اغتيال هنية… خرق أمني خطير في إيران

مع الإعلان عن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية طهران، تصاعدت الأسئلة والتكهنات حول كيفية تنفيذ عملية الاغتيال في مكان محصن تابع للحرس الثوري الإيراني، في حي راقٍ شمال طهران، كان هنية عادة ما يتم إسكانه فيه عندما يكون في زيارة لإيران. اختلفت الآراء والتصريحات بين من قال إنها هجمة بصاروخ موجه انطلق من خارج إيران، ومن قال إنه صاروخ أطلق من غواصة إسرائيلية وتم توجيهه عن بعد. بينما قال البعض إنها طائرة مسيرة. لكن تحقيقا صحافيا نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» أشار حسب معلومات تم الحصول عليها من مسؤولين من الشرق الأوسط أن الاغتيال تم بقنبلة تمت زراعتها قبل مدة طويلة في قصر الضيافة، ومن ثم تم تفجيرها عن بعد.
على نطاق واسع يُعتقد أن إسرائيل هي التي نفذت عملية اغتيال هنية، إلا أن حكومة نتنياهو لم تعلن مسؤوليتها عن العملية، وقالت إنها لن تعلق على الحادث. في الساعات التي أعقبت العملية، ركزت التكهنات على احتمال أن تكون إسرائيل قد قتلت إسماعيل هنية بضربة صاروخية، ربما أطلقت من طائرة من دون طيار، على غرار الطريقة التي نفذتها إسرائيل في ضرب قاعدة عسكرية في أصفهان في نيسان/ أبريل الماضي.

اختلفت الآراء والتصريحات بين من قال إنها هجمة بصاروخ موجه انطلق من خارج إيران، ومن قال إنه صاروخ أطلق من غواصة إسرائيلية وتم توجيهه عن بعد. بينما قال البعض إنها طائرة مسيرة

