الآلية الجهنمية لأجهزة الأمن في سوريا: من مساند للأخوان المسلمين في الثمانينيات إلى متعاون مع النظام في الثورة

حجم الخط
1

ادلب ـ ‘القدس العربي’ على مدى أربعة عقود من عمر النظام السوري برعت أجهزة الأمن السورية بابتكار كل الأساليب المشروعة وغير المشروعة لإحكام قبضتها الأمنية على كل التنظيمات الحزبية المعارضة وعلى رأسها الأخوان المسلمون، وكان النظام الأمني يدرك مدى التهديد الذي يمثله الأخوان المسلمون خاصة في المناطق التي يحظون فيها بحاضنة شعبية كبيرة كحماة وحلب وإدلب في الثمانينات.
وإضافة الى كل أساليب القمع العنيف كالإعتقال والإعدام استخدمت الأجهزة الأمنية وسائل أخرى لاختراق التنظيمات الإسلامية لعل أهمها تجنيد أعضاء من عائلات لقياديين في الأخوان تحت الضغط والتهديد أو الإبتزاز والترغيب.
وتتكشف يوما بعد يوم تفاصيل لطرق عمل أجهزة الأمن السورية تجعلنا نتساءل، هل ما خفي كان أعظم؟
قصة عائلة ريحان من ريف جسر الشغور هي أحد الأمثلة، لعائلة كانت مقربة ومساندة للأخوان في الثمانينات الى عائلة يقاتل أغلب أفرادها ضمن ميليشيات ما يعرف بـ’الشبيحة’ بعد الثورة السورية.
سيارة ووظيفة كان الثمن الذي حصل عليه أحد أفراد عائلة ‘ريحان’ من جسر الشغور في إدلب ليسلم أقربائه من تنظيم الأخوان المسلمين للنظام السوري خلال أحداث الثمانينات، أما ابنه فلم ياخذ أي شيء مقابل ارتكابه مجزرة البيضا في بانياس خلال الثورة.
فقد كان عضوا في ميليشيات ‘الشبيحة’ بعد أن نجحت أجهزة الأمن في استمالة هذه العائلة ليكونوا عونا للنظام ضد أقربائهم وأبناء بلدتهم في ريف إدلب، وتبدأ القصة عندما أصيب عادل ريحان، وكان ضابطا في الجيش، في حرب لبنان في أواخر السبعينات، ليجلس فيما بعد بمنزله دون عمل، منتظرا فرصة تساعده على النهوض مجددا، كان أولها محاولة زوج أخته إشراكه في أعمال تجارته اليومية.
يقول أبو سالم زوج شقيقة عادل ريحان ‘ساعدته حينذاك على العمل مجددا حيث كان عملي في تجارة الألبسة، كما أعدته أيضا للصلاة وتطبيق تعاليم الإسلام، وكنا كأخين في العمل’.
أبو سالم كان حينها جزءا من تنظيم الأخوان المسلمين، حيث ساعد الجناح الذي قرر التسلح على توفير الذخيرة والتنظيم بين عناصر المجموعة في منطقته ، وكان ‘عادل ريحان’ على علم بجميع هذه الأمور.
وفي عام 1981، علم أبو سالم أن النظام السوري يبحث عنه، لكنه لم يضع بطاقة بحث بعد باسمه على الحدود، وعليه الفرار بسرعة، لذا ‘نظم أمور سفره إلى تركيا’.
ليكمل عادل ريحان مهام صديقه في متابعة شؤون التسليح لتنظيم الأخوان، لكن بعد شهرين استطاع النظام السوري نصب كمين له وسجنه لمدة أسبوع فقط، ليطلق سراحه بعدها وبشكل مفاجئ، ويحصل على سيارة ومنزل ويكرّم كبطل من أبطال الحرب،
لكن أبو سالم يوضح أن ‘عادل ريحان تم تجنيده خلال فترة اعتقاله وطلب منه التعاون مع الأجهزة الأمنية للنظام لتسليم عناصر من الأخوان وكثير منهم كانوا أقربائه’.
ومن المعتقل على شبهة الإنتماء لتنظيم الأخوان الى موجه عسكري في مدرسة بمنطقته، كان لدى عادل ريحان سبعة أولاد، وخلال الثورة بدأت قصة عائلته تتخذ منحى آخر .. فتجارة الأسلحة وبيعها للجيش الحر أصبحت مهنة عائلة (ع. ريحان) ومن ثم تحولوا الى ‘شبيحة’.
يقول أبو سالم إن ‘العائلة كلها عادت لتعمل مع النظام كمخبرين على أقربائهم خلال الثورة، شقيق عادل ريحان تاجر سلاح، وأولاد أخيه عملوا معه بداية الثورة في بيع الأسلحة لشباب من الجيش الحر الذي كان يتشكل حديثا وهم من أقربائهم، لكنهم فيما بعد قاموا بتسليم أسمائهم للنظام السوري’.
أما أولاد (ريحان) فقد انضموا لميليشيات الدفاع الوطني الموالية للأسد ‘الشبيحة’ .. رغم مقتل أحد إخوتهم على يد ‘شبيحة’ اللاذقية، كرد فعل على مقتل العشرات من عناصر الجيش النظامي في كمين نسجه أهالي جسر الشغور للجيش النظامي في بداية الثورة.
وكأن لا صوت يعلو فوق صوت الطائفة وإن كانوا جميعا ‘شبيحة’ موالين لنظام السوري وقصة مقتل ابن (عادل ريحان) لا تقل غرابة عن قصة والده .
فقد كان ‘نوار ريحان’ برفقة أصدقائه من اللجان الشعبية ‘الشبيحة’وضابط من الجيش في إحدى مطاعم اللاذقية، حيث وضعوا أسلحتهم على الطاولة، وهذا الأمر لم يعجب أصحاب المطعم وعندما علموا أنهم من منطقة جسر الشغور طلبوا منهم وضعها داخل السيارة ولكن نوار ورفاقه، رفضوا الإستجابة لأصحاب المطعم الذين طلبوا مساعدة ‘شبيحة’ من اللاذقية، ما أدى لحدوث اشتباك قتل فيه إبن (عادل ريحان) ‘نوار ريحان’ وأصدقاؤه والضابط الذي كانوا برفقته رغم أنه ضابط علوي.
إبن ‘عادل ريحان’ الأوسط من اللجان الشعبية أيضا، وشارك في قمع الثورة في أكثر من مكان منها إدلب واللاذقية وغيرها من المناطق، حيث يبين أبو سالم أن صفحة ‘أنور ريحان’ على ‘الفيسبوك’ تحمل العديد من ‘عبارات التشبيح’ ويتساءل ماهو المقابل، ولماذا يقوم بذلك.
وأشار إلى صور نشرتها تنسيقيات محافظة إدلب والتي تظهر فيها صورة الشاب ضمن ‘الشبيحة’ رافعا سلاحه، مطالبة برأسه ‘بسبب مشاركته بارتكاب مجزرة البيضا’.
وعند سؤاله عن مدى تأكده من صحة هذه المعلومة، يقول ‘بالطبع لا شي يثبت ذلك، لكن صورة الخلفية التي يضعها الشاب على حساب ‘فيسبوك’ هي للرئيس السوري بشار الأسد وقائد الميليشيات التي ارتكبت مجزرة البيضا في بانياس علي الكيالي’، تلك المجزرة التي راح ضحيتها العشرات من الأطفال .
لكن أكثر ما أثار حزن صديق عادل ريحان أن ‘ضحايا في مجزرة البيضا هم من عائلة الشغري وهم من أقارب عائلة الريحان’.
وفي تعليق على قصة هذه العائلة التي انقلبت من مساندة للأخوان الى مؤيدة للنظام وأجهزته الأمنية قال مصدر مسؤول في حركة الأخوان المسلمين في سوريا، فضل عدم ذكر اسمه، إن ‘عادل ريحان كان قريبا من الأخوان لكنه ليس ضمن التنظيم، والنظام ضغط على العديد من الأشخاص طيلة سنوات لتسليم أقاربهم الأخوان اللاجئين في العراق’.
وبين أن هذه ‘من أساليب النظام المعتادة، وهي الضغط على أقرباء الأخوان وتهديدهم وصولا الى ابتزازهم، ونعرف أن بعض أقرباء الأخوان أجبروا على العمل في الأجهزة الأمنية.’
وذكر مثالا، ‘شاب تم تجنيده ليتجسس على أبوه العضو في تنظيم الأخوان، وأيضا هناك أب كان مجندا لمراقية ابنه المنتمي للأخوان’، متابعا ‘هؤلاء لا نتهمهم بالعمالة للنظام لأنهم تم الضغط عليهم وابتزازهم وتهديدهم، وهم مجبرون’.
وأشار إلى أن هناك حالات لعائلات كان أحد أفرادها أعضاء بالأخوان وآخرين مع النظام بإرادتهم، كعائلة العطار، فعصام العطار كان مراقبا للأخوان المسلمين في سوريا، ونجاح العطار وهي شقيقته كانت وزيرة للثقافة في زمن الأب حافظ الأسد ومستشارة رئيس الجمهورية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سوري حر:

    ثم ياتي من يسال لماذا يريد الشعب السوري اسقاط النظام

اشترك في قائمتنا البريدية