«اعتصام الكرامة» في شمال سوريا: خطوة نحو الأمام

منهل باريش
حجم الخط
0

قال عدد من ممثلي الانتفاضة في بيان إن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية هو كيان دخيل، ودعا الشرفاء في الائتلاف والحكومة المؤقتة للانضمام لمطالب الشعب.

بعد مرور شهر كامل على ما وسمه ناشطون بـ «اعتصام الكرامة» في ريف حلب الشمالي الخاضع لسيطرة الجيش الوطني المدعوم من أنقرة، تجددت دعوات القائمين على الاعتصام للتظاهر في ساحة «فيوتشر» وسط مدينة اعزاز الجمعة الماضية، وكان الاعتصام قد بدأ في الأول من شهر تموز (يوليو) الماضي تزامنًا مع الأحداث العنصرية التي طالت اللاجئين السوريين في مدينة قيصري التركية، وما تبعها من احتجاجات وتظاهرات شملت حرق وإنزال أعلام تركية في مناطق مختلفة بريف حلب الشمالي الخاضع لسيطرة الجيش الوطني من جهة ومحافظة إدلب التي تسيطر عليها هيئة «تحرير الشام» وتزامنًا مع التصريحات التركية المتعلقة بالتطبيع مع نظام الأسد، وفتح المعابر بين مناطق النظام والمعارضة المدعومة من تركيا.
ويعرف الناشطون القائمون على الاعتصام حراكهم بأنه «حراك شعبي ثوري قام ردًا على الدعوات التركية لفتح معبر أبو الزندين واندماج المعارضة مع نظام الأسد، والدعوات للتطبيع معه بدون أي رد فعل من المعارضة الرسمية، سواء السياسية أو العسكرية، وكذلك بمثابة رد فعل على التصرفات العنصرية ضد أهلنا اللاجئين في تركيا».
القائمون على «اعتصام الكرامة» أو «انتفاضة الكرامة» نظموا وقفة احتجاجية الخميس الفائت، أمام مبنى العدلية في مدينة اعزاز، ردًا على زيارة المنسق القضائي التركي لمبنى الدائرة العدلية في اعزاز، ورفعوا خلال الوقفة لافتات كتب عليها «إلى المنسقين الأتراك، نحن الإرادة، لا تتحدونا». وجاء في الدعوة أن الوقفة الاحتجاجية أمام مبنى العدلية في اعزاز جاءت «تنديدًا بزيارة المنسق القضائي التركي لعدلية اعزاز بتواطؤ واضح من مؤسسة نحسبها ثورية، وتحدٍ واضح لإرادة الشعب الحر وتجاهل كامل لمطالبه في ساحات اعتصام الكرامة التي أنهت دور المنسقين».
وأصدر المعتصمون بعد الوقفة الاحتجاجية على زيارة المنسق القضائي التركي للعدلية، بيانًا عرضوا من خلاله مجريات الأحداث خلال الوقفة وإغلاق منتدى المحامين الأحرار، ومسح الأعلام التركية من على جدران مبنى العدلية، ومنع مشاركة أطراف من خارج تنسيقية الاعتصام من التظاهر، وجاء في البيان «خشية تسرب طرف ليس من الاعتصام، واقتحام المنتدى والمكاتب، أو أن يكون هناك تخريب متعمد قبل الوقفة لاتهام الاعتصام بها، قامت إدارة الاعتصام بقفل المنتدى كإجراء احترازي بغية الحفاظ عليه» كما لفت البيان إلى أن المحامين الأحرار هم فاعل أساسي في الاعتصام، وأن الخلافات النقابية بينهم سببها تدخل الحكومة المؤقتة في التنظيم النقابي.
وتجدر الإشارة إلى أن الدولة التركية عينت منذ إطلاقها عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون، منسقين إداريين أتراك يتولون مسؤولية الإشراف على المؤسسات الثورية الخدمية كافة، ويتحكمون بها حسب ما يورده القائمون على الاعتصام في تصريحاتهم.
الجدير بالذكر، أن اللجنة التنسيقية للاعتصام ضمت محامين ومهندسين ونشطاء مدنيين، كما أيدت نقابة المهندسين الأحرار وتحالف النقابات المهنية الحرة الاعتصام، وتبنت مواقفه الرافضة للتدخل التركي من جهة، ورفض سياسات الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وذراعه الخدمي المتمثل بالحكومة السورية المؤقتة من جهة أخرى.
وفي إطار تطور المطالب وبلورتها، أعلن الاعتصام في 11 تموز (يوليو) عن تشكيل لجنة من المحامين، أوكلت إليهم مهمة المطالبة بحقوق ضحايا احتجاجات الأول من تموز (يوليو) بريف حلب الشمالي، والذين قضوا خلال الاحتجاجات على الأحداث العنصرية ضد اللاجئين السوريين في قيصري التركية، وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد أدت الاحتجاجات إلى مقتل أكثر من سبعة أشخاص برصاص القوات التركية، والجيش الوطني المدعوم منها، وإصابة آخرين.
إلى ذلك، أعلن المنسق العام لاعتصام الكرامة في 14 تموز (يوليو) الماضي، عن التحضير لتشكيل الهيئة العامة لقيادة الثورة السورية، وتشكيل لجنة تحضيرية من شأنها تجهيز أدوات ووسائل واحتياجات تشكيل الهيئة، وضمت اللجنة التحضيرية أسماء كل من المحامين فهد الموسى، وزياد جاموس، وصلاح سليمان والدكتور عثمان حجاوي والدكتور صالح الفاضل.
وقبل الإعلان عن اللجنة التحضيرية للهيئة العامة لقيادة الثورة، قال عدد من ممثلي الانتفاضة في بيان مصور، إن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية هو «كيان دخيل» كما اعتبروا أن الحكومة السورية المؤقتة التي يرأسها عبد الرحمن مصطفى تشكل سدًا منيعا بين السوريين والمجتمع الدولي، ودعا البيان الشرفاء في الائتلاف والحكومة المؤقتة للانسحاب من هذه الكيانات، والانضمام لمطالب الشعب. كما أشار البيان المصور لممثلي «انتفاضة الكرامة» إلى أن مهمة اللجنة التحضيرية للهيئة العامة لقيادة الثورة تتمثل في وضع آلية لاختيار أعضاء الهيئة العامة المذكورة، ومراقبة وإدارة مؤسسات الثورة ومجالسها المحلية، وضمان تمثيل حقيقي لكافة المناطق السورية، وإغلاق مكاتب الائتلاف والحكومة المؤقتة في مدينة اعزاز ووضعهما تحت إدارة وتصرف إدارة «اعتصام الكرامة» كما دعا البيان إلى تشكيل لجنة شعبية مهمتها اللقاء مع قيادات الفصائل العسكرية المعارضة لتحديد موقفهم من المصالحة والتطبيع مع نظام الأسد، وتحديد موقفهم من معركة التحرير.
الحكومة السورية المؤقتة بدورها ردت على بيان إدارة الانتفاضة، وتشكيل اللجنة التحضيرية لتشكيل الهيئة العامة لقيادة الثورة ببيان حذرت من خلاله من ما وصفته بالمشاريع المشبوهة والانفصالية التي تسعى لتخريب المؤسسات الحكومية ومكتسبات الثورة، ونوه بيان الحكومة المؤقتة إلى أنها ستتخذ الإجراءات القانونية ضد كل من يقدم على تخريب المباني والمؤسسات، ويعتدي على العاملين فيها، وأكد بيان المؤقتة على أنها متمسكة بمبادئ الثورة وتعمل على تحقيق أهدافها وتطبيق الحل السياسي وفق القرار الأممي 2254 كما أكدت على دعمها لحق السوريين في التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي.
وجاء بيان الحكومة المؤقتة بعد يوم على إغلاق المتظاهرين والمحتجين لمبنى الحكومة المؤقتة والائتلاف في مدينة اعزاز.
بموازاة ذلك، عقد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة بعد أسبوع على انطلاق اعتصام الكرامة اجتماعًا مع عدد من الأحزاب والقوى الثورية في اعزاز، بحضور نائب رئيس الائتلاف الذي دان الاعتداء على السوريين في الولايات التركية، مؤكدا التواصل مع المسؤولين الأتراك بهذا الخصوص، وحيث ردت السلطات التركية بشكل إيجابي، حسب ما أورده المكتب الإعلامي في اعزاز.
وأكد الائتلاف في الجلسة على ضرورة تطبيق القرارات الدولية وتحقيق الانتقال السياسي في سوريا، وأن الأحداث الأخيرة جاءت نتيجة تراكمات طويلة، وأن الوضع المعيشي في المناطق المحررة لا تتحمله دول. كما أكد على أن حرية التظاهر مقدّسة في المناطق المحررة.
وبخلاف استمرار «اعتصام الكرامة» في اعزاز، خبا وهج اعتصام مدينة الباب بريف حلب الشرقي، بسبب تدخلات الفصائل ومحاولة تجيير الاعتصام للصراع ضد بعضها وتحسين مكاسبها في منطقة الباب، خصوصا مع إصرار أنقرة على فتح معبر أبو الزندين ايفاء باستحقاقاتها لموسكو، حيث تسعى كل فصائل درع الفرات ليكون لها موطئ قدم على المعبر الذي يصل مناطق سيطرة النظام في حلب مع منطقة سيطرة المعارضة. يبقى «اعتصام الكرامة» في اعزاز بما يضمه من نخب وشخصيات تلقى الكثير من الاحترام والاجماع في الشمال السوري هو أمل الكثيرين في إنتاج كيان قادر على التعبير عن آلام المواطنين التي يسببها ضيم وأذى الفصائل العسكرية الموالية لأنقرة، ورفض الاملاءات السياسية التي تحاول الأخيرة فرضها، ويظهر دور إدارة اعتصام الكرامة أكثر الحاحا بسبب الانعطافة الكبيرة التي يقودها الرئيس التركي اردوغان تجاه النظام السوري.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية