الأردن: دعوات للعودة إلى المظاهرات في «الدوّار الرابع»

بسام البدارين
حجم الخط
4

عمان ـ «القدس العربي»: أعلنت هيئة أطلقت على نفسها اسم «لجنة المتابعة» في الأردن، عن اعتصام جماهيري حاشد، في بيان بسقف مرتفع جدا. والأهم هو ما سيجري صباح اليوم السبت، حيث نقطة تجمع الحشد والاعتصام، ليس للمطالبة بالإصلاح السياسي أو لإلغاء قانون الضريبة الجديد، ولكن تحت شعار استعادة الدولة وطرح مقترحات بسقف مرتفع جدًا في ظرف اقتصادي وإقليمي حساس.

من جهتها بدأت السلطات الأمنية في منطقة الاعتصام المنتظر، باتخاذ كل التدابير اللازمة من بعد ظهر يوم الجمعة. وبدا من الواضح أن الحكومة منشغلة في تمرير هذه الفعالية بدون ضجيج، وبالحرص على عدم تحويل فعالية الاعتصام إلى مركز جذب للأضواء الإعلامية، بنفس المنظور الذي حصل في شهر أيار/مايو الماضي أيام اعتصام الدوار الرابع.

بيان أغلب موقعيه من المسؤولين ومتقاعدي الجيش يرفع سقف المطالب عاليا

وأدخلت الهيئة نفسها مبكرا بفرضية العدد القليل من الحضور والزخم عندما لم تعلن بوضوح عن هوية وخلفية رموزها. وتبدو اللجنة مهشمة سياسيا وهي محاطة بعدد كبير من التساؤلات في الفضاء الوطني، يفوق في حجمه وتأثيره التوافقات التي يمكن أن تنتج عن شعار أو هتاف بحجم «استعادة الدولة».
البيان الذي صدر عن تلك اللجنة الممثلة للمعترضين والصارخين من طبقة البيروقراط، كان يمكن أن يجمع آلاف الأردنيين حول مضمونه، ولاحقا نشاطه، لو تميز بقدر أكبر من الاعتدال، ولو خضع لعملية تنقية إضافية لتلك التي قام بها الإسلامي والوطني البارز الشيخ سالم الفلاحات، عندما نجح في شطب فقرتين على الأقل من البيان المثير للجدل قبل الإعلان عنه رسميا.
وتبدو مفارقة مثيرة للاستغراب فعلاً عندما ينتشر بيان لجنة المتابعة كالنار في الهشيم وسط الجمهور، ويتحول إلى نقطة نقاش وجدل وتجاذب في صفوف النخب السياسية داخل الدولة وخارجها، رغم أن أيا من الأسماء الكبيرة التي وردت في قائمة الموقعين على البيان لن تبرز في المستوى العام للدفاع عنه أو تسويقه.
وأثير الجدل حول مضمون البيان، ليس فقط لأن أسماء كبيرة، من بينها وزراء ونواب سابقون، تبنت البيان، ولكن أيضا لأن سقف الطرح تجاوز في بعض المناطق حساسيات كانت مستقرة، ولأن الموقعين على البيان أقاموا منصة إلكترونية لجمع التواقيع، ثم أعلنوا لاحقا نيتهم تنظيم اعتصام حاشد في الدوار الرابع.
المثير في المسألة أن قائمة الموقعين على البيان تقترب إلى حد بعيد من ملامح تيار المتقاعدين العسكريين في الجناح المتشدد من بينهم، وتعج بأسماء كبيرة خدمت في البيروقراط العسكري والمدني لسنوات طويلة.
لكن القوائم تخلو من تمثيل له علاقة بالعديد من شرائح ومكونات المجتمع الأردني، الأمر الذي ينطوي على تشكيك بمستوى تمثيل الشرائح الاجتماعية، على الأقل فيما يتعلق بتلك الأفكار التي يتضمنها بيان بسقف مرتفع جدًا.
وقبل ساعات فقط من يوم الاعتصام الموعود، يخوض قادة هذا الحراك من المتقاعدين العسكريين والمسؤولين السابقين نقاشات حادة مع بعضهم البعض، ويبدو أن العشرات من الموقعين على البيان أبلغوا السلطات مسبقًا بانسحابهم من التوقيع. وإحدى أبرز نقاط النقاش تلك المتعلقة بوجود شخصية رفيعة المستوى من الحركة الإسلامية، مثل الشيخ الفلاحات، الذي أبلغ رفاقا له في حزب الإنقاذ الذي أسس له، بأنه غير مرتاح لمسار الأمور.
اللواء المتقاعد ومؤسس قوات الدرك، سليمان المعايطة، أحد أبرز أقطاب هذا النمط من الحراك، ويشار إليه باعتباره الشخص الذي نجح في استقطاب الشيخ الفلاحات وجذبه.
وزير العمل والنائب الأسبق، أمجد المجالي، هو الاسم الأكثر ترددا في سياق المعارضة البيروقراطية هذه، التي تحاول تشخيص الواقع في إطار نظرة أعمق من بقية التيارات والحراكات، وإن كانت بتوقيت حساس وبظرف وصيغة تمثيل اجتماعي مثيرة للجدل.
بين الأقطاب أيضًا جنرالان سابقان من المتقاعدين برتبة فريق، وهما محمود حماد وموسى العدوان، والناشط المثير للجدل في تيار المتقاعدين العسكريين علي الحباشنة، ونخبة من الشخصيات الوطنية المعروفة، في محاولة واضحة لمزاحمة مضمون ومنطوق حراك الدوار الرابع الشهير عبر مساحة أوسع من المطالب الوطنية، لا تتعلق حصرًا بقانون الضريبة.
بكل حال، لا يتصور كثيرون ولادة حشد جماهيري يمكن أن يتحول إلى اعتصام دائم. ولا يوجد ما يؤشر إلى أن المجموعة المنظمة لهذا الحراك البيروقراطي العميق لديها نوايا بالاعتصام الدائم أصلًا، وإن كانت تسعى لممارسة المزيد من الضغط.
ومن الواضح أن الإخفاق في استقطاب نسبة أكبر من شرعية التمثيل الاجتماعي ثم الإخفاق في استقطاب التيارات السياسية والمدنية لخطاب هذا الحراك، من العناصر التي أسهمت في تخفيف إيقاعه وحرمانه من زخم شعبي، إلا إذا وجد النشاط مكانًا في وجدان مئات من الأردنيين الغاضبين والمحتقنين، ولعدة أسباب.
وبكل الأحوال، هذه نغمة جديدة من صنف مختلف في لحن الحراك الشعبي الأردني، الذي يختفي ويظهر موسميًا وبصورة غير منظمة وليست جماعية، تحت وطأة الاحتقان السياسي وانسداد الأفق سياسيًا، وفي ظل محاولة تبدو هذه المرة جادة للإقرار بحصول أخطاء وغموض في المساحة المعنية بآليات وأدوات الاستدراك ووسائله وبرامجه.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول د فيصل مرار:

    يبدو ان الحراك ولد ميتا

  2. يقول سامح //الأردن:

    *لا أجد أي فائدة من عودة (المظاهرات ) .
    حمى الله الأردن من الأشرار والفاسدين.
    سلام

  3. يقول خلدون سامي رفاعي الروسان:

    اللهم احفظ بلادنا الأردن من كيد المنافقين وحفظ ملكنا الغالي

  4. يقول هاني الشرعة الاردن:

    هناك اسماء تطالب بالاصلاح وماضيها ينضح بالفساد واستغلال جرافات وسيارات (الدولة) لمصلحتهم الشخصية ، كنا نترجى أن تقوم الجرافات بعمل مواقع قتالية لنا في الوقت الذي كانت مشغولة بالعمل في الجبل الحرجي الذي أستولى عليه احدهم لعمل مزرعته ، تاريخ بعضكم اسود ، وادرك أن هذا الشخص وثلة معه يبحثون عن مكاسب شخصية ، انا مع محاربة الفساد ، ولكني ضد الفاسدين الذي يرتدون الان قفطيه بيضاء ، حمى الله الاردن وقائد الوطن.

اشترك في قائمتنا البريدية