الأردن ومأزق التحدث بـ«لهجتين»: عودة «أسوأ كوابيس السياسة»… مشروع كوشنر على رافعة بايدن

بسام البدارين
حجم الخط
7

عمان- «القدس العربي»: “أشباح مرحلة وخطة المستشار الأمريكي الأسبق جاريد كوشنر تلوح في الأفق”. تلك ليست فقط قناعة دوائر مهمة وفي وقت مبكر مع بداية العام الحالي وقبل منتصفه على مستوى النخب السياسية الأردنية أو حتى على مستوى صناع القرار فقط، فهي أيضاً الخلاصة التي وردت في تقدير موقف عميق صدر عن مركز السياسة والمجتمع، أحدث مراكز الدراسات المعمقة والمتخصصة والمعنية بجمع حصيلة آراء باحثين بارزين يستطيعون قراءة ما وراء السطور.
خطة كوشنر تعود إلى الأفق السياسي في المنطقة من جديد، ولكن هذه المرة على موجة يركبها الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي لا يمكن أردنياً على الأقل التعامل معه بالمسطرة نفسها التي تم التعامل بموجبها مع الرئيس الذي سبقه دونالد ترامب وطاقمه.
ليس سراً أن ذلك واحد من أسوأ الأنباء والأخبار، لا بل الكوابيس، إزاء النخبة الأردنية، وأيضاً إزاء دوائر القرار الاستراتيجي؛ فطوال أربع سنوات بقي الأردن مهووساً ومشغولاً في ملاعبة بوصلة الرئيس ترامب.
وقال الأردن عدة مرات علناً إنه ضد خطة صفقة القرن، لكن الانطباع يتكرس مجدداً بأن ما يعرضه الرئيس جو بايدن خصوصاً في ملف التطبيع مع إسرائيل وملف عملية السلام لا يختلف كثيراً عما يعرضه أو سبق أن عرضه طاقم بايدن، وبالأخص كوشنر الذي تناقش بحدة في أحد الاجتماعات المغلقة مع رئيس الوزراء الأردني الحالي الدكتور بشر الخصاونة، عندما كان مستشاراً للملك وليس رئيساً للوزراء.
آنذاك، أصر الخصاونة على ترديد عبارته في مواجهة كوشنر قائلاً بأن الأردن لا يملك ولا يستطيع التحدث بلهجتين في عملية السلام فيما يخص القضية الفلسطينية.
كرر الخصاونة على مسامع “القدس العربي” هذه القاعدة الأردنية الراسخة في بناء استراتيجية المملكة السياسية، خصوصاً تجاه القضية الفلسطينية وهو يقول نحن ببساطة لا نقيم حساباتنا السياسية بناء على الأوهام ولا نتحدث بلغتين أو لهجتين.
تلك الحقيقة في إدارة الدبلوماسية الأردنية لا تعني الكثير، خصوصاً أن خطة كوشنر تدخل الآن من النافذة برفقة طاقم الرئيس بايدن، حتى وإن كان الإيحاء أنها غادرت للتو من البوابة، مما يعني مجدداً تورط عمان بمعادلة الاضطرار للتحدث بلهجتين.
وحده وزير البلاط الأردني الأسبق الدكتور مروان المعشر كان يحذر القوم في بلاده طوال الوقت ومنذ اعتلى الرئيس بايدن منصة الرئاسة، من الغرق في الأوهام ومن بناء رهانات لا أساس لها لا في خطة الرئيس بايدن التي انتخب على أساسها أصلاً ولا في نوايا طاقمه الجديد.
وأمام “القدس العربي” كرر الدكتور المعشر عدة مرات مقولته التحذيرية، مشيراً إلى أن الخطأ عند بناء وهم في الحسابات السياسية خصوصاً باتجاه الإدارة الأمريكية الحالية والتي كانت جديدة قبل أكثر من عام ونصف هو خطأ يحسب وليس خطأ الواقع الموضوعي أو الأمريكي. وطوال الوقت، بقي الدكتور المعشر في حالة تذكير لجميع الأطراف بأن الفرصة متاحة لبناء موقف قومي أو وطني عربي لا علاقة له بخطة من أي نوع موجودة أو متاحة لدى الإدارة الأمريكية الجديدة.
واليوم يثبت ويترسخ هذا النمط من النقاش؛ فكل التقارير الواردة من عواصم أوروبية وغربية أو حتى من واشنطن تشير بوضوح إلى أن ما يعرضه الرئيس بايدن على زعماء المنطقة هو ذاته عملياً ما كان يعرضه سلفه ترامب على نفس الزعماء، حيث استرسال في الحديث عن تقارب وتطبيع سريع مع إسرائيل ويشمل الأطراف التي لم تطبع بعد، مثل المملكة العربية السعودية، وحيث حديث عن تعاون أمني إستراتيجي إقليمي، وعن توسع في النمو الاقتصادي المشترك، وعن بناء مشاريع بنية تحتية لخدمة أغراض التعايش والسلام وتحالفات عسكرية وسياسية عميقة مع كيانات أخرى، من بينها دولة مثل الهند والكيان الإسرائيلي المحتل.
باتت مؤسسة القرار الأردنية تعرف ذلك جيداً الآن، لكن القناعة راسخة في مركز القرار الأردني اليوم بأن بايدن لا يوجد بين يديه شيء جديد بخصوص القضية الأساسية، وهي القضية الفلسطينية، حيث لا تراجع عن قرار ترامب بخصوص القدس، ولا موقف جديداً يحد على الأقل من نمو وازدياد المستوطنات، وكل ما تطرحه إدارة بايدن هو التعايش على أساس اقتصادي ورفع مستوى معيشة الناس في الضفة الغربية وقطاع غزة فقط، دون تقديم حلول سياسية، وقد قالها كثيرون ومنهم المعشر وغيره بعنوان لا يوجد لدي بايدن أي خطة من أي نوع ومن أي صنف وفي أي وقت لاستئناف عملية السلام. لا تحتاج نخب عمان – برأي السياسي مروان الفاعوري- إلى أدلة أكثر من تلك، وإلى قرائن واضحة الملامح لقراءة الممسوح قبل المكتوب، فما يقدمه اليوم بالعمق والجوهر الرئيس بايدن هو تلك المقاربة التي تقول بأن الأردن في مواجهة صفقة القرن.
لكن هذه المرة يواجه الأردني، وهو في حالة أضعف عملياً، سياسياً وإقليمياً، وحتى اقتصادياً، وهو واحد من التحديات الأساسية التي تواجهها الدولة الأردنية مع فارق بسيط فكرته أن إدارة بايدن تعرض صفقة القرن نفسها عملياً وتتحدث عن حصة الأردن في السلام الاقتصادي وزيادة صادراته إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة فقط، ولكن بلهجة ولغة ناعمة ومغلفة خلافاً لما كان يقوله الرئيس ترامب بوضوح وقبل بروز رافعة بايدن.
حجم هوامش المناورة يبدو أنه صعب للغاية، وصدور تقرير معهد السياسة والمجتمع بالمقاربة التي تقول بأن المملكة الأردنية الهاشمية لا تستطيع لأسباب استراتيجية متعددة التماهي مع صفقة القرن، سواء اخترعها وابتكرها كوشنر أو نسيبه الرئيس ترامب، أو حملها لكن بغلاف جديد طاقم الرئيس بايدن. تلك خلاصة تعني بوضوح أن أمام الأردن مناورة جديده صعبة ومعقدة قوامها الموقف التموقعي الأضعف؛ لأن إدارة بايدن دللت عمان في المساعدات وفي طريقها لتوقيع اتفاقية استراتيجية تجارية جديدة لعدة سنوات وفي طريقها أيضاً لبناء قوة عسكرية أمريكية دائمة مع قواعد عسكرية في الأرض الأردنية، وكل تلك أسباب تقول بوضوح بأن منسوب مقاومة الأردن للنسخة الجديدة التابعة للإدارة الديمقراطية لصفقة كوشنر قد يكون أقل من المرة الماضية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سعيد بهاء المصري:

    مبدع في عمق التحليل كعهدنا بك دائما

  2. يقول نور وهدايه:

