استخدام الطيران الحربي في الضفة الغربية مؤشر على تصعيد مقبل

حجم الخط
1

رام الله – «القدس العربي» : قال خبيران فلسطينيان مختصان في الشأن الإسرائيلي إن تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت عن إزالة إسرائيل القيود على استخدام الطائرات الحربية في الضفة الغربية المحتلة « يشكل وعيدا ومؤشرا على تصعيد مقبل في الضفة الغربية» بعد هدوء الأوضاع في قطاع غزة.
وأكدا لـ«القدس العربي» أن القرار ليس جديدا بل هو «نافذ من عامين على الأقل» وكانت بداياته خلال عملية «البيت والحديقة» على مخيم جنين العام الماضي.
وكانت القناة 14 العبرية قد ذكرت أن وزير دفاع الاحتلال يوآف غالانت أعلن يوم أمس الأول، عن إزالة القيود المفروضة على استخدام الطائرات الحربية في الضفة الغربية، وأصدر أوامر للجيش الإسرائيلي بـ«القضاء» على المقاومة الفلسطينية في المنطقة.
ونقل عن غالانت قوله: «أصدرنا أوامر للقيادة المركزية في الجيش الإسرائيلي للقضاء على الكتائب المسلحة في الضفة الغربية»، و»قمت أيضا بإزالة القيود على استخدام الطائرات المسيرة العسكرية في الضفة الغربية لتقليل تعريض حياة الجنود للخطر».
وجاءت هذه التصريحات خلال جلسة لتقييم الوضع عقدها غالانت مع القائد الجديد للمنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، آفي بلوط، بحضور قائد فرقة الضفة الغربية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، ياكي دولف، وقائد قوات جيش الاحتلال في الضفة، باراك مردخاي، إلى جانب قادة ميدانيين وممثلي «الشاباك».
ووفقا لبيان صادر عن وزارة جيش الاحتلال، فقد تلقى غالانت إحاطة حول «أنشطة الجيش في المنطقة لإحباط العمليات والقضاء على التنظيمات المسلحة في مخيمات اللاجئين، وتحسين الوسائل الأمنية في المستوطنات لتعزيز أمن السكان» .
وأكد أن غالانت شدد على ضرورة القضاء المستمر والممنهج على المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، مشيرا إلى أن الجيش يحظى بالدعم الكامل لتحقيق هذا الهدف.
وقال: «سنسحق هذه الكتائب، في جنين وطولكرم وطوباس وأماكن أخرى. سنتصرف وفقا لذلك، ولن نسمح بوضع يتعرض فيه مواطنو إسرائيل للخطر نتيجة لأعمال الإرهابيين الموجهة من إيران».

رفع القيود

وذكر غالانت أنه تم رفع القيود على عمل طائرات القوات الجوية، بما في ذلك الهجوم في منطقة القيادة الوسطى، بهدف إحباط عمليات المقاومة دون تعريض «حياة الجنود للخطر غير الضروري»، على حد تعبيره، وهدد: «إذا لزم الأمر، فسوف نقوم بتوسيع هذا الأمر».
وكان الاحتلال الإسرائيلي اعترف بتعاظم قوة المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، إذ أقرت قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي بـ «خطورة العبوات الناسفة في الضفة الغربية»، وذلك بعد إصابة 4 إسرائيليين بينهم جنديّان إثر انفجار عبوة ناسفة، في عملية تبنتها «كتائب القسّام» – الذراع العسكرية لحركة «»حماس» – بالقرب مستوطنة «حرميش» شمال طولكرم.
واعترف جيش الاحتلال في الضفة الغربية بتنفيذ سلسلة من الإجراءات للحد من «خطر المتفجرات»، التي تُصنع بواسطة الفصائل الفلسطينية، وتعيق قدرات الجيش على «العمل بعمق في الضفة الغربية»، حسب صحيفة «جيروزاليم بوست».
وكثفت قوات الاحتلال في الأشهر الأخيرة من استخدام الطائرات والطائرات المسيرة في استهداف مقاومين فلسطينيين في مخيمات الضفة الغربية المحتلة، وذلك لتجاوز مسألة تعريض قواتها للخطر بسبب استهدافهم من قبل المقاومين الفلسطينيين.

المقاومة تطور قدراتها

ويؤكد جيش الاحتلال، من خلال استخدام الأسلحة والطائرات لاستهداف المقاومين في المخيمات؛ وجود تطور في أساليب المقاومة داخل هذه المخيمات، التي كبدت الاحتلال خسائر في القوة البشرية والعسكرية، ما دفعه إلى تنفيذ غارات جوية من أجل التدمير والاغتيال، وهو ما تطبقه قوات الاحتلال في قطاع غزة والضفة معا.
ونقلا عن إعلام الاحتلال، فإن مجموعات المقاومة في الضفة أصبحت تمتلك قدرة في تصنيع المتفجرات وتطوير العبوات الناسفة لتصبح قاتلة.
ويصف محللون وكتاب إسرائيليون الحالة النضالية في شمال الضفة، بالحرب التي تشنها حركة «حماس» قرب دولة الاحتلال في ظل تغافل جيش الاحتلال عن خطورتها، ورغم تجاهل حكومة الاحتلال لها. ويقول الإعلام العبري إن العبوات الناسفة تحولت إلى حالة في شمال الضفة، وإن جيش الاحتلال استعجل في إدخال مصفحاته إلى هذه المناطق قبل إيجاد حلول لكابوس العبوات الذي يطارد جيش الاحتلال، ناهيك عن تخوفات جيش الاحتلال من استخدام هذه العبوات باستهداف حافلات المستوطنين وسياراتهم. وأكد محللون إسرائيليون في وقت سابق، أن العمليات العسكرية ضد مخيمات الضفة لن تجدي نفعا بالقضاء على المقاومة فيها، خصوصا وأن ارتقاء كل شهيد يعني حافزا جديدا للانضمام إلى صفوف المقاومة المسلحة هناك.
وقال المحلل السياسي والخبير في الشأن الإسرائيلي محمد علان دراغمة، في حديث لـ «القدس العربي، إن ما نقل عن لسان غالانت في الصحافة العبرية «دقيق لحد ما»، لكنه أردف قائلا: «هذه التصريحات والتهديدات المعلنة هي سياسة نافذة منذ أكثر من عام، وليس هناك أي أمر جديد فيها».

خبراء: لا جديد

وتابع: «هذا النوع من التصريحات يتجدد كلما تعرض الجيش لإصابات أو قتلى أو تدمير للمركبات المحصنة أثناء اقتحامه مدن وبلدات الضفة الغربية، وهو ما حدث يوم أمس (الأول) في مدينة طوباس» .
وشدد في حديثه لـ «القدس العربي» على أن هذه السياسة، أو عملية رفع القيود، أعلن عنها منذ عام 2022، ولكن حدة هذه التصريحات تتجدد كلما اشتدت وتيرة المقاومة في الضفة الغربية، كما أن هذا النوع من التصريحات يحضر ضمن إطار محاولة استرداد نظرية الردع الاسرائيلية التي لم يتمكن الجيش من استعادتها رغم كل الاقتحامات وأكثر من 600 شهيد وآلاف من حالات الاعتقال».
ووصف دراغمة الزج باسم إيران بالممارسة الاحتلالية غير منطقي «فدولة الاحتلال تتحكم بكل شيء في كل المناطق الفلسطينية، كما أن دولة الاحتلال تبحث عن سبب تعلق عليه الواقع الجديد في الضفة الغربية. هنا يريد الاحتلال ربط الواقع بمشكلة مصدرها إيران، وليس بجرائم الاحتلال التي تدفع المقاومة إلى رفع وتيرة أعمالها». فـ»الحديث عن إيران هو سيمفونية تعزفها حكومة الاحتلال ومؤسستها العسكرية، وهو ما حضر في حديث غالانت يوم أمس (الأول) في قيادة المنطقة الوسطى، حيث ربط العنف والإرهاب في الضفة بتوجيه من إيران وحزب الله».
وتابع في النقطة نفسها: «سابقا كان هناك الكثير من التقارير العبرية التي تتحدث عن الضفة الغربية وكأنها مقاطعة إيرانية، حيث تضخ إيران إليها المال والسلاح، مع أن كل ما تم ضبطه أثناء التهريب عبر الحدود الأردنية كانت ملامحه واضحة وهو عبارة عن أسلحة ذات طابع تجاري أكثر من كونها للمقاومة الفلسطينية».
وفسّر تصاعد الحديث الإسرائيلي حول مسألة «الحفاظ على حياة الجنود عبر الاستعانة بالطيران الحربي للعمل في الضفة الغربية»، بأنه محاولة احتلالية لاسترداد نظرية الدرع الإسرائيلية، وهي أيضا رسالة للمقاومين بأن الجيش يمكنه أن يصل إليهم بأي شكل من الأشكال. وفي المقابل، يقرأ المحلل السياسي والخبير في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور، تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي بمثابة حالة من التوعد والانتقام، حيث «يتوعد الضفة بصفتها وجهة إسرائيلية جديدة للتصعيد» .
ورأى منصور أن تأكيد غالانت على أن الاحتلال الذي يمكنه أن يصل لليمن لهو قادر على حل المشاكل في الضفة إلى جانب تركيزه على استهداف وسحق المجموعات والخلايا العسكرية في شمال الضفة أنه مؤشرات تصعيد مقبلة لا محالة. وقال في حديث لـ «القدس العربي» «يبدو أن هناك توجها لتصعيد عسكري لم يتوقف في الماضي، وها هو يستمر، كما أنه مرشح للمزيد حيث يمكن للاحتلال تكثيف عمليات القصف وكذلك الاجتياح للمخيمات والمدن الفلسطينية».
واتفق مع دراغمة على أنه «دوما كان هناك تصعيد في الضفة الغربية قبل 7 أكتوبر وما بعده، حيث عادت الاغتيالات من الجو والقصف يتم بكل الوسائل ولكل الأهداف».
ويرى أن أحد الأسباب التي تقف خلف هذه التصريحات مسائل داخلية حيث يسعى غالانت إلى أن يظهر بأنه صقر، وليس أقل عنفا من غيره من أطراف الحكومة الحالية.
ويخلص الى القول: «تنتظرنا فترة صعبة في ظل الحكومة الحالية، كما أن التقديرات أن كل ما يجري في غزة سينعكس على الضفة، فنحن أمام حكومة حددت لنفسها مسارين، الأول، الاستيطان والمزيد منه، والمسار الثاني، التصعيد العسكري، وهو ما يدفع الأمور الى وضع خطير جدا».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول تاريخ حروب الغرب وأتباعهم:

    فرصة الشعب الفلسطيني الذهبية بدأت تتبلور وتسنح.

اشترك في قائمتنا البريدية