من جانبه قال المتحدث الرسمي باسم حماس ونائب رئيسها خليل الحية في مؤتمر صحافي في طهران: «نقلا عن شهود كانوا مع هنية، أن هنية قُتل بصاروخ أصابه بشكل مباشر في دار ضيافة حكومية كان يقيم فيها». وقلل الحية من أهمية الضربة الإسرائيلية بقوله، «هنية لم يكن في مكان سري أو بعيد عن الأضواء، وإن اغتياله ليس إنجازا استخباراتيا أو أمنيا يمكن لإسرائيل التباهي به». وأضاف «أن هنية كان في مكان معروف، حيث كان يلتقي ويتواصل مع وفود وزوار في مكان عام، في بيت ضيافة في إيران، اعتاد أن ينزل به، وليس في مكان سري أو بعيدا عن الأضواء». من جانبها، أفادت مصادر إسرائيلية في وقت مبكر بعد تنفيذ عملية الاغتيال مباشرة، أن العملية تمت بإطلاق صاروخ متطور من غواصة إسرائيلية. وقال الصحافي الإسرائيلي يوني بن مناحم في تدوينة عبر منصة إكس: إن «الصاروخ الذي قتل إسماعيل هنية في طهران انطلق من غواصة». ورجّحت مصادر أن تكون عملية الاغتيال قد تمت عن طريق صاروخ جوال أطلقته غواصة إسرائيلية من البحر بإرشاد تقني من البحرية الأمريكية. وكما أشرنا سابقا، أن إسرائيل لم تعترف علنا بمسؤوليتها عن الاغتيال، لكن مسؤولي الاستخبارات الإسرائيليين أطلعوا الولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى على تفاصيل العملية في أعقاب ذلك مباشرة، وفقا لتحقيق أجرته صحيفة «نيويورك تايمز». وفي يوم الأربعاء 30 تموز/يوليو، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن الولايات المتحدة لم يكن لديها أي علم مسبق بمخطط الاغتيال. الأمر الأكثر إثارة في متابعة عملية اغتيال إسماعيل هنية جاء في التحقيق الذي أجرته صحيفة «نيويورك تايمز»، القائل إن العملية تمت بقنبلة تم إخفاؤها في الغرفة التي تعود هنية النزول فيها، في مجمع شديد الحراسة تابع للحرس الثوري الإيراني في حي راقٍ في شمال طهران. كما تشير صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن هنية كان في زيارة لطهران لحضور حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، وبالاعتماد على معلومات من خمسة مسؤولين من الشرق الأوسط أدلوا بها للصحيفة، أن القنبلة تم تفجيرها عن بعد، بمجرد التأكد من وجود هنية وحارسه الشخصي داخل غرفته في دار الضيافة، حيث أدى الانفجار إلى مقتل الاثنين. وقد أدى الانفجار إلى هز المبنى وتحطيم بعض النوافذ وتسبب في انهيار جزئي لجدار خارجي، وفقاً لتصريحات مسؤولين إيرانيين من الحرس الثوري، الذين أطلعوا على تفاصيل الحادث، وكان هذا الضرر واضحاً أيضاً في صورة للمبنى تم نشرها في الصحيفة. كذلك نشرت شبكة (CNN): «أفاد مصدر مطلع للشبكة بأن الزعيم السياسي لحماس إسماعيل هنية اغتيل في طهران يوم الأربعاء، باستخدام عبوة ناسفة تم إخفاؤها سراً في بيت الضيافة الذي كان يقيم فيه. وحسب المصدر الذي اطلع على تفاصيل العملية، فإن القنبلة كانت مخبأة قبل نحو شهرين في بيت الضيافة، الذي كان معروفاً أن هنية يقيم فيه في طهران، وانفجرت عن بعد بمجرد دخوله غرفته هناك».
يتضح مما سبق، إذا صح ما ورد فيه من معلومات، تمكن الإسرائيليين من استغلال نوع مختلف من الثغرات في دفاعات إيران، ثغرة في أمن مجمع يُفترض أنه محروس بإحكام، الذي سمح بزراعة قنبلة وإخفائها لعدة أسابيع قبل أن يتم تفجيرها في النهاية. وقال ثلاثة مسؤولين إيرانيين إن مثل هذا الاختراق كان فشلاً كارثياً للمخابرات والأمن الإيراني، وإحراجاً هائلاً للحرس الثوري، الذي يستخدم المجمع للخلوات والاجتماعات السرية وإيواء الضيوف البارزين مثل إسماعيل هنية. لكن يبقى من غير الواضح كيفية إخفاء القنبلة في بيت الضيافة. إذ أشار مسؤولون شرق أوسطيون إلى أن التخطيط للاغتيال استغرق شهوراً، وتطلب مراقبة مكثفة للمجمع السكني. كما قال مسؤولان إيرانيان، وصفا طبيعة الاغتيال، إنهما لا يعرفان كيف أو متى تم زرع المتفجرات في الغرفة، والنتيجة أو المحصلة النهائية لعمليتي اغتيال شكر وهنية في بيروت وطهران، اللتين نفذتهما إسرائيل في يومين متتالين، هو التهيئة لرد إيراني مدعوم من كل الفصائل الحليفة لإيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن، عبر تنفيذ رد عسكري يعادل الضربتين الإسرائيليتين الأخيرتين.
من جانبه قال المتحدث الرئيسي باسم قوات الدفاع الإسرائيلية، الأدميرال البحري دانييل هغاري، يوم الخميس 31 يوليو، إن إسرائيل مستعدة لمواجهة مجموعة من السيناريوهات وسط التوتر المتزايد في المنطقة. وذكر أن «جيش الدفاع الإسرائيلي في حالة تأهب قصوى، سواء في الدفاع أو الهجوم، وأن قوات جيش الدفاع الإسرائيلي منتشرة في الجو والبحر وعلى الأرض، وهي مستعدة لجميع السيناريوهات، خاصة للخطط الهجومية المتوقعة حاليا». كما قال هغاري في إفادة صحافية: «لدينا أنظمة دفاع جيدة للغاية، بالإضافة إلى ذلك لدينا شركاء دوليون عززوا قواتهم المنتشرة في المنطقة، لمساعدتنا في مواجهة التهديدات»، لكنه حذر من أن دفاعات إسرائيل «ليست محكمة الغلق». وأشار هغاري إلى أن «إيران كانت تدير على مدى السنوات القليلة الماضية بنية تحتية إرهابية، لتهريب الأجهزة المتفجرة الإيرانية إلى الأراضي الإسرائيلية لتنفيذ الهجمات، لكننا سنواصل العمل ضد الإرهاب الإيراني بكل عزم». أما رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، وعلى الرغم من إنه لم يذكر مقتل هنية في بيانه المتلفز مساء الأربعاء 30 يوليو، لكنه قال إن «إسرائيل وجهت ضربات ساحقة لوكلاء إيران في الآونة الأخيرة، بما في ذلك حماس وحزب الله، وسترد بقوة على أي هجوم». وأضاف: «نحن مستعدون لأي سيناريو، وسنقف متحدين بقوة وعزم ضد أي تهديد، وستجعل إسرائيل خصومها يدفعون ثمنا باهظا، إذا تعرضنا لأي عدوان من أي طرف». ليبقى التوتر الذي تعيشه المنطقة في أعلى مراحله حتى تتبين طبيعة الرد الإيراني.
كاتب عراقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فصل الخطاب:

    صحيح جدا جدا لذلك على إيران أن تعيد قانون الردع لتفادي الصدع ✌️🇵🇸☹️☝️🚀🐒🚩🐒🚀

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    عملاء الصهاينة بإيران كُثر !
    للدولار عند هؤلاء , سحر !!
    و لا حول و لا قوة الا بالله

  3. يقول مزاود النعمي:

    المؤسف اغتياله، أما بالنسبة للخرق الأمني، فإن كان في إيران هكذا فكيف في دول أخرى؟

اشترك في قائمتنا البريدية