دمشق ـ «القدس العربي»: تتواصل عملية التمشيط الأمني التي أعلنت عنها إدارة الأمن العام الثلاثاء، في مدينة الزبداني وبلدات مضايا وبلودان في ريف دمشق، بحثا عن مطلوبين «متورطين بجرائم ضد السوريين» من رموز النظام السابق، فيما اغتال مجهولون 3 من رجال الدين العلويين على طريق طرطوس ـ اللاذقية.
الناشط الميداني سليمان جاويش من مدينة الزبداني قال لـ «القدس العربي» إن إدارة العمليات العسكرية سحبت آليات الثقيلة تابعة لقوات الأسد كانت متواجدة على حاجز الزراعة في بلدة سرغايا، كما سحبت الكثير من السلاح غير المرخص من بلدة مضايا القريبة، واعتقلت 7 ضباط موثقين بالاسم على الأقل، من أبناء المنطقة ممن شاركوا في حصار الزبداني والبلدات المحيطة وارتكبوا انتهاكات وجرائم بحق الأهالي.
وأضاف: إن حملة التمشيط شملت كلا من الزبداني ومضايا وبلودان، وماهي سوى ترجمة حقيقية لصوت الناس الذين اشتكوا من الانتهاكات وممارسات قوات الأسد.
وأكد أن «هذه الحملة يقودها أبناء المنطقة بأنفسهم، ضد من تورط بحصار وقتل الأهالي، فلا مكان للانتقام ولا للعشوائية».
وحسب مصادر أمنية لـ «القدس العربي» فإن عمليات التمشيط سوف تستمر حتى تحقيق أهدافها، وبسط الأمن ومصادرة كل السلاح المنتشر خارج إطار الدولة، وإجبار رموز النظام الذين لم ينخرطوا في مكاتب التسوية على تسوية وضعهم القانوني، وتسليم ما لديهم من أسلحة.
وكانت قوات إدارة الأمن العام بالتعاون مع إدارة العمليات العسكرية، قد أعلنت عن حملة تمشيط في منطقة الزبداني في ريف دمشق بحثا عن بقايا ميليشيات الأسد. ونقلت الوكالة الرسمية «سانا» عن مصدر مسؤول قوله: بدأت قوات إدارة الأمن العام بالتعاون مع إدارة العمليات العسكرية حملة تمشيط في منطقة الزبداني، تهدف إلى مصادرة مستودعات ذخيرة مخبأة بالإضافة لاعتقال عدد من فلول ميليشيات الأسد ممن رفضوا تسليم سلاحهم والتسوية.
ووجه المسؤول رسالة إلى المدنيين في المنطقة بالتعاون الكامل مع عناصر الأمن لتخليص منطقتهم من المجرمين والسلاح المنتشر بينهم.
في حين، أفاد موقع «صوت العاصمة» المحلي، أن مجموعة من الجيش اللبناني دخلت إلى بلدة سرغايا في ريف دمشق، ما دفع السكان للوقوف بوجههم وحاولوا طردهم من البلدة.
توتر مع الجيش اللبناني
وأوضح أن المجموعة التابعة للجيش اللبناني قامت يوم الجمعة الفائت، بنصب حاجز إسمنتي ورفعت ساترا ترابيا في البلدة، ما أدى إلى قطع الطريق الواصل بين بلدة سرغايا بريف دمشق ومعربون في لبنان.
«وبعد هذه الخطوة التي أقدم عليها الجيش اللبناني، حاول سكان سرغايا إخراجه من المنطقة، ليُطلق النار بمساندة مجموعات من بلدة معربون اللبنانية على المدنيين في محاولة لدفعهم للتراجع». وحسب المصدر «فإن عدم الاستجابة لمطالب السكان، دفعت المدنيين لإطلاق النار على الجيش اللبناني، ليتحول ذلك إلى اشتباك مسلح أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من الأهالي وقتيل وثلاثة جرحى من الجيش».
مصادرة السلاح غير المرخص من بلدة مضايا واعتقال 7 ضباط
وبينت مصادر طبية أن مشفى الجرجانية في ريف دمشق استقبل 6 إصابات جراء الاشتباكات المسلحة، وقام بتحويلهم إلى مشافي العاصمة دمشق. وعقب تصاعد الاشتباكات، تدخلت إدارة العمليات العسكرية وأرسلت تعزيزات ضخمة إلى المنطقة بإشراف أحد القادة المسؤولين عن أمن الحدود، بهدف التوصل إلى تهدئة بين سكان سرغايا والجيش اللبناني.
في غضون ذلك، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن مسلحين مجهولين، اغتالوا 3 من كبار رجال الدين من الطائفة العلوية، أمس الثلاثاء، وذلك على طريق طرطوس ـ دمشق.
وبين أن الثلاثة قتلوا برصاص مباشر استهدف سيارة يستقلونها على طريق طرطوس ـ دمشق.
والضحايا هم، رئيس المبادرة الوطنية للمصالحة الشيخ جابر محمود عيسى، والشيخ هيثم معلا من قرية بقعو، والشيخ محمد وطفة، فيما لا تزال دوافع الحادثة غامضة حتى اللحظة.
بلغ عدد الجرائم منذ سقوط النظام البائد في محافظات سورية متفرقة 108 جرائم راح ضحيتها 187 شخصا هم: 174 رجلا، 8 سيدات، 5 أطفال، وفق المرصد، الذي أوضح أن المناطق السورية تشهد حالة من الفوضى والانفلات الأمني، والأعمال الانتقامية في ظل الفراغ الأمني.
وفي اللاذقية، استلمت قوات الأمن الداخلي مدن وبلدات المحافظة، بعدما أنهت إدارة العمليات العسكرية حملة التمشيط والاعتقال التي طالت أكثر من 500 شخص قالت إنهم من المتورطين بجرائم ضد السوريين، بينما طالب الأهالي بضبط المشهد الأمني، ومنع انتشار السلاح والمخدرات التي تفشت أصلا في المجتمع السوري. وقال الباحث السياسي علي عبد المجيد من اللاذقية لـ «القدس العربي» إن معظم مدن الساحل وعلى رأسها اللاذقية وطرطوس وبانياس تشهد وضعا مستقرا نوعا ما، وسط مخاوف واضحة من انتهاكات تحدث بشكل شبه يومي، وتسجل ضد السلطة الجديدة.
وأضاف: تعجز السلطات الأمنية في بعض الأحيان من ضبط المشهد الأمني، إذ يسجل عليها وجود الكثير من الهاربين من بقايا قوات الأسد ممن يمتلكون السلاح إلى يومنا هذا، فضلا عن وجود قيادات أمنية وعسكرية تتوارى عن الأنظار في جبال المنطقة.
قطاع طرق وتهريب
وحسب المتحدث فإن الأهالي «يسجلون انتهاكات بحقهم، يرافقها أسباب انتشار السلاح، إضافة إلى أن البيئة الساحلية تضم الكثير من العسكر سابقا وعناصر الأفرع الأمنية، تحول الكثير منهم إلى قطاع طرق سيما مع قطع المرتبات الشهرية عنهم» لافتا إلى «وجود خلايا تهريب كان النظام يستثمر فيها في المناطق الحدودية بين سوريا، ولبنان» حيث أكد أنه «مازال هناك قسم كبير موجود، ويشكل تهديد كبير للسلم الأهلي، حيث تشكل هذه الشبكات هاجسا لدى أهالي الساحل ضمنا الطائفة العلوية التي تعتبر أن هذه الفئة لا تمثلها». إلى ذلك، التقى محافظ طرطوس أحمد الشامي وفدا من أهالي منطقة صافيتا، حسب وكالة «سانا» الرسمية، «حيث أكد أهمية تعزيز الأمن والأمان، وضرورة التعاون لتحقيق ذلك، محذرا من الانجرار وراء الشائعات التي تهدف لتمزيق المجتمع السوري».
ودعا المحافظ إلى «مد جسور الثقة والانتقال من الخوف إلى العمل الفعال لبناء سوريا الحرة، دولة المؤسسات التي تصون الحقوق وتحفظ الكرامة» مشيدا بوعي أهالي طرطوس، كما تعهد بمواصلة لجهود لتحسين الواقع الخدمي.
وبسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق، في 8 ديسمبر/كانون الأول المنصرم، بعد أيام من السيطرة على مدن أخرى، لينتهي بذلك 61 عاما من حكم حزب البعث الدموي، و53 سنة من سيطرة عائلة الأسد.
وفي اليوم التالي، أعلن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، تكليف محمد البشير برئاسة الحكومة، التي كانت تدير إدلب منذ سنوات، بتشكيل حكومة جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية.
نظرة مراكز الدراسات الغربية فإن الأسهل منطقيا هو التقسيم وفق العرقية والدين، أي أن الأكراد لهم إقليمهم والعرب السنة لهم إقليمهم والعلويون لهم إقليمهم وكذلك الدروز.