القاهرة ـ «القدس العربي»: دعت وزارة الخارجية المصرية، الجمعة، المواطنين لتجنب التعامل مع بعض الشركات التي تستغل حاجتهم للسفر إلى الخارج، وتقوم بتسفيرهم بطرق غير شرعية.
وكشفت في بيان لها عن ملاحظتها خلال الفترة الأخيرة «قيام بعض الشركات والكيانات غير المسؤولة باستغلال رغبة بعض المواطنين في العمل في الدول الأوروبية، في تيسير عملية سفرهم بطرق غير شرعية إلى دول معبر داخل أوروبا، وتركهم في ظروف أمنية وانسانية قاسية تحت وهم تسهيل نقلهم إلى دول أوروبية أخرى للعمل».
التحذير الذي أطلقته الخارجية لم يكن الأول، ففي سبتمبر/أيلول الماضي، ناشدت نائلة جبر، رئيسة اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار في البشر، المصريين بعدم التعرض إلى مخاطر الهجرة غير الشرعية والوقوع فريسة في أيدي شبكات تهريب المهاجرين.
ويأتي ذلك بعد سلسلة من الحوادث التي أسفرت عن مصرع مواطنين مصريين خلال محاولتهم الهجرة غير الشرعية. وكان آخر هذه الحوادث، ما شهدته السواحل اليونانية من غرق 17 مصريا في مركب للهجرة غير الشرعية في الرابع من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. وقبلها وبالتحديد في أغسطس/ أب الماضي، غرق 11 شابا من قرية تلبانة التابعة لمدينة المنصورة في دلتا مصر، قبالة السواحل الليبية.
وتتوازى حوادث غرق عدد من المصريين مع عمليات ترحيل آخرين من ليبيا بعد اعتقالهم أثناء محاولتهم الهجرة عبر مراكب غير شرعية.
وأعلن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في مدينة بنغازي شرق ليبيا، ترحيل 49 مصريا، وإبعادهم، بعد أن دخلوا ليبيا في وقت سابق بشكل غير شرعي.
وعادت أزمة الهجرة غير الشرعية تتصدر الأحداث في مصر، بعد أن هدأت وتيرتها خلال الأعوام الماضية، خاصة منذ وصول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للسلطة، واستخدام ملف الهجرة غير الشرعية، ودور مصر في حماية أوروبا من تدفق اللاجئين، في مسألة دفعت قادة أوروبا للاعتراف به.
فقد ساهمت الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر، وموجات ارتفاع الأسعار خاصة السلع الغذائية خلال الشهور الماضية بسبب الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة، التي أفقدت الجنيه ما يقرب من 50 ٪من قيمته أمام الدولار خلال الشهور الماضية، في زيادة معدلات الهجرة غير الشرعية.
الأزمة الاقتصادية
الأزمة الاقتصادية أظهرتها بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الذي أفاد في آخر تقرير له، أن تضخم أسعار المستهلكين في المدن المصرية سجل 18.7٪ الشهر الماضي، مقابل 16.2 ٪في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
الأرقام التي حملها تقرير الجهاز، أوضحت أن مستوى التضخم يمثل الأعلى في مصر منذ ديسمبر/ كانون الأول 2017 عندما سجل 21.9٪، بعد شهر من تحرير البنك المركزي المصري سعر صرف الجنيه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017.
وعلى أساس شهري، قال إن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية زاد 2.5 ٪.
وأعاد الزيادة السنوية في معدل التضخم لإجمالي الجمهورية إلى زيادة الأسعار في قطاعات جاء في مقدمتها الطعام والمشروبات التي زادت 30.9 ٪ والرعاية الصحية بواقع 12.4٪والنقل والمواصلات 16.6 ٪ وقطاع الثقافة والترفيه 32.2 ٪ وقطاع المطاعم والفنادق 30.1٪.
الخارجية تحذر من شركات تستغل رغبة المواطنين في العمل في أوروبا
وتشهد مصر موجة تضخمية تتسارع كل شهر تقريبا منذ بداية العام الجاري، نتيجة ارتفاع تكاليف استيراد الطاقة والغذاء، بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية ومن قبلها أزمة وباء كورونا.
وعادة ما تستخدم مصر ملف الهجرة غير الشرعية، ودورها خلال السنوات الماضية في منع مراكب المهاجرين من الخروج من سواحلها، كورقة ضغط على أوروبا، ففي الوقت الذي عادة ما يطالب السيسي بمزيد من الدعم لبلاده، مذكرا بالدور الذي تلعيه مصر في هذا الملف، كان ملف الهجرة غير الشرعية حاضرا على لسان المسؤولين المصريين في كل الأزمات التي تواجهها البلاد. ففي قضية سد النهضة الإثيوبي، حذر وزير الموارد المائية والري المصري السابق محمد عبد العاطي، من أن نقص المياه لن يقتصر أثره على مصر، بل سيمتد ليشمل الدول الأوروبية، عبر موجات من الهجرة غير النظامية.
وفي الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، شهدت الصحافة تحذيرات مما أسمته «كابوس» هجرة الملايين عبر البحر المتوسط حال استمرار تدهور الاقتصاد المصري.
السيطرة على الهجرة
ومحاولة الأوروبيين السيطرة على الهجرة غير الشرعية خاصة من مصر دفعتهم لتوقيع اتفاق مع القاهرة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يتعلق بالمرحلة الأولى من برنامج لإدارة الحدود بقيمة 80 مليون يورو.
وفقاً لوثيقة نشرتها مفوضية الاتحاد الأوروبي، يهدف المشروع إلى مساعدة حرس الحدود وخفر السواحل في مصر على الحد من الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر على الحدود، كما يتضمن تمويلاً لشراء معدات مراقبة مثل سفن البحث والإنقاذ والكاميرات الحرارية وأنظمة تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية.
وتوقعت الوثيقة أن تشهد مصر «تدفقات كثيفة» من المهاجرين على المدى المتوسط إلى الطويل بسبب عدم الاستقرار الإقليمي وتغير المناخ والتحولات الديموغرافية وتراجع الفرص الاقتصادية.
وأوضحت أن مصر تتعامل حتى الآن مع الهجرة غير الشرعية في الغالب من منظور أمني، وأحياناً على حساب الأبعاد الأخرى لإدارة الهجرة، بما في ذلك حماية المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء القائمة على الحقوق.
وجاء في الوثيقة أن البرنامج سيسعى لتطوير قدرة وزارة الدفاع المصرية والجهات الحكومية وجهات المجتمع المدني المعنية اتباع مناهج قائمة على الحقوق وموجهة نحو الحماية وتراعي الفروق بين الجنسين في إدارة الحدود.
وتشير بيانات رسمية، إلى أن هجرة المصريين عبر الحدود الصحراوية الشاسعة بين مصر وليبيا ومن ساحل ليبيا على البحر المتوسط إلى أوروبا في تزايد.
عودة ملف الهجرة غير الشرعية لسطح الأحداث في مصر، ينذر بتوترات بين نظام السيسي والدول الأوروبية، خاصة وأنه كثيرا ما تحدث عن الدور الذي تلعبه مصر في منع موجات الهجرة غير الشرعية التي كانت تخرج من مصر، مطالبا بمزيد من الدعم لبلاده.
في ظل انتشار الفقر والغلاء والامراض في عهد السيسي .. فان حلم كل شاب ان يهاجر ويفلت من مستقبل مظلم … الاسعار تنطلق بسرعة الصاروخ .. والفقر يزداد .. ومازال رأس النظام الفاشل مستمرا في غشله وجبروته ..