تشهد العاصمة العمانية مسقط، واحداًُ من أهم الاجتماعات التي تناقش مستقبل منطقة الشرق الأوسط والتوترات التي تعيشها على خلفية محاولة الوصول إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران بخصوص البرنامج النووي الإيراني.
ويرى المراقبون أن جولة المفاوضات الاخيرة تختلف عن سابقاتها التي تمت بين إيران والدول الأوروبية في فيينا، ويتمثل التحدي الذي تواجهه سلطنة عُمان في مدى علانية علاقاتها مع طرفي النزاع. إذ تعتمد مسقط عادة على التكتم في كيفية إدارة علاقاتها الدبلوماسية، وهو إرثٌ من عهدٍ سابقٍ، لذلك نرى أن وسائل الإعلام الرسمية في سلطنة عمان التزمت الصمت حيال محادثات يوم السبت. يذكر جورجيو كافييرو الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة تحليل المخاطر في مؤسسة «Gulf State Analytics « ومقرها واشنطن: «يتمتع العُمانيون بخبرة كبيرة في لعب هذا الدور غير المباشر. أعتقد أنه في ولاية ترامب الثانية، فإن المخاطر كبيرة حقا، ومن المهم لنا أن ندرك قيمة عُمان كجسر دبلوماسي. إذ سيلعب التوازن العماني دورا محوريا في شرق أوسط مضطرب». وأضاف كافييرو: «عادة ما تُفضل عُمان عدم تصدر عناوين الأخبار».
المراقبون يرون أن من غير المرجح التوصل إلى اتفاق شامل في الوقت الحالي، لكن مخاطر المفاوضات كبيرة جدا على هاتين الدولتين، اللتين تقتربان من نصف قرن من العداء. إذ هدد الرئيس ترامب مرارا بشن ضربات عسكرية تستهدف البرنامج النووي الإيراني، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق. من جانبهم حذر المسؤولون الإيرانيون بشكل متزايد من أنهم قد يسعون إلى امتلاك سلاح نووي باستخدام مخزونهم من اليورانيوم المخصب، إلى مستويات قريبة من مستويات الأسلحة، إذا نفذت الولايات المتحدة تهديداتها، ولجأت للحل العسكري.
المراقبون يرون أن من غير المرجح التوصل إلى اتفاق شامل في الوقت الحالي، لكن مخاطر المفاوضات كبيرة جدا على أمريكا وإيران، اللتين تقتربان من نصف قرن من العداء
وفي هذا السياق حذّر علي شمخاني أحد كبار مستشاري المرشد الأعلى علي خامنئي، مما قد يحدث إذا استمرت الولايات المتحدة في تهديد إيران، بما في ذلك طرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإنهاء تعاون إيران مع الوكالة التابعة للأمم المتحدة. وأضاف: «يمكن أيضا النظر في نقل المواد المخصبة إلى مكان آمن»، فاتحا الباب مجددا أمام إيران لامتلاك مواقع نووية سرية وغير مُعلنة، كما فعلت عندما بدأت الأزمة بشأن برنامجها قبل أكثر من 20 عاما. لكن مجيد تخت روانج نائب وزير الخارجية الإيراني، أبدى نبرة أكثر إيجابية يوم الجمعة 11 أبريل الجاري. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) عن تخت روانج قوله: «إذا امتنع الجانب الأمريكي عن إثارة قضايا ومطالب غير ذات صلة، وتخلى عن التهديدات والترهيب، فستكون هناك فرصة جيدة للتوصل إلى اتفاق». قاد المبعوث الخاص لترامب، ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، المناقشات خلف أبواب مغلقة في عُمان، التي لطالما لعبت دور الوسيط بين إيران والدول الغربية. وقد أفاد التلفزيون الرسمي الإيراني، أن عراقجي التقى مسؤولين عُمانيين بعد وصول وفده إلى مسقط صباح السبت. قبل ساعات من بدء المحادثات، في غضون ذلك، نشرت وزارة الخارجية الإيرانية لقطات لعباس عراقجي، وهو يلتقي بوزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي. وذكرت وكالة أنباء (إرنا) أن عراقجي قدّم «موقف إيران والنقاط الرئيسية للمحادثات لنقلها إلى الجانب الأمريكي». عراقجي قال في مقطع صوتي نشرته الوكالة: «إذا توفرت إرادة كافية من الجانبين، فسنحدد جدولا زمنيا. لكن من السابق لأوانه الحديث عن ذلك». وأضاف «من الواضح الآن أن المفاوضات غير مباشرة، ومن وجهة نظرنا، تقتصر على قضية البرنامج النووي فقط، وستُجرى بالإرادة اللازمة للتوصل إلى اتفاق متساوٍ يؤدي إلى ضمان المصالح الوطنية للشعب الإيراني».
بينما قال الرئيس ترامب للصحافيين من على متن طائرة الرئاسة الأمريكية: «أريد لإيران أن تكون دولة رائعة وعظيمة وسعيدة، لكن بالتأكيد لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي». كما صرح ويتكوف لصحيفة «وول ستريت جورنال» قائلا؛ إن «موقفنا اليوم يبدأ بمطالبة إيران بتفكيك برنامجها النووي بالكامل» وهي وجهة نظر يتبناها المتشددون المحيطون بترامب، ولا يتوقع الكثيرون أن تقبلها إيران. وأضاف ويتكوف في تصريحه للصحيفة:» بالمناسبة هذا لا يعني أننا لن نجد على هامش الاتفاق طرقا أخرى للتوصل إلى تسوية بين البلدين». وأضاف: «خطنا الأحمر سيكون: لا يمكن السماح لإيران بتطوير قدرات التسليح النووي». كما صرح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يوم الخميس 10 أبريل بأنه يأمل أن تُفضي المحادثات إلى السلام، مضيفا: «لقد كنا واضحين تماما بشأن أن إيران لن تمتلك سلاحا نوويا أبدا، وأعتقد أن هذا ما أدى إلى هذا الاجتماع». وردت طهران في اليوم التالي قائلة إنها تمنح الولايات المتحدة «فرصة حقيقية» على الرغم مما وصفته بـ»الضجة المواجهة السائدة» في واشنطن.
وفي حين أن الجانب الأمريكي يستطيع تقديم تخفيف للعقوبات على اقتصاد إيران المتعثر، إلا أنه لا يزال من غير الواضح مدى استعداد إيران للتنازل. فبموجب الاتفاق النووي لعام 2015، لم تستطع إيران سوى الاحتفاظ بمخزون صغير من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.67 في المئة. اليوم، يُمكن لمخزون طهران من اليورانيوم المخصب أن يسمح لها بتصنيع أسلحة نووية متعددة إذا اختارت ذلك، حيث تمتلك طهران كميات من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المئة، وهي خطوة تقنية لا تفصلها عن مستويات تصنيع الأسلحة إلا مسافة قصيرة جدا. ولطالما هددت إسرائيل، أقرب حليف لواشنطن في الشرق الأوسط، والتي تعتبر البرنامج النووي الإيراني تهديدا وجوديا، بمهاجمة إيران إذا فشلت الدبلوماسية في كبح طموحاتها النووية. لقد تم تقليص نفوذ طهران في مختلف أنحاء الشرق الأوسط بشكل كبير على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية، مع تفكيك حلفائها الإقليميين ـ المعروفين باسم «محور المقاومة» ـ أو تعرضهم لأضرار بالغة منذ بداية الحرب بين حماس وإسرائيل في غزة وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا في ديسمبر الماضي. مع ذلك، فإن الفشل من شأنه أن يُفاقم المخاوف من اندلاع حرب أوسع نطاقا في منطقة تُصدر معظم نفط العالم. وقد حذّرت طهران الدول المجاورة التي تضم قواعد أمريكية من أنها ستواجه «عواقب وخيمة» إذا شاركت في أي هجوم عسكري أمريكي على إيران.
الخلاصة كما يراها المراقبون هي أن من غير المُرجّح التوصل إلى اتفاق في الوقت الحالي، لكنّ مخاطر المفاوضات لا يُمكن أن تكون أكبر بالنسبة لهاتين الدولتين، اللتين تُوشكان على إنهاء نصف قرن من العداء. إن إيران تعاملت مع المحادثات بحذر، وكانت خطواتها متشككة في إمكانية التوصل إلى اتفاق نتيجة تهديدات ترامب المستمرة بقصف إيران إذا لم توقف برنامجها المتصاعد لتخصيب اليورانيوم. لكن يبقى هنالك بصيص أمل يمكن أن يقرأ، إذ أشاد كلا الجانبين بفرص تحقيق بعض التقدم، على الرغم من كونهما ما زالا متباعدين في موقفها ولم يتفقا على ما إذا كانت المحادثات ستكون وجها لوجه، كما يطلب ترامب، أو غير مباشرة، كما تريد إيران.
كاتب عراقي
حذار حذار يا أحرار إيران يا إخوان من غدر عصابة البيت الأسود الصهيوني الأمريكي يا انريكي والأيام بيننا ✌️🇵🇸😎☝️