائيليين الـ 9 من المرضى والجرحى من قائمة الـ 33، سيتم إطلاق سراحهم بمقابل إطلاق سراح 110 سجناء فلسطينيين من المحكومين بالمزيد، كما ستطلق إسرائيل سراح 1000 معتقل من غزة من الذين اعتقلوا من 8 أكتوبر 2023 والذين لم يكونوا مشاركين في أحداث 7 أكتوبر 2023، أما بخصوص فئة كبار السن الرجال فوق الـ 50 من قائمة الـ 33، سيتم إطلاق سراحهم بموجب مفتاح 1 إلى 3 من المحكومين بالمؤبد، و1إلى 27 من المحكومين بأحكام أخرى.
أما الأسيران ابرا منغستو وهشام السيد، فسيتم إطلاق سراحهما وفقا لمفتاح تبادل 1 إلى 30 بالإضافة إلى الـ 47 سجناء صفقة شاليط الذين أعيد اعتقالهم، على أن يتم إطلاق سراح عدد من المسجونين الفلسطينيين إلى الخارج أو في غزة، بناء على القوائم المتفق عليها بين الطرفين.
أما البند الرابع الذي اشتمل على تواجد جيش الاحتلال على «محور فيلادلفيا» الفاصل عن مصر، فاشتمل على أن يقوم الجانب الإسرائيلي، بخفض القوات تدريجياً في منطقة الممر خلال المرحلة الأولى، وفقاً للخرائط المتفق عليها والاتفاق بين الجانبين، كما اشتمل على أنه بعد إطلاق سراح آخر رهينة من المرحلة الأولى في اليوم 42، تبدأ القوات الإسرائيلية انسحابها وتكمله بما لا يتجاوز اليوم الـ 50. وفي بند معبر رفح الذي جاء خامسا، فقد أوضح الاتفاق أنه سيكون جاهزا لنقل المدنيين والجرحى بعد إطلاق سراح جميع النساء المدنيات والمجندات، حيث ستعمل إسرائيل على تجهيز المعبر فور توقيع الاتفاق، وأن تعيد القوات الإسرائيلية انتشارها حول معبر رفح وفقا للخرائط المرفقة، وأن يسمح بعبور 50 فرداً من العسكريين الجرحى يوميا برفقة 3 أفراد، ويتطلب كل من هؤلاء الأفراد الحصول على موافقة إسرائيل ومصر، على أن يتم تشغيل المعبر استنادا إلى مشاورات اب/أغسطس 2024 مع مصر، بما يشمل خروج المرضى والجرحى، وأن يسمح لجميع المدنيين الفلسطينيين المرضى والجرحى بالعبور عبر معبر رفح، وفقا للبند 12 من اتفاق 27 أيار/مايو 2024
وقد فسر الاتفاق طريقة عودة النازحين إلى الشمال من مناطق الجنوب، من خلال «محور نتساريم» والتي ستكون في اليوم السابع من دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، حيث سيسمح للنازحين داخلياً المشاة بالعودة شمالاً، من دون حمل السلاح وبدون تفتيش عبر شارع الرشيد، على أن يكون اليوم 22، مخصص لعودة النازحين من شارع صلاح الدين أيضاً، بدون تفتيش، فيما سيتم عودة النازحين عبر مركبات بعد فحص المركبات من قبل شركة خاصة يتم تحديدا من قبل الوسطاء، بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي، وبناء على آلية متفق عليها.
وقد انتهى الاتفاق ببند حمل اسم «بروتوكول المساعدات الإنسانية»، واشتمل على أن الإجراءات ذات الصلة بالمساعدات الإنسانية وفقا للاتفاق، سيتم تنفيذها استنادا للبرتوكول الإنساني الذي تم الاتفاق عليه تحت إشراف الوسطاء.
وأعلنت مصر أحد رعاة الاتفاق، أنها وقطر والولايات المتحدة الأمريكية، سياستهم كضامنين لهذا الاتفاق هي التأكيد على أن جميع مراحله الثلاث ستُنفذ بشكل كامل من قِبل الطرفين، وأن الوسطاء سيعملون بشكل مشترك لضمان تنفيذ الأطراف لالتزاماتهم في الاتفاق والاستمرار الكامل للمراحل الثلاث.
وأشار البيان الصادر عن الرئاسة المصرية إلى أن الضامنين سوف يعملون أيضًا بالتنسيق مع الأمم المتحدة والدول المانحة والشركاء من جميع أنحاء العالم لدعم الزيادة السريعة والمستدامة في المساعدات الإنسانية إلى غزة بموجب الشروط المنصوص عليها في الاتفاق.
مراحل التنفيذ
ومن المقرر أن يقوم فريق فني مختص من كل من قطر ومصر والولايات المتحدة، بالعمل على مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، على أن تكون هناك آليات لمتابعة التنفيذ ومتابعة أي خروق قد تحدث.
وفهم من بنود الاتفاق، أنه يشمل فقط المرحلة الأولى، وأن المرحلتين الثانية والثالثة أرجأت إلى وقت لاحق، على أن يبدأ بحثهم بعد نحو أسبوعين من دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وقالت حركة حماس، أن اتفاق وقف إطلاق النار هو «ثمرة الصمود الأسطوري لشعبنا الفلسطيني العظيم ومقاومتنا الباسلة في قطاع غزة، على مدار أكثر من 15 شهراً»، وأن الاتفاق يعد «إنجازا لشعبنا ومقاومتنا وأمّتنا وأحرار العالم، وهو محطَّة فاصلة من محطات الصراع مع العدو، على طريق تحقيق أهداف شعبنا في التحرير والعودة»، وقد أعربت عن تقديرها وشكرها لكلّ المواقف المشرّفة الرَّسمية والشعبية التي تضامنت مع غزة، ووقفت مع الشعب الفلسطيني، وساهمت في فضح الاحتلال ووقف العدوان، عربياً وإسلامياً ودولياً، وخصت الوسطاء، الذين بذلوا جهداً كبيراً للوصول إلى هذا الاتفاق، وخاصَّة قطر ومصر.
لكن بنود وقف إطلاق النار، تشير إلى أن تطبيق بنود الاتفاق التي تخص عودة النازحين وكذلك إطلاق سراح الأسرى وإخراج المصابين والمرضى للعلاج في الخارج بعد فتح معبر رفح، وكذلك عملية إدخال المساعدات الإنسانية، ستكون على دفعات وليس مرة واحدة في المرحلة الأولى، وهو ما يمكن أن تستغله دولة الاحتلال من خلال التحجج في تطبيق بعض البنود الهامة في هذا الاتفاق.
ومثلا في موضوع المساعدات الإنسانية التي يحتاجها سكان غزة الذين يعانون من الفقر والجوع، من الممكن أن تتهرب إسرائيل من الاتفاق، بعدم الإيفاء بتطبيق كامل البنود، وتخفيض عدد شاحنات المساعدات، وهو ما سيعود بالسلب على السكان، وكذلك في موضوع عودة النازحين، بالإضافة إلى اعتراضها على إطلاق سراح أسرى المؤبدات في مرحلة التبادل، وهو ما من شأنه أن يضر بعملية التنفيذ، وستؤثر سلبا وبشكل خطير على المرحلتين الثانية والثالثة، والتي يعتمد التوافق عليها التطبيق الدقيق للمرحلة الأولى.
وفي حال تهربت إسرائيل من تطبيق هذا الاتفاق، فإنها ستخرب بذلك الجهود المبذولة لاستمرار الهدوء، وربما ستستغل وجود حليفها الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، الذي سيتسلم مقاليد البيت الأبيض في اليوم التالي لدخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
والجدير ذكره أن المرحلتين الثانية والثالثة، تتحدث عن عقد صفقة نهائية لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين مقابل أسرى فلسطينيين من ذوي المحكوميات العالية، وكذلك إنهاء انسحاب قوات الاحتلال من محاور التوغل، وبقائها فقط قرب الحدود، والاتفاق على مرحلة إعادة إعمار قطاع غزة، بخلاف عملية الإغاثة التي ستستمر لتسهيل حياة السكان الذين عانوا من ويلات الحرب والجوع.
ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط التعيس يا بئيس سيعملون على ترويض عصابة تل أبيب يا حبيب وعلى رأسهم سموتريتش وسفاح أطفال ونساء غزة العزة بعد استقالة الإرهاب الخطير بنغفير ✌️🇵🇸😎☝️🚀🐒🔥