    الاردن امام خيارين احلاهما مر . في ظل رؤيه وسياسه امريكيه غير نزيهه مرتبطه استراتيجيا بالكيان الصهيوني ومنحازه معه . وفي ظل تشرثم و تمزق عربي وأقليمي واضح . ولكن يمكن للاردن التنسيق عربيا واسلاميا وبالاخص فلسطينيا على موقف داعم للاردن للتخفيف من الضغوط عليه لربط الخطط المقترحه بالحل النهائي العادل للقضيه الفلسطينيه ضمن استفتاء شعبي فلسطينيا واردنيا كون الأردن وفلسطين مرتبطين عضويا بمصير مشترك . وأكبر خطر يهدد الوجود الاردني هو أسرائيل ( الكيان الصهيوني )

  3. يقول Omar Ali:

    الحالة السياسية في العالم العربي تمثل فشل النظام العربي القاءم بما في ذلك جامعة الدول العربية والسلطة الفلسطينية. القمم العربية لا تدرس بعانية الخطر الصهيونى الذي لا يهدد فلسطين فحسب بل يهدد الاردن ولبنان وسورية. اذا لم تتخذ الدول العربية مواقف تتناول التحدي الصهيونى فلا فائدة من الجامعة العربية والتصريحات والبيانات العربية التي ليس لها اثر.

  4. يقول خوري:

    امريكا ايران إسرائيل نفس المخطط

  5. يقول جواد الحمد:

    لا أتفق عن ان الاردن محصور في الزاوية
    الاردن يملك العديد من الخيارات التي تعيد له الاعتبار الجيوسياسي واللغة التي تفهمها إدارة بأي من جيدا.
    ويمكنه المناورة في الأبعاد الجوهرية لقوة المملكة الداخلية وتركيبها الديموغرافية التي تخدم اي موقف قوي يتخذ…كما أن القوة السياسية الأكبر تقف مع خيارات الاردن بالصمود ورفض الإملاءات التي تنتقص من قيمته ودوره او تلك التي تبتعد به عن انهاء الاحتلال وعودة اللاجئين والدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس والوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة وخاصة المسجد الاقصى.
    ولا ينبغي التقليل من هذه الاوراق وغيرها مما لا يسع المقام لتناول في تعليق.
    على رضاكم يا قوم وكفى ترديد ان الاردن لا يستطيع والتي مللنا منها منذ اكثر من ثلاثة عقود. مع ان الاردن استطاع ووقف تصمد ورفض الإملاءات وتحمل النتائج الصعبة اقتصاديا وسياسيا وتمنيت. يجب ان يبقى الاردن دولة مبادئ وثوابت أساسية ليقف شامخا ويحافظ على مكانته ودوره بين الأقوياء في المنطقة. وهذا ما يحتاج إلى عمل عقلي وسياسي عميق وراء الكواليس .

  6. يقول محمد العبادي:

    ايران تهديد جيد لأسرائيل . لو زال هذا التهديد .اسرائيل ستبدأ بقضم الدول المجاورة قطعة قطعة . بدعم اللوبي اليهودي الامريكي .

  7. يقول Ahmed Ali:

    هذه ليست خطة كوشنير ولا خطة بايدن ولااوباما ولا بوش هذه خطة الاداره الامريكيه اللولب الصهيوني بقيادة الماسونيه الصهيونيه بإشراف من العجوز كيسنجر اليهودي بإدارتها يدير كل المشهد في أمريكا الشرف الأوسط واذا ضربت إيران ستظهر وجوه قذره مكسره عن أنيابها لافتراس ما تبقى لدىالعرب وستحكم إسرائيل الشرق الوسط كله وسيعود العرب بصوره أحقر مما هم فيه وسيبكو ن على إيران وياعرب تحبوا الشيعه او لا تحبوا. وجود إيران قويه كما قال موشي شاحك رءيس الاركان لجيش اسراءيل وكما قال مدير الاستخبارات العسكريه الاسراءيلي أن إيران تمثل خط دفاع احتياطي استراتيجي للعرب. ويجب أن نجردهم منه باي طريقه.

اشترك في قائمتنا البريدية