بغداد ـ «القدس العربي»: على وقع القمع والاعتقالات تواصلت، أمس الأحد، التظاهرات ضد السلطة في العراق، فيما أعلنت وزراة الداخلية أن عدد القتلى بلغ 104، متهمة «أيادي خبيثة» باستهداف المحتجين.
واعتقلت قوات الأمن العشرات من المتظاهرين في شارع السعدون في العاصمة بغداد مع تصاعد حدة الاحتجاجات الشعبية لليوم السادس على التوالي.
وحسب مواقع محلية فإن «اشتباكات اندلعت بين المتظاهرين والقوات الأمنية قرب ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد».
وأيضا، بين مصدر أمني، أن المئات خرجوا في تظاهرة احتجاجية في ساحة الحمزة الواقعة في مدينة الصدر شرقي العاصمة بغداد، حيث عمدت القوات الأمنية لاطلاق النار لتفريقهم، ما أدى لوقوع إصابات في صفوف المتظاهرين.
كذلك، تجددت الاحتجاجات في مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار جنوبي العراق، وسط محاولات من قوات الأمن لتفريق المتظاهرين.
وقال أحد شهود العيان إن العشرات من المحتجين تجمعوا في ساحة الحبوبي وسط مدينة الناصرية تمهيدا لبدء التظاهر.
تدفق المحتجين
وأضاف أن قوات الأمن المنتشرة بكثافة في وسط المدينة، حاولت تفريقهم والحيلولة دون استمرار احتشادهم، لافتا إلى أن ذلك لم يمنع تتابع تدفق المحتجين على الساحة.
وشهدت الناصرية ليلة صاخبة، حيث أضرم محتجون النيران في مكاتب ومقار أحزاب وفصائل مسلحة في الحشد الشعبي، وسط إطلاق نار كثيف، أوقع قتلى وجرحى. وجرى إحراق مكاتب الحزب الشيوعي وتيار «الحكمة» و«دولة القانون» وحزب «الفضيلة» و«الخراساني» ومنظمة» بدر»
وفي الديوانية، وقعت 5 إصابات في صفوف المتظاهرين إثر قيام القوات الأمنية بإطلاق الرصاص الحي في المحافظة.
والتظاهرات تجددت في المحافظة لليوم السادس على التوالي بعد أن قام المتظاهرون السبت بإضرام النار في العديد من مكاتب الأحزاب والشخصيات السياسة في ذي قار.
وقال ناشطون عراقيون، إن المتظاهرين في بغداد والمحافظات الجنوبية يتعرضون لإبادة جماعية، وعمليات قتل واعتقال ممنهج من قبل الميليشيات.
وذكروا أن الميليشيات أصبحت تلاحق المحتجين وتختطفه، وأشاروا إلى أن عدد المختفين بلغ 100 متظاهر.
الناشط حسن علي، قال لـ« القدس العربي» إن «القوات الأمنية والميليشيات اعتقلوا آلاف المتظاهرين وزجوا بهم في السجون والمعتقلات لأنهم كانوا يمارسون حقهم المشروع في التظاهر السلمي والمطالبة بحقوقهم المشروعة».
ووفق المصدر «بين الذين اختطفتهم الميليشيات أكثر من 100 ناشط من القياديين في التظاهرات، لا يزال مصيرهم مجهولاً، ولم يعرف أين هم الآن».
وأوضح أن «الملاحقات باتت تطال أهالي المتظاهرين في حال لم تتمكن تلك الميليشيات من اعتقالهم»، لافتاً إلى «تسجيل أكثر من 20 حالة اختطاف طالت آباء وأخوة لمتظاهرين سلميين».
ودعا إلى «تحرك أممي عاجل لإنقاذ المتظاهرين من سطوة الميليشيات المنفلتة التي باتت تمارس ابشع صور الإرهاب ضد المتظاهرين السلميين».
أم مصطفى خطف زوجها بعد قيام مجموعة من المسلحين بمداهمة منزلهم وسط بغداد، وفق ما ذكرت لـ« القدس العربي»، مضيفة أن «المسلحين كانوا يبحثون عن ابنها ولم يجدوه، وقاموا بأخذ زوجها وسرقة مصوغات ذهبية وأموال وتدمير محتويات المنزل».
بريطانيا قلقة من استخدام العنف ضد المحتجين… والأمن يواصل استخدام الرصاص الحي
وأوضحت أن «المسلحين، كانوا يرتدون ملابس عسكرية وملثمين ولم يذكروا الجهة التي ينتمون إليها».
ودعت الحكومة العراقية إلى «معرفة مصير زوجها ومن الجهة التي قامت باختطافه»
وبينت أن «الأوضاع في بغداد أصبحت غير منضبطة، وهناك انفلات أمني غير مسبوق، وعمليات خطف واعتقال كبيرة طالت أهالي المتظاهرين».
وطبقاً لما أكده مصدر عسكري لـ«القدس العربي» فإن «الميليشيات أصبحت هي القوة الفاعلة في الشارع وتم إبعاد وتحجيم دور الجيش العراقي في العاصمة».
في الموازاة، أعلنت الداخلية العراقية عن حصيلة ضحايا الاحتجاجات. وجاء ذلك في مؤتمر صحافي للمتحدثين باسم وزارات الدفاع والداخلية والصحة والعمليات المشتركة في العراق.
وقال المتحدث باسم الداخلية العراقية اللواء سعد معن إن عدد القتلى في الاحتجاجات بلغ 104 منهم عناصر من القوات الأمنية كما بلغ عدد المصابين من المتظاهرين والقوات الأمنية بلغ 6107.
وتابع قائلا إن 51 من المباني العامة و8 مقار للأحزاب السياسية قد أحرقت من قبل المتظاهرين.وأضاف «هنالك أياد خبيثة تقف وراء استهداف المحتجين، والتحقيقات مستمرة للكشف عن هوية القناصة الذين استهدفوا المتظاهرين.
وأكد في الوقت نفسه فتح تحقيق في الاعتداءات على وسائل إعلامية.
في السياق، أكدت قيادة العمليات المشتركة، أن القوات الأمنية تحمي البعثات الدبلوماسية ومؤسسات الدولة.
محاربة الفساد
ويشهد العراق احتجاجات واسعة منذ الثلاثاء، بدأت من بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظات في الجنوب ذات أكثرية شيعية.
ورفع المتظاهرون سقف مطالبهم، وباتوا يدعون لاستقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، إثر لجوء قوات الأمن للعنف لاحتواء الاحتجاجات، ما أوقع أكثر من 100 قتيل فضلا عن آلاف الجرحى. ويتهم المتظاهرون قوات الأمن بإطلاق النار عليهم، فيما تنفي الأخيرة ذلك وتقول إن «قناصة مجهولين» تطلق الرصاص على المحتجين وأفراد الأمن على حد سواء لخلق فتنة.
ولم تتمكن الحكومة من كبح جماح الاحتجاجات المتصاعدة رغم فرض حظر التجوال يومي الخميس والجمعة.
ويحتج العراقيون منذ سنوات طويلة على سوء الخدمات العامة الأساسية من قبيل الكهرباء والصحة والماء فضلا عن البطالة والفساد، في بلد يعد من بين أكثر دول العالم فسادا، بموجب مؤشر منظمة الشفافية الدولية على مدى السنوات الماضية.
إلى ذلك، شدد السفير البريطاني في العراق جون ويلكس، أن «يجب ان يخضع جميع مرتكبي جرائم العنف على كافة الأصعدة للعدالة».
ونقل ويلكس في تغريدة، موقف المملكة المتحدة مما يحصل في العراق بالقول «أعربت المملكة المتحدة عن قلقها البالغ إزاء العنف المستخدم ضد المتظاهرين وخصوصا أعمال القنص». وحسب ما أكد، فقد أجرى محادثات مع رئيسي الوزراء والجمهورية العراقيين حول التظاهرات الحالية مؤكدا على «الحاجة الى التحرك السريع من أجل تلبية المطالب المشروعة للمتظاهرين».