عمان ـ «القدس العربي»: دفعت عشرات المواد التي تبثها وسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية عن «الدور الأردني» في التصدي للهجوم الإيراني الأخير ضد إسرائيل غالبية الأوساط الشعبية والنخبوية الأردنية للاهتمام بالبحث عن إجابات لأسئلة لاتزال «افتراضية» حتى الآن، لكن يمكن أن تتحول بكل بساطة إلى «واقعية» إذا اشتعلت المناخات العسكرية في الإقليم واكتملت مسيرة التفجيرات الإسرائيلية، كما حصل فجر الجمعة في أصفهان وغيرها.
لولا الهجمة الصاروخية الإيرانية التي جازفت عملياً بالأمن الأردني لاستمتع الأردنيون عموماً بمساحة توحيد الموقفين الشعبي والرسمي من العدوان الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة. لكن مبالغات الإعلام الإسرائيلي في الحديث عن «دور أساسي لشركاء» بينهم الأردن في «رد هجمة المسيرات الإسرائيلية» أسست لحالة حوار ونقاش غير مألوفة ولم تكن بالحسابات بين الأردنيين أنفسهم، بالرغم من الأداء الأردني في مجال الدفاع الجوي استهدف – كما شرح وزير الخارجية أيمن صفدي علناً – «حماية الأردنيين» وليس الدفاع عن إسرائيل.
بحكم الواقع الموضوعي، لاحظت غرفة العمليات الأردنية بأن الجزء الأكبر من المسيرات الإيرانية تو توجيهها عبر الأردن في اتجاه الكيان الإسرائيلي وليس عبر سوريا والعراق، ما استوجب نشاطاً يتجنب دفاعياً أردنياً محسوباً على بيكار مصالح الأردن وليس أي طرف آخر، كما وصف لـ «القدس العربي» رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي.
الدفاعات الأردنية عملياً لا تريد الدخول في حساب الاحتمالات على حساب المصلحة الأردنية.
كيف استفادت إسرائيل؟
واضح أن إسرائيل «استفادت» من ذلك، وإيران كانت على علم به لأنها تقصدت توجيه العدد الأكبر من المسيرات الانتحارية عبر المسارات الأردنية الهوائية وعلى ارتفاعات منخفضة. لكن الأهم سياسياً أن صحافة إسرائيل بالغت فجأة في الحديث عن»الدور الأردني» فيما تغيب عن الإعلام الرسمي الأردني أي شروح حقيقية أو منطقية لما حصل وعلى أي خلفية، وتلك المبالغة زادتها حكومة بنيامين نتنياهو عندما أعلنت الاثنين فجأة عن التراجع عن قرار لها بعدم تزويد الأردن للمياه بموجب اتفاق سابق. الأوضح مهنياً أن الجانب الإسرائيلي تقصد خلال الأسبوع الماضي «إحراج « الحكومة الأردنية وإثارة «نكايات» عبر وسائط التواصل، وثمة من شارك بالحفلة الإسرائيلية هنا بقصد أو بدونه تحت بند التشكيك بمواقف الأردني وخلفية عملياته في الدفاع عن نفسه، كما قال الجنرال المتقاعد عمر رداد في مقال خاص نشرته له صحيفة «عمون» مساء الإثنين.
لماذا المبالغات في الحديث عن «الدور الأردني» في صد الهجوم الإيراني؟
لماذا تحولت صحافة إسرائيل فجأة إلى منطقة الإشادة بالأردن؟ سؤال مهم تنتج عنه سلسلة من الإحراجات والتساؤلات السياسية الحرجة، لكن الإجابة عليه تتطلب فهم القواعد السياسية الفقهية التي تفترض بأن «استفادة» إسرائيل من نطاق عمليات دفاعية أردنية لا يمكنها أن تشكل جسراً لعودة العلاقات الدافئة ولا الشراكة، خصوصاً مع وجود يمين إسرائيلي مخادع ولعوب ولا تثق به عمان.
المناورة الأردنية الجديدة قد تخدم مستقبلاً نمو العلاقات الأردنية الأمريكية، لكنها لن تؤدي إلى عودة حكومة إسرائيل إلى «رشدها» عند «أردنة» نقاشات الخلافات التي تبدأ من الجريمة المتواصلة في قطاع غزة، وتعبر من منهجية «التهجير» وتصل إلى التشكيك في الأردن في منطقة الأغوار والسعي لضمها وحسم الصراع بدلاً من إدارته، كما وصف بحضور «القدس العربي» عضو الكنيست أيمن عودة. قد يشكل الدور الأردني المعلن في «صد المسيرات الإيرانية» وبكثافة مادة دسمة لـ «نميمة» من طراز خبيث تؤسس له صحافة إسرائيل، وقد يشكل أيضاً إعلان تموقع وتمحور، لكن مع غياب طاقم سياسي وبيروقراطي أردني يدير المصالح بكفاءة في مواجهة اللعبة الإسرائيلية ويناجزها ويتعامل معها بـ «ندية» يمكن القول إن منظومة «التشكيك» التي تبدأ بالعادة في إسرائيل ثم سرعان ما تديرها شبكات الذباب الإلكتروني، ستواصل نموها وهي تتغذى على «قصور مرصود وفاضح» في السردية والرواية الرسمية في عمان.
حديث الإسرائيليين عن دور الأردن في ليلة الأجسام الطائرة لن يقود بالضرورة إلى «عودة اتصالات لم تنقطع أصلاً» مع العمق الإسرائيلي. والمبالغة الخبيثة في تسليط الضوء على «شراكة متهاوية»مع الأردن لن يخفف من حدة الدعوى العارمة في عمق النخب الأردنية لمراجعة كل ما له علاقة بإسرائيل، والتي كان أول من تبناها بحضور «القدس العربي» وزير الخارجية الأسبق مروان المعشر، ولاحقاً شخصية بارزة من وزن الرئيس علي أبو الراغب. «الثقة» الأردنية «منعدمة تمامًا» مع طاقم اليمين الإسرائيلي أردنياً، وذلك لم يمنع عمان من التداعي مع مصالحها وتحالفاتها، لا بل أيضاً مع إطارها العملياتي في مسألة ليلة الهجوم الإيراني.
«الشغب الإسرائيلي»
رغم ذلك، «الشغب الإسرائيلي» كبير على «الرواية الأردنية» ومحاولات «التلاعب بمشاعر الأردنيين» ترصدها حتى الأجهزة الرسمية، ومن دفع داخل مؤسسات القرار في اتجاه التجاهل التام للحسابات الإيرانية فعليه الآن أن يجيب عن سؤال في غاية الأهمية مرتبط بهوية كيفية إدارة المصالح التي يهددها الإسرائيلي والتفاوض من أجلها ولو خلف الستائر الأمريكية. الموقف صعب ومعقد، والحكومة الأردنية اتخذت في مسألة «الحساب الإيراني» مساراً يخلو تماماً من «الشعبوية» وإن كان يمثل الرؤية السيادية في المسألة الأمنية الأعمق.
لكن إسرائيل ـ وهذه حقيقة ـ استفادت في الأثناء، ولا تخفي ذلك بل تستخدمه إعلامياً بدهاء وخبث، وإن عليها على الأقل لـ «إقناع الشعب الأردني» -إن كان إقناعه أصلاً مهماً- أن تدفع «فاتورة ما» وتعيد حساباتها ويفهم يمينها أن العبث مع حدودها أشبه بـ «العبث مع جهنم» كما وصف يوماً نائب رئيس الوزراء توفيق كريشان.
لكي لا نأخذ بنظريات المؤامرة ونقتنع بوجهة النظر اعلاه، نحتاج التوضيح لبعض الآراء التي طرحها المقال كأنها حقائق ليست بحاجة لافهام فمثلا ( الهجمة الصاروخية الإيرانية التي جازفت عملياً بالأمن الأردني) فما معنى جازفت عمليا؟ هل كان هناك مثلا اي احتمالية لضرب معان عوضا عن ديمونا؟ الظاهر انها صواريخ جد دقيقة ، وكان الوزير الاسرائيلي مسخرة بأدعاؤه انها كادت تصيب الحرم القدسي…..
الشعب الاردني واعي وعارف ومتاكد ان انقاذ اسراءيل اولوية ..
في هذا العصر “سهولةالممكن” يمكن تغطية الشمس بزجاج وليس غربالا فحسب!