منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث
نيويورك- الأمم المتحدة: “القدس العربي”: على هامش اجتماعات الدورة الـ 78 للجمعية العامة، عقد اجتماع رفيع المستوى الساعة الثامنة صباحا بتوقيت نيويورك، حول النزاع في السودان الذي يدخل شهره السادس. وقد شارك في الاجتماع رفيع المستوى، ممثلون عن حكومات مصر وقطر والمملكة العربية السعودية بالإضافة إلى ممثل عن الاتحاد الأوروبي وممثل الاتحاد الإفريقي، وبحضور منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، ووكيلة الأمين العام للشؤون السياسية روز ماري ديكارلو، وفيليبو غراندي، المفوض السامي لشؤون اللاجئين.
وقد تمحور الاجتماع على “تكلفة التقاعس عن العمل في السودان”، ودعا المجتمعون إلى حل النزاع وتقديم مزيد من الدعم للاستجابة. وقد تم تسليط الضوء في هذا الاجتماع على التحديات العملياتية للمنظمات الإنسانية ونقص وصول المساعدات الإنسانية، واقتراح الحلول، والحثّ على مزيد من الدعم المرن وفي الوقت المناسب لخطط استجابة الأمم المتحدة في السودان والمنطقة.
السيدة ديكارلو قالت في مداخلتها في بداية الاجتماع: “إن الطرفين، الجيش وقوات الدعم السريع، بعيدان عن تحقيق النصر إلا أنهما يواصلان قتالهما الوحشي، فيما يواصل المدنيون دفع ثمن باهظ لهذا العنف الأحمق”.
وقالت ديكارلو إن السودان الآن يضم أعلى عدد للنازحين داخليا في العالم، إذ وصل عددهم 7.1 مليون شخص، بما في ذلك 3.3 مليون طفل. وأشارت وكيلة الأمين العام إلى أن الصراع في السودان يتأجج بسبب التعبئة عبر الحدود، بما في ذلك على طول الخطوط القبلية، فضلا عن تدفق المقاتلين والأسلحة والذخيرة من خارج البلاد. وأكدت ديكارلو أن هذا النزاع يهدد بإغراق المنطقة في صراع أوسع نطاقا، وزضافت “يجب على جميع المجتمعات والجهات الفاعلة الإقليمية الامتناع عن الانحياز إلى أي طرف. وبدلاً من ذلك، يجب عليها تركيز جهودها على منع مزيد من التصعيد وإنهاء العنف”. وقالت إن التقاعس السياسي قد كبّد الشعب السوداني بالفعل تكلفة باهظة ودعت إلى زيادة الدبلوماسية الفعالة.
وأكدت وكيلة الأمين العام على مسؤولية المجتمع الدولي لبذل المزيد من الجهد للمساعدة في وقف القتال وإيجاد طريق إلى التسوية السياسية. وأضافت: “يجب على الأطراف السودانية المتحاربة إنهاء القتال والعودة إلى جدة للتوصل إلى وقف إطلاق نار حقيقي من شأنه أن يؤدي إلى وقف دائم للأعمال العدائية. سيتطلب ذلك إرادة سياسية، وآلية قوية للرصد والتحقق، والقدرة على محاسبة الأطراف المتحاربة”.
وقالت المسؤولة الأممية إن الحرب في السودان حطمت آمال وتطلعات الرجال والنساء السودانيين الذين أدى إصرارهم وتضحياتهم إلى ثورة كانون الأول /ديسمبر 2018، التي ألهمتنا جميعا في جميع أنحاء العالم.
وقالت إن الكثيرين في السودان يشعرون الآن بالقلق من أن الصراع سيعيد البلاد إلى الأيام المظلمة ودعت المجتمع الدولي إلى الوقوف مع الشعب السوداني لمنع حدوث ذلك.
وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، قال، إن البلاد تواجه أزمة إنسانية ذات أبعاد ملحمية، وحذر من تدهور الوضع إلى كارثة .”يمكن أن تبتلع، وسوف تبتلع، البلاد بأكملها ومن ثم المنطقة”ما لم يتم اتخاذ إجراءات دولية عاجلة. وقال إن المجتمع الإنساني يبذل كل ما في وسعه لتوسيع نطاق الاستجابة وقد وصل حتى الآن بالمساعدات إلى 3.5 مليون شخص، إلا أن خطة الاستجابة الإنسانية لا تزال تعاني من نقص حاد في التمويل، حيث تم توفير حوالي 30 في المئة فقط من الأموال اللازمة لدعم الأشخاص داخل البلاد.
وأشار السيد غريفيث أيضاً إلى أن قدرة العاملين في المجال الإنساني على العمل تعيقها البيئة شديدة الخطورة والمعقدة، فضلاً عن القيود المفروضة على الوصول والعوائق البيروقراطية.
25 million people in need of aid. 5 million displaced. Hunger, sexual violence & disease outbreaks surging. These are the costs of inaction in #Sudan & they are growing by the hour
Critical #UNGA event on the crisis & what must be done
Now, time to act. https://t.co/KE7ljs4TB9 pic.twitter.com/lgqkM0pIWL
— Martin Griffiths (@UNReliefChief) September 20, 2023
وأعرب منسق الإغاثة في حالات الطوارئ عن قلقه العميق إزاء اشتداد القتال وقال: “إن السماح لهذا الوضع بالانحدار إلى حرب أهلية شاملة سيكون مأساة إنسانية، خاصة وأنه يمكن منعها، ويجب منعها”.
وقال السيد غريفيث، إن الاجتماع الذي يعقد اليوم هو بمثابة تذكير بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة ولإعلام الشعب السوداني “بأنه لم ينس”. وأضاف: “دعونا نعقد العزم على أن نقول: ليس هذه المرة، ليس تحت أنظارنا لأسوأ كارثة إنسانية وأكثرها تعقيدا وقسوة نشهدها في العالم اليوم”.
وتتطلب خطة الاستجابة الإنسانية للسودان 2.6 مليار دولار أمريكي لمساعدة 18 مليون شخص حتى نهاية هذا العام، وتم تمويلها حتى الآن بنسبة 31 في المئة. وتسعى خطة السودان الإقليمية للاستجابة للاجئين إلى جمع مليار دولار لدعم اللاجئين والعائدين والمجتمعات المضيفة في خمس دول مجاورة للسودان، وتم تمويلها حتى الآن بنسبة 27 في المئة. وفي مؤتمر التعهدات الذي عقد في جنيف في حزيران/ يونيو، أعلن المانحون عن تقديم ما يقرب من 1.5 مليار دولار للاستجابة في السودان والمنطقة.
ويقول فليبو غراندي، مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين: “لقد أُجبر ملايين الأشخاص بالفعل على ترك منازلهم بسبب الحرب في السودان، ويفرّ الناس بشكل متزايد، كل يوم بحثًا عن الأمان. إنهم بحاجة إلى المساعدة العاجلة التي تتمثّل في المساعدات الإنسانية لإبقائهم على قيد الحياة، وكذلك إلى تدخلات إنمائية طارئة لتوفير الظروف والفرص للعيش بكرامة أينما كانوا إلى أن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم. لكنهم وقبل كل شيء، يحتاجون إلى أن تصمت الأسلحة وأن تتوقف هذه الحرب الحمقاء.”
من جهتها قالت السيدة لولوة راشد الخاطر، وزيرة الدولة للتعاون الدولي في قطر: “إننا نشعر بقلق بالغ إزاء تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان. ولا يمكن المبالغة في مدى إلحاح هذا الوضع. ومن الضروري أن يزيد المجتمع الدولي جهوده على الفور لتقديم المساعدة الأساسية والدعم للشعب السوداني، بما في ذلك النازحين واللاجئين في جميع أنحاء البلدان المجاورة. وندعو إلى الوقف الفوري للقتال وندعو جميع القوى السياسية للمشاركة في الحوار والوسائل السلمية لحل النزاع. وتدعم دولة قطر الجهود الإقليمية والدولية الجارية والتي تهدف إلى إنهاء النزاع وتحقيق الاستقرار في السودان.”
الدكتور عبد الله الربيع، المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في المملكة العربية السعودية، قال: “يشمل إيجاد حلول للأزمة الإنسانية في السودان تأمين الوصول الكامل والآمن للعاملين والمساعدات الإنسانية، وزيادة التمويل الدولي، ودعم مبادرات السلام المستدام. ويحتاج الملايين من اللاجئين والنازحين إلى الإغاثة العاجلة في السودان وفي البلدان المجاورة، وتحتاج البلدان المضيفة أيضًا إلى دعمنا لرعاية تدفق الفارين من العنف. مع كل يوم يمر، يتعرض المزيد والمزيد من الأشخاص للخطر، ولكن بالعمل معًا، يمكننا أن نحدث فرقًا إيجابيًا في حياة الفئات الأكثر ضعفًا في السودان. إنها مسؤوليتنا المشتركة أن نفعل كل ما في وسعنا لتخفيف المعاناة والعمل من أجل السلام والاستقرار في السودان.”
وزير الخارجية المصري، سامح شكري، قال في الاجتماع: “لا ينبغي للدول المجاورة للسودان أن تتحمل وطأة الأزمة وحدها. إن إثقال كاهل تلك البلدان وقدراتها على تقديم الخدمات العامة يؤدي إلى الهجرة غير الشرعية. نحن بحاجة إلى التمسك بمبدأ التقاسم العادل للأعباء والمسؤوليات باعتباره الحل الوحيد لتخفيف العبء الإنساني والاستجابة لأزمة النزوح بطريقة فعّالة ومستدامة.”
وأما مفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات، يانيز ليناركيتش فقال: “لا يزال الاتحاد الأوروبي ملتزمًا بتقديم المساعدة الإنسانية والحماية للمتضرّرين من النزاع في السودان وأولئك الذين فرّوا إلى البلدان المجاورة. ومع ذلك، لكي تكون مساعدتنا فعّالة، نحتاج إلى إتاحة الوصول الآمن وفي الوقت المناسب ودون عوائق للعمليات الإنسانية. ويجب على جميع أطراف النزاع أن تضمن ذلك في جميع الأوقات، ووفقًا للمبادئ الإنسانية وسيُسلط الحدث الرفيع المستوى الذي يعقد اليوم، الضوء على قضايا إتاحة الوصول ذات الأهمية القصوى هذه، فضلاً عن تذكير الأطراف المتحاربة بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان”.
لم يصدر بيان موحد عن الاجتماع إلا أن الدعوة إلى وقف إطلاق نار شامل تكرر في كل كلمات المشاركين في الاجتماع، إضافة إلى زيادة الدعم لنداء الأمم المتحدة للاستجابة إلى الأزمة الإنسانية في السودان.
هه اجتماع رفيع المستوى لكن قراراته ستسقط في الهواء بين جنرالات الحرب السودانية يا عينيا 🤔😁☝️🦩🦩🦩