اقتحام النصيرات يسقط الهالة الأسطورية عن القوات الخاصة الإسرائيلية

حسين مجدوبي
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: تعتبر عملية اقتحام مخيم النصيرات، التي نفذتها قوات إسرائيلية خاصة لتحرير بعض الأسرى لدى حركة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، الأسوأ من نوعها في تاريخ العمليات العسكرية الخاصة لمختلف الجيوش بسبب النتائج الكارثية. وقد كشفت الحرب الإسرائيلية مدى محدودية هذه القوات التي رافقتها هالة أسطورية منذ عقود.

وهكذا، بينما حاولت حكومة الكيان تقديم عملية مخيم النصيرات كنجاح باهر، وقام بعض قادة الغرب بتقديم التهاني لإسرائيل لنجاحها في تحرير أربعة أسرى، ستبقى هذه العملية نقطة سوداء في تاريخ القوات الخاصة الإسرائيلية وتاريخ القوات العالمية منذ عقود.

وقوات العمليات الخاصة هي كومندوهات النخبة التي تتدخل لتنفيذ أصعب العمليات وراء الحدود عبر التسلسل مثل تحرير الرهائن أو اغتيال شخصيات أو تدمير منشآت حيوية، شريطة أن تكون عمليات مشمولة في البدء بالسرية في التنفيذ ، ويكون عدد الضحايا محدود للغاية خاصة في صفوف المدنيين. ولدى دول كوماندوهات تنفذ مثل هذه الأعمال وأشهرها نايفي سيل أو دلتا الأمريكية وسبيستناز الروسية.

ولدى إسرائيل مجموعة كبيرة من قوات العمليات الخاصة في البحر والجو والبر والمخابرات بحكم التدريب العالي الذي يفترض أن قوات الجيش تحصل عليه، غير أن حرب غزة كشفت محدودية هذه القوات، وتجلى الفشل في التنفيذ والنتائج بعملية النصيرات، إذ لم يسبق في تاريخ العمليات الخاصة تحرير نسبة معينة من الأسرى والتسبب في قتل نسبة مماثلة من الأسرى من الجنسية نفسها. فقد قامت القوات الخاصة بتحرير أربعة أسرى والتسبب في مقتل ثلاثة إسرائيليين. في الوقت ذاته، لم يسبق لأي قوات خاصة مهما كانت جنسيتها أن تسبب تدخلها في مقتل أكثر من مئتي مدني وخاصة في صفوف الأطفال مثل هذه العملية. ومن ضمن الأمثلة، نفذت قوات نايفي سيل عملية اغتيال زعيم القاعدة أسامة بن لادن ولم يتعدى عدد المدنيين القتلى العشرة.

وارتباطا بهذا، فقدت قوات العمليات الخاصة الإسرائيلية كل تلك الهالة الأسطورية التي رافقتها وقامت هوليوود بتضخيمها على مدار عقود. ورغم الإمكانيات الضخمة والتدريب المستمر، لم تنجح قوات العمليات الخاصة التحرك لمواجهة الكوماندوهات الفلسطينية يوم 7 أكتوبر عندما اقتحموا الأسوار الفاصلة. وفُضحت أكثر لأنها لم تستطع طيلة ثمانية شهور تنفيذ عملية نوعية بمفهوم ومنطق قوات العمليات الخاصة كاغتيال قادة المقاومة الفلسطينية أو تدمير كلي للأنفاق أو العثور على مخابئ سلاح.

وأمام التحديات التي لم تكن القيادة العسكرية تنتظرها، تراهن على الحرب بمفهوم القرون الوسطى وعصور الظلام وهي حرق الأخضر واليابس، وهذا يتجلى مثلا في قصف جيش الاحتلال للمستشفيات، وقيام قوات العمليات الخاصة بقتل المدنيين في عمليات عسكرية يفترض أنها أشبه بعمليات جراحية دقيقة ومركزة